| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الأثنين 6/9/ 2010

 

نهايـــــة الديـــــن

جيف شفايتزر
ترجمة : مازن فيصل البلداوي
almuhtaram2001@yahoo.com

كتب جيف شفايتزر عن المقالة في صحيفة (يو أس أي توداي)/نشرت يوم 9/8/2010 لكاتبها أوليفر ثوماس أذ يقول:
أجاب ثوماس عن السؤال الذي تصدّر المقال، وهو (لماذا الدين؟) بثلاث مبررات ضعيفة البناء للغاية كاشفا بذلك بياض منطقة البطن للمؤسسة الدينية،فقد نطق مقتنعا بقوله:
1. الدين يجعلنا نريد الحياة، 2. الدين يجعل الحياة بشكل لائق (محترم وجيد)، 3. الدين يعطينا الأحساس بوجود سبب ومعنى للحياة.
وقد ذهب ثوماس لتقديم ثلاثة أٍسئلة (غير مطابقة للمنهج العلمي) لكنها بطريقة ما تكشف عن وجود قيمة معينة للدين والأسئلة هي:
لماذا نحن موجودون هنا؟ ، ماذا يعني كل هذا الموجود؟، كيف نعيش أذاً ؟

أن ألأساس الأفتراضي لهذه التأكيدات والأسئلة هو خطأ أساسا،وربما يكون السؤال الأول هو ألأسخف وبشكل سافر، يقول أنا أعارض الدين بشكل تام وبكل تأكيد لكني أحب الحياة واريد ان أعيش حياتي بشكل كامل.اما بالنسبة للسؤال الثاني فيقول: نحن نعلم بأن الأخلاق والآداب غير مستمدة من الدين! وثوماس بنفسه يعترف بذلك (في مقالته المنشورة على صفحة صحيفة الهفنكتون بوست يوم 2/9/2010 )،والسؤال الثالث سنثبت ضعفه بعد قليل.

ولأسئلته (ثوماس) الثلاثة يقول جيف،اريد ان أسأل بطريقة متعادلة وأقول ...لماذ السماء بنفسجية اللون؟ ومن الطبيعي ان لا أجابة على السؤال لأن الأساس لهذا التساؤل هو اساس ركيك ،متسائلا لماذا لا يوجد شيء يجعل لونها كذلك؟.ان كل سؤال يطرحه ثوماس يستند على الفكرة الكاذبة والتي لا تستطيع السؤال عنها،اى وهي ان (الحياة لها سبب ومعنى)!. لقد قيل لنا بانه علينا ان نجد الأجابة على السؤال (لماذا نعيش حياتنا) وبعد الأجابة على هذا السؤال نستطيع فقط ان نعرف كيف نعيش هذه الحياة.دعونا ننظر الى هذا المنطق وهو يمثل أسوأ حشو فكري....(نحن نعتقد ان الحياة لها معنى ثم نذهب لنبحث عن هذا المعنى؟) وخلال عملية البحث هذه يبرز لدينا افتراض غير مؤكد وضعيف يقول ان الحياة لها معنى! نحن نفترض الأجابة عند توجيه السؤال والذي بالنتيجة لن يكون منطقيا. وبتوجيه السؤال فأننا اوجدنا أساس كاذب،اي اننا جعلنا السماء بنفسجية اللون عندما سألنا ...لماذا لون السماء بنفسجي!
على الرغم من استطاعتنا تفادي هذه التناقضات المنطقية بالجواب على السؤال"لماذا الدين" بدون أستلهام الدين كأجابة.
سنبدأ بتدوين الآتي..أن ثوماس ينفي طروحاته عن غير قصد حول موضوع (لماذا لدينا دين) وبعيدا عن العلاقة بمبرراته الثلاثة وأسئلته الثلاث فقد لخّص ثوماس استنتاجاته من بحث فيكتور فرانكل حول (معسكرات الموت النازية) والتي استنتج فرانكل منها قائلا:
أن هنالك نوعين من الناس، نوع ذو شخصية محترمة ونوع ذو شخصية ضعيفة (وبعضهم كان اقوى بمزاياه الشخصية من الأخرين) وان هذا التقسيم لا يؤخذ بالأعتبار للتمييز بين المتدينين وغير المتدينين،لذا فهو ينقض المطالبة بجعل الدين احد العناصر المكونة للشخصية.يقول ثوماس:بصراحة ان (ليس كل الدين جيدا) مادام لدينا اناس جيدون بلا دين وأناس أشرار متدينين!

فعلى أي أساس استنتج ثوماس (بأن الدين يسهّل عليك ان تكون ذو شخصية جيدة؟)، حاول ثوماس ان يدور حول هذه المشكلة باستخدامه لمقولة (ألبرت شفايتزر) الذي قال ... ان الدين دائما هو تأكيد ايجابي للحياة. وهنا سنأتي على مناشدة غريبة أخرى لتصديق مقولة ان الدين جيد لأنه تأكيد ايجابي للحياة،أفضل من ان نفكر بالسؤال (لماذا الدين غير سيء؟) ...فنقول ...لأن الدين السيء هو ليس تأكيد ايجابي للحياة.
لحسن الحظ فنحن لا نحتاج للأعتماد على ثوماس لدحض مقولته، فأن علماء الأحفوريات المتحجرة يتقبلون بصورة كبيرة فكرة ان أسلافنا كانوا يعتقدون بما هو كائن بعد الحياة (او بعد الموت) ومنذ 300,000 سنة من تاريخ اليوم، فالشعائر الخاصة بالموت والدفن التي كانت معروفة لدى انسان النيندرتال في ذلك الزمن تمثل علامة واضحة على مرحلة الأديان المبكرة ، فأحتفالات دفن الأموات تدل على وجود المفهوم المدرك للموت او على الأقل نستطيع القول انها محاولة جدية لفهم فكرة الموت. نقول ان امكانية او احتمالية حقيقية قد اوجدت ذلك الدين وكما كان، هو بعض الفهم لفكرة ما بعد الحياة يؤرخ لأحدى اختراعات الأنسانية المبكرة.

