الصفحة الثقافية

الرئيسية

 

| الناس | الثقافية  |  وثائق  |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

 

 

السبت 12/7/ 2008



قراءة في لاشيء غير الكلام
للشاعر الدكتور صدام فهد الاسدي

د. مازن مالك المازني *

بين الحين والاخر ينبجس في سماء الشعرمترامية الاطراف فجر شعري واعد ينبيء بحتمية المخاض في رحم الشعر , فرحم الشعر ولود.

وها نحن الان امام واحدة من هذه الانبجاسات الشعرية الواعدة التي اتحفنا بها رحم الشعر العراقي البابلي دائم العطاء.

امام المجموعة الشعرية الثالثة للشاعرالاسدي ,التي اعقبت مجموعتيه (محاجر الغسق)و(خيمة من غبار) وقد اختار هذه المرة(لاشيء غير الكلام)عنوانا لها, ولاندعي ان بامكاننا-على الرغم من احتكاكنا المباشر بالشاعر ودوام الاطلاع على نتاجاته الشعرية – الاحاطة باقنعة الشاعر وحل رموزه المبثوثة في رحاب هذه المجموعة ,فالقصيدة لاتريك الا بعضا من وجوهها,ويبقى بعضها الاخر ملكا للشاعر والقصيدة نفسها,ولكننا عند القاء نظرة فاحصة على تلك القصائد يصبح بامكاننا ان نلمح خطا بيانيا خفيا يشير بوضوح الى اطراد تنامي قدرة الشاعر في صياغة التجربة الشعرية والتعبير عنها بمختلف الاليات الشعرية المعاصرة,فالاسدي- مثلا- لاينفك مستعينا بالصورة الشعرية المتشكلة من الاستعارات والمجازات الموغلة بالجدة والخيال,والتي لايجد المتلقي مفرا من اعمال الفكر في تتبع علاقاتها ,للوصول الى ما يحاول الشاعر بثه من خلال استعانته بها,فهو يلجأ اليها محاولا احداث نوع من الصدمة الفكرية التي توقظ ذهن المتلقي من تراتبية الصور ذات الاستعارات والمجازات المعهودة ,والتي ربما يكون المتلقي قد اعتاد قراءتها في القصائد ذات الموضوعات الشعرية المشابهة لما يحاول طرحه في قصائده ,والتي غالبا ما تكون تجسيدالمعاناة اخيه الانسان.........

اشياء تسقط في الذاكرة

اشياء تصعد في الاشياء

افياء يفضحها النور ,واشياء تخنقها الظلماء

احياء تخنق حتى الشمس ,واحياء لاتعرف معنى الافياء

يأكلنا الخوف ونفتق فاه النسيان

نسمع ناقوس الموت يدق يدق يدق ونفتح تلك الاذان

وانكسرت اضلاع الموت بذاك السندان

وشراع الريح يجر بذاك الانسان

ثمة كبش فداء في تابوت الموت؟؟؟اما انت واما اولاء الخرفان

ومن التكنيكات الحداثوية التي لجأ اليهاالاسدي في هذه المجموعة الشعرية محاولته(مسرحة) بعض القصائد أي تقديمها بصورة النص المسرحي,اذ تحمل القصيدةبين ثناياها النفس وشيْا من اليات المسرح وعناصره (المشهد-الصوت الاول-الصوت الثاني) فضلا عن تطعيمه لتلك القصائد بمقاطع من اغنيات فلكلورية وشعبية شهيرة تبحث في نفس سامعها عبق الاصالة وتداعيات الماضي الجميل:-المشهد الثاني,ربيعة يسحب نبض قلبه ....خائفا من عباءة الزمن,بثينة تحبس في عيني جميل لقطة واحدة

((تقول- فهل تريد ان تمسها الشفاه))

الحارسان قادمان؟؟؟دع يابني ابنتنا مع العشيق تخرس الغرام,يا ابتي ماذا يقول العرب الكرام؟؟؟تقدمت قوافل الربيع من شتائه ,وافلحت سواقي الدموع من بكائه العتيد

- صوت آخر(يحيا الوطن-لاشيء في ضمائر الاحرار غير الوطن),الصوت الثالث-(انتم في جبهة الضمير-تزرعون القمح كي تدوسه الحمير

وتخرجون النفط من آباره حتى تدوس الاقوياء ارضكم

اغنية ((للناصرية تعطش واشربك ماي ))

هذا كثير ويستمر الاسدي باتحاف القاريء بمظاهر الجدة والحداثة ,فمن قصيدة النثر ذات البناء والطرح الفنيين المؤثرين الى محاولة المزاوجة بين البحور الشعرية في القصيدة الواحدة ,الى محاولة استثمار تقنيات الموروث الديني والادبي وتوظيفها في قصائده بشكل حداثوي جميل, وهو في كل ذلك يدلل على انه رجل قد افاد من قراءاته النقدية المعاصرة ومن تجاربه الشعرية السابقة فضلا عن انه رجل يسعى الى الوصول الى مطلع سرب الشعراء ,الذي تبقى عيناه شاخصتين نحوه باصرار لايلين,واخيرا اتمنى للشاعر الاسدي التوفيق والنجاح الدائمين ,وللقاريء الاستمتاع في قراءة هذه الشذرات الشعرية الرائعة.


* قسم اللغة العربية


 

free web counter