| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الخميس 7 / 11 / 2013

 

افتتاحية المدى

مسعىً للبحث عن تجاوز "الشخصنة" في الكتابة والتقويم:
دعوة للمشاركة فـي "حفلة التَّيس" ووليمتها..

فخري كريم 
 

اكثـر من صديق رأى في بعض مقالاتي نزوعاً مُخلاً، بغض النظر عن صحة التقييم، حين يتعلق الموضوع بأداء الحكومة او العملية السياسية، او مكتب رئيس مجلس الوزراء وحاشيته المقربة وولده.

والأصدقاء المتابعون للمقالات يرون فيها أيضاً قدراً من "الشخصنة"، تتجاوز حدود المعالجة، أي أنها تتعمد زج رئيس مجلس الوزراء في المقالة، دون ان تكون هناك ضرورة "موضوعية" لإقحامه فيها. كما ترد تعليقات من القراء، تعكس أمزجة مختلفة، وافترض ان كثـرتهم من الموالين لحزب الدعوة ودولة القانون، وأفراد منهم من فلول النظام السابق، لما تتصف به تعليقاتهم من إسفاف وشتائم بذيئة وتعريضات، أكاد لا اصدق أنها تصدر من وطني شريف.

ولست في وارد التنصل كلياً من "الشبهة" في هذا النزوع الذي يُجرّد التقييم والمعالجة من طابعها "الموضوعي" ويحولها الى "عركة أولاد الطرف"، ويضعف من مصداقيتها، والأهم من ذلك، يحرم القارئ من مصدر موثوق، يتتبع من خلاله، أوضاع البلاد وما يتطلع اليه من مخارج تضع حداً للازمات المتراكمة التي تحيط به وتتهدد مستقبله وعياله.

ولا انكر أيضا، ان المسؤولية عن تردي الأوضاع الأمنية والمعيشية والسياسية، لا يتحملها السيد المالكي لوحده، فله في ذلك شركاء مقررون، لا سلطة لأحدٍ عليهم، يحجر على إرادتهم، ويمنعهم من وضع حدٍ لأي نهج او قرار او سلوكٍ حكومي، يتعارض مع الدستور والقوانين المرعية وإرادة الناس. فكل قيادات التحالف الوطني، هم أولي الأمر في تقرير مصير الحكومة ورئيس مجلس الوزراء، ويُفترض ان الغرض من تشكيل التحالف، برئيسه واعضائه من ممثلي الاحزاب والكتل والمستقلين، هو تدارس أوضاع البلاد على كل الأصعدة، ومراقبة أداء الحكومة، أفراداً او تشكيلاً، ومتابعة تصحيح مساراتها، ووضع البرامج لها، ومناقشة أوجه نشاطاتها، وإبداء الرأي في أي وجه من وجوهها، لا يتطابق مع رؤاها ومصالح ناخبيها. على ان يصدر عن التحالف، مواقف وبيانات، وتُعقد باسمه، مؤتمرات صحفية بين فترة واخرى، تُلقى فيها الأضواء على ما له علاقة بالأوضاع وصروفها وتصاريفها، وقبل كل شيء حول مدى التزام الحكومة بالخط العام الذي وضع التحالف مضامينه لمعالجة الأزمات، وتقويم العلاقات الوطنية، والتفكّر في أحوال المواطنين ومعاناتهم وامنهم ومعاشهم.

ومن المعروف ان للتحالفات السياسية المشابهة في البلدان الديمقراطية، وظيفة ودوراً قيادياً محورياً في الدولة والسلطة التنفيذية، فالولاية أعطيت، للـ"الكتلة الأكبر عدداً في البرلمان" وهي التي اختارت من بينها رئيس مجلس الوزراء وطاقمه الوزاري. غير ان الأمر هو خلاف ذلك بالمطلق. اذ لم يبادر التحالف او رئيسه، يوماً ما، الى اتخاذ أية خطوة توحي، بان الوزير الاول في الحكومة، مستعدٌ لأخذ وجود التحالف وآرائه بنظر الاعتبار، ولم يقدم التحالف او رئيسه السيد الجعفري، على إصدار بيان او عقد مؤتمر صحفي، يتناول بالنقد او التقويم قراراً او نهجاً او سلوكاً للحكومة ورئيس مجلس الوزراء. كما لم يصدر عنهما ما يُظهر للملأ بان هناك تبايناً، او مجرد تململٍ، يميّز التحالف عن الحكومة والسيد المالكي. ويتساءل الناس عن معنى هذا التحالف وإقامته، غير إيجاد وظيفة شكلية غير مقررة للسيد الجعفري، هي اقرب ما تكون للترضية، والتحييد السياسي.

وللسيد المالكي فيما يفعل شركاء آخرون، يتمثلون في الكتل المشاركة في الحكومة والبرلمان، وان فقدت مشاركة بعضهم صلاحيتها، بسبب تحلّل وزرائهم عن الالتزام بتوجيهات او سياسات قادة كتلهم، او لان الكتلة الواحدة، افسدها التباين والاختلاف، فتمخضت الكتلة فولدت شيعاً ومحاور وتحزبات ضيقة، ليس بمعزل عن اغراءات السلطة، ومناورات رئيسها المقرر.

ولا ينبغي بأي حالٍ من الأحوال، رفع المسؤولية التضامنية عما يتعرض له العراق والعراقيون، عن اختيارات الكتل لوزراء ضعاف، ما ان يحتضن احدهم كرسي الوزارة، حتى يصبح غريباً عن التكليف وموجباته وطابعه التمثيلي التكويني، وغالباً ما يلتزم الصمت حين يقتضي الكلام في اجتماعات مجلس الوزراء. وهذا ما يجعل رئيس المجلس محقاً حين يقول رداً على معترضيه: وأين وزراؤكم..؟!

