الصفحة الثقافية

الرئيسية

 

| الناس | الثقافية  |  وثائق  |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

 

 

                                                                                        الأربعاء 11/5/ 2011

 

هل تسمحون لي ... ؟

علاء مهدي - سدني

الإهداء : إلى قراء دلع المفتي . . . فقط

أقتبست فكرة الإهداء أعلاه من كتاب "هل تسمحون لي ...؟ للكاتبة المبدعة السيدة دلع المفتي الذي صدر حديثاً عن الدار العربية للعلوم ناشرون - بيروت – لبنان حيث أهدت كتابها إلى قرائها .. فقط. يقع الكتاب في مائة وثمانية وتسعين صفحة من الحجم المتوسط ويضم تسعين مقالاً للكاتبة سبق نشرها على صفحات صحيفة " القبس " الكويتية.
قبل أن أبدأ بكتابة هذه السطور وكعادتي بدأت بالبحث عبر الشبكة الإلكترونية مستخدماً عنوان الكتاب كدليل للبحث طامعاً في الحصول على المزيد من المعلومات عن الكتاب والكاتبة في آن واحد. تفاجأت حين وجدت بعض المواقع نشرت مقالاً للشاعر الراحل نزار قباني يحمل نفس عنوان الكتاب وتبين فيما بعد أن إلتباساً أدى إلى هذا الخلط غير المقصود . على أية حال، كان هذا الموضوع محور مقال للكاتبة بعنوان "نزار قباني يكتب مقالاً من قبره " تضمنه كتابها موضوع البحث.
وإذ أفتخر بأنني من المتابعين لمقالات السيدة دلع المفتي عبر صحيفة القبس الكويتية الغراء وهي صحيفتي المفضلة خلال فترة إقامتي وعملي في الكويت قبل أن يتم غزوالكويت من قبل النظام الديكتاتوري في بغداد ومازلت أتابعها يومياً عبر الشبكة العنكبوتية التي وفرت لنا طرقاً وأساليب سهلة ومبسطة لقراءة الصحف العربية المفضلة لدينا يومياً وبسرعة تكاد أن تفوق سرعة البرق إينما كنا في هذه المعمورة إنما هي انجاز علمي وحضاري متميز أفتخر بمعاصرته في سنوات شيخوختي.

" فَلَكَ ولكل قرائي الرائعين الذين بهم أقوى وتشتد عزيمتي ألف شكر . . . دلع المفتي "

ما يميز كتابات السيدة المفتي كونها داعية للتنوير ، فنسبة كبيرة من كتاباتها موجهة لبنات عصرها وللمجتمعات المحيطة بها. كلماتها أسلحة طلقاتها كلمات وجمل تستنهض فيها نساء عصرها وتطالبهن بالوعي ومحاربة التخلف المتمثل بإشكاليات وظواهر غير حضارية مورست ومازالت تمارس ضد النساء والفتيات. إن توظيف مقالاتها لخدمة أكثر من نصف المجتمعات العربية والإسلامية بهدف التثقيف والتنوير والتحديث والتطوير، زهذه مهمة سامية الأهداف.
وفي هذا الإطار نجدها قد تطرقت إلى مواضيع مهمة جداً مثل زواج القاصرات، وعملت على إبراز الدور الريادي للمرأة الأم ودورها في بناء العائلة ، وقارنت بين أساليب تعامل المجتمعات العربية مع المرأة مع أساليب التعامل مع الرجل خاصة وأن المجتمعات العربية تعتبر مجتمعات ذكورية بإمتياز، وحاربت مظاهر التخلف بسبب التمييز بين الذكر والأنثى في المدارس وقرارات عزل الجنسين في مدارس مخصصة للذكور وأخرى مخصصة للإناث دون مراعاة رغبة الآباء والأمهات في أختيار مايرغبون به طريقة لتعليم وتثقيف أبنائهم وبناتهم . وفي مقالات عديدة عملت على معالجة الكثير من المشاكل الإجتماعية الناتجة عن قلة الثقافة وإنعدام فرص التربية والتعليم وإنحدار مستوياتها مما يؤدي إلى نشوء أجيال ذات عقم ثقافي وإجتماعي وبالتالي تكون المحصلة بائسة تنعكس على مستقبل الأوطان وتعيق تقدمها وتطورها.

وللمفتي إهتمامات كبيرة بمعاناة الشعوب العربية من مطبات السياسة والحروب والإنقلابات والحصارات الإقتصادية وكم أفواه البشر وتحجيم الأفكار وأنعدام الحريات الفكرية والشخصية حيث يغتال المفكرون والصحفيون والفنانون والأكاديميون. وتركز جلَّ إهتماماتها على ظاهرة إصدار الفتاوى التي باتت ظاهرة سلبية تعيق مسيرة الحياة العامة والخاصة للبشر وتحاول أن تسيطر عن الناس دينياً عن طريق التدخل المباشر في حياة وتصرفات الناس اليومية حتى باتت الكثير منها مجالاً خصباً للسخرية ودفعت بالكثيرين للإتجاه المعاكس . وقد برزت هذه الإهتمامات من خلال مقالاتها : هل تسمحون لي ..؟ ، أعفونا من فتاواكم، كلنا أرهابيون ، هذه الفتاوي ولا بلاش ، ياشيخ الأزهر أرحمنا، عنترية المسلمين وغيرها الكثير.

وللسيدة دلع المفتي اسلوب ممتع في عرض المواضيع وطرح حلول لها في ذات المقال حيث يتذوق القارئ إنسيابية الفكرة من خلال سطور المقال. وأجمل من ذلك إختيارها لعناوين ساخرة تنسجم ليس مع الفكرة فقط بل مع طبيعة الحياة الإجتماعية العربية حيث تمنح القارئ رغبة في الإطلاع على المقال ، مثال ذلك مقالات: هو عانس أيضاً ، تزيني قبل أن يتزوج بأخرى ، أسمع كلام زوجتك ، يابختك أنت رجل ، وغازلها يا حيط. كلها عناوين ساخرة لها مدلولات لمشاكل إجتماعية وعادات وتقاليد تآكلت بالتقادم وبقيت تراوح في عقول الأغلبية في وقت يزداد فيه تقدم الدول المتقدمة تقدماً في حين بقيت دولنا تتقهقر رجوعاً فأزدادت الهوة بينهم وبيننا.
رغم أعجابي بكتابات السيدة دلع المفتي ومتابعتي لها عبر "القبس" ، ورغم أن أغلب المقالات التي تضمنها كتاب هل تسمحون لي . . ؟ سبق لي قرائتها فإنني أستمتعت كثيراً بقرائتها ثانية وأفتخر بوجود كتابها "هل تسمحون لي ..؟" على رفوف مكتبتي.

" هيك بكل بساطة وبخلاف التقاليد العربية ، صرت أول رئيسة عربية. من غير أن أرث المنصب من أب ولا أخ ولا جد ، ولا أغتصبته من قريب ولا بعيد ، ولا زورت في نتيجة الإنتخابات ، ولا أنقلبت على رئيس سابق ، ولا غزوت بلداُ مجاوراً وجلست على خرابه"

 

free web counter