| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

                                                                                                      الأربعاء 9/3/ 2011

     

تونس وأخواتها
وحوش كاسرة تخرُّ أمام القوة الإنسانية

جميل قردوح – رام الله 

عندما تعلّمت، وأنا في سنوات الدراسة الابتدائية، قواعد مجموعة الأفعال الناقصة "كان وأخواتها" أعجبت بهذه الأفعال أيما إعجاب لأكثر من سبب. كنت أرى في الفعل الرئيس منها "كان" سحراً وقوّة ومرونة تعجز عن مثيلها ألفاظٌ أخرى. ولكنني أذكر أنني اعترضت ذات مرّةٍ أمام معلّمٍ قديرٍ على تأنيث هذا الفعل وكنت أفضل تسمية المجموعة "كان وأخواته" ساحباً الفكرة ذاتها إلى مجموعة الأحرف المشبّهة بالأفعال "إنّ وأخواته" فجنسُ الحرف كما الفعل مذكرٌ.

بعيد الثورة الناجحة للشعب المصري ضد الاستبداد ونتائجه من القهر والبطالة والفقر، المبرمجة من قبل السلطة المغتصِبة حقوقَ الناس، وكانت ثورة الشعب التونسي قد حصدت نتائجها الطيبة بفعل الإرادة الحديدية للناس الصادقين بتحدّيهم وبمسيرتهم وبذلهم التضحيات الكبيرة للصمود أمام محاولات يائسة للدكتاتور بن علي وأعوانه, بدأت ملامح ثورة الشعب الليبي تلوّن الأفق بألوان قوس قزح واعدٍ بـ"ليبيا" حرّة محرّرة سعيدة الأبناء، متأثرة بأختيها تونسَ في الغرب ومصرَ في الشرق.. تذكّرت "كان" وأخواتها، غاضّاً النظر عن التأنيث القسري للفعل الناقص، آملاً باستمرار الانتفاضات الشعبية عند باقي الأخوات كيما تستقيم مقارنة الـ"كان" بالـ"أصبح" والـ"صار".

يتذكّر أترابي (من كبار السنّ) ما كان قد نقله إلينا آباؤنا عن سنوات الحرب العالمية الثانية وانتصار الحلفاء في أوروبا على النازية والفاشية وكيف انقسم العالم إلى معسكرين: اشتراكيّ ورأسماليّ فانضوت عديد الأنظمة تحت لواء هذا المعسكر أوذاك فغدت الحركات السياسية والطروحات الفكرية والبرامج الحكومية الاجتماعية والاقتصادية والعسكرية أيضاً أوراقاً لإثبات الالتزام بشروط الانتماء إلى المعسكر المعني والولاء لمصالحه مقابلَ الحماية والدّعم بأشكاله المختلفة وفي المحافل المحلية والإقليمية والدولية.

كانت البيئة الجيوسياسية مواسم لتسويق الانتماء والولاء وللشعارات الكبيرة تتبارى في مدى ناريتها الأحزابُ والحركاتُ والحكوماتُ مستخدمة عواطف الناس وطيبتهم لا بل سذاجتهم في تصديق أصحاب هذه الشعارات والسير وراءهم في مسيراتٍ ظاهرها وطنيٌّ نزيه المرامي وباطنها أنانيٌّ بل مبرمجٌ لخدمة خططٍ كبيرة إقليمية ودولية لا ناقة فيها للناس ولا جمل. فإذا ما حصرنا ساحة تذكّرنا بالشرق الأوسط وجيرانه لمعت أمامنا صورة جمال عبدالناصر الذي أتت به رئيساً لأهم بلدٍ عربيّ وقتئذٍ عواملُ من أهمها توازنُ القوى بين الشرق والغرب والخططُ الأميركية لضبط الشرق الأوسط والتحكم بجولات الكرّ والفرّ مع الاتحاد السوفييتي. فكان عبد الناصر حليفاً سياسياً للكريملين ومنسّقاً استراتيجياً مع البيت الأبيض وضابطَ أمنٍ بقبضة حديدية للشارع المصري تفادياً لاستغلال أصحاب الفكر اليساري تحالفَه مع السوفييت تمتيناً لحشد الطبقات الفقيرة من الشعب في مسيرة الطموح إلى العدالة الاجتماعية والتطور. وقد سُمح لعبدالناصر وأمثاله في حلبات الصراع البارد بين موسكو وواشنطن باختراع منظومات محايدة كالنادي الدولي المسمّى "بلدان عدم الانحياز" وما يشبهه في العمق الأفريقي.