وتظل بعد كل حدود المسؤولية التضامنية في مجلس الوزراء، والواجب الشخصي التمثيلي للوزير والمستشار والمسؤول، ما تتعارف عليه الأنظمة الديمقراطية في العالم، من التبعات المباشرة التي يتحملها الوزير الاول، عن كل شأن عام أو يخص الدولة ومؤسساتها، من اخفاقات الحكومة، او الانتكاسات الحكومية، بل عن الـ"سلوك الفردي" المحض، لوزرائه والمسؤولين الكبار في الدولة، تتعلق بحياتهم الشخصية، داخل الأسرة وفي المجتمع، ما يضع مصيره السياسي على المحك، فيستقيل، وفي حالات خاصة ينتحر، او يعتزل الحياة السياسية، وينكفئ في قريته او منتجعه الفارِه!

قد يقول مُعترضٌ، وأين نحن من بلوغ هذا الرُقِيّ في السلوك السياسي، ونظامنا مشوه في بنيانه، ودولتنا متصدعة وفاسدة وفاشلة، ومجتمعنا بفضل الطبقة السياسية الحاكمة، يعيش الفاقة، ويتعثر في الظلام، ويواجه الموت المجاني اليومي؟

لا شك في ان الشخصنة، خارج مواردها مثلبة معابة، وإضعاف للحجة، عليّ قبل غيري تجنبها، والحيلولة دون تحويلها الى قاعدة للتقويم والتحليل في القضايا العامة. ولن آلوَ جهداً في هذا السبيل القويم. ولكن دعونا نتعاون في النظر، بمنتهى الموضوعية، في طائفة من القضايا العامة، ونتجنب بمنتهى العزم، "الشخصنة"، بهدف تحديد القضية، والبحث عن حلول ومخارج لها..

وبحرصٍ مخلص، سأحدد بعض هذه القضايا، واترك للقراء والأصدقاء من المتحفظين على نزوع الشخصنة في بعض معالجاتي ومقالاتي الافتتاحية، التصدي لها، على ان انشرها في المساحة المخصصة لها. وقبل أيام التزمت ان ننشر على سبيل المثال أي تقرير اوخبر إنجازي لرئيس مجلس الوزراء يصل من مكتبه :

- كيف نحلل أسباب الإخفاق المتزايد في الوضع الأمني. ومن يتحمل المسؤولية الاولى في هذا التردي الذي يكاد ان يدفع البلاد الى هاوية الانهيار..؟

- من المسؤول عن استمرار أزمة الطاقة، وفساد الخطط لمعالجتها، وضياع المليارات المخصصة لها، وكيف يمكن تبرير اعتماد خطة او مشروع يكلف المليارات من الأموال، والسنوات من الزمن الضائع، ثم يبدو ذلك غير متطابق مع المواصفات المطلوبة؟!

- لمن نتوجه في معالجة ملفات الفساد، وملاحقة الفاسدين من الوزراء وقادة الدولة، وكيف نتحقق من وقائع الملفات وسوية الفاسدين، ولا سلطة لنا على من بيده قرار الإفراج عنها ووضعها أمام القانون وفقا للدستور؟

- من صاحب السلطة في استمرار شغور وزارات سيادية وأجهزة قيادية، ترتبط بسلطة الأمن والاستخبارات في الدولة المغيبة..؟

- هل لنا ان نحدد كيف يمكن ان تُدار دولة، تتجاوز موازنتها، موازنة سورية ولبنان والأردن واليمن والسودان، وربما غيرها، بقادة فرق عسكرية ومدراء ووكلاء وزارات ومستشارين بالمئات وأصحاب درجات خاصة، بـ"الوكالة" لسنوات، دون ان تنال موافقة البرلمان او تطرح عليه..؟

- في أية دولة في العالم، تتركز السلطة بشخص واحد أحدٍ، بحيث يجمع بيده وزارات ومؤسسات ومنظمات وقيادة قوات عسكرية وأمنية، ويرأس كل لجنة اختصاصية، من شأن يتعلق بالزراعة والسماد، وصولاً الى الإعلام والثقافة والاتصالات والمواصلات، والى ما شاءت لنا الذاكرة ان نعدد من مهام.....

- كيف نعالج تعطيل الدستور والتجاوز عليه في اخطر مفاصله المتعلقة باستقلالية السلطات الثلاث، وتشويه مبانيها وصلاحياتها والمقررين فيها؟

- كيف نعالج ما أثاره رئيس مجلس الوزراء في ظهوره التلفزيوني الشهير، من ملاحقة " ولده " لرجل أعمال داخل المنطقة الخضراء، واعتبار تلك الملاحقة " بطولة " و" تقاعس ضباطه" وهو قائدهم العام " تردداً وجبناً " ، هي قضية برمتها، أثارت سخط وتندر جميع العراقيين، عن شأن يتعلق بصميم عمل "الدولة"، فسقطة من (او كبوة من) كانت؟

أرجوكم، شاركونا "حفلة التَّيس" وليحاول بعضكم، الابتعاد قدر الإمكان عن "الشخصنة" في معالجة هذه التساؤلات او عشرات غيرها، جعلت من دولتنا فاشلة، لها حظ تصدر أمم العالم بالفساد والتفسخ.



المدى
العدد (2932) 7/11/2013

 


 

free web counter

 

أرشيف المقالات