الصفحة الثقافية

الرئيسية

 

| الناس | الثقافية  |  وثائق  |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

 

 

السبت 15/12/ 2007



بكاء أمي

قراءة : نعمة السوداني

مساء 12/12/2007 وعلى مسرح (
grand theatre) في مدينة (Groningen)الهولندية قدم عرض (Crying of my mother) لمجموعة من الشباب العراقي القادم توا ً من العراق..عمل كوريغرافيا من تصميم الفنان مهند رشيد والراقصين : دريد عباس و عماد معراج ومهند رشيد وعمل على تقنيات العمل الفنان ماجد رشيد.

ثلاث شخصيات عراقيه قدمت مجموعة من الرقصات بنفس معتمه وبصورة تراجيديه تعبر عن بؤس الواقع العراقي الحاضر, وايضا من خلال معاناة بعض اللاجئين العراقيين الذين هربوا من جحيم الوطن.
يقول المصمم الحركي ( الكوريغرافي ) مهند رشيد : أنا اشعر أنني لست في مكاني بل في اللامكان ..

أفكار العمل ولدت أثناء التمارين , لم يكن هناك نصا على ورق , بل هناك مرجعية هي الواقع العراقي التي لا تحتاج ان تدون على ورق ,فالموت في كل بقاع العراق......لغة العمل هي لغة الاشارة التي تتحدث عن الشجار والعراك الدائر في المجتمع العراقي وبالتالي هذا العراك يتحول الى موت.

رقصات فيها افكار تصرخ بوجه الموت , بل للحد منه والوقوف امام الدمار الذي حل هناك. صرخات أم عراقيه ضد الموت الذي طال اولادها وهي تحتضنهم... .صرخات ام ثكلى ..لايقاف نزيف الدم من خلال لوحات تشكيليه راقصه تتوزع فيها تشكيلات حركيه متناسقة تتداخل فيها ثلاث الوان من الاضاءة الحمراء والصفراء, والزرقاء في اخرمشهد...أن تغيير الانارة من لون الى اخرهي تعبيير عن الزمان والمكان والقتل والدمار..
اجساد متلاصقه ومتشابكة تتداخل خلالها ضربات ايقاع حزين يسير بخط موازي لاحداث العرض وعلى مدى نصف ساعة مع حالات انذار معلنة حرب مستمرة .

الاحتضار والموت والترقب هي لغة الجسد والتي تبحث في تكوينات تتداخل مع الموت كحالة صراع يومي فتتشابك الايادي مع الارجل مشهد رائع للمصمم ويتكلم هذا التشابك بطريقة اشارية لها دلالاتها كما في الحبو والمشي والوقوف ايادي متدليه اخرى مرفوعة للسماء وكانها تطلب شيئا من الاعلى, دلالات تحمل معها بدايات لحياة ونهايات للموت ...

كانت الاجساد تؤدي وظيفتها بحركات راقصه تراجيديا ,نرى الجسد يسبح في العتمة والظلام الدامس ليبحث عن السلام والامان , نرى من جانب اخر معاناة وصراخ لأم يتعالى نحو الافق في عمق السماء... في كل مكان حكاية لأم عراقيه فقدت ولازالت تفقد الكثير ..خسارات تنطلق مع ايقاعات كونيه للموت.. الطبول والدفوف و الات نفخ هوائيه, تبرز الحالات التي تعيشها الشخصيات وهي بذلك أكدت على الجو الذي يهيمن على العرض...
انها التراجيديا والمأساة للأم العراقية.

ثلاث شخصيات تربطهم حركات متناسقة تعبر عن الموت والحياة /الصراخ والصمت/الاتفاق والاختلاف.

ان تصميم الرقصات ( للكوريغراف ) مهند رشيد المسؤول عن التنطيم للحركة في العرض يعتبر تدوين لحركات الرقص لهذه المجموعة وهو ايضا جزءا من تصميم اللوحة العامة للعرض وعنصرا يحقق لوحة مشهدية متكاملة للتعبير باكثر حرية, وان هذه الرقصات تحمل في محتواها طابعا دراميا وصراعا,تكون الحركة فيها تقترب من الرقص وتنتج علاقات حركيه وتنوعات في شكل الاداء وكذلك عن حركة الجسد على حشبة المسرح وممارسته في الفضاء المسرحي وايضا توحي بالتعارض الذي يحدث بين الاصوات والحركة لكونها مرتبطة بايقاع العرض.

بكاء امي اجساد عراقية تتحرك في فضاء الموت تبحث عن فضاء اخر هو فضاء الحياة والحرية.... العمل من اخراج الفنان المبدع مهند رشيد وهو عمل رائع وكاست العمل المكون معه من فنانين عملوا بالمسرح مثل دريد عباس وعمار السماوي ومهند رشيد جاؤا ليصرخوا ضد الموت الذي حصد فينا. وكما قال الشاعر عريان السيد خلف في احدى قصائده : هلي :

الموت من يحصد الوادم باكة باكة
الموت من يصحى اعلى ظالم باكه باكه

الفيض من يمحي المعالم ديره ديره
الموت من يشرب الوادم ديره ديره

من هذه الصورة التراجيديه التي تشير الى بوصلة البؤس الذي يعيشه الواقع العراقي أنطلقت الافكار لهولاء الشباب الرائعين ... يحملون رسالة للعالم عن حجم الدمار في العراق ...

الجمهور الهولندي ايضا كانت له حصه من هذه المأساة والذي بدى عليه التفاعل والتاثر بشكل ملحوظ وكان رافضا لما يدور من دمار لبلاد الرافدين.

 


 

Counters