| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الأربعاء 8/12/ 2010

 

رحلة البحث في زمن سرابي عن الحرية المؤنثة

هيفين قاقو

حدود الحرية تبدأ في تجاوز القانون، حينما يكون الوضعي منه مختوما بأجهزة القمع و السماوي منحرفا عن جوهره الحقيقي. قمع السماء وفضاء القمع هو السائد في المجتمعات المتخلفة الموصوفة بالثالثة كذبا وبالنامية دجلا. الشاعر في ذاك العالم الهلامي كتب قبل أن يرتحل أو يُرَّحل صوب مدن الغرب قصيدته مستعينا بالأسطورة والرمز كي لا يبوح باسم الحبيبة وأحلام فقراء المدينة، الثوري كان ينزل إلى تحت الأرض ليمارس نضاله اليومي من اجل مجتمع متساوٍ وقال حينها ألف مرة إن المرأة هي البوصلة. وتقوم قارات الفقر الثلاث المتخمة بجوع تم تصنيعه في العالم الرأسمالي بتصدير مفكريها وشعراءها لموانئ الغربة، ويصل الحالمون وبقايا ثوار الثورات المغدورة والمؤجلة دوما إلى مدن وصفها البعض بالكافرة وآخرون بالرأسمالية والقلة وصفوها بالحضارة ونهاية التاريخ. رغم اختلافهم في تسمية موطنهم الجديد فإن أغلبهم يتفقون في طقوسهم اليومية، فلم يعد بعض شعراءنا يبحرون في بحور الشعر لأنهم غرقوا في كأس الخمرة، ونسي بعض بقايا ثوار الصراعات القومية والطبقية لون التراب لذهولهم بلون الجسد الأبيض، كما نسي بعض دعاة الروح هندسة الروح ليقعوا في كمين حضارة الجسد الغربي .

أين هي قصائدهم، خطاباتهم، اقتباساتهم واستشهادهم بالقول على القول؟ ماذا جرى لهم في الغرب؟ كانوا يحلمون بالمساواة بين أطراف المعادلة الإنسانية، فهل كان حلمهم أكذوبة أم إنهم يحملون في جينة تفاعلهم الاجتماعي مورثات الدكتاتور الشرقي الذي تجاوزعمره سبعة آلاف سنة؟ هل نسوا تاريخهم وأحاديثهم في الوطن، هل هم في شوق للدكتاتور الذي لم يهزمهم أم إنها إعادة لتشكيله في ممارساتهم اليومية ليتحولوا إلى ظلال دكتاتور في تعاملهم مع المرأة، وعلى المرأة إما أن تواجه هذا الدكتاتور لكي تعلن أنها إنسانة لها حق الحياة والحياة دون إرادة شكل من أشكال البهيمية أو تقبل بأن تمثل زاوية من زوايا أقانيم حضارة الذكورة فهي والمطبخ وغرفة النوم ثالوث تاريخي لا ينتهي إلا بتاريخ جديد للبشرية.

يتعاملون مع النساء كما كان يفعل هارون الرشيد و يميزون بين الأولاد والبنات وكأنهم في عصر وأد البنات ولا يدركون بأنهم يعيشون في مجتمعات متقدمة لا تعرف التمييز. غالبية رجال الشرق في مدن الغرب لا يملكون القدرة على التكيّف مع المجتمع الجديد فأصبحوا كالموميائات يتفسخون لتعرضهم للهواء النقي. مجتمع يحاول دون جدوى أن يدمجهم في منظومته الاجتماعية والفكرية وفي تلك المنظومة الايجابي والسلبي. أما هم فمازالوا يصرون على التعامل مع النساء كحمالة حطبهم وبقية من بقايا عصر الحريم، بل وينصح بعضهم نساءه قبل أن يخرج لأحد غزواته اليومية في شوارع المدينة بان لا تفتح النيت إلا بعد أن يرافقها وفق الفتوى التي تحرم دخول النساء النيت إلا برفقة محرم .

يتحول بعضهم إلى رجال كرجال الطالبان في قمم جبال قندهار فيصبح الشغل الشاغل لنسائهم خدمة الرجال، ويحن بعضهم لثقافة ختان النساء ووصمهن بناقصات العقل وبوابة الفتنة، في حين يفتح بعضهم الأبواب للأولاد كي يغزو عالم النساء في بلاد الكفار ويسبي الجواري ما طاب لهم بلا حساب وحين تعلق الأمر بالتعامل مع الفتيات، فعليهن الدخول في المدرسة الإسلامية والتحجب بعمر 6 سنوات وعدم الاختلاط بالتلاميذ وان كانوا مسلمين قحاح، عليهن أن لا يفتحن القنوات الفضائية إلا المحددة لهن ولا يلبسن إلا بمقاسات الجدات ولا يسافرن إلا برفقة الإخوة وأبناء العمومة للحماية، عليها أن تنتظر أن ينهي شاب من قوميتها ودينها غزواته ومغامراته من نساء الغرب ويصل لمرحلة الاقتران والزواج وتقول له نعم رضيت بك زوجا رغم تاريخ غزواتك الذي لا ينتهي باحتلال جسدي وروحي، عليها أن تتقبل صفة المتمردة، الجاحدة والمتعجرفة إن رفضت التحوّل إلى جسد معروض للبيع واقصر الطرق للحصول على الجنسية الغربية لأبناء العم أو الخال في الوطن.

ويبقى حديث الغربة (بعض النساء ينتقمن من أزواجهن بالاستفادة من القوانين الغربية التي تمنحهنَّ حقوقا أكثر مما كانت تملك في خرابة الوطن وبعض الرجال يضاعفون من قمعهم لهنَّ خوفا من أن ينطلقن صوب إنسانيتهن بالتحرر الاجتماعي. وبين ثائرة وخاضعة هناك نساء من الشرق في الغرب يرفضن بشدة وقوة أن تجدنّ في الكأس مقياسا للتحرر وفي الحجاب مقياسا للشرف). بين الكأس والحجاب حديث في المقياس وبين الغربة وغربة الوطن يبرز السؤال (هل يبقى الشرق شرقا والغرب غربا ولا يمكن الحديث عن تلاقح الحضارات، رغم وجود فسحة وفضاء للتوازن إن ألغينا فكرة إلغاء الآخر؟).
 

 

free web counter

 

أرشيف المقالات