أن ظهور بعض المعتقدات لفكرة ما بعد الموت في بدايات تاريخ الأنسان ليست كلها مثيرة للتعجب!،فبسبب وجود دافع البقاء نحن مبرمجون للخوف من الموت ولكن ليس كمثل باقي الحيوانات ،ويشكل هذا الخوف عبأ قاسيا عند التفكير مليّا به .
فالدين هو احد الطرق التي تجعلنا نتغلب على صعوبة علمنا بأن الموت هو نتيجة حتمية لحياتنا،ان الدين يقلل من ألم حقيقة حتمية الموت،وألم فقد أحد الأعزاء مع وجود الوعد لعودة الأجتماع به في حياة أخرى.أن ألموت لا يمكن تفاديه،ان الموت يثير اسئلة واضحة ومقلقة بذات الوقت حتى عند أصحاب العقول البسيطة عندما تطالب ببعض الأجابات لأسئلة مثل: ماذا سيحدث لزوجتي او صديقتي عندما تموت؟، أين ستذهب؟،ماذا سيحدث لي؟،هل سألتقي بها بعد موتي؟.

ليس الموت وحده هو الشيء المقلق غير المعروف،ما تلك الكرة النارية الكبيرة في السماء؟لماذا تتركنا نار السماء للظلام البارد فقط لتعود مرة أخرى وأخرى؟ما تلك النقاط اللامعة التي تظهر في السماء بعدما تغادرني الكرة النارية؟ لماذا ينزل الماء من السماء أحيانا؟....أن العالم لهو سرّ غامض كبير ينتحب بأحباط مطالبا بأجوبة.
نستطيع ان نخمّن بطريقة عقلانية ونقول بأن الدين قد ولد نتيجة الخوف من هذه الأشياء المجهولة التي ذكرناها والغير مفهومة لتلك العقول البسيطة ونتيجة للخوف من الحاجة للسيطرة على الأشياء التي يصعب السيطرة عليها،ونتيجة الخوف من الشعور بالحاجة لتسيّد وأدارة قدر الأنسان في مواجهة هذا العالم الغامض.واذا ماكان الأمر هكذا فأن الفكرة الأولى للموت لم تنشأ بسبب الرهبة من عجائب الطبيعة او نظامها الذي يوحي بوجود مصمم ذكي غير ظاهر او مختفي!بالأحرى انها أتت من القلق تجاه الأحداث والصعوبات اليومية المتعددة التي تؤثّر على البقاء اليومي للأنسان.ولكي يتغلب الأنسان على مصاعبه تجاه المرض والموت والجوع والبرد وعندما يجرح الأنسان وعندما يتألم،فأن أسلافنا الأوائل عملو بخشوع وتودد ملتمسين مساعدة القوى العظمى آملين من أعماقهم من هذه القوى ان تمدّهم بمساعدة الهية او ربّانية بطريقة ما لأدارة قدر حياتهم.
ولازال الناس يفعلون ذلك حتى يومنا هذا،فأن الأمل والخوف يجتمعان بقوة في عالم مخيف بغموضه،ليثير أوهاما مريحة وأساطير حول الخطط القاسية للطبيعة.

أن عقل الأنسان يتعامل بحذق اكثر من الطبيعي مع الأسئلة المربكة ولكنّه يمقت فكرة ترك الأسئلة التي ليس لها أجابة.لا يمكننا تقبل قول (انا لاأعرف)،فنحن لانستطيع ايقاف غرائزنا من رؤية تعدد الأنماط لأدراك السبب وراء كل عامل مؤثر،نحن نطالب بان يكون هنالك نمط ويكون هناك سبب وعامل مؤثر حتى عندما تكون غير ظاهرة!
لذا فنحن نصنع الأجابات عندما لانعلم الأجابات الحقيقية،فنحن نطور أساطير الخلق الموسّعة والمفصلة،آلهة الشمس،آلهة المطر،آلهة الحرب وآلهة للمحيط،نحن نؤمن بأننا نستطيع ان نتحادث مع آلهتنا ونؤثر في تصرفاتهم،لأن بفعلنا هذا فأننا نشعر بالحصول على القليل من السيطرة،ونؤثر على بعض الأحداث التي تدور في هذا العالم المشوش الغامض.وبصناعة الأجوبة فنحن نحاول ان نبطء تأثير لدغة الجهل بالحقائق،في الحقيقة اننا نخدع انفسنا عندما نفكر ونقول اننا نفسّر العالم.نقول ان الدين هو اول محاولة لنا في الفيزياء وعلم الفلك.

أن الخوف من المجهول والخوف من الموت،والأمل في السيطرة على الطبيعