| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الأربعاء 8/12/ 2010


 

لقد حان الوقت للقضاء على العنف ضد النساء والفتيات

خانم زهدي

ان التمييز ظاهرة اجتماعية تاريخية عالمية وليس خاص بمجتمع معين او بلد معين، وظاهرة العنف ملازمة لظاهرة التمييز، وتعتبر تهديداً لمجمل الحياة الأجتماعية ، كما هو موجه نحو الضمير والعقل الانساني ن نحو المرأة والطفل أاضعف حلقة في المجتمع .

لقد اتسمت عقود القرن الماضي بهذه الظاهرة بوجه عام اذ لم يستثني منها بلد او منطقة او ثقافة وتأخذ اشكالاًمختلفة كالقتل والضرب والتعذيب النفسي ولا يحق للمرأة النطق او الاعتراض، انها ظاهرة يومية موجهة ضد المرأة لكونها انثى . وعلى الرغم من الانتشار الواسع لهذه الظاهرة عالميا وتعاني منها المرأة في كل مكان وان أختلفت أشكالها ، الا انها لم تحظ بالاهتمام الأ مؤخراً ،حيث بدأت الحركات النسائية في العالم تؤكد على أهمية ربط قضايا حقوق الانسان وأعتبار العنف ضد المرأة انتهاكاً صارخاً لحقوقها الأساسية . وكان الأتحاد النسائي الديمقراطي العامي (أندع) قد تبنى هذه القضية واهتم به من خلال تواجده في اللجنة الاجتماعية والاقتصادية للامم المتحدة ، ومن خلال الندوات والابحاث والدراسات ، حيث ظهرت اشكال متعددة من العنف بدرجات متفاوتة ، مما حدى بالاخصائيين الاجتماعيين وعلماء النفس للسعي لأيجاد قوانين وتشريعات تحمي المرأة والطفل من أشكال العنف المتعددة .

وأنطلاقاً من دور المرأة في الحياة العامة في عالمنا المعاصر ونضالاتها من أجل مساواتها ومطالبة المنظمات النسائية بمساواتهاوأحقاق حقوقها ، لم تغفل المواثيق والاعلانات الدولية الخاصة بالمرأة ضرورة مساواتها بالرجل ، ففي ميثاق الأمم المتحدة ورد في ديباجته ،شعوب الأمم المتحدة آلت على نفسها ان تؤكد من جديد ( أيمانأ بالحقوق الأساسية للأنسان وبكرامة الفرد وقدرته وبما للرجال والنساء من حقوق متساوية ) .

أما الاعلان العالمي لحقوق الانسان فقد نص صراحة على المبدأ الاساسي في المساواة بين الجنسين وهو ( جميع الناس يولدون احراراً متساوون في الكرامة والحقوق ) ، كما جاء في المادة الثانية (لكل أنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات المذكورة في هذا الأعلان دونما تمييز من اي نوع ) ، ولهذا فان المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات تقررها الموائيق الدولية الخاصة منها العهدان الدوليان الخاصان بحقوق الانسان ، كما لايجوز مطلقاً ان يكون الاختلاف في الجنس سبباً في تباين الحماية القانونية او أختلاف أو انقاص الحقوق ، كما ليس من المقبول مطلقاً حرمان المرأة من التعليم والعمل مثلاً بسبب الجنس واتاحة كل الفرص للذكور بحجة ان الذكر اقوى وهي مخالفة للالتزامات الدولية والقيم الانسانية والتشريعات الاخرى .

