| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الأربعاء 9/12/ 2009



محاولات إغتيالي وعلاقة المخابرات العراقية
بتفجير اذاعة العراق الحر في براغ

د. خليل شمه *

لاشك من ان الكثير من العراقيين على علم بنشاطات المخابرات العراقية الرهيبة وشبكة تحركها ضد المعارضة العراقية في الخارج ابان الحكم الديكتاتوري، ولأنني احد ضحايا هذه الشبكة وبحكم محاولاتها اغتيالي لأكثر من مرة - واحدة منها في براغ والثانية في العاصمة الإردنية عمان والتي تمت في منتصف عام 1995 - ولقربي من الأحداث التي احاطت بمحاولة تفجير أذاعة العراق الحر في براغ، ولأهمية الموضوع المثار حوله الكثير من الحديث، ولأن الظروف الآن تحتم الكشف عن بعض من صفحات النشاط المخابراتي ضد المعارضة العراقية. ارتأيت التطرق الى الموضوع على الشكل التالي:

صيف عام 1995 اتصل بيً الدكتور فوزي القيسي – الملحق الثقافي العراقي في العاصمة الأردنية عمان لإعلامي بضرورة لقاءنا الذي لا يقبل التأجيل. فوزي القيسي – عضو حزب البعث - كان لي زميلا في التدريس - الجامعة المستنصرية كلية الإدارة والاقتصاد - وللأمانة اعترف بأني اتخدت منه صديقا مؤتمنا بسبب تعاطفه في موضوعة رفضي كعضو تدريسي للانضمام الى صفوف البعث. وللتاريخ اكشف معلومة أخرى أن محمد دبدب ابو علي - رئيس الاتحاد الوطني لطلبة العراق - هو الآخر الذي مارس الضغط باتجاه انضمامي للبعث تاركا لي الخيار بين بقائي في صف التدريسيين أو تحمل تبعات من لم ينضم من التدريسيين الى الحزب. لقد تفهما الأثنان موقفي كتدريسي مستقل من التكنوقراط البعيدين عن التكتلات السياسية. الحصيلة كانت لصالح البعث وحصادي من ذلك كان الأستغناء عن خدماتي العلمية التدريسية.

بعد قضاء فترة ثلاث سنوات ونيف في سجون البعث عام 1990 (في مبنى المخابرات – زنزات الأعدام في ما يسمى بالحمرة، وفي أبو غريب واخيرا في مبنى المخابرات في المنصور) واعدام ستة من اشقائي وتسفير افراد عائلتي، وبعد دفعي لرشوة لا تقل عن ربع مليون دولار لجماعة من المحامين التابعين لصابر الدوري - مدير المخابرات في حينه - حاليا يحاكم بتهم عديدة منها جرائم ضد الإنسانية – فبعد اكثر من ثلاث سنوات من السجن، تم الأفراج عني عام 1992 بدلا من عام 1991 بهدف المزيد من الإذلال والمعاناة النفسية والجسدية. قرار الإفراج عن البعض جاء على خلفية صدور عفو رئاسي عام 1991 بمناسبة غزو الكويت اللاإنساني. ملاحظة تعتبر فترة 8 اشهر بمثابة سنة سجن.

بعد ان تم الافراج عني خططت للهرب من العراق وهو ما تم عام 1993. في العاصمة الأردنية عمان التحقت بوظيفة باحث في مركز الريادة للدراسات ثم مديرا عاما له بعد شهور. بدأ نشاطي السياسي المعارض من خلال كتاباتي في صحيفة اخبارالأسبوع وقيامي بندوات عن حقوق الإنسان والديمقراطية في العالم العربي، وظهوري على التلفاز الأردني، وهو الأمر الذي أدى بعض من الشهرة الإعلامية، ووقوف بعض عملاء المخابرات العراقية على حقيقة موقفي ومكان عملي. ومن ضمن الذين عرفوا بذلك كان فوزي القيسي...

وبناء على اصراره، كما ذكرت، التقيته في فندق (....) حيث بادرته القول :" شنو أخي فوزي يعني منخلص منكم حتى في عمان" ... لم اكن على علم بسلوكيات ونشاطات المخابرات خارج العراق، كما لم اعلم بفرق القتل الصدامية ضد المعارضين لنظام صدام ..... قال لي فوزي بالحرف الواحد:" دكتور تعرف انا احبك واسمع مني كلام مقتضب دون جدال او حوار وثم اتركك لتقرر ... اترك عمان مع عائلتك وإن كان ممكنا حالا الآن !!! ... تركني مودعا ... فوزي القيسي ومحمد ودبدب – هما وحسب علمي على قيد الحياة.

