| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الأربعاء 8/12/ 2010

 

كفرنا بالديكتاتورية بطبعاتها المتعددة  وسنكفر  بكم ان واصلتم نهجكم  !

مكي محمد مكي

اثارت خطوات مجلس محافظة بغداد بالتضييق على الحريات العامة والتجاوز على حقوق المواطنين المستندة  على قرارات مجلس قيادة الثورة المقبور ، لتذكرنا بالحملات الطلفاحية سيئة الصيت ، فخطوات مجلس محافظة بغداد هذه جاءت لتكمل ماجرى ويجري في العديد من المحافظات بالهجوم على الحريات الشخصية والعامة والتضييق على حياة الناس وحقوقهم ، ولتؤشر الى انها خطوات باتجاه فرض نمط نظام ديني يتشرف بلجوئه الى تراث صدام حسين ونظامه من قرارات وقوانين وممارسات قمعية .

  ورغم اختلاف منطلقات الطلفاحيين والصداميين مع منطلقات مقلديهم الجدد الذين يتواجدون في بعض  مجالس المحافظات وبالتعاون مع قوى اجتماعية  ظلامية تحارب اي فسحة للفرح والابداع والثقافة ، وباتت تتدخل بالملبس والمشرب والحلاقة والتجميل  والموسيقى والابداع ومراكز اللهو والترفيه  وفي كل صغيرة وكبيرة ، نقول  رغم اختلاف المنطلقات بين الممارسات الطلفاحية والشبيهة بها اليوم فانها تستند الى ذات الاسس المنهجية المعادية للحريات والديمقراطية  والتعددية .  

ان السلطات القمعية تستند - مهما اختلفت مشاربها وتنوعت - الى ذات الاسس والممارسات من ناحية الجوهر وان اختلفت في الشكل ،  فكل سلطات القهر والقمع  بكل نسخها المتعددة وطبعاتها قومية كانت او دينية او طائفية اومذهبية او اشتراكية قومية  انما  تستند الى ذات الخزين من المبررات والادعاءات رغم اختلاف الوانها وطبيعة ايديولوجيتها ، انها سلطات لاتتحدث ولا تمارس فعلها من زاوية خدمة الناس وضمان  حقوقهم  وحرياتهم واحترام عقولهم  واختياراتهم ، وانما تتحرك وتتعامل  منطلقة من روحية الوصاية على العقل والارادة والخيار الفردي والانساني ، تارة بأسم قيم القومية و العرق والامة  ، وتارة بأسم الدين  وبأسم الله اوبأسم الطائفة او بأسم الاخلاق والقيم والامجاد ،  لتمارس جورها وظلمها  من خلال العنف والقسر والعسف المقونن الذي  يستند على مرتكزات اساسية تتميز بها سلطات وانظمة الاستبداد او من هي في دور النشوء والتكون ( المبتدئة  بالتخاصم مع الديمقراطية والحريات  والتضييق  عليها )  فهي تتشابه في كونها :

  تستند اولاً على  كرهها للتنوع  والتعدد مهما كان ( قومياً ام دينياً ام طائفياً ام سياسياً ام فكرياً )  فعلى الجميع ان يذوبوا في مشروع  ايديولوجي اوعرقي او ديني او طائفي  واحد لاغير ، ومن يخرج عنه وعن الخنوع له  فهو خارج عن ثوابت الامة والدين والسلف الصالح والاخلاق والفضيلة ونهج القائد الضرورة وسلطته .

 وتستند ثانياً على كرهها للثقافة والابداع والتنور والتحضر مالم تكن في خدمة السلطة وجهازها وتكوينها الايديولوجي حصراً، وتفرض نموذجها الاوحد وتحارب وتقمع من هم من غيرذلك  .

 وتستند ثالثاً على ان تعاملها مع الناس ومع الشعب باعتباره قطيع ليس الا و لابد من تهجينه وتدجينه ، وتجويعه وتخويفه ، ليتم تحريكه وتوجيهه كما تتطلب مصالح السلطة والمتحكمين بها ويتحقق النموذج الذي تريده .

 وتستند رابعاً على تضليل وتحريف وعي الناس وابعاد اهتمامهم عن واقع الحال وحقيقة المشكلات والازمات ، من خلال الهروب من الازمات والمشاكل الحقيقية بافتعال واشعال معارك وحروب وهمية يتلهى بها الناس وتتوجه انظارهم بعيداً عن احوالهم وممارسات السلطة وفسادها الى قضايا وامور مفتعلة وثانوية  .