فمنذ 7 / تشرين الثاني لعام 1967 اصدرت الجمعية العامة قرارها المرقم 2263 في اعلان القضاء على التمييز ضد المرأة وهو بيان دولي للقضاء على سياسة التمييز بين الجنسين .وعلى صعيد المؤتمرات الدولية التي عقدت من اجل قضايا المرأة ، الحقوق والتمييز والعنف فهي عديدة ونذكر هنا اهمها :
1 مؤتمرالمكسيك لعام 1975 حيث اعتبرت سنة 1975 عاماً دولياً للمرأة يهدف الى تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة في السلم والتنمية سواء في الاسرة أو المجتمع ، في التعليم وفرصه وفي العمل والاجور وفي احترام جميع الحقوق الانسانية لها . واعتبار الفترة من 1975 – 1985 عقد المرأة .
2- مؤتمر كوبنهاكن عقد عام 1980 وتحت شعار ( التنمية والسلم ) وكان التركيز على المساواة في العمل والرعاية الصحية واشراك المرأة بصورة متساوية في الحقوق .
3- مؤتمر نيروبي وعقد عام 1985 لمتابعة مسيرة تطور وضع المرأة وحقوقها في العالم وذلك برعاية الجمعية العامة للامم المتحدة ، لوضع خطة للنهوض بواقع المرأة في العالم حتى عام 2000 من خلال خطة استراتيجية للقضاء على كل اشكال التمييز وتفعيل دور المرأة في المجتمع .
4- مؤتمر بكين وعقد في ايلول عام 1995 ، وهو اهم واوسع مؤتمر عالمي في هذا المجال ، لتفعيل دور المرأة في العالم ولتحقبق المساواة ونبذ التمييز ضد المرأة والتأكيد على مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة طبقاً للأعلان العالمي لحقوق الأنسان ، والجدير بالذكر أن اتفاقية ( سيداو ) قد نصت على تعريف التمييز ضد المرأة كما أكدت على ضرورة القضاء على الادوار النمطية للجنسين ونبذ مفهوم التفوق لدى الجنس الأخر ، كما طالبت الأتفاقية الدول بمكافحة أشكال الأتجار بالنساء وأستغلا لهن في الدعارة ، وأكدت على الحق في التمتع في المساواة الكاملة في الحياة السياسية والعامة الى جانب حق النساء واطفالهن بالجنسية . وأ قر المؤتمر منهاج العمل الدولي واعلان بكين ، الذي نصت الفقرة 29 منه على ضرورة رفع جميع اشكال العنف ضد المرأة واتخاذ اجراءات متكاملة لمنع العنف ضد المرأة ، والقضاء عليه ودراسة اسباب ونتائج هذا العنف وفعالية التدابير الوقائية في هذا الصدد ، والقضاء على الأتجار بالمرأة ومساعدة ضحايا العنف الناجم من البغاء وعمليات الاتجار . وأكدت الاتفاقية على تشكيل لجنة للقضاء على التمييز ضد المرأة تتألف من 18 خبيراً وتضاف اليها اعداد اخرى لتكون 23 خبيراً ، بهدف تنفيذ بنودها ومراقبة تطبيق هذه البنود من قبل الدول ومدى التزامها القانوني بها .وبعد خمسة سنوات من المؤتمر الرابع مؤتمر بكين 1995 عقد اجتماع الدورة الاستثنائية للجمعية العمومية ( بكين +5 ) المساواة والتنمية والسلام في عام 2000 ، ومن ثم مؤتمر القمة للتنمية الاجتماعية الذي نظمته الامم المتحدة في حزيران 2000 في جنيف ، وذلك لرصد مسار العملية الشاملة ورأت المنظمات المشاركة ان الفترة مابين 1995وحتى 2000 في جنيف لم تكن هناك تطورات هامة وملحوظة على صعيد التنمية الاجتماعية ، وأشارت الى تزايد معدلات الفقر والبطالة ولا تزال النساء محرومات من الحقوق الاقتصادية والسياسية الاساسية ، فبالرغم من عقد هذه المؤتمرات واعلاناتها وقراراتها والقواعد القانونية والانسانية الدولية والتي يفترض احترامها والالتزام بنصوصها طواعية ومحاسبة المخالفين لها ، الا انه وللأسف الشديد ما تزال هناك انتهاكات صارخة ضد حقوق المرأة في عديد من دول العالم ، تتمثل في تجارة النساء لغرض اعمال الدعارة وقتل النساء وبيعهن ولاغراض مختلفة ،وانتكات خطيرة اخرى تتمثل في التمييز بين الجنسين في التعليم وفرص العمل والسفر والاسرة والحقوق الاخرى .كما أن البعض من هذه الدول تقوم بتأويل وتفسير الاسلام بما يخدم الافكار المتخلفة ، أي خلط الدين بالموروثات القديمة من العادات والثقافات التي تحرم المرأة من التمتع وممارسة كل الحقوق الانسانية ، مما يدل على خطورة هذه الانتهاكات في العديد من دول العالم .