كانت ظاهرات المواسم الثورجية من الفرز والتكتّل والتدخّل والتحالف والتواعد والتوافق والتعاضد والتضامن ملائمة تماماً للباحثين عن أدوار وفرص في بيئات "الحماس الوطني" و"النضال التحرري" إلخ.. وما أدلُّ على سوقيّة آيديولوجيات الأحزاب الحاكمة أو الساعية للحكم في بلدان الشرق الأوسط في تلك الفترة من شعارات الأحزاب التي وصفت نفسها بالتقدمية والاشتراكية والديمقراطية والتي أولها "تحرير فلسطين" و"إقامة الوحدة العربية من المحيط إلى الخليج". وقد نجحت بعض الحركات والأحزاب اللاهثة إلى السلطة في الوصول إليها عبر مثل هذه الشعارات وعبر برامج تبجّحت في التحدّث باسم ملايين الفقراء ووعدت بالعدالة وبالاشتراكية.. وقد أطلقت على حركاتها للوصول إلى السلطة صفة الـ"ثورات" ولم تكن بالفعل سوى انقلاباتٍ عسكرية مدعومة بعوامل متنوعة المصدر ومُقادة من قبل ثورجيين محترفين.

في مهرجانات هذه المواسم ظهرت مجموعة البلدان العربية التي أطلقت على نفسها صفات تميّزها عن بلدان عربية أخرى مختلفة الشكل السلطوي فغدونا نسمع بـ"البلدان التقدمية" و"بلدان المواجهة" و"بلدان الممانعة" و"الصمود والتّصدّي" وغير ذلك. وتربّعت على عروش تلك البلدان أحزابٌ أتقنت فنّ الكلام وإبداع الوسائل والصراخ بالشعارات الطنّانة ووضعت للتمسّك بالسلطة قوانينَ خارج الزمان والأعراف فغدا القمع صناعة وغدوا لها ملوكاً.

سيرة عبدالناصر القمعية في مصر وسوريا واليمن مسجّلة في متحف السلطات الموسمية. أما ما سمّي بـ"ثورة 23 يونيو 1963" فهو انقلاب عسكري يعرفه الجميع.. وما أتت به سلطة عبدالناصر تجاه فلسطين والوحدة العربية سجِّل وصمةَ عار في حقّه وفي حقّ مصدّقيه والمروجين لمنهجه. ومما يثيرنا أن عبدالناصر، الذي كان سيّد المواسم الثورجية والذي كان وراء الحركة الانقلابية التي قادها معمّر القذافي في ليبيا في أول أيلول 1969وسمّاها "ثورة الفاتح"، قال فيما بعد مؤيداً بل متبنّياً: "إن أخي معمّر القذافي هو أمين القومية العربية من بعدي".

لهذه المواسم صور متشابهة في بلدان عربية أخرى. وفي سجلاتها طروحاتٌ وأحداثُ يندى لها الجبين.. فكم من مؤتمر عربيّ فاشلٍ تباطح في منصاته الأشقاء، وكم من محاولة خجولة للاتفاق أو الوحدة أو التحالف لهدفٍ أو أهداف وكم حرباً وغزواً واعتداءً وتآمراً بين البلدان العربية الشقيقة سجّل التاريخ خلال فصله الطويل – مواسم الثورجية.. وعلى سبيل الذكر فقط ندرج: عبدالناصر واليمن، المغرب والجزائر، المغرب وموريتانيا، السودان وجنوبه، أيلول الأسود، الفصائل الفلسطينية، لبنان، الكويت إلخ.. ولنا أن نتذكّر تبجُّح السلطات وقادة الحركات السياسية بالعروبة والقومية والوحدة والوطنية والتقدّم ومقاومة الاستعمار وإسرائيل.

لم يكن من الصعب على العاقلين في الربع الثالث من القرن الماضي إدراك بيئة الحرب الباردة بين المعسكرين العملاقين وعناصرها ومدى تأثيرها على الحكومات في الشرق الوسط وعلى حياة شعوبها في منطقة حادّة التوتّر بسبب موقعها الجيوسياسي وبسبب الصراع العربي الإسرائيلي. يذكر الجميع أن الحركات اليسارية العربية المتبنية للشعارات القومية وخاصة "تحرير فلسطين" كانت تندد بالموقف السوفييتي من قضية تقسيم فلسطين، التي تضمنت اعتراف الاتحاد السوفييتي بدولة إسرائيل مقابل الإبقاء على الأراضي الفلسطينية للفلسطينيين. لقد ارتكز دعاة النضال التحرري والتقدّم من قادة الأحزاب والرؤساء العرب على هذه القضية لعرض عضلاتهم في مقابلة الصراع بين المعسكرين بشعار: "لا شرقية ولا غربي" وبمنهج "الطريق العربي إلى الاشتراكية". حول هذه الشعارات حيكت رواياتٌ من الكذب والخداع وخططٌ من التمكّن من السلطات التي استولوا عليها مستدرّين تأييد "جماهير الأمة".

