| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الأربعاء 9/12/ 2009

 

المحاويل جنّة من جنّان العراق

احمد الزبيدي – طشقند
m_assalam@hotmail.com

كم اتمنى ان اعود طفلا واسبح في مجرية المحاويل.. وكم اتمنى ان اكون شاعرا كي اتغنى باهل المحاويل ..وكم اتمنى ان اكون رساما لارسم وجوه نساء المحاويل واطفالها.. لا اعتقد ان في العراق منطقة يوجد فيها التسامح والمحبة وجها لها مثل المحاويل .. عدت لاستنشق هواء وعطر اهالي المحاويل بعد عمر 55 عاما .. حيث اصبحت ابا لاربعة من البنين والبنات بالتساوي وجدا لحفيدين.. وصلت العراق في اشد ايام قيضه وعجاجه في تموز وبصحبتي زوجتي وولدي الصغير هلال دخلنا العراق بعد عناء سفر بر طويل من طهران الى مهران .
اه كم انت عزيزة يالمحاويل ..انا بين نارين طفلي وزوجتي وسفرتهما الاولى وفي مثل هذا القيظ وانا على الحدود انتظر ابن اخي اثير وكما تقول المرحومة – لا دان ولا ودان- سموم لاذع وقاتل , وغبار شعرت كأنه يقصدني وعائلتي ......

زوجتي تنظر اليّ بعينين متسائلتين اين اهلك اين اقاربك - حيث بدا طفلي بالتقيؤ - هل سيموت طفلنا هنا لا طبيب لا مكان للراحة سوى هذا السموم والحر وجندي برشاشه واقف على بعد يرقبنا بعينين حذرتين حائرتين واسلاك شائكة ..توجهت نحوه وبعد السلام طلبت منه ان اتصل لان الطفل حالته صعبه فاستجاب الشاب واعطاني الهاتف اتصلت اكثر من مرة الا ان الهاتف يجيب ان الهاتف المطلوب خارج نطاق الخدمة ...

لم امر بمرحلة حرجة في حياتي مثل تلك الفترة التي طالت وكأنها دهر- الا انها فترة قصيرة – لوضع امني جيد وفي مكان مكيف وبوفيه فيه ماء وعصائر ولكن على الحدود وفي مثل تلك الساعة .. الله واكبر ما لفرحتنا لا تكتمل ؟؟ لكن شغفي للمحاويل واهلي واحبابي واصدقائي جعلني قويا .. زوجتي اصبح وجهها احمر ودموعها على طفلها الذي يئن من التعب وانا حائر لا اعرف ماذا افعل .. وماهي الا فترة ورن الهاتف .. وركض نحوي الجندي وقال حجي التلفون الك - اعتذر ابن اخي وقال بعد خمس دقائق سنكون عندكم لانه مر رتل اميركي وقطعت الخطوط .... الله واكبر كم انت رحيم وعطوف – ماهي الا دقائق واذا بسيارة تقف الى جانبنا وتنتشلنا من الحر .. سيارة فارهة كبيرة مكيفة اسقينا طفلي ماء وغسلنا وجهه وماهي الا لحظات وعادت البسمة على وجهه ووجه امه اصطحب ابن اخي ابنه حميد معه ويا له من ذكاء – اذ قال عمو جبت حميد حتى يكون ونس لهلال – وفعلا تعارف الاطفال وبلغات مختلفه واحد يتكلم الروسي والانجليزي واخر بالعربي , الا ان لغة الاطفال تغلبت وازاحت الحاجز , حينها تنفست الصعداء والتفت الى زوجتى وبنظرة قلت لها الم اقل لك ان هلال عراقي وسيجد لغة يتفاهم بها .. ماهي الاساعات ووصلنا المحاويل وجدنا الاخوات والاخوة في الانتظار والكل يريد استضافتنا . . فعلا انني فخور بانني من مواليد المحاويل , فهذه المدينة مدفون فيها من الائمة والالياء الكثيرين فمرقد هدية بنت الحسن العسكري يتوسط المحاويل ومرقد فطوم في ضواحيها ومرقد علي بن الحسين في اطرافها ومرقد الخضر ومرقد عون وغيرهم من الاولياء الصالحين , هذا من الناحية الدينية , اما من الناحية السياسية فقد قدمت المحاويل شهداء عدة فالشهيد عبدالرضا جاسم المنصور ابو حامد والشهيد خالد حسن شاهر ومن المدن التي اختلط بها الشهداء شيوعيين واسلاميين فاتهم العديد من الشيوعيين بانهم شباب الدعوة والنخبة التي اعدمت من الدعوة والشيوعيين كرياض حميد وصلاح مهدي وحسين علي خلف وفوزي العيفان وحميد مزعل وغيرهم اذ تخونني الذاكرة .. المحاويل من المدن التي امتازت انها من اوائل المدن التي ارسلت ابناءها للدراسة في الخارج وهنا نحن بحاجة الى كتاب كامل لتعداد اسمائهم وكذلك كثرة حملة شهادة الدكتوراه والماجستير , نسبة الامية في المدينة من اقل النسب مقارنة بالمدن الاخرى , ناهيك عن شعرائها المعروفين على مستوى العراق كالدكتور سعيد الزبيدي والشاعر محمد المحاويلي والشاعر ابو قمر والشاعر وليد جاسم وغيرهم العديد .. وصلنا بسلام وامان والحمد لله على كل شيء بدات اولى زيارتنا الى النجف الاشرف بزيارة مرقد الامام علي وكذلك زيارة قبر الوالد والوالدة والاقارب وبعدها بيومين زرنا كربلاء حيث مرقد الامامين الحسين والعباس .. قضينا معظم وقتنا في المحاويل وخلال اسبوع اندمج هلال مع اطفال الحارة والاقارب حتى انه مسك الطبل وجال على البيوت في يوم المحية .. اعمق والذ نوم نمته في المحاويل حتى انني لم احلم واستيقظ نشطا وبمزاج عال ..

زرنا الاصدقاء والاقارب .. حتى ان زوجتي رفضت العودة الى اوزبكستان وقالت اني في المحاويل اشعر باني ولدت هنا وقالت - ان المحاويل فاقت كل تصوراتي , فليتنا نعيش هنا ونقضي اخر ايامنا في المحاويل ..
ولكن كيف لي ان اعيش في المحاويل - وهذه امنيتي- وانا بدون بيت وانا بدون وظيفة , الاهل والاخوة والاقارب من الممكن ان يتحملوننا لفترة والمساعدة لفترة ولكن الى متى يبقى البعير على التل ؟؟؟

عدت الى اوزبكستان ولا زالت حلاوة المحاويل واهلها في خيالي وفي احلامي وسؤال ابني متى نعود الى المحاويل ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟


 

 

free web counter

 

أرشيف المقالات