| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الخميس 9/12/ 2010

 

زمان جديد
إسلام جديد ومعاصر

سلام سرحان  *
salamss@hotmail.com
 
أتابع منذ فترة وبإعجاب نشاطات رجل الدين أحمد القبنجي الذي أجد أن عالمنا الاسلامي بأمس الحاجة الي اجتهاداته كي يدخل الاسلام روح العصر ويخرج من جبال الركام والتخلف التي خلفها الفقهاء المتحجرون علي مدي اربعة عشر قرناً.

يعجني جوهر خطاب القبنجي من أن الله محبة والايمان سلوك يومي أخلاقي بدل أن يكون تجارة رخيصة من الحركات والطقوس التي لا تعير اهتماما للقلب والسلوك اليومي... وأن معظم الدين كان مرتبطا بتلك السنوات الثلاث والعشرين من عمر النبوة وليس صالحا لكل زمان ومكان... بهذا الجوهر يمكننا سحب البساط من تحت الفقهاء دون أن ندخل في صدام مطلق معهم.

قبول الآخر أيضا في جوهر ذلك الخطاب وأن لا وصاية لأحد علي آخر، كي يعم السلام في العالم، بدل أن نبقي مسجونين في تاريخ الفقهاء، الذي هو دماء في دماء في دماء.

أتمني علي القبنجي أن يركز علي ذلك الجوهر وأن لا يوسع خطابه الي تفاصيل واسعة تجعله صيدا سهلا لجيوش الفقهاء المفترسة فيصبح رفضه وتسفيهه سهلا عليهم، وأن يركز علي جوهر خطابه وهو أن مفاهيم الشريعة والعقاب والثواب نسبية وكانت مرتبطة بشروط ذلك العصر وبعضها كان يتغير وينسخ ويلغي بعد سنة أو سنوات من تشريعه استجابة لموقف وحدث جديد.

فحتي خلال السنوات الثلاث والعشرين من عمر النبوة تقادمت أحكام وشعائر كثيرة وتغيرت بالكامل استجابة لما كان يستجد في حياة الناس آنذاك، لكن كل ما تراكم في تلك السنوات أصبح شريعة صماء وقاسية، حتي ما نسخ وألغي منها خلال تلك السنوات.

هذه الدعوة تأتي من حرصي علي أن يمتد تأثير اجتهاداته الي أوسع مدي ممكن بدل ان يسهل تكفيره والسخرية من خطابه التنويري ، الأمر الآخر الذي يمكن أن يحد من أهمية القبنجي أنه يتوجه كثيرا الي الفقهاء ليصطدم بهم بدل التوجه الي عامة الناس وخاصة الشباب.

الدين يمكن أن يدخل في عصر تنوير لو ظهر أتباع لهذا الخطاب وبلمسة أكثر مدينية وبكاريزما عالية لتحرير المسلمين من كتل التشريع الهائلة التي تخنق قدرتنا علي الحياة المعاصرة بقيود لا تنتمي الي حياتنا، وبفروض تناسلت وتكاثرت ولم تعد تسمح للمسلم بأن يكون معاصرا.

أتمني لخطاب التنوير هذا أن يركز علي جوهر أن الايمان هو محبة الله، كي لا تتحول الشريعة الصماء الي التزام أخلاقي أولا وأخيرا... وأن يدعو الناس الي التقرب من الله من خلال الصدق والاخلاص والمحبة واحترام الاخر.

هذه حقيقة خطيرة : أي مسلم يقترب من الفقه والفقهاء يبتعد عن الآخر والحياة الانسانية المعاصرة وكل الفنون والآداب! والعكس صحيح أيضا! أليس في ذلك دلالة ما ؟

نحن بحاجة الي متحدثين لبقين مثل نجوم السينما والغناء كي يصبحوا أعلاما في الحياة المدنية من خلال هذا الخطاب وليكون لهم تأثير أوسع في المجتمع.

أفضل ما في هذا الخطاب الذي يمكن أن يغير حياة المسلمين ويدخلهم روح العصر هو أن الايمان في القلب وأنه سلوك يومي جوهره الصدق والاخلاص أكثر من كونه في تفاصيل الشريعة وتنفيذ الفروض الفيزيائية من صلاة وصيام وحج والاهم من كل ذلك أن الايمان أمر شخصي وأن الله لا يحتاج الي وسطاء وفقهاء... وصولا الي فصل الدين عن السياسة واقامة الدولة المدنية... وهو المفتاح الوحيد لدخولنا الي روح العصر.

الكثير من المسلمين يديرون ظهورهم لله بسبب أولئك الفقهاء، في حين أنهم ما كانوا ليفعلوا ذلك لو كان الله محبة وسلوكاً أخلاقياً رفيعا قبل أي شيء آخر.


* كاتب وإعلامي عراقي
 

 

free web counter

 

أرشيف المقالات