| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الأحد 6 / 10 / 2013



افتتاحية المدى

تحت جدارية جواد سليم (١) 
القائد العام يُكشّر عن أنيابه الورقية...!

فخري كريم  

(١)

أضاف القائد العام للقوات المسلحة، مأثرة جديدة إلى سجل مآثره التي حققها منذ تولّيه المناصب السلطانية، بتفريق المتظاهرين في ساحة التحرير بالهراوات. وفي أول ملاحظة تخطر على بال المراقب، يبدو واضحاً للعيان العلاقة بين الأقوال والأفعال في سلوك المسؤول الأول في دولتنا، الفاشلة بفضله أولاً وأخيراً.

ففي اول رد فعلٍ له، بعد فض مظاهرات ٣١ آب الماضي، بإجراءات احترازية حولت بغداد إلى ساحة وغىً، وكأنها بانتظار عودة "شِمِرْ" من لحده اللعين، اعلن في حديث "أربعائه" انه يؤيد ويتعاطف مع، مطالب المتظاهرين العادلة! وقد اكد امس، بالدليل العملي القاطع، صدق ادعائه، وحرصه على حفاظ ما تبقّى من "ماء وجه" هذه السلطة التي لم تكتف، بما نسب اليها من كبائر الأمور، فزادت عليها أنها كاذبة عن سبق إصرار، وتجد في ممارسة الكذب على المواطنين، الاسلوب الامثل في "لَحسِ" وعودها، والضحك على ذقونهم، كسباً للوقت إلى ان يحين موعد الاستحقاق الانتخابي في مقتبل العام المقبل.

إن من يشاهد الاستعدادات العسكرية والأمنية، التي تسبق اي تحركٍ احتجاجي سلمي في ساحة التحرير، ينسى للحظات انه في المدينة ذاتها التي يتوزع الموت فيها كل يوم، ليحصد أرواح العشرات، ويُقتَل فيها المواطن على الهوية، ويجري السطو العلني، في وضح النهار، وعلى مبعدة خطوات من السيطرات العسكرية والأمنية، وبمرأى منها، لتسجل "الحوادث المؤسفة" على مجهول، أو يُعلن عن عملية ثأرٍ في احدى الضواحي التي لم تتحول بعد إلى "ملاذ آمن للإرهابيين" ايماناً من أهاليها بانهم شركاء في هذا الوطن المُغتصَب.

ومشكلة الحاكم "المتدرب" على تقمّص دور الطاغية او المستبد، دون ان يكون مؤهلاً له، انه لا يرى ابعد من انفه، ولا يسمع غير دعاء أهله له بطول العمر ودوام السلطة. ويتعذر على هؤلاء الأشباه، الاتعاظ بدروس التاريخ القريب، وليس البعيد، لأن السلطان الجائر يعتاد بعد أن يتلبسه الوهم بدوام سلطته، على ان يسمع، لا أن يقرأ. واذا جاز له أن يقرأ فلا اكثر من تقارير تُشيد بحكمته ودرايته في كل أمور الدنيا والآخرة.

لقد حقق القائد العام، خلافاً لقول معارضيه، التعددية للعراق على اكمل ما تكون عليه التعددية. فإذ يسلط هو في بغداد قواته لقمع متظاهري ساحة التحرير، المطالبين بإلغاء امتيازات النواب وأصحاب الدرجات الخاصة، يحتفي محافظ الناصرية بالمتظاهرين، وتتولى القوات الأمنية في المحافظات الأخرى حمايتهم. وقد يرى في سره ان هذا الذي يجري خارج بغداد إنما هو تمرّد، او تمهيد لانقلاب "بعثي" على الشرعية، يتطلب تدبيراً عاجلاً، بإرسال قوات "سوات" لإفشاله واعتقال قادته من "البعثيين" غير الموالين!

(٢)

قد انظر الى المالكي، بعين الرضا والقبول، بعد كل هذا الكم من "الترهات الفاشوشيّة" التي قيلت وتُقال عنه من قادة الكتل والمعارضة المشغولة بتدبير إزاحته، للجلوس على كرسيه، والتلويح بصولجانه. فالرجل يُحسب له انه استطاع أن يروّض ويُدجن معارضيه والمتقولين عليه، بدون اللجوء إلى حفلات إعدامٍ أو محاكماتٍ جماعية، كما فعل سلفه صدام حسين، إذ يكفي أن يريهم بين فترة وأخرى "العين الحمرة" أو يلوح بملفات الفساد وما يتوفر من غيرها، لمن يتجرأ على ملاسنته في اجتماعات التحالف الوطني. والا ما الذي يدفع هؤلاء القادة الكرام إلى التزام الصمت إزاء كل هذا الذي يجري، ويمهّد لدفع البلاد إلى شفا الانهيار، كما تؤكد كل تقارير الجهات غير المتربصة بالعراق؟ وما الذي فعله كل منهم، ليبدو القلق على محياه، كلما اراد ان يهمس لجليسه، بما يفعله "الحاج" بمصير العراق، متخوفاً حتى من ذكر اسمه؟!

فلماذا لا انظر بعين الرضا والقبول الى من استطاع تحقيق منجز لم يستطع صدام ان يحققه، طيلة ثلاثة عقود من حكمه، رغم ما كان تحت يديه من وسائل الإغراء والبطش؟!

