الصفحة الثقافية

الرئيسية

 

| الناس | الثقافية  |  وثائق  |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

 

 

الأحد 13/12/ 2009

 

ناتاشا الراضي 43 عاما في العراق ، عطاء دائم

رياض مثنى - بغداد

امرأة جيكية عاصرت ثلاثة حروب ..و محاولتي قتل و اختطاف..لم تستسلم و لم تفكر بترك العراق عالمها الموسيقى جعلها تتمسك بطلبتها كأي طبيب نفساني يتابع مرضاه.
ما ان تدخل البيت حتى يتبادر الى ذهنك التصميم الاوربي الشرقي حيث تتوسط الصالة بيانو كبيرة مع صور على الجدران مرتبة بنسق جميل لاولادها و احفادها مع صور لمراحلها العمرية في وطنها الام جيكوسلوفاكيا.
لم تيأس بالرغم من قساوة الظرف..لا تفارقها الابتسامة كان لنا معها هذا الحوار في بيتها الذي لم تبارحة الا لمكان العمل.
كانت مهيئة للقاءنا بشكل ملفت للنظر اذ ارتدت بدلتها الانيقة و كانت تتجول و كأنها في قاعة العزف .. توجهنا انا وزميلتي (هند وصفي طاهر و التي بجهودها تم هذا اللقاء) كما لو انها قائد اوركسترا يوجه العازفين .
بادرتنا ماذا ترغبون شاي لو عصير .. بلهجة عراقية و لكنها بلكنة جيكية .
شكرا شكرا لسنا بحاجة الى شئ فقط نحن تواقين الى الحديث معك.. كنا نعرف بعد قليل سيبدأ الظلام وهي لا ترغب بذلك لذا من الصعب علينا الاستمرار معها بالحديث ...

وصفت فرقة الاوركسترا العراقية في صحيفة الشرق الاوسط العام الماضي بانها الاشجع في العالم ماذا تقولين بذلك؟
- نعم تستحق الفرقة هذه التسمية لا اعتقد في العالم كله يوجد مثل هكذا ظرف قاسي يمارس فيه العازفين اداءهم.

وانت اكيد واحدة من اولئك الشجعان
- شكرا شكرا انا لا أودي الا واجبي.

كيف نفسر اصرارك على البقاء في العراق بالرغم من الظرف القاسي؟
- حتى انا اسأل نفسي لما لا اغادر العراق خاصة و ان الملايين من العراقيين قد تركوا بلدهم و انا لي بلد اكثر امانا .. و لكني اجد صعوبة في اتخاذ قرار ترك العراق..فأنا هنا منذ 43 عاما جئت الى العراق و عمري 24 عاما اصبح العراق كل شي بالنسبة لي..يصعب علي ان اترك هذا البيت الذي عشت حياتي الحقيقية فيه.

متى بدأت اهتماماتك بالموسيقى؟
-
في سن السادسة اذ تنبأ لي والدي ان اصبح عازفة محترفة لانة الاخر يعشق الموسيقى و لكني لم ادرسها في معهد و انما دروس خصوصية و هذا مما خلق لي مشكلة على مدىالسنيين اللاحقة .

ما هو تحصيلك الدراسي؟
- انا خريجة معهد تكنولوجيا.

هل عملت في اختصاصك في بلدك الام؟
- ليس بالمدة الكافية فكما تعلم انا في ذروة نشاطي تزوجت و انتقلت الى بغداد

حسنا و هل توفرت فرصة لك هنا في العراق؟
- الى حد ما نعم فالعراق بالرغم من كل شئ بلد يحب الفن و لديه تراث موسيقي رائع و فرق فنية حازت على جوائز عدة في مهرجانات كثيرة و كذلك لدية فرقة اوركسترا و هي الفرقة التي وجدت مكاني بها.
بالاضافة الى ذلك فانا كنت محاضرة في معهد الفنون الجميلة و اكاديمية الفنون في بغداد..و المفارقة يدرس معي الان تلاميذي الذين اشرفت على تدريسهم منذ اربعين عاما.

قلت انك لا زلت تلقين المحاضرات لحد هذه اللحظة هل يوجد طلاب الان في المعهد؟
- لا انكر ان عدد الطلبة بدأ بالانخفاض عن السابق الى حد كبير.. و لكن يوجد الان عدد لا بأس به من الطلبة.

ممكن توضحين ابرز الصعوبات التي واجهتك اثناء العمل؟
- اولا لا بد ان تعرف ان حركتي محدودة جدا اي لا تتعدى الذهاب الساعة الثامنة صباحا الى العمل و العودة الساعة الثالثة مساءا و ايام العطل لا اخرج ابدا من البيت.. و هذه الحالة تقريبا منذ عام 2003 .