لقد كانت مصالح المعسكرين مصانةٌ تماماً في ظلّ تربّع "الثورجيين" على كراسي الحكم في هذه البلدان مؤيَّدين من قبل القادرين على التأييد باقين إلى ما شاءت الأقدار مدّعين أنهم القادة الذين لا حياة للأوطان من دونهم وأنهم الرموز والضرورة والملهمين وهبات الله. ولم يكن هناك أيّ اعتراض جدّي من قبل قيادات أي من المعسكرين على منهجية هذه السلطات وممارساتها. ولتأكيد أحقيتها في البقاء وتوريث الآباء الحكمَ والقوّة والصلاحيات المطلقة لأبنائهم اخترع هؤلاء وسائل متنوعة تفضي كلّها إلى تأكيد "اختيار الشعب لهم بدون منازع" و"مبايعته مدى الحياة" مما انتفت معه أية فرصة للناس للتفكير بتداول السلطة أو بتجديد الرئاسة أو بمحاسبة هؤلاء القادة "البررة" على ما صنعوه. وأبدعت السلطات الاستبدادية في الإمعان بالكذب والخداع فقامت بشقّ الأحزاب إلى فصائل متناحرة عبر اختراقها وشراء الذمم فنالت تأييد الانتهازيين ونالت من حرية المبدئيين رامية إياهم في السجون أو مبعدة إياهم قسراً إلى المنافي تفادياً لتأثيرهم في الناس تحريضاً على المطالبة بالحقوق الإنسانية والوطنية.

ولم تتورع الحكومات ورجالاتها من صنع عديد أنواع "الفزّاعات" التي استخدمتها لوضع معادلات ترهب فيها الآمنين ممن ينشدون السلم والهدوء ولو على حساب الطموح والحقوق والاطمئنان على مستقبل أبنائهم.. فجاءت حجج التخويف من البدائل الدينية المتطرّفة ومن الإرهاب المنظّم، ولكي تؤكد فاعلية هذه "الفزاعات" قامت بإجراء "تجارب" ميدانية على حساب أبرياء وعابرين في الشوارع، وسرعان ما اكتشف الناس زيفها.

وقد وفرت أحداث 11 سبتمبر 2001 وأحداث أفغانستان وطالبان والقاعدة فرصاً جديدة عظيمة لرموز الديكتاتورية العربية للانخراط "الشكلي" في الحركة العالمية المناهضة للإرهاب بل تبجّحت بالأرقام القياسية التي سجّلتها في مقاومته أو القضاء على أوكاره.. ولم تتوانَ في صنع الأحداث بيد جماعاتها لإثبات نزاهة العضوية سعياً لنيل الرضى ولفتاً للانتباه عن الديكتاتورية وما رافقها من مظاهر الفساد والنّهب وقمع شعوبها والتدخّل السافر بمصائر بلدان مجاورة. وأيضاً.. كانت مسألة الإرهاب المحتمل حجّة السلطات وأجهزتها لتكريس حالات الطوارئ وقوانينها مما أبقى الشعوب تحت هاجس الخوف أمام معادلة "حريّتكم بأيدينا أو البلدُ بأيدي تنظيم القاعدة".

بين ما يخشاه الناس، على اختلاف منابتهم وانتماءاتهم وثقافاتهم.. وبرامج أجهزة السلطات الديكتاتورية وقفَ المواطنُ العربي حائراً في ظل غياب حركات رائدة وطروحات مقنعة. فاليسار العربي، الذي كان نشاطه وما يزال في رأس قائمة ممنوعات الأنظمة الشمولية، وقع في ساحة الاضطراب الفكري والسياسي بعد انهيار المنظومة الاشتراكية. وهو لم يكن متوازناً في الأصل ولطالما هيمنت على قياداته شخصياتٌ قمعية وبرامجُ عمل مضطربة وأساليبُ قيادة ستالينية. لقد غدا الحضور اليساري في الشارع العربي ذا مظهرٍ متطرّف ورأينا حالات من التحالف اليساري- الديني غير المقنع. ومن ناحية أخرى انخرط قسمٌ كبير من الأحزاب العلمانية واليسارية والشيوعية في "سلك" السلطات الديكتاتورية فغدا حامياً محامياً مبرّراً مؤيّداً بل مكافحاً إلى جانب قامعي الحريات ضد أية محاولة للإصلاح أو لإطلاق الحريات الإنسانية.

وبحجّة الحرية الوطنية ومقاومة السياسة الغربية والأميركية وإسرائيل فقدت الشعوب العربية في هذه البلدان حرية الإنسان بكل معنى الكلمة وغدا الحديث عن حرية الرأي والتعبير عنه جريمة تقتضي، في ظل قانون الطوارىء، زجّ المواطن في السجن من دون محاكمة وتلفيق التهم المختلفة لسدّ فمِ لا بل ملاحقةِ من يفكر في الدفاع عنه.

وبحجج الخوف من الوسائط التحريضية تلجأ أجهزة السلطات إلى قمع كافة وسائل الإعلام عدا ما يقع تحت رقابتها التامة.. وللتمكن من ذلك تشنُّ حملاتٍ واسعة ضد تقنيات التواصل الحديثة وضد ثقافة العولمة متهمة إياها بخدمة الغرب وإسرائيل.