في مقابلة سريعة مع سفير التشيك في عمان وبحكم زمالتي الدراسية مع رئيس الجمهموية التشيكية كلاوس حاليا ووزير المالية كوجارنيك (كنا ندرس معا كطلاب جامعة منذ 1960). تمكنت من الهرب من عمان العزيزة ووصلت التشيك كلاجئ سياسي. تركت بغداد الغالية علينا وعلى قلب كل وطني مخلص لأهله. تركتها مع ما املك واصدقائي وذكرياتي آملا في العودة ومعرفة مصير اشقائي الذين تم اعدامهم بتهمة الانتماء لحزب الدعوة.... في منفاي وفي غربتي الثانية عانيت الكثير من الاحباط والياس والفقر والضعف امام قساوة حياة المنفى وعملت جاهدا على ترتيبٍ يحفظ لي القليل من ماء الوجه امام اطفالي وزوجتي الكريمة. وكمؤمنين نقول ... عسى ان تكرهوا شيئا هو خير لكم، واحمده تعالى على كل حال.

وكما فعلت في الأردن، بدأت في التشيك، ايضا من الصفر، ومن خلال مسابقة - منافسة - للتدريس الجامعي، حيث افلحت، بدأت امارس التدريس في جامعة بوهيميا في بلزن واستعادة حيويتي العلمية والمادية... بعد سنوات، وتحديدا عام 2000 اتصلت شقيقتي من بغداد، وهي الوحيدة التي ابقى النظام الفاشي على حياتها، وانا على دهشة واستغراب بسبب الانقطاع التام بيننا كما كان حال العراقيين في المنفى... بدأت بالتحية قائلة أن "اخوتها" يرغبون في الحديث معي ... بالله عليك ايا من اخوتي، وعن اي أخوة تتحدت شقيقتي الكبرى ... بدأ "الأخوة من المخابرات" الحوار بحلو الكلام وطيب الترحاب وعن اصل وفصل العائلة الكريمة المعروفة تجاريا في سوق الشورجة، وعن وطنيتنا وحبنا لبلادنا (نسوا انهم اعدموا لي ستة من اشقائي ورموني في السجن بعد تسفير باقي افراد العائلة الى إيران) ... هذا وقد علمت ان شقيقتي كانت لديهم كرهينة ومصدر معلومات عن تواجدي ومكان عملي ... عموما طلبت منهم اعلامي عن هدف المكالمة وكيف العمل من اجل وطني المثقل بالظلم والعبودية ... قالوا، وبالحرف، اترك الجلبي والشريف على بن الحسين وان اكون منصفا اتجاه نظام صدام في كتاباتي والتوقف عن عدائي لهم. قبلت بالعرض مشروطا بمعرفة مصير اشقائي الستة الذين فقدناهم منذ 1980... تم الاتفاق على اعلامي بمصيرهم (لم اكن اعلم باعدامهم في وقته)... بعد رجوعي من مشاركات عديدة للمعارضة العراقية في الخارج تلقيت مكالمة من شخص ادعى انه صديق ويحمل رسالة من شقيقتي في بغداد وعلي الحضور الى براغ لاستلامها ... أجبت بامتعاظ .. من أنت ولماذا لا ترسل الرسالة على عنواني بعد أن عرفتم عنواني وطبيعة مهنتي وكل ما يتعلق بحياتي ... أجاب بأن الأمر يستوجب حضوري شخصيا لأن " الأخوان " جاءوا من بغداد (مخصوص) ويريدون الحديث معي على انفراد واخباري عن مصير اشقائي... الى هنا والموضوع تم اغلاقه من قبلي ريثما يتاح الوقت كي انقل المعلومة الى الحكومة التشيكية.

المتكلم كان احد موظفي البعثة الدبلوماسية العراقية في براغ بدرجة قنصل واسمه خليل ايراهيم العاني وكان يدير عمليات التجسس والنشاطات الإرهابية في أوربا ومقر هذه الشبكة كان في فيينا النمساوية. في حينه حصلت على معلومات مريبة لم ارغب في الإفصاح عنها لأي كان لحين لقائي بقادة المعارضة العراقية. بالمناسبة لاحقتني مرارا صحيفةThe Wall Street Journal الأكثر انتشارا في العالم للحصول على معلومات عن خليل العاني ... كان صمتي ناتج عن العهد الذي قطعته لكبار مسؤول الدولة التشيكية، وضرورة الكتمان بسبب سير التحقيقات ... كان خبر حضور اثنين من عملاء المخابرات العراقية في براغ وبمعية القنصل العراقي المخابراتي خليل العاني مثار قلق للجانب التشيكي مما دفع بهم لإتخاذ جملة اجراءات أمنية وخاصة فيما يتعلق بسلامتي. وأن وجودهم معي وفي مدينة غير العاصمة لدليل هام للإدانة على خلفية تجاوزهم المهام التقليدية الموكلة للدبلوماسيين رغم معلومات مؤكدة عن التقاط صورا لمقر اوربا الحرة وغيره من الأماكن الحساسة ولقطات بالفيديو عن نشاطات المعارضة في براغ.