و لكن هل تعرضت الى اي تهديد؟
- نعم مرتين ..في المرة الاولى محاولة اختطاف و انت تعرف ماذا يعني الاجنبي بالنسبة للخاطفين فهو عملة نادرة ممكن ان تجري مساومات لكي اتحرر منهم او اقتل.. شاهدتهم عندما اقتحموا المنزل من السطح و لكن الذي انقذني جاري الذي كان يقضا و متوقع لمثل هكذا حادثة لذا انقذني في اللحظة الاخيرة و الثانية كانت محاولة قتل .

اثناء الصراع الطائفي اقصد 2006-2007 هل مارست عملك بشكل طبيعي؟
- ابدا لم نذهب الى العمل و لكنا كفرقة اتفقنا على ان نجري تمارين في بيتي كونه في منطقة اكثر امانا من المناطق الاخرى و كذلك كونها معزولة نوعا ما و لدي جيران رائعين ممكن يوفروا لنا الحماية اذا حدث اي طارئ..و بالفعل اجرينا التمارين و لكن في احدى المرات تأخر علينا احد العازفين على الة الكمان ..شعرنا بالقلق لانه اي تأخير في ذلك الوقت معناه حدوث امر خطر و بالفعل حدث له امر مريع اذ بينما كان حامل الكمان معه تعرضت له مجموعة اوسعتة ضربا و رمته بقوة على الارض فقد على اثرها ذاكرته و سرق الكمان منه (كان وضعه مؤلم جدا في المستشفى) و الاكثر غرابة من ذلك عرض الكمان الى البيع في احد اسواق بغداد القديمة في الباب الشرقي و بسعر زهيد.

هل انت قلقة الان من الوضع؟
- الان الوضع افضل بكثير و الدليل على ذلك حضوري التكريم و كذلك لقاءي بكم هذه الامور في الاعوام الماضية صعبة جدا و لكن الان افضل و اذا رغبتم بزيارتي في المعهد اهلا و سهلا بكم. بالاضافة الى ذلك انا اكثر أطمئنانا كون بناتي و احفادي خارج العراق و هم بوضع يريحني كثيرا.

كيف استطعت الاندماج مع المجتمع العراقي و انت قادمة من بلد تختلف ثقافته تماما عن العراق؟
- في البداية شعرت بصعوبة كبيرة و لكن كما تعلم لغة الموسيقى لغة واحدة في كل العالم و هي وسيلة للمحبة بين الشعوب و هذا ساعدني كثيرا على تجاوز الاحراجات هذا بالاضافة الى دور زوجي في تسهيل كثير من الامور.

هل زرت بلدك طوال هذه المدة؟
- نعم و يبقى بلدي بالرغم الذي حصل من اجمل البلدان.

كيف تقيمين هذا التكريم؟
- اولا اشكر الحزب الشيوعي العراقي على هذه الالتفاتة و ان جاءت متأخرة و لكنها بكل المقاييس رائعة كونها ترفع من المعنويات و خاصة لجيل الشباب.

انت شابة ايضا . ضحكت ارجوك لا تجاملني ابدا اصرارك و عملك هو بنظري قمة الشباب . اكملت حديثها
-
هل تعرف (و هذا لم اقله لاحد) بانني برغم الخدمة الطويلة في الدولة الا انني لم احصل على تقاعد اذ لم يصنفوني في العهد السابق و الحالي على اساس اني موظفة في دوائر الدولة...أنا اشرت في بداية الحديث باني خريجة معهد التكنولوجيا و لا احمل شهادة من معهد موسيقي لذا حرمتني الحكومة السابقة و لم تلتفت الحكومة الحالية الى وضعي بالرغم من خدمتي الطويلة و التي ساهمت مع زملائي في رفع اسم العراق عاليا في المحافل الدولية و كذلك تخرج العشرات من الطلبة من خلالي والمفارقة الان طلبتي موظفين بدرجات عالية (وهذا يسعدني طبعا) و انا لا زلت خارج نطاق العمل الوظيفي.
اتمنى ان يسمع المسؤولين هذا الواقع المر لانسانة قدمت اغلى ما تملك لبلد احبته و افنت زهرة شبابها و لم ترضخ لمغريات النظام البائد.

هل لا زال اعضاء فرقة الاوركسترا في العراق يواصلون اعمالهم؟
- الكثير منهم غادر العراق و البعض قتل في اعمال التفجيرات و اخرين اعتزلوا العمل خوفا على حياتهم.

كلمة اخيرة تودين قولها.
- اشكركم على هذه الفرصة و اتمنى ان يتعافى العراق و تسود لغة المحبة و التسامح بينهم .



 

 

free web counter