ممارسات أجهزة القمع في البلدان العربية الشمولية الحكم كانت من الفظاعة إلى درجة مخيفة لا يمكن السكوت عنها وتهدد بالانفجار. ولكن عقلية الديكتاتور بعد عقود كثيرة من التربّع على عرش الحكم الفردي مبجّلاً من حاشيته مؤلّهاً من "شارعه" وأتباعه من "الملايين" تصرخ في السماء "بالرّوح وبالدّم نفديك فلا تخشَ شيئاً يا قائدنا الأبديّ العظيم"، هذه العقلية تجعله يعتقد أنه الأقوى والأبقى وأنه، بخلاف غيره، محميٌّ من الآلهة وبصدور أبناء شعبه.

عندما تعرض الحكم في تونس ورمزه الديكتاتور لانتقادات من سياسيين وطنيين في الحكم أو خارجه جنَّ من "الحاقدين" والراغبين في الاستيلاء على السلطة "الديموقراطية".. وعندما ازدادت حدة الانتقاد وتحولت إلى مطالبات قابل ذلك بالمزيد من القمع والوعيد. لم يكن في حساب الديكتاتور أن الشعب الذي طال صبره ومنحه فرصاً عديدة سيثور محتلاً الشوارع ومطالباً إياه بالرحيل.

خلع الشعب في ثورته الحقّة وبقوّته الإنسانية وبطولته وتضحياته الديكتاتور بن عليّ وأفشل بإصراره الوطني كل محاولات الالتفاف على ثورته مقدّماً للثوار العرب من الشباب الصاعد الصادق الرافض الذلّ والقمع والفساد دروساً في الرجولة والكبرياء..

في مصر، الأخت التالية لتونس، جاءت الثورة على شاكلة الشقيقة تونس ولو اختلفت الوسائل. أثبت أبطال الشارع المصري قدرة خارقة على تنظيم ثورتهم ميدانياً فأعطوا لأشقائهم في ليبيا، الأخت الثانية، دروساً عملية ودعماً كبيراً وشحنوهم بالثقة العظيمة بالنفس.

وإذ تمثل الإصرار على استمرارية الثورة في مصر حتى يتحقق التغيير، الذي لا يقتنع المواطن المصري باختصاره في خلع الديكتاتور وأبنائه، تمثل بالمطالبة بالمحاكمات وبحجز أموال وممتلكات المتنفذين ممن راكم الثروات من المال العام ومن النهب والمحاصصة والعمولات ومن بيع الأملاك العامة.. ولن يسكت الشباب المصري حتى يطمئنوا على مستقبل بلدهم وحتى يتأكدوا من اندحار الديكتاتورية وإلغاء القمع والظلم والخروج من مظاهر البطالة والفقر وانتصار الحرية.

الثورة في ليبيا، ثانية أخوات تونس، تأتي بخصوصية مؤلمة ولكنها مفاجئة. أقول مؤلمة، لأنها غدت دمويّة بفعل منهجية الرئيس المخلوع وأولاده وقادة عصابات المرتزقة الذين يستخدمون في وقت الاحتضار آخر أسلحتهم للقتل المتعمّد بحقدٍ لم يعرف التاريخ مثله.. ونقول مفاجئة، لأن أحداً من عارفي الواقع الليبي والحالة النفسية التي وصل إليها الشعب الليبي لم يكن يتوقع ذاك الخضمّ من الناس الذين يواجهون بصدورهم العارية طاغية لم يسجل التاريخ مثله من حيث الاستعداد للقتل بل للإبادة. ومنذ 17 شباط تتصاعد المظاهر الهمجية للقذافي وأولاده تجاه أبناء شعبهم، الذي يحلم "قائد الثورة" وأبناؤه بكسره وتطويعه كي يستأنفوا حكمه "بالطريقة الشعبية الاشتراكية" لعقود قادمة، وربما لقرون!! ولكن هذا التصاعد لا يزيد الثوار والأهالي إلا إصراراً على دحر الطاغية وأولاده وتطهير بلدهم من النظام القميء الاإنساني الذي جثم على صدورهم أكثر من أربعة عقود فحرمهم الحرية والعيش الكريم وكل فرصة للتقدم أسوة بشعوب العالم.

وإذ فاقت همجية القذافي كلّ توقّع وما تزال ممارساته من قلعته في طرابلس وهو يحتضر تثير استغراب العالم وسخط البشرية التي عاشت طيلة العقود الأربعة تسخر منه ومن غرابة شخصيته وحماقة مواقفه وتندّد بسياسته الداخلية القامعة الظالمة لشعبه، فإن العالم بأجمعه يبدي إعجابه الشديد بصلابة الشعب الليبي وبصموده على طريق الحرية الحقّة مهما بلغ الثمن.