في سياق الرغبة للوقوف على حقيقة مهام ضابطي المخابرات العراقية وبناء على موافقة السلطات التشيكية وبتخطيط منها لترتيب اللقاء بين وبين خليل العاني واتباعه من المخابرات، وبهدف امتلاك الدليل القاطع بنشاطات المخابرات العراقية في اوربا غير القانونية وبهدف الحصول على الدليل الملموس، وبعد وقوفي على تفاصيل الخطة التي وضعتها الجهات الحكومية التشيكية تم اللقاء في مدينة اقامتي - بلزن - وليس في براغ العاصمة كما ارادت المخابرات. كان القنصل المخاراتي الرائد او المقدم خليل العاني هو من ادار الحوار ليترك بقية المهمة الى الضابطين الآخرين لاحقا. كانت الحكومة التشيكية قد زودتني بمشعل غازي صغير - ولاعة - للتدخين .. في الحقيقة كان ذلك جهازا للتسجيل وفاعل لمدة 3 ساعات........ قبل اللقاء كانت هناك رسالة تهديد قد وجهتها للزائرين وهم في طريقهم الي الى بلزن (كلمتهم عبر الموبيل وهم على بعد امتار من مدينة بلزن واعلمتهم بأن الأمر مكشوف، وفي حال اصابتي باي مكروه سوف لن يعرف العالم بوجودهم والى الأبد كما يفعل صدام مع معارضيه). الرسالة تم الاعداد لها قبل ساعات من اللقاء وذلك بناء على ذات الخطة المعدة من قبل الجهات التشيكية.... الثلاثة عرفوا بأن اوراقهم تم كشفها وان أية محاولة للإغتيال ستأتي بنتائج عكسية. كان يوما عصيبا وليلة أرق لم اشهد لها مثيلا حتى عندما كنت معتقلا وحتى بعد أن صدر قرار الإعدام بحقي ...

قمت صباح ذلك اليوم بالشهادة ووداع اطفالي وهم يبكون في احضان والدتهم ... بعد انتهاء اللقاء واتضاح زيفهم وكذبهم بشأن مصير اشقائي روجوتهم بالأبتعاد عني لأنني محمي بحكم وضعي كلاجئ سياسي، وأن الأمم المتحدة على علم بكل تفاصيل المقابلة واهدافهم في اغتيالي كباقي من تم اغتيالهم وقتلهم من المعارضة. بعد انتهاء اللقاء واتمام عملية التسجيل تم تسليم الشريط المسجل للسلطات التشيكية ولهيئة الأمم المتحدة، وكذلك للدكتور احمد الجلبي عندما اقمنا مؤتمرا للمعارضة في لندن عام 2002 الخاص بالدفاع عن حقوق الإنسان العراقي.

كان خليل ابراهيم العاني احد ضباط المخابرات من انشط رجالات صدام في العمل المخابراتي، وكان يراس الشبكة الأوربية، ومقرها فيينا، وكان اهم اهداف الشبكة هو الوقوف على القضايا المتعلقة بالمعارضة العراقية ومراقبة تصرفاتهم ونشاطاتهم الإعلامية، كما كان الوحيد من التقى بـ محمد عطا في مطار براغ قبل احداث سبتمبر. محمد عطا المصري الجنسية كان احد الانتحاريين في الهجوم على المركز التجاري العالمي في نيويورك، وكنت من القلائل الذين شاهدوا صورا لهذا اللقاء في مطار براغ الدولي. كما كنت الوحيد الذي اطلع على نشاطات خليل العاني موثقة بالصور والمستمسكات اللازمة وتواريخ التقاطه صورا لمبنى البرلمان التشيكي سابقا – مقر ومكان اذاعة العراق الحرة، وذلك بهدف التحضير لقصف اذاعة اوربا الحرة بالكامل.

معلوماتي شخصية تامة، وطبقا للظروف الحالية، وبعد ان كشفت القناة التلفزيونية - العراق الحر – هي ظروف ساعدتني اليوم علي البوح ولو بالقليل منها. ولأنني على قدر من المسؤولية إزاء كبارمسؤولي الجمهورية التشيكية ساتحفظ لبعض من الوقت في الكشف المفصل عن احداث تتعلق بالإغتيال ونشاطات المخابرات العراقية في تشيكيا. في الختام يمكنني من القول أن الحقيقة التي ساعدت على طرد خليل العاني من تشيكيا هو اللقاء الذي تم بيني وبين المخاريرات العراقية في تشيكيا كدليل ثابت على النشاط غير الدبلوماسي. كان من ضمن شروطي مع الحكومة التشكية في هذا اللقاء هو طرد هذا "الدبلوماسي المخابراتي" وذلك حفاظا على حياتي وحياة اولادي وزوجتي، وأن تتيح السلطات التشيكية كل الفرص للمعارضة العراقية في التحرك الحر في نشاطاتها الإعلامية على ارض تشيكيا ... وهذا ما تم فعلا، حيث امهلت السلطات التشيكية خليل العاني مهلة 72 ساعة لمغادرة الأراضي التشيكية ... وننقل هنا بعض ما جاء في بيان الطرد ......... وبناء على قيامه بنشاطات خارجة عما هو مؤلوف لدى الدبلوماسين تم اتخاذ هذا القرار ....

سنكشف عن معلومات اخرى عند الضرورة
 

* اكاديمي ودبلوماسي
 

 

free web counter

 

أرشيف المقالات