| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

السبت 7/4/ 2012                                                                                                   

 

الشهيدة ام لينا (رسميه جبرالوزني)

 لينا النهر

قبل حوالي الاربع سنوات طلبت من ابي ان يكتب موضوع عن امي ، يوصفها لمن لا يعرفها وكذكرى لمن عرفها ولاحفادها.وليس هناك احد في هذه الدنيا اعرف منه بوالدتي - أم لينا.    

طلبت منه وصفها كما كانت. مناضله فدت العراق والحزب الشيوعي بحياتها وأمومتها وكل ما تملك.

ورحب ابي بالطلب وكتب الموضوع وسلمني اياه حينها.. ولكن طبع المسودة اخذ من الوقت ما اخذ .. فموضوع للاخرين على الورق هو وشم السنين على الوريد.. وشم مرسوم بالدم والدمع والقهر. عجباً كيف يسترد الانسان حياته بعد تدميرها..عجباً كم طعنة  خنجر مسموم وجرح نزف استحملناه .. عجباً اذا كانت مجرد طباعة مسودة بمكانها ان تقلب يومك رأساً على عقب وتيقظ وحش الذكريات النائم .. ويطلب منك ان تعيش الحياة الطبيعية.. كيف؟ ولكن نرجع ونقول لما لا ؟ بحبنا للعراق وتاريخنا الشريف مرفوعين الرأس نقف. لم نخذله يوماً. ولن نخذله ابداً.                                                                                                   

الشهيدة ام لينا (رسميه جبرالوزني)                      

من الكوادر المتقدمه في الحزب الشيوعي العراقي وعنصر قيادي في الحركه النسويه العراقيه من خلال عملها في قيادة رابطة المرأة العراقيه.
من عائله عراقيه كادحه, ولدت عام 1949. تخرجت من دار المعلمات وعملت في مجال التعليم الابتدائي. مديرة مدرسه ابتدائيه من صفين في ريف كربلاء, بنيت من القصب وبدون اي مرافق ملحقه بها. ومن خلال هذا الواقع ومعايشتها لواقع الطالبات وعوائلهن في الريف بدأ نشاطها الجماهيري ليقودها ذلك ومن خلال علاقتها ببعض العناصر والعوائل الشيوعيه الى الحزب الشيوعي العراقي, فأنتظمت في الحزب عام 1972 وقد عرفت بعد ذلك بمبادئها وجهاديتها في مختلف الظروف. حيث قادت منظمة الحزب النسائية في المحافظة وكانت عضو في اللجنة المحلية للحزب التي كانت تقود العمل الحزبي في المحافظه. وقد تميزت الشهيدة بعملها الديمقراطي والجماهيري وعملت على اعادة تشكيل فرع رابطة المرأة العراقيه في محافظة كربلاء في المدينه والريف. وكانت ترفد الصحف بتقارير عكست واقع ومعاناة ومطالب النسوة في الاماكن التي عملت فيها. مما اهلها ان تصبح في الهيئه العليا التي كانت تقود رابطة المرأة في عموم العراق. 

تزوجت عام 1974 من رفيقها محمد النهر وكان يعمل حينها في المنظمة الحزبية. وفي عام 1975 رزقا بابنتهم الوحيده لينا والتي شكلت قصة حياتها نموذجاً لمآسي ومعاناة اطفال وعوائل المناضلين الشيوعيين والوطنيين. ونتيجه لنشاط ام لينا المتواصل والدؤوب بدأت اجهزة البعث المختلفه حملة التضيق عليها خاصه بعد ان ساهمت في المؤتمر الوطني الثالث للحزب الشيوعي العراقي عام 1976. وفي المدرسه وبتحريض من مكتب المعلمين التابع لحزب البعث طلبت مديرة المدرسه ان تلقي ام لينا كلمة الاسبوع (والتي خصصت لمدح انقلاب شباط الاسود) غير انها رفضت ذلك واحيلت الى لجنه تحقيقيه عوقبت على اثرها ونقلت الى التعليم بمدينة الرمادي. وبعد مدة قصيرة تركت التعليم وتفرغت للعمل الحزبي في محافظة كربلاء. 

