| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الجمعة 8/2/ 2013

 

شكري بلعيد ... وداعا

رحمن خضير عباس

كانت الرصاصات التي مزقت جسد شكري بلعيد غير طائشة . كانت متقنة ومعدة سلفا لأخماد الوعي , ولأسكات من رفضوا المساومة على حقوق المواطنة , والتي ترجمها الشهيد في عنفوان مواقفه وهو يقارع من ارادوا سرقة الثورة .. رصاصات متربصة غادرة كانت تنتظر الفقيد امام بيته , وهو اعزل , غير متسلح الآ بمواقفه الأنسانية . قبل موته المروع بوقت قصير , كان يتحدث عن الأغتيال السياسي , وكان يحذر منه . وربما هويعلم علم اليقين انه مستهدف . وانه سيكون الضحية القادمة .

كان المناضل شكري بلعيد يدرك ان الشعب التونسي الذي فجر اكبر ثورة سلمية عصفت بالطغاة , ابتداءا من زين العابدين الى مبارك والقذافي وصالح . تلك الثورة الياسمينية التي تجذرت عبر آلاف السنين من خلال القيم التونسية , التي عرفت اول ديمقراطية في قرطاج كما عرفت اول تنظيم نقابي . لقد كان يتكلم عن الثورة التي انتجهتها الأيادي المقهورة والمتعبة . ولكن التي حصدتها هي القوى التي ركبت قطار الثورة واستأثرت به .

لقد تصدى لهم وسماهم باسماءهم . كما انه تجرأ ليظهر لهم جهلهم بمباديء وقيم الديمقراطية . واظهر ارتباطاتهم بدول النفط التي ترعى الأرهاب وتغذي الجهل . لم يكن خائفا من حزب النهضة الحاكم , لذالك بدا بتسليط الأضواء على مشروع هذا الحزب الذي اراد أنْ يجرد الشعب التونسي من انجازات تحققت عبر عشرات السنين . لذالك كان كلامه ينصب على تواطيء الحكومة مع اجندة معروفة اصبحت تغزو المنطقة , وتكون بديلا لأنظمة القمع التي سقطت .

شكري بلعيد , هذا الأنسان المناضل , الذي قضى حياته في سبيل مباديء الحرية وحقوق الأنسان . اصبح حجر عثرة لمسيرة الظلام والجهل والأرهاب , لذالك ارادوا ان يتخلصوا منه , بأساليب التصفية الجسدية , معتقدين ان موته سيكون انتصارا لهم . ولكن ردود الفعل في تونس اثبتت رفض تونس برجالها ونساءها لهذه الأساليب الهمجية . ولكن الذي قتل بلعيد الجسد , لن يستطيع ان يقتل افكاره . فهناك الآلاف من التونسيين من يستمر في رفع راية الحرية والعدالة الأجتماعية وحقوق الأنسان , منتهجا ذات الطريق الذي انتهجه الراحل شكري.

لقد كانت صورة زوجته وهي تتطاول على الألم وترفع شعار الأنتصار , ارادت من خلال ذالك ان تقول لأعداء الأنسانية ( إنكم الخاسرون ) لقد مرغت انوف القتلة و عرّت وحشيتهم. كما ارادت ان تقول لهم : إنّ تونس ستنتصر لا
محالة , وان دماء الشهيد شكري بلعيد ستطاردهم الى الأبد .

 

 

 

free web counter

 

أرشيف المقالات