| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الأربعاء 6/1/ 2010



لمن نصوت هذه المرة..

سعد العميدي

أجد نفسي مضطرا لإبداء رأي في الانتخابات المقبلة لأنها ربما ستغير بعض الشيء من طبيعة التركيبة السياسية الحاكمة و تقلل من عدد المفسدين , أقول ربما. لكنني و بصورة جازمة أعتقد بأن قوى الإسلام السياسي التي حكمت العراق منذ سقوط الدكتاتور صدام حسين لم تقدم لنا صورة حكم مختلفة و إنما كانت عبارة عن عصابات و مافيات سياسية سيطرت على الدولة و مؤسساتها و جيّرت كل شيء في العراق بما فيها أموال العراقيين لصالحها , وهذه الأحزاب لم تظهر أية قدرة أو حنكة سياسية في التعامل مع الملفات الشائكة و المعقدة التي واجهتها البلاد بعيد إنهيار الدولة العراقية و إختفاء الدكتاتور و حزبه من الواجهة.

لقد قادت هذه الأحزاب البلاد من كارثة إلى أخرى ستمتد تأثيراتها إلى قرون و أحدى هذه الكوارث هي تقسيم العراقيين على أسس طائفية مستهدفة في هذا عرب العراق , حيث اصبحنا فجأة و من دون سابق إنذار , الشيعة , بدون ذكر كلمة الشيعة العرب في محاولة غبية لربط العرب الشيعة بإيران و تشيعها الصفوي القومي , بينما أصبح السنة يطلق عليهم العرب السنة , الهدف من هذا التمايز في إطلاق التسميات هو دق إسفين بين ابناء الشعب الواحد مما يتيح للأجنبي و أدواته السيطرة على مقاليد السلطة و قد حدث هذا بالفعل.

وهو أمر إشتركت فيه قوى الإسلام السياسي التي كشفت عن طبيعتها و ماهيتها البعيدة كل البعد عن هموم و مصالح الشعب العراقي و أستخدمت أدوات الجهل و التجهيل و الرموز الدينية التي لم يرها أو يسمع بها أحد و البعيدة كل البعد عن الطموحات الكبيرة للعراقيين في إقامة نظام ديمقراطي تعددي تداولي , و خضعت هذه القوى للإبتزاز الإيراني و سمحت لحكام طهران الجهلة بالتمدد داخل العراق و خلق شبكات و منظمات إرهابية كي تملأ الفراغ في حال انسحاب القوات الأمريكية. كما إشتركت بعض القوى التي تدعي العلمانية في مؤامرة بث الفرقة و تصديع أسس التعايش و التآلف بين ابناء الشعب الواحد.

ما جنته بعض القوى و الشخصيات العلمانية من خضوعها لأجندة الإسلام السياسي و التحالف مع حكومة طهران هو أنها لم تحصل على أصوات كثيرة في كل عموم العراق في الانتخابات الماضية و رفض حلفاء الأمس من قوى الإسلام السياسي الإيرانية المنشأ و الهوى التحاق منفذي أجنداتهم من العلمانيين بتشكيلاتهم البرلمانية , وحفظ ماء وجه هؤلاء من خلال منحهم بعض المناصب الإدارية الحكومية.

هل سيمنح العراقي بعد كل هذه السنين العجاف , و بعد كل هذا القتل و التدمير و السرقات المليارية أصواتهم لمن كان السبب وراء ذلك؟ و هل سيمنحها للقوى الإسلامية الحاكمة التي تبني دولة طالبان رويدا رويدا و على طريقة ستيب باي ستيب.

