| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الخميس  8/7/ 2010

 

لهيب المحاصصة يلتهم دجلة الخالد

خضير الأندلسي

كثيرة هي الاشعار والاقوال التي كتبت بحق دجلة ولكن تبقى قصيدة الجواهري (دجلة الخير) أجمل و اروع ما كُتب وهي تعبر عن احساس راقِ واستثاني حمله عشق شاعر العرب الاكبر اتجاها ,فيبدا بتحية اضحت تقليدا ,كستكان الجاي العراقي يتناوله العراقيين بينما يمرون بجنبه .

حييت سفحك عن بعد فحييني      يا دجلة الخير يا ام البساتين.

ولعل سر هذه القصيدة يكمن في بيتها الاول الذي خاطب فيه الجواهري النهر بصيغة مؤنثة ,كما لو ان مفردة نهر لم تكُ فنعت ,ام البساتين ,يعود الى دجلة وليس الى نهر (كما هو واضح) فهو ,اي الجواهري, انفرد متميزا بوصفه عن كثيرين أمثال الشاعر علي ابراهيم في قصيدته (على دجلة الخالد بكى شاعر) وليس دجلة الخالدة.
اليوم تغيرت اللوحة الجميلة التي حملها نهر دجلة امس , فلم يعد يعشق حبيبته بغداد كما في الماضي فبعد ثورات الحب المترجمة على شكل فيضانات ,وخصوصا في خمسينيات القرن المنصرم ,اخذ منسوبه بالاضمحلال تدريجيا.

بغداد هرمت ودجلة شارف على الرحيل الى مثواه الاخير ,وبينما عشاق الاخيرين يبكون دما ويصرخون الما لما الت اليه نهاية الحبيبين ,تواصل حكومة العراق حملات الكري وتضييق مجاري دجلة المائية في محاولة بائسة لاسكات البغداديين الذين ما عادوا يتحملون ألم المنظر الممزوج بسكوت مخيف لساسة عراقنا الجدد.
كنت اتمنى ان تات تصريحات وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري مماثلة لصيحات وزير الخارجية المصري احمد ابو الغيط الذي اعلن في بيان له شديد اللهجة مخاطبا دول اتفاقية النيل للمياه ( اثيوبيا ,راوندا ,اوغندا ,تنزانيا ,كينيا) في ان مصر لن تتهاون في حقوقها التاريخية في مياه النيل واشار بان القضية هذه هي قضية امن قومي وليس ماء !, جدير بالذكر ان مصر تحصل على 80% من مياه النيل بينما تحصل السودان 11% وبقية الدول 9% فقط!!
واضح ان اغلب الساسة الجدد لا تهمهم مصلحة العراق بقدر مصالحهم الضيقة الحزبية والطائفية والقومية, علاوة على المصالح الوطنية , فحكومة المالكي حظرت اخيرا وجود منظمة مجاهدي خلق الايرانية في العراق بينما كان بالامكان استخدامها ورقة ضغط على ايران للحيلولة دون تدخلها في الشأن العراقي او على الاقل استرجاع الانهر التي غيرت الاخيرة مجاريها في محافظة ديالى (ديالى ,خريسان ,مهروت ,الخالص) و أضحت ارضا قاحلة يبكي المجنون على حالها . كما كنت اود ان يكرر عضو البرلمان السابق عدنان الدليمي زيارته الى انقرة كما فعل في مؤتمر المجلس الاسلامي عام 2006 ليطالب بحقوق العراق المائية وليس لتأجيج الازمة الطائفية ,حيث اتهم حينها شيعة بغداد بقتل سنتها في وقت الذي ما زال مسجد الامام الاعظم ابو حنيفة النعمان يجاور مرقد جده الامام موسى الكاظم وبالوقت الذي ضرب فيه عثمان العبيدي اسمى معاني النبل والشجاعة متحررا من قيود الطائفية التي فرضتها امريكا على الساسة والذين بدورهم يحاولون فرضها على المجتمع الرافض لها بشدة , حين انقذ ابناء شعبه في فاجعة جسر الائمة 2005.
كغيري كنت اتمنى ان يتوجه السيد وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري الى انقرة بصفة رسمية للتباحث الجاد حول قضية المياه مع الاتراك ,وان يحيل القضية الى المنظمات الدولية كالامم المتحدة والاتحاد الاوربي والاتحاد الاسلامي العالمي للتأثير على الاخيرة ,حيث يضمن القانون الدولي لدول المنبع والمصب حصة متساوية من المياه بما يضمن احتياجات كلاهما ,ويمنع دول المنبع بناء سدود دون الاتفاق والتباحث مع دول المصب, وهذا ما لم تفعله تركيا اتجاه العراق, اي ان حقوق العراق المائية مضمونة تحت عباءة القوانين المائية الدولية ولكن ينقصها الحراك الفعلي من قبل وزارتي الخارجية والري العراقيتين.
العراقيون اليوم حريصون على مستقبل الديمقراطية الحديثة بلدهم ويريدون لها الازدهار والتقدم على ارض الواقع الا ان هناك عراقييل صعبة تحول دون تقدمها تقف في واجهتها المحاصصة السياسية الحاكمة تحت غطاء مايسمى (التوافقية السياسية او حكومة شراكة وطنية) وهذه الاخيرة تقضي على النخب السياسية المثقفة وترميهم جنبا بينما تقدم لعديمي الخبرة والكفاءة مناصب على طبق من ذهب لايكون اهلا لها في الغالب, او قد تستغل, اي المناصب, لأغراض ضيقة ,فنهر دجلة قضية تمس كل العراقيين وكنا نود سماع بيان شديد اللهجة من قبل السيد هوشيار زيباري يماثل ذلك البيان الذي صرح به حال قصف الجيش التركي لمعاقل مقاتلي حزب العمال الكردستاني ولكن لم نسمع.............وللاسف.

 

 

free web counter

 

أرشيف المقالات