ردود أفعال القذافي وأبناؤه أمام شاشات الفضاء الإعلامي لم تترك عند مشاهديه في أيةٍ من بقاع العالم سوى المزيد من التنديد والسخط عليه وعلى نظامه وشعاراته وثورجيته المفضوحة والمزيد من التضامن مع أبناء ليبيا، أخت مصر وتونس الرائدتين.

غداً سينتهي القذافي ونظامه الجائر وثورجيته المخادعة ونظريته الأكذوبة وستنتهي معه فترة التخلف والقمع والاستبداد وسينتصر الشعب الليبي مستحقاً، الآن وعن جدارة، لقب العظمة.. لا لأنه أنجب القذافي!! بل لأنه تمكن في ظل هذا الديكتاتور الفظيع من تجميع قواه الإنسانية والقضاء عليه.

مع انهيار نظام الدّجل القذافي يثبت الثوار بقوتهم الإنسانية هشاشة المستبدّين. فمن تابع القذافي، الغريب الأطوار والفريد من نوعه بين القادة بل بين بني البشر، شاهد كم هي مقرفة عنجهيّته وقد نصّب نفسه، اغتصاباً، قائداً عالمياً لثورة وهمية وكم تاجرَ بالشعارات واستخدم مرتزقة وبنى علاقات مع حكومات وحركات وعصابات هنا وهناك.. كل هذا كي يوهم شعبه والعالم بأنه القائد المحبوب والمفكر الملهم والثائر على الظلم والتخلف والمقاوم للاستعمار.. والباني جماهيرية المؤتمرات الشعبية القوية الطامحة.

لقد عاصرنا فترة القذافي منذ حركته الناصرية ورافقنا مسرحياته المضحكة المبكية واقتنع بعضنا أنه ونظامه وأجهزته على درجة من القوة تكفيه لردع أية محاولة للإطاحة به، وقد طفحت بالفعل سجلات سجونه وقيود النفوس وحكايا الثكالى بالشواهد الكثيرة على بطشه بأبناء ليبيا. ولكن ثوار "الأخت" ليبيا أثبتوا ببطولاتهم الفعلية أن قوة وجبروت القذافي ونظامه وأجهزته وهمية كما هي مكانة القائد العالمية، وهي قادرة لفترة محدودة على التدمير والقتل مستخدمة الأسلحة الفتّاكة أمام شعب أعزل ومستهلكة الصواريخ والطيران وتقنيات القصف بالمدفعية وشن المعارك بالدبابات والمدرعات التي بنى بها قدراته على حساب الشعب الليبي إدّعاءً تحت شعار "تحرير فلسطين"، أثبتوا أن هذه القوة وهمٌ وأن نظام القذافي هشٌّ ومتداعٍ وقد تركه كل ذي ضمير حيّ ممن عملوا في مؤسساته المختلفة وما بقي له إلا أفراد عصاباته من الوحوشٌ الكاسرة الجبانة التي ستخرّ قريباً أمام القوة الإنسانية للشعب الليبي البطل.

الأخت الثالثة لتونس الخضراء هي اليمن.. اليمن السعيد يصرخ في وجه الديكتاتور المتمسك بالسلطة وكأنه القائد الحكيم الذي سار ببلده وشعبه نحو الرخاء والتطور والقوة..

لن تطول مقاومة علي عبدالله صالح للشعب الثائر متسلّحاً بإرادة قوية للتحرر من القمع والاستبداد وبطموح من أجل الحرية والتقدم ومستنداً إلى فساد في حكومات رعاها طيلة عقود ولم تقدّم للمجتمع اليمني إلا القلق والبطالة والفقر والتخلف.. ستتحرر الأخت الثالثة لتونس قريباً جداً لتضيء الطريق أمام أخوات تونس الأخريات.

ما عادت حجج أباطرة الاستبداد والقمع تنطلي على أحد. فتخويف الشعب المصري من أن بديل حسني مبارك ونظامه هو حكم إسلامي متطرف أثبت الشارع بطلانها. لم نر في الشارع المصري شعارات دينية ولم يكن قادةَ الثورة ملتحون بجلابيب.. كانوا شباباً مدنيين وطنيين ثائرين من أجل الحياة الدنيا لا من أجل الآخرة.

ولم يظهر أي نفس ديني في شوارع بنغازي والزاوية ومصراتة. ما يخيفنا منه العقيد الفاشل خطةٌ من صنعه. أجل، بمقدوره تحريك خلايا نائمة هو من أشرف على خلقها وتوظيفها هنا أو هناك.. بمقدوره هو وأبناؤه شراء مرتزقة ولصق لحىً اصطناعية فوق ذقونهم ونشر الشائعات في بعض الفضاءات وفيما تبقى له من فبارك.. ولكن الشعب الليبي لم يعد يخشى ألاعيب الطاغية والعالم لم يعد يكترث لأي شيء يلوح به الممثل البارع معمّر.. ولا حتى التلويح بخطر القرصنة في المتوسط أو أسراب المهاجرين غير الشرعيين باتجاه سواحل أوروبا. حكومات العالم ستتعاون مع ليبيا الجديدة وستقاوم خطط القذافي الخبيثة الحاقدة.. خاصة بعد أن فضحت وثائق وحقائق دامغة سياسة الابتزاز التي اعتمدها القذافي عبر لعبة المهاجرين الأفارقة والتي دفع ثمنها الشعب الليبي مقابل ملايين الدولارات وسفنن مجهزة بوسائل متطورة للرقابة وضعت تحت تصرف العقيد تمكيناً له من ضبط الأفارقة الذين استحضرهم بنفسه من العمق الأفريقي.