ومن حقي، اكثر من غيري، أن "أساوم" المالكي واسترضيه، لأنني إذ افعل ذلك، فلوجه الله عزّ وجل، ولخير هذا الوطن الذي حباه الله بسلطان جائر، لا يشنق معارضيه من طائفته، ولا من غيرها من الطوائف، ويكتفي بالتلويح المجرد بما تتضمنه ملفات فسادهم، واذا اقتضى الأمر اكثر من ذلك قليلاً، فبـ"العين الحمرة" لا غير. ثم ألا يمكن أن يكون صحيحاً ما يقال عن بدائله، بالمقارنة معه، بانهم أشّر منه وادهى؟!

واشهد انني لم أُصلّ معهم، كما فعل ويفعل المالكي، ولم استظهر بواطنهم كما فعل هو في مناسبات عديدة قبل وضوئه وبعد الصلاة، ولم اكن من بني عشيرتهم، أو عضواً في اي حزبٍ من احزابهم، ولم اتعرف على حقيقة بعضهم، كما تعرف هو، حين كان تحت قيادة كثرة منهم، وحين اصبح قائداً متوحّداً لهم. كما اشهد أن أحداً منا، لم يتلاعب بأموال الزكاة والحجيج، نحن الذين قضينا كل أعمارنا، في العمل على أن نبني جنة الله على الارض للفقراء والمعدمين الذين يتموكب عشرة ملايين منهم في عاشوراء من كل عام سيرا على الإقدام الى كربلاء، مصحوبين بدعوات العراقيين كلهم بإتمام الفريضة والعودة بسلام الى ديارهم.

وماذا يعني تقوّل من يتقول على المالكي، من عبث ولده احمد في كل اتجاه وهو يدير مكتب والده، ويصبح ظاهرة فريدة في العراق الجديد، ينسى معه العراقيون اسماء اولاد وبنات الطاغية صدام حسين في اقل من بضع سنوات، ولماذا اتعامل مع الاشاعات المغرضة عنه، والتي تزعم انه يمد يده في كل اتجاه ويغرف من شطآن غيره، ويحقق لنفسه واعوانه مالم يستطع اسلافه من تحقيقه؟

لماذا اقبل التعامل مع الاشاعات عن المالكي وفريقه وولده، ولا استمع لما يصل من محاججة المالكي والمدافعين عنه، من ان لكل هؤلاء القادة اولادا وانسباء وذوي قربى يفعلون اكثر مما يفعل احمد وياسر وفائز، يتاجرون مثلهم مع انها "اشاعات مغرضة"، ويفرضون الاتاوات على الشركات ورجال الاعمال، ويتقاسمون الحصص معهم من العقود الحكومية، ويستقدمون الشركاء من بيروت ودمشق وعمان ودبي واقصى الدنيا، ليؤسسوا شركات اعمار وتجارة وأسواقا ومصارف. لماذا اصدق ما يتردد من اشاعات على آل المالكي، واكذب ما على أعدائه ومعارضيه؟!

لماذا اصدق اشاعاتهم التي تزعم ان احمد المالكي، هو المعاون الفعلي لوالده، حتى في ادارة قوات سوات وغيرها من القوات والاجهزة الامنية، واغض النظر عن فضائح من يشيعون عنه هذه "الاقاويل والاكاذيب"؟

نعم من حقي ان انظر بعينٍ، غير التي كنت انظر بها الى رئيس مجلس وزرائنا والقائد العام لقواتنا المسلحة، فلماذا احمله المسؤولية عن قمع المتظاهرين في ساحة التحرير، بينما قادة التحالف الوطني والاخرون، يعجزون عن وضع حدٍ لتسلطه واستكباره، وتحديه للعراقيين كلهم؟ ومن ذا الذي يمنعهم من اجباره على التوقف عن انفراده في إدارة الدولة الفاشلة لتصبح كل يومٍ شبه دولة فاشلة؟

(٣)

على المتظاهرين في ساحة التحرير، ومن يشجعونهم على التظاهر، ان يتوقفوا عن اتهام المالكي وفريقه، بقمع احتجاجاتهم، والعمل ضد تحقيق مطالبهم، فليس هو في المحصلة النهائية، سوى فرد واحد، وحوله كوكبة من القادة الاجلاء الذين لا يجاريهم بشجاعة الخطابة وجسارة الدعوة الى الصلاح والخير والمحبة.

وعلى المتظاهرين ان يستدركوا من الان فصاعداً، ان مطالبهم حتى الجزئية منها، تصطدم بإرادة مصالح طبقة حاكمة، متوافقة في السر، ما دام صوتها لا يسمع في استنكار ما يجري ضدهم.

وعلى المتظاهرين والشعب أن يدركوا بأن القمع الذي يمارس ضدهم، ليس إلا تمارين لقوات القائد العام على فنون المطاردة والقتال، للاستقواء بهذا على الإرهاب والإرهابيين، وما لم يفعلوا ذلك بين فترة واخرى، قد ينسى البعض منهم فنون القتال وصولاته!

(٤)

لم يدرك السلطان أن جدارية جواد سليم، مهددة بالسقوط تحت تأثير عوامل عديدة.. وقد يكون منها الارتجاج الذي تسببه هتافات المتظاهرين، وصراخ القوات الأمنية في مطاردتهم، وربما يخطئ البعض منهم جموعا من المتظاهرين فيوجه هراوته الى الجدارية، دون قصدٍ فيصيبها بمقتل!

ليس عيباً ان يعمد السلطان الى إصدار امرٍ بحماية الجدارية الخالدة، فيحظر المظاهرات تحتها، بدلاً من تسويق أكاذيب ووعود مكشوفة، فقدت صلاحيتها، منذ انكشاف وعد المئة يوم..!




المدى
العدد (2910) 6/10/2013


 

 

free web counter

 

أرشيف المقالات