| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الأربعاء 8/12/ 2010

     

الاستغاثة ( دعوة لفك الحصار عن مدينة أور ألتاريخي )

سعديــه ألعبــود

بدأ المؤرخ يتحدث عن تاريخ مدينة أور وتاريخ الزقورة والملوك الذين تناوبوا على حكمها وحين انتهى من الحديث عنها, بدأ الوافدون يتسلقون سلالم الزقورة وتراءى لهم من على مسافة منهم ,ظهور هالة من الغبار وكأن ذاك الهرج قد احدث حركة في غطاء التربة من على بعد مائتي متر تقريبا من الجهة اليمنى من الزقورة ,اتجهت الأعين إلى صوبها , لربما قادم آخر يريد أن يرحب بهم .

وعندما تجلت الصورة , بانت لهم امرأة في الأربعين من العمر فائقة الجمال يحف بها حفدتها , وكانت صاحبة ذوق رفيع وقد بان ذلك من زينتها . كانت تضع أكليل من أوراق الصفصاف من الذهب الخالص , ترتفع فوقه ثلاث زهور وتزينه بالأشرطة الذهبية . ترتدي فوق ملابسها ثوب قصير مصنوع من السلاسل الذهبية مطعم بالخرز المصنوعة من الذهب والفضة وتزينه أحجار كريمه . تنتظم هذه السلاسل بخيوط لتصل إلى رقبتها بدا بعضها مقطوع ومتدلي والبعض الأخر متصل بطوق حول العنق . ولكن اثار التعب واضحة عليها كمن خرجت لتوها من بين ايدى مغتصبين , وكانت تعدو مسرعة باتجاههم .

وقف الجميع مبهورين من هذا الجمال السومري الرائع , بدت شقوق في جانبي رداءها كما أن احدى القلائد متدلية ومقتطع منها جزء , ويبان أن احد أقراطها منتزع وترك شق في أرنبة الأذن واخذ ينظر كلا منهم بوجه الأخر متسائلا من هذه ؟ هل هي من ضمن الوفد ؟ أن صورتها غير غريبة عنهم فقد سبق وأن شاهدوها ولكن أين يا ترى ..؟؟! وما بالها وما الذي حدث كأنها خارجة من معركة ..!!.

تقدمت إليهم والتعب بادي عليها وكانت تلتقط أنفاسها بصعوبة ...وقالت : بصوت مبحوح لا يكاد يسمع: أراكم ناكرين اسمي أنا (شبعاد) ملكة هذه الأرض ، لقد انتظرتكم طويلا . أحسست بوطئ إقدامكم على الأرض ولم استطع تجاهل حضوركم فلا خيار لدي . لقد جئت استغيث بكم من جور الغاصبين ,أني محاصرة وانتظر نخوتكم لتفكوا قيدي , وتحرروني من الأسر .

لم يع الوافدون ما تقوله ، أي مغتصب وأي أسر هذا الذي تتكلم عنه ؟ , وأي قيد ؟ لا نجد في معصميها غير الأساور الذهبية . الجو صحو وجميل وهم في سفرة , ولا اثر لغاصب ، ثم من يكون هذا الغاصب ؟ وهي قادمة من ذلك الزمن السحيق . الوقت في منتصف النهار وهم بحاجة إلى مكان للراحة وهذا المرفق السياحي خالي من أي مكان للاستراحة . فهم بحاجة إلى الراحة وتناول أي شئ يطفئ عطشهم ثم أن المكان خال من أي مرفق صحي , وبذلك أُفسدت رحلتهم , وتفكيرهم انحصر في راحتهم أو العودة إلى الفندق وهذه تستغيث وتطلب منهم اتخاذ موقف يحتاج تركيز ووقفه واستفسار .

قرأت أفكارهم, وفهمت ما يجول فيها لذا دعتهم إلى بيتها لتناول أي شئ ممكن أن يوفر لهم أجواء الراحة, وكي تعرض قضيتها فيما بعد .

كلفت احد المرافقين لها بأعداد المائدة, وتهيئة الحمام كي يغتسلوا للتهيؤ للغداء . تفاجأ الوافدين بوجود دورة مياه ومجاري صحية وصاح احدهم : أيعقل هذا ؟ تصريف صحي في ذلك الوقت . ابتسمت وقالت نعم , تلك كانت حضارتنا التي تغنى بها الشعراء . وكان ملكنا يجيد الضرب على ثمان آلات موسيقية وكانت لدينا مدارس وقوانين , لقد سبقنا البابليين في سن مسلتنا . وكنا أول من اخترع العجلة وبذلك قدمنا ارقى اختراع ساهم في بداية النهضة, واختصرنا المسافات , وصنعنا العربات , وكل ما تتباهون به الآن من صنعنا حتى البناء الشاهق قد أقمناه وكما ترون . ولكن ما قدمتم انتم ؟ كل ما قدمتموه هو الإهمال والدمار . لقد حاربنا الغزاة , وانتم تتركون الغازي في أقدس أماكنكم ! أو لم يكن هذا مقام نبيكم إبراهيم ؟ أتعلمون بأن هذه المناطق يتوجب فيها خلع نعالكم, وبأمر من ربكم , وانتم تتركون الغازين والمحتلين يسرحون ويمرحون ويعبثون فيها. لقد سرقوا كنوزي, وانتهكوا حرمتي, واقلقوا مضجعي, ناديتكم مرارا ولكنكم صم بكم . وألان خرجت لكم كي أتبين الحقيقة وأعذركم عما سبق وأبصًركم الحقيقة كي لا يكن لكم عذر بعد.

دخلت بهم إلى الغرفة المجاورة كي يتناولوا طعامهم كانت المائدة وأدواتها قد اختيرت ونسقت بذوق عال , وكانت الكؤوس مصنوعة من الزجاج الرقيق ومزينة بتدريجات ذهبيه مرسومه بدقة تنتهي عند القاعدة . وكانت أدوات الطعام من الذهب الخالص توزعت بشكل منظم على المائدة .

لم يقترب إي منهم إلى المائدة فقد كان إحساسهم بالخجل والمهانة , هو من افسد رحلتهم , وسد شهيتهم . نظر بعضهم البعض وأدبروا خارجين , واقسموا أن تؤجل الدعوة إلى ما بعد ان يرد لها شرفها بإخراج المحتل. ويقدموا اعتذارهم لأبي الأنبياء إبراهيم الخليل عن ما حصل في بيته ومرقده وموطن ولادته وذلك بإعادة القدسية إلى هذا المكان .



 

free web counter

 

أرشيف المقالات