| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

                                                                                     الأثنين 7/3/ 2011

 

فلم كارتون ولكن عراقي هذه المرة !

مكي محمد مكي

في السبعينات من القرن الماضي وخلال مهرجان للفلم البولوني في بغداد ، كان هناك عرض لفلم كارتون شكل وقتها كوميديا سوداء بليغة جداً .. الفلم يبتديء بمهرجان لافتتاح بناية جديدة اكتمل بنائها ، جمهور ومسؤولون .. فرقة موسيقية وشريط ملون يقصة المسؤول ايذاناً بهذا الانجاز التاريخي الهام .. ثم بعد حين ينهار البناء ويتهدم بما يشكل صدمة كبيرة ، ويتقرر تشكيل لجان للتحقيق ، وتبدأ هذه اللجان بالتحقيق مع المهندسين والعمال ، وكل من ساهم في عملية البناء من التخطيط الى وضع الاساس والبناء والتأسيسات الكهربائية والصبغ .. من بدء البناء وحتى نهايته .

وبعد اكتمال التحقيق تعكف اللجنة على تقييم الوضع لتصل الى قرارها النهائي في اسباب انهيار البناية ، الذي اعلن على الشعب لتتم محاسبة المسببين والمسؤلين ، و خلصت اللجنة التحقيقية الحكيمة الى قرارها النهائي .. ان المسؤول والمسبب هو الصباغ .. نعم الصباغ .. فتم اعتقاله و محاكمته ومحاسبته !!

تذكرت هذا الفلم وانا اتأمل خبر حضور مفرزتين من الشرطة الاتحادية صباح الاحد 6 آذار 2011، في خطوة مفاجئة ، الى مقر اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي في ساحة الأندلس في بغداد، ومقر جريدته " طريق الشعب" في شارع أبو نؤاس، وبحوزتهما امران رسميان بإخلاء المقرين وتسليمهما فارغين خلال 24 ساعة لا أكثر، وهذا ماحصل ايضاً في نفس اليوم مع حزب الامة العراقية الذي يرأسة السيد مثال الآلوسي.

ويقيناً ان الحزب الشيوعي العراقي بنظر من اصدر هذه الاوامر ، يجب ان يعاقب بسبب دوره ومساهمته في الحراك الجماهيري والتظاهرات المزعجة للقوى الحاكمة في بغداد والمبتلية بهذا الشعب الذي خرج على مبدأ القناعة كنز لايفنى !! ، وهذه القوى المنزعجة من شعبها تخطيء مرة اخرى في تصورها بان هذا القرار سيخيف او يمنع الشيوعيين وحزبهم من ان يكونوا وسط الجماهير ، معبرين عن نبض الشارع باعلى صوت ، مؤكدين خيارهم الدائم في الاصطفاف مع الشعب ، فقد كانوا معهم في الماضي ، وكما هم في الحاضر، وسيبقون كذلك في المستقبل .

وكما يبدو جلياً فهذا القرار باغلاق هذه المقرات ، هو نقطة الشروع في خطة او مهلة المئة يوم ، التي اقترحها السيد نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي ، لحل المشاكل التي يعاني منها الشعب ، من فقدان للخدمات وتدهور في التعليم والصحة وكل مرافق الحياة ، وغياب وتبخر مواد واموال البطاقة التموينية ، واستفحال البطالة والفقر وامتهان الكرامة الانسانية للشعب العراقي ، واستشراء الفساد المالي والاداري والسياسي ، والتضييق على الحريات ، و المحاصصة الطائفية المقيتة ، والمحسوبية والمنسوبية وشراء الذمم والتزوير وغيرها وغيرها الكثير من المآسي والازمات ، لكي تتوقف المظاهرات الشعبية التي تعم الوطن والتي ازعجت حكومتنا وبرلماننا واحزاب المحاصصة الطائفية ،التي تحاول ان تتعرف على مايعانيه الشعب ، وتتعرف على مطالبه ، وتتعرف على معاناته واسبابها ..

اين كانوا اذن ؟ وبماذا كانوا منشغلين ؟ وكيف كانوا يديرون الدولة ؟
اذا كانت هذه هي نقطة الشروع بالاستجابة لمطالب الشعب ومتظاهريه فالله اعلم ماهي الخطوات التالية المرتقبة ، والتي ينتظرها شعبنا الصابر ليحيا بكرامة وعدل وحريات شخصية واجتماعية ، وتغمره السعادة في ظل الطبعة العراقية للدولة الديمقراطية الدستورية وفق مقاييس المحاصصة الطائفية .

يا لها من كوميديا سوداء ولكنها من الوزن الثقل ..
فلم كارتون عراقي .. اليس كذلك !

 

 

 

 

free web counter

 

أرشيف المقالات