فزاعات "القاعدة" و"المهاجرين" والتلويح باستخدام النفط سلاحاً لن تنفع القذافي كما لم تمنع صديقيه في الأخت الكبرى تونس والتالية مصر. فلا الغرب خاضع لتوجيهات قادة أغبياء ولردود أفعال ساذجة ولا الشعوب باقية على حالة الخوف والرعب من فزاعات الديكتاتورية.

ما رأيناه بوضوح هو رفض تامٌ وصريح من الشعوب في كل البلدان التي شهدت حالة الانتفاض الجماهيري لحكوماتها ولقادتها وعائلاتهم ولبرامجهم وتاريخهم ولمؤسساتهم الأمنية وكذلك لمؤسساتهم الحاكمة من وزارات ومجالس شعبية وبرلمانات ذات ديموقراطيات مزيفة. رأينا المطالبة بتغيير أنظمة الحكم والاقتصاد والقائمين عليه وبمحاكمة الفاسدين والمتنفذين وشركائهم في الجرائم الاقتصادية التي سببت إفقار السواد الأعظم في بلدان لا تفتقر أبداً إلى الثروات الطبيعية والإنتاج الزراعي والحيواني ولا تنقصها القدرات البشرية لا بل تتمتع بعض هذه البلدان بفائض كبير جداً. فليبيا مثلاً ذات مساحة شاسعة وتبلغ مساحة الشريط الساحلى الأخضر وذي الهاطل المائي الكبير ما يعادل مساحة هولاندا بينما أدى تخريب الاقتصاد وسوء إدارة الطاقات البشرية إلى اعتماد المواطن في هذا البلد في 80% من استهلاكه على الاستيراد. وقد نُشرت تقارير في الآونة الأخيرة تؤكد استيلاء القيادة الليبية متمثلة بالعقيد وأبنائه على عائدات النفط بل إن صفقات سرية خاصة أُبرمت لبيع نفط غير مرخّص بأسعار دون أسعار السوق أودعت أثمانها في حسابات خاصة وقدّمت منها الهبات للعملاء والمأجورين، بطريقة تذكّرنا بفضائح المخلوع صدام حسين في ما عُرف آنذاك بـ"كوبونات النفط".. ويذكر بأن القيادة الإيرانية تمارس اللعبة ذاتها الآن.

وللقارىء أن يحسب عدد سنوات حكم القذافي (مثلاً) ويضرب متوسطاً لسعر برميل النفط بكمية التصدير اليومي المعلنة في محاولة لتفسير لغز الثروات الكبيرة من إيداعات مصرفية وممتلكات ثابتة له ولأفراد عائلته.. سيصل إلى أن نهب عائدات النفط كاملة أقل بكثير من الأرقام المعلنة عن ما سمي ثروة القذافي.. فهل وهب الله القذافي (أو أمثاله) مالاً من عنده بدون حساب؟؟!!. ستثبت التحريات قريباً مسلكية هؤلاء الحكام المتوارثة عن قطّاع الطرق. إن لهؤلاء حصصاً من الهواء الذي تتنفسه شعوبهم. هم ملوك في السمسرة والأتاوات والعمولات في نسبها الخيالية وهم شركاء حتى في المهرّبات والممنوعات.

ومن ميزات هؤلاء صفة البخل الشديد عندما يتطلب الأمر فتح صناديق مالٍ عام كانوا يتخيلونه رصيداً احتياطياً لهم ولأولادهم. لم تعرف سيرة هؤلاء في أكثر ظروفهم حرجاً صورة واحدة تظهرهم كرماءَ تجاه شعوبهم. لا بل كانوا يمدّون أياديهم استجداءً لقروض من بنوك عربية وعالمية للمساعدة في مشاريع لا تتعدى كلفتها بضعة ملايين وهم يكدسون مئات الملايين في خزائنهم.. شاهدنا جميعاً خزائن الأموال في قصور بن علي وزوجته.. وعندما كان الأمر يتعلق بالترويج لشخص الديكتاتور لم يتوانَ بتقديم الهبات السخية من المال العام، كما فعل صدام ومعمّر.

