| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

السبت 9/5/ 2009



 صلاح داوده (*)
الراحل الى السماء

شيركو عبد الله

( غني ، غني
الصوت ما يطرب كَلب محزون ،غني
غني ..غني بجلمة الحق
مو حجي الباطل كتلني
) (1)

تتناسل خيوط أشواقك ، على طول خط الحزن ،من طوزخرماتو حتى باب الشيخ ببغداد ،ولاشئ يروي هذا الضمأ المتوارث في روحك ، ما دامت الجيب فارغة ً ،والمدعو ( ممي ) يرفض ُ أن يأخذ بيدك ، كي يرتاح َ الرأس من الهذيان ، تأكل بالمجان ، تنام بالمجان ، تحلق ذقنك بالمجان ، وتغني بالمجان لكل الفقراء ، ولاشئ سوى أن تبصر عن بعد ، تلك السمراء الفارعة الطول ، وكأنك كنت تغني لها وحدها .

( ئه مان ...ئه مان ..آخ
آخ سني سفيورم
به نم سني ستيورم
) (2)

فينساب النهاوند بكل ما في الروح من شوق ، لعينها التي سرقت لون عباءتها ،وإذ تتصاعد أبخرة العرق المغشوش برأسك ، تتنقل من مقام لأخر ، وكأنك تقطف الزهور لها وحدها .
تتناسل خيوط أشواقك ، من باب الشيخ الى كركوك ، وصديق العمر يلازمك صباح مساء ، يعرف لون الجرح الغائر في روحك ، يغني معك ، يعشق معك ، ويسكرُ معك حد التوهان .

(فائق داوده ) (3) يا رحلة هذا العمر الذي تجاوز السبعين عاما ، لماذا تركت صلاح يصعد الى السماء وحده ؟ أما هان عليك هذا الفراق ؟ ، كيف تعود هذا المساء الى بيت الصفيح الذي تسكنان ؟ أم تراك تسهر الليل تغني له ؟ بعد أن تبحث عن الثمالة ، في قناني الخمر المرمية ، في زاوية بيت الصفيح ، مثلما تعودتما أنت وصلاح ، فالدولة عاجزةٌ عن أن تبني لكما بيتا ، يا لبؤس هكذا دولة ، حين تعجز عن بناء بيتا ً، لمن يبعث الفرح في نفوس مواطنيها ، فما دام الوضع كذلك ، أذا بيت الصفيح سيبقى قلعة الشرف ، بين فقراء منطقة الشورجة (4).

تتناسل خيوط الأشواق ، بين الأعراس بمنطقة باب الشيخ ببغداد ، وحفلات الفرح بين الفقراء في شورجة كركوك ، فما زالت أنغام ناي ( خضر بارام ) (5) ، سحابة فرح يرقص لها الجميع ، توارثها صلاح بكل الحب في ( سه وزي كَرميان ) (6).

الليلة نزل صلاح من المسرح ، نظر الى السماء ، تجمعت كل سنوات عمره السبعين ، في أستلال أغانيه ، آآآآآآآآآآآآآآخ ئه مان آآآآآآآآآخ ، ورحل الى السماء .
 

(*) هو الفنان الشعبي وقارئ المقام صلاح محمد خضر مات بعد أن نزل من المسرح ليلة 9 أيار 2009 وكان يقرأ المقام في اللغتين الكوردية والتركية
(1) من قصيدة للشاعر مجيد جاسم الخيون
(2) هي استهلال للغناء في اللغة التركية وتعني أحبك ، وأريدك
(3) هو صديق صلاح منذ الطفولة وقارئ للمقام لم يفترقا أبدا سوى ليلة البارحة
(4) الشورجة هي من المناطق الفقيرة في كركوك ويسكنها الفنان الراحل صلاح
(5) هو خال صلاح ، تعلم صلاح على يديه العزف على الناي وغناء المقام
(6) تعني في اللغة الكوردية عواطف كَريميان أخر (سي دي) له




 

free web counter

 

أرشيف المقالات