ففي العراق ، في وطننا العزيز وفي ظل الدكتاتورية يمكن القول انه كان هناك مخالفات خطيرة ليست فقط للقرارات واللوائح الدولية بل وحتى مخالفات دستورية وقانونية معمول بها في العراق نفسه ،حيث تفاوت الحماية القانونية بين الجنسين في التشريعات القانونية ، وهناك هدر فاضح لحقوق المرأة عموماً كمنع المرأة من السفر الا مع محرم او هدر في قانون الأحوال الشخصية بعد تعديله ، وفي قانون العقوبات العراقي رقم 111 لعام 1969 وتعذيب النساء وأساءة معاملتهن ، وفي قانون العمل وقانون الوظيبفة العامة ..والخ ، كل هذه المخالفات دستورية وقانونية ودولية ، بالرغم من ان تلك الدساتير والقوانين لم تأت متكاملة وخالية من الثغرات وخاصة فيما يخص حقوق المرأة ، حيث تضمنت نصوصاً أهدرت فيها هذه الحقوق ولم تجعلها متساوية بل عدلت وبذلك اصبحت اكثر أهداراً وخطورة مما كان عليه ، فهناك نماذج فاضحة لانتهاكات الحقوق والعنف الممارس وحسب تقرير منظمة العفو الدولية قسم شؤون الشرق الاوسط 14 /8 /2001 حول النساء في المنطقة الخاضعة للسلطة المركزية حول الاعدامات خارج نطاق القضاء ،حيث تعرضت الدكتورة سعاد جهاد للاعتقال والتعذيب القاسي في عيادتها لمجرد الشبهة ، وفي الشهر العاشر من عام 2000 قطعت رؤوس عشرات النساء بتهمة الدعارة وبحضور ممثلي حزب البعث والاتحاد العام لنساء العراق بالسيف امام المنازل ولاسباب سياسية ،كما ذبحت دكتورة نجاة محمد حيدر بحجة الدعارة غير انها كانت قد انتقدت الفساد في وزارة الصحة ، والامثلة كثيرة لا يوسع المجا ل لذكرها ، بالاضافة الى عشرات حالات الاعدام للمناضلات ودفنهن في القبور الجماعية ، وكذلك ما تعرضت له نساء من الشعب الكردي في الانفال والتهجير والكيمياوي والتعذيب والاغتصاب والتعليق من الثدي والتصفية الجسدية والقبور الجماعية وغيرها هذا ابان حكم الدكتاتور ... اما الان فليس بأحسن حال منها مع اختلاف الظروف والمبررات والدوافع فالعنف يمارس في عموم العراق .

بعد سقوط النظام الدكتاتوري تغير الوضع واصبح الشعب يحلم بعراق جديد تعمه الديمقراطية والتقدم بعد معاناة من صنوف الويلات خلال العقود السابقة ، ولكن الاحتلال وبقايا فلول النظام البائد والقوى الظلامية، بدأت عملياتها الارهابية لتحطيم وتدمير البلد وكل ماله علاقة بالانسانية والحضارة ، وأضاف الصراع الطائفي والمذهبي والعنصري مأساة جديدة لشعبنا ،وانتعشت خلال هذه الصراع الافكار والتقاليد القديمة، وقد نالت المرأة قسطها من الارهاب والصراعات، وتعرضت للعنف بمختلف اشكاله والى النهج المتخلف للقوى الظلامية ، التي تريد منها ان تبقى قابعة في زاوية التخلف والجهل ، وابعادها عن المساهمة في اعادة بناء العراق وتهميش دورها في عملية البناء كما حصل ، حيث همش دورها في مراحل اعداد الدستور واقراره ، وجاء متجاهلاً الحقوق الاساسية للمرأة فالمادة 41 من الدستور عودة الى الوراء بتأثير القيادات والتيارات الدينية المتشددة ، فبالرغم من نيل المرأة العراقية على كثير من حقوقهن واحتلت اماكن حساسة في السلطة والبرلمان ، ولكنها لا تزال الغالبية من النساء تعيش في واقع مؤلم مع بقية ابناء شعبها ، في مواجهة الارهاب والمفخخات وانعدام الطاقة والماء الصحي والخدمات الاجتماعية ، بالاضافة الى العنف الموجه ضدها بمختلف الاساليب كما حصل عند قتل 50 أمرأة في البصرة وضواحيها وغيرها من اشكال التعذيب الكثيرة والمتعددة التي لا يبلغ عنها ولا تتوفر احصائية لها .