لن تهدأ نفوس الثوار قبل أن يعرفوا كلّ شيء. الثوار هذه المرّة حرّكتهم عقولهم لا عواطفهم أو انتماءاتهم الحزبية. وإذا كانت التحركات السابقة قد تمّت خلف أحزاب وتكوينات ذاتِ برامجَ ادُّعي بأنها وطنية أو تحررية معادية للاستعمار أو اشتراكية إلخ.. فجاءت عاطفية واثقة بالروّاد الحزبيين آملة بالمستقبل، فإنها اليوم ثورة جيل من الشباب لم يعد الكذب والنفاق ينطليان عليهم ولم يعد للشعارات الطنانة تأثيرٌ في نفوسهم لأن المواجهة غدت مباشرة مع الحياة وأعبائها من جهة ولأن سيرة القادة الثورجيين الديكتاتوريين المنتفعين أفقدتهم الثقة والهيبة والمصداقية.

وما يلفت الانتباه في تونس وأختها مصر حضور الفتيات والأمهات في الشوارع والساحات تشاركن الشباب بالتظاهر والمطالبة والهتاف ضد الظلم ومن أجل الحرية.. لا بل تثلج الصدور مظاهر الاختلاط في الصفوف والحلقات وفي حمل اللافتات. وإذ تخلّفت عن الحضور المماثل فتيات وأمهات الأخت الليبية فمردُّ ذلك حالة العنف اللامثيل لها من قبل أعداء الشعب وطغاته آل القذافي. ولكن المرأة الليبية المناضلة ظهرت في هتافات ولافتات التاييد والدعم التي ملأت الأجواء العربية عبر مظاهرات التأييد والدعم في شوارع وساحات البلدان التي يرفض أهلها طغاتهم من الحكام الفاسدين.

إذا صحّ نسبياً أن نقول أن هذه الثورات هي ثوراتُ شباب، إذ غلب على عناصرها في الشارع والساحات من هم في سنّ الشباب، فإنه لا ضير في قبول هذا المصطلح بما يحمله من إحساس بالجدّة والانتعاش والنضارة اللازمة لإنجاح النهضة الجماهيرية اجتماعياً وثقافياً واقتصادياً.. على الرغم من أن كلمة "شباب" التي استخدمتها ألسنة بعض المسؤولين من بقايا العهد المنقضي في تونس أو في مصر كانت توحي بأن الانتفاضة غير واعية ولا هي مدركة لمتطلبات إدارة الدولة والمجتمع وربما تكون بالتالي قاصرة عن النهوض السليم مما يستوجب الاحتفاظ برجالات وشخصيات من "خبراء" الحكم المخلوع.

إلا ان استخدام عبارات أخرى لوصف الثوار وانتفاضاتهم جاء مغلوطاً أو قاصداً التقليل من أهمية ما شهدته الشوارع المنتفضة والمنتصرة. فتسميات مثل: "المحتجون" و"المعتصمون" و"المتمردون" و"المعارضة" ليست صحيحة أبداً.. هؤلاء ثوّار بكل ما تحمل الكلمة من معانٍ راقية.. ومن سيسير في شوارع أخرى قريباً ثوارٌ حقيقيون استنهضتهم "تونس وأخواتها" وهم ليسوا كما وصفهم علي عبدالله صالح بالـ"مقلّدين".. هم أخوة تجمعهم قواسم مشتركة أقلّها تطابقُ ظروف العيش تحت حكم طغاةٍ جلادين متماثلين في اغتصاب حقوق الشعوب واستعبادها.

أما ما قيل عن الثورات بأنها "انتفاضات شباب الفيسبوك" ففيه تقليل من شأن معاناة الملايين من السائرين نحو الحرية والعدالة ممن لا علاقة له لا بالفيسبوك ولا بأية تقنية متطورة يوفرها التعليم في ظل حياة كريمة. عشرات ملايين العرب يعيشون في عوز غذائي ودوائي ومسكني وربما يفتقر أغلبهم إلى الكهرباء التي لا بدّ منها للعيش السليم في مستوى أدنى بكثير مما يتطلبه تصفح الإنترنيت والتواصل عبر الفيسبوك.

وإذ نحيّي الاستخدام السليم لوسائل وبرامج التواصل الاجتماعي ونقدر فعاليتها ودورها الإيجابي الكبير في تسريع تناقل الأخبار والأوامر واختصار الزمن إلى درجة كبيرة مقارنة بالحالات العادية، نؤكد أنه في وصف الثورات التي نشهدها انطلاقاً من حالة الاستنفار عبر برامج التواصل الاجتماعي، مسخٌ للثورة المستندة بشكل رئيس إلى أوسع القواعد الشعبية وأكثرها معاناة من الأنظمة القمعية المستبدة. وهذا لا يعني أن عبارتي "ثورة الياسمين" في تونس و"ثورة الغضب" في مصر لم تثلجا قلوب المتطلعين إلى الحرية والعدالة بالطرق السلمية إنما بالإصرار.