ولسنا بحاجة لنضرب امثلة عديدة على ذلك ، فذاكرة شعبنا والعالم حافلة بانظمة وسلطات قمعية ودكتاتورية ،  ذهبت غير مأسوف عليها الى مزبلة التأريخ ، وستتبعها انظمة وسلطات  اخرى في طريقها الى نفس النهاية المحتومة ، ولكن ما يهمنا هنا التذكير - ان نفعت الذكرى - للمقارنة والتحذير واخذ العبر لكي لانسمح بتكرار انتاج انظمة وسلطات قمعية تدعي الديمقراطية واحترامها للتعددية والحريات  شكلاً ولفظاً من دون المحتوى والواقع والممارسة  .

 وللأسف الشديد فأن في واقعنا العراقي  اليوم  مايذكرنا بالممارسات الطلفاحية التي سبقت ومهدت للصدامية كسلطة ونظام وممارسات ، فكلنا نتذكر حملات طلفاح خال الدكتاتور صدام حسين    ( محافظ بغداد وقتها !! ) تلك الحملات الاخلاقية جداً ؟! تحت يافطة الدفاع عن الاخلاق والقيم والاداب العامة !! والتي ابتدأ بممارستها في ازقة بغداد وشوارعها ومدارسها ومحلاتها العامة ، نتذكرنحن البغداديون والعراقيون  بتندر واحتقار كيف وضع نفسه قيماً ومحددأ للاخلاق والاداب والقيم الدينية والدنيوية ، ونعتقد ان هذا النموذج غير المشرف وهذه العقلية والسلوك في الادارة والحكم  قد مهد لسلطة ونظام الحزب الواحد واللون الواحد  القمعي والتعسفي واللااخلاقي  ، والذي اتخمنا  كلاماً عن القيم والاخلاق القومية والبعثية اولاً ثم الدينية والايمانية لاحقاً ، واصدر قوانين وقرارات  لحملته الايمانية لتكمل سلسلة الحروب الداخلية والخارجية والتردي الكامل بمستوى حياة شعبنا ووطننا وتفشي الفساد والجريمة  والقمع والارهاب ولكن  تحت شعارات الاخلاق وراية الله اكبر ، وتحت شعارات القيم والكرامة والتقاليد والامة والقومية والدين الاسلامي والتاريخ المجيد !!

ان على من عارض صدام حسين ونظامه الملعون ابداً ، عدم تكرار ممارسات تذكرنا بالعهد المباد القمعي والمعادي للحرية والديمقراطية ، يتغنى بالديمقراطية والتنوع والثقافة والابداع  لفظاً ويقوم بالهجوم المنظم عليها لانهائها لمصلحة هدف ونموذج ايديولوجي او عقائدي او ديني او طائفي ، بتوسيع قائمة الممنوعات والمحرمات ويحد من الحريات والمكتسبات الديمقراطية  ويفرغها من محتواها بمبررات ديماغوجية متنوعة .  

ان حب الشعب واحترامه يقتضي عدم  ارتكاب االاخطاء والممارسات المعادية لمصالحه وحقوقه ومكوناته ومستقبل العيش المشترك الحر والمتكافيء،وعدم  تكرار اواعادة انتاج ممارسات القمع والتعسف والتضييق،باستخدام منظومة قرارات وقوانين قرقوشية جائرة بائدة ، فالتاريخ لن يرحم هواة التعسف والحالمين بنموذج حكم طالبان بنسخته السنية او الشيعية ، حتى وان بدا لهم الآن مابدا لطلفاح وصدام حسين وملا عمر وقتها في ابدية سلطتهم ورسوخ نظامهم الجائر ، فالحياة لاتستقيم مع قيم التضييق والتعسف والتهميش والاذلال ، والديمقراطية  لاتستقيم مع سياسة ونظام اللون الواحد والفكر والواحد والدين الواحد والطائفة الواحدة  .

اما آن الاوان ليحيا شعبنا من دون دوامة القهر والاستلاب وقوائم الممنوعات والمحرمات التي تمس ابسط الحريات والحقوق الشخصية والاجتماعية  ،  فقد كفرنا بالدكتاتورية  بطبعاتها المتعددة ، وكفرنا بالقهر والتضييق على الحريات الفردية والاجتماعية والاستهانة بالعقل والثقافة والتنوع ، وكفرنا باستخدام السلطة للتقليل من ادمية الناس والتعامل معهم باعتبارهم  ناقصي عقل واخلاق ، وكفرنا باختزال الديمقراطية باعتبارها عدد وليس تعدد وتنوع ، وسنكفر بكم ان واصلتم نهجكم القندهاري بنسخته الشيعية التي تحاولون طبعها في العراق !  

 

free web counter

 

أرشيف المقالات