وفي عام  1977 ارسلها الحزب وزوجها للدراسه في (معهد العلوم الاجتماعيه) في موسكو لمدة سنتين, حيث تركوأ ابنتهم لينا عند اجدادها في كربلاء. وعندما تفاقمت مضايقات ومطاردات البعث الحاكم للشيوعيين والديمقراطيين وتحوّل الى هجوم عام على كل ما هو تقدمي  في البلاد, لم يتمكنا من الرجوع الى العراق. فبقيا في سوريا, وهناك ساهمت الرفيقة ام لينا في اعادة تشكيل المنظمه الحزبية وتأسيس فرع رابطة المرأة العراقيه في سوريا وساهمت في اعمال مؤتمر الرابطة الرابع الذي عقد في بيروت والذي جدد انتخابها للهيئة القيادية للرابطة , وفي تلك الفتره كان التوجه العام للحزب ومناضليه هو التوجه الى كردستان وحمل السلاح ضد النظام الصدامي الفاشي. ولهذا انخرطت ام لينا في دورة للتدريب على مختلف الاسلحة وتعلم فنون حرب الانصار, وبعدها توجهت الى كردستان مع زوجها واثنتان من اخواتها في منتصف عام 1981, وبرغم ظروف حرب الانصار الصعبه وامكانيات النظام الفاشي وامكانيات الحزب الشحيحة في البداية الا ان ام لينا استطاعت تحمل كل ذلك وقطعت اراضي كردستان العراق مشياً على الاقدام مع سلاحها وحاجاتها البسيطه من زاخو في دهوك لغايه منطقة قرداغ في السليمانيه لتعود من جديد من السليمانيه الى دهوك بنفس الظروف. غير ان الهاجس الحزبي والنسائي بقي في ذهنها ولهذا ارسلها الحزب للعمل الحزبي في بغداد والفرات الاوسط وفي ظروف الهمجيه الفاشيه للنظام وتحطيم التنظيمات الحزبيه الشيوعية وقوى المعارضه. وفي ظروف خارقة التعقيد بقيت ام لينا في تلك المناطق لتنجز مهامها وتعود الى كردستان بجهودها الخاصة. وانخرطت بالعمل الانصاري من جديد لتعود لبغداد والفرات الاوسط مرة اخرى عام 1984 الى ان تمكنت اجهزت الامن الفاشية من القاء القبض عليها وعلى رفيقاتها لتتعرض الى ابشع انواع التعذيب لكسر ارادتها , غير انهم فشلوا وقد تحدتهم بكل كبرياء مما اضطرهم الى احالتها ورفيقاتها الى محكمة صورية حيث حكم عليها وعلى احدى رفيقاتها المناضله ام سعد بالاعدام شنقاً. 

ونقلوا الى سجن الرشاد حيث لاقين مختلف المضايقات الى يوم تنفيذ حكم الاعدام, عندما تقدمت الجميع ام لينا وهتفت باسم الحزب الشيوعي العراقي وحياة الشعب العراقي والموت للجلادين.ودفنت الشهيدة ام لينا سراً لحين سقوط النظام الفاشي والتعرف على رفاتها الطاهر في احدى المقابر في بغداد.  

لقد عاشت الشهيده ام لينا ظروفاً صعبة وقاسية, غير ان جرحها الكبير ومعاناتها الدائمه حتى في الظروف الطبيعية هي فراقها لابنتها العزيزة لينا. لقد حرمتها ظروف الارهاب الفاشيه من العيش مع ابنتها , فحين سفرها الى موسكو عام 1977 كان عمر لينا سنتان واربعة اشهر ولم تلتقي بها الا في دمشق 1979- 1980 لتعيش البنت ظروف الحرمان من الوالدين, وقد حانت احدى الصدف النادرة والبالغة المأساويه ان تشاهد الشهيدة ام لينا طفلتها عام 1982 عند اختفائها في بيت اخوها في كربلاء, فقد كانت تشاهد لينا وهي تلعب في ساحة البيت من دون ان تظهر لها نفسها,وذلك بسبب الجو البوليسي الذي فرضه النظام البعثي ، وملاحقته حتى الاطفال للابلاغ عن كل شيئ في بيوتهم. وبدافع عاطفه الامومة التي لا تقاوم وضعت احدى المرات اللثام على وجهها والتقت بها في البيت وتحدثت معها , غير ان لينا وبحكم من دافع غريب حاولت رفع اللثام عن وجه امها, ولم تتمكن بسبب حذر والدتها. فاي فلم يمكن ان يسجل مثل هذا الموقف وعمق المعاناة الانسانيه لهذا اللقاء..   

وكأن مأساة لينا وحرمانها وظروف العائله المهددة يومياً بزيارات الأمن وتعرضاتهم لا تكفي. ففي احد الايام وفي المدرسة الابتدائيه, ارسلت بطلبها مديرة المدرسة, لا لشيئ يخص المدرسة, بل لتخبرها بخبر اعدام والدتها بطلب من منظمة البعث الفاشي. فالى اي حد وصلت الخسه والاجرام بان تخبر بنت في الابتدائية بخبر اعدام والدتها.... 
                                          
وتدور عجلة الحياة ويسقط النظام الفاشي ويقف المجرمون بقفص الاتهام ويمجد الشعب العراقي شهداءه وابنائهم وليفسح الحديث عن كل هذه الظروف والمعاناة . اما لينا فتلتقي بوالدها في السويد بداية عام 1993 وبعدها تتزوج وتنجب ولدين هدير واثير, تتحدث لهم عن جدتهم البطلة وعن العراق وتلقنهم حكايات اطفال العراق واناشيده.    

 

 

free web counter

 

أرشيف المقالات