وكم هي سخيفةٌ "طلعات" مناصري الحكام في "مسيّراتٍ" مصطنعة، قوامها بضعة آلاف من الموظفين أو الطلبة، نظمتها أجهزة السلطات السائرة على طريق الهاوية وكم هي ضئيلة النفع وزهيدة القيمة في شوارع تحميها أجهزة أمنهم بينما تغلِق الشوارع والساحات، ما أمكنها، أمام احتمالات التظاهر هنا وهناك.. والأشياء تشبه بعضها جوهراً وإن اختلفت في الشكل.. فقيام السلطات بأعمال حفريات مباغتة في شوارع وساحات مدن كبرى أيام الجمعة لا يختلف عن الإفتاء بتحريم التظاهر بحجة تعارضه مع الشريعة الإسلامية.

وكم هو مستغرب ويستحق التنديد أن تقوم سلطاتٌ عربية بدعم نظام القذافي تحت حجج واهية. سيحاسب الشعب الجزائري قيادته إن تبين ان وراء إجراءاتها على الحدود مع ليبيا دعماً لكتائب القذافي.. وسيحاسب التاريخ كل من دفع بعسكريين ومرتزقة لمساعدة الطيران القذافي على قصف البلدات والمساكن وتجمعات الثوار.

من ناحية أخرى، سمعنا جميعاً ما تطلقه أجهزة إعلام الحكومات المخلوعة أو المصطفّة في نسق الخلع القريب على الثوار من عبارات ومفردات تنمّ عن حالة التوتّر التي تعيشها مثل: "المتمردون"، "المعترضون"، "المشاغبون" "العصابات المسلّحة، إلخ.. وأيضاً اتهام علي عبدالله دوائر إسرائيلية وأميركية بالتخطيط من "غرف عمليات" لما يحدث على الساحات العربية.. في حين يوزع القذافي اتهاماته على تنظيم القاعدة وقناة الجزيرة وحكومات عربية وغربية ويصف أبناء شعبه بالفئران والجرذان ومتعاطي حبوب الهلوسة المرسلة من تنظيم القاعدة.. حالات من الإحباط مقنّعة بالخداع والمراوغة والتهديد والتكشير عن الأنياب لم يعد لها أي نفع على الرغم مما يتبجح به هؤلاء من طمس للحقائق التي أصبحت مكشوفة للعالم وهي أن الثوار على قاب قوسين او أدنى من الحرية التامة متحدّين في مسيرتهم الظافرة المجازر وحملات الإبادة والقصف من الجو والتلويح باستخدام ما هو محرّم من الأسلحة.

كيف سيقبل القذافي عودةً إلى حكم مجتمع وصف أبناءه بالفئران والجرذان والعصابات وقد مزقوا صوره وحطموا كل ما علاقة بكتابه الخضر وأعلنوا بقوة وصلابة لا تتزعزع رفضهم القاطع له ولمنهجيته؟!

وبالطبع فإن الشعب الليبي، أو ايّاً من شعوب أخوات تونس لن يرضى باستمرارية الحكام المرفوضين المنبوذين المكروهين مهما حاول هؤلاء البقاء عبر التنازل والمساومة والتوسط للتصالح.

وإذا كان انتصار ثورة الياسمين وثورة الغضب قد لجم أجهزة القمع في شرق ليبيا وغربها فإنه يتطلّب حيال وحشية المتوعدين بسياسة الأرض المحروقة، وقد نفّذها القذافي في مناطق عديدة، يتطلب مناشدة العالم للتدخل دعماً للشعب، ولا ضير في هذا لأن فيه حقناً لدماء الأبرياء ووقفاً لتدمير البلد وبنيته التحتية ومساكن الناس.. لو كنت ليبياً لرفعت صوتي مناشداً العالم بالقيام بأي شكل من أشكال التدخل لحماية الأهالي من شمشون ليبيا..

وما نسمعه من أصواتٍ لأناس صادقين أم خائفين أم مراوغين فيما يخصّ الخوف من التدخّل الأجنبي لا قيمة له، لأن الشعب الليبي يصرخ الآن طالباً تقييد الانفلات القذافي على ممارساته الهمجية الدموية.. وباعتقادنا أن الشعب المنتصر على الطغيان سيكون قادراً على التحكم بعلاقاته الدولية وصون حرية البلد وكرامته.

ربما تكون ليبيا درساً للحكام وللأهالي على حدٍّ سواء فينتفض الأهالي رافعين مطالبهم دون خوف ويستيقظ الحكام مدركين أن الشعوب لن تستمر في الخنوع والرضوخ واضعين خطتهم للانسحاب الهادئ.

سيتنفّس الثوار العرب، أبناء "خالات" بوعزيزي، قريباً وفي معظم الساحات العربية فاضحين أنظمة القمع والاستبداد ومجبرين الطغاة على التنحّي والاستسلام قبل أن تطالهم أمواج الطوفان..والتنحّي أخفُّ وطأةً من الخلع!.




 

free web counter

 

أرشيف المقالات