أما الحجج التي يسوقها علمانيو أمريكا من أن الاحتلال الأمريكي قد أسقط نظام صدام فأصبح من الواضح الآن و بعد مرور 7 سنوات على كارثة القوى الإسلامية العراقية , أن مصالح الدول الكبرى هي دائما فوق مصالح الشعوب و من أن نظام صدام الإجرامي تم مده و دعمه و تقويته من قبل أمريكا و حلفاءها ووقفت أمريكا إلى جانب الإنقلاب الدموي في 8 شباط عام 1963 الذي أدى إلى قيام مجازر قتل على أثرها زعيم الفقراء الراحل عبد الكريم قاسم الذي صادر أملاك الإقطاعيين و منحها للفلاحين الفقراء, كما إن الأمبريالية و حلفاءها كانوا السبب وراء إندلاع الحرب العراقية الإيرانية و إطالتها لمدة 8 سنوات من خلال تقديم الدعم و السلاح و بطرق مختلفة للنظامين القمعيين في طهران و بغداد. و من ضمنها أملاك عوائل شاركت في التحضير لتدمير العراق غير آبهة بمستقبل العراقيين و مستقبل ابناءهم , و عادت تلك الأقطاعيات بفضل الإحتلال و سيطرت على أراضي الفلاحين مجددا و فرضت كانتونات في بعض مناطق العراق و شكلت ميليشيات خاصة بها, و كأن ثمن تدمير العراق هو عودة أملاك الإقطاعيين إلى اصحابها.

إن الإدعاء بالليبرالية أو العلمانية لا يزكي اصحابها , فكم من العلمانيين و الليبراليين حلفاء للقتلة و المجرمين في تل أبيب و كم منهم رفعوا راية الدفاع عن أمريكا و سياساتها الهوجاء , و كم منهم دعموا الشركات الإحتكارية الناهبة لثروات الشعوب و كم منهم شارك في جرائم بحق شعوبهم؟ و كم من هؤلاء العلمانيين شارك مؤسسة النقد و البنك الدوليين في عمليات الخصخصة التي أدت إلى اتساع الفوارق بين الأغنياء و الفقراء و أدت إلى استنزاف الموارد الأولية لتلك البلدان.كما إن بعض العلمانيين يعتبرون من الناحية العملية حلفاء للظلاميين.

إن العمل التاريخي الذي يمكن أن يقوم به الشعب العراقي في الإنتخابات القادمة هو كنس القوى التي شاركت في النهب و السلب و تدمير الأقتصاد العراقي بحجة الخصخصة و رميها في مزبلة التاريخ, و هنا لا أستثني أحدا من هذه القوى , تلك التي تتحدث بإسم القانون على سبيل المثال و تترك المتهم فلاح السوداني وزير التجارة العراقي السابق المتهم بإختلاس المليارات حرا طليقا لمجرد أنه قيادي في حزب الدعوة , أو تلك التي تدعي الوطنية و الوطنية منها براء و تقاد من قبل ذوي الأصول الإيرانية المعادين للعراق أرضا و شعبا و لكن بفضل الإحتلال الأمريكي تحولوا إلى سرطان مستوطن في جسد الدولة العراقية.

علينا أن ننتخب هذه المرة المستقلين الذين لم تتلطخ ايديهم ليس فقط بدماء العراقيين كعتاة البعثيين بل ايضا أولئك الذين لم تتطلخ أيديهم بالفساد و سرقة أموال العراقيين كما إن علينا رفض أولئك الذين رفعوا الرايات الطائفية سنة و شيعة و تخندقوا خلف هذه الهويات الفرعية مانحين الفرصة لأعداء العراق من محيطه العربي و غير العربي الفرصة للتغلغل و اللعب بهذه الأوراق السياسية الغبية.

إنتخبوا من ترونه عراقيا وطنيا مخلصا لشعبه ووطنه و مدافعا عن مصالح العراقيين عموما من دون تمييز , إنتخبوا من يدافع عن مصالحكم و ينتصر للفقراء و المحرومين , للثكالى و الأرامل و اليتامى و ضحايا النظام الدكتاتوري الفاشي الصدامي و ضحايا القاعدة و ميليشيات الظلام.

لا تمنحوا أصواتكم للقوى المتخلفة , أحزاب الجهل و المرض و الأمية التي تريد إعادة عجلة التطور إلى وراء, أصواتكم ستكون مؤثرة هذه المرة في حالة لم تلجأ قوى الإسلام السياسي و حلفاءها كما في الإنتخابات الماضية إلى التزوير و التلاعب بنتائج الإنتخابات.

 


 

free web counter

 

أرشيف المقالات