أن استمرار قتل النساء في البصرة وبغداد وكركوك وديالى وغيرها ،عدا المطاردة وفرض الحجاب وفصل الاناث عن الذكور في الدراسة والتحرش بغير المحجبات ، كلها نتاج الافكار المتخلفة في الدعوة الى محاربة المرأة التي ضمن لها في البداية فسحة صغيرة من الحرية .

اما في كردستان ، فشاركت المرأة الكردستانية في البرلمان وفي حكومة الاقليم وفي المؤسسات الحكومية ، وحققت نجاحات كبيرة رغم كل المصاعب ، حيث صدرت قوانين لصالحها ومنها قانون رقم 59 و62 ، واحتلت كثير من النساء مواقع حساسة في السلطة كوزيرات وبرلمانيات وفي القضاء والمحاكم والاعلام وفي كافة المجالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية . كما جرى تعديل لقانون الاحوال الشخصية 188لعام 1959 وكل هذه التغيرات الايجابية هناك ، ماتزال تحكمها المعوقات والتحديات الكبيرة امامها ، حيث مايزال العنف ضد المرأة يأخذ حيزاً في حياتها ، بسبب انتشار مفاهيم معينة ضد المرأة وحقوقها وتحت ستار الدين والتقاليد والموروثات ، فأبيح قتلها حيث شهدت الساحة الكردستانية مئات النساء تعرضن للقتل او الحرق او الخنق او التعذيب ، واتساع ظاهرة ختان الفتيات بشكل علني او شبه علني ، ويستمر هذا العنف بمختلف الاشكال بالرغم من تراجعه في الفترة الاخيرة . حيث جرت حملة للتوعية ضد العنف لمدة 16 يوم مؤخراً ، وجرت أجراءات و تغيرات في البنية التشريعية اذ تم تغير بنود القانون من المخفف الى الجريمة عمداً وتأسس مجلس المرأة لغرض متابعة الانتهاكات .

هكذا نرى ان العنف ضد المرأة بمختلف اشكاله حجرة عثرة امام التقدم والبناء الاجتماعي السليم ، فمجابهته يجب عدم حصرها في معالحة الحالات الفردية او الاسرية ، بل تستدعي روئيته من منظور اجتماعي انساني ، وكشف العوامل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والقانونية والكامنة خلفه .. ومن هذا المنطلق صدرت اتفاقية (سيداو) ، واصبح من الضروري متابعة قرارات المؤتمرات الاربعة ، ومدى تنفيذها لمعرفة تطور قضية المرأة ، ومن اجل ذلك حدد منذ عام 1991 الفترة من 25 /11 ولغاية 10 /12 من كل عام يوم عالمي للقضاء على العنف . والقى رئيس الامم المتحدة بان كي مون كلمة بالمناسبة وقال ( لقد حان الوقت للقضاء على العنف ضد النساء والفتيات اذ تشارك الدول الأعضاء بدورها في هذا المسعى ) نعم لقد حان الوقت لعقد مؤتمر عالمي برعاية المنظمة العالمية لمتابعة مسيرة وتطور وضع المرأة وحقوقها في العالم .

ان استمرار العنف ضد النساء في العراق كله وتفاقمه سواء في الجنوب والوسط او في كردستان ، تستدعي ضغوطات مناسبة مع خطورة الحالة ، وعلى الدولة بسلطاتها التشريعية والتنفيذية والقضائية وبتدخل المنظمة الدولية بشكل سريع لمعالجة هذه الظاهرة المدمرة . اما المنظمات النسائية و منظمات المجتمع المدني ، فعليها توحيد خطابها والقيام بالفعاليات المشتركة ، لممارسة الضغط من اجل سن قانون يمنع هذه الظاهرة منعاً باتأ ،واصدار قرارات تحمي القانون من الانتهاكات وسوء التطبيق ، وعلى المنظمات ايضاً القيام بفعاليات فاعلة للضغط على النائبات في البرلمان للقيام بواجبهن في الوقوف امام هذه التحديات التي تواجه نصف المجتمع ، وكذلك القيام بحملات توعية حول العنف ومخاطره ونتائجه السلبية التي تعم المجتمع بأكمله .


الهوامش
المدخل لدراسة حقوق المرأة /هادي محمود
انتهاكات حقوق المرأة في العراق /الدكتور منذر الفضل – جريدة الاتحاد 8/2/2002

 

8/12/2010
 

 

 

free web counter

 

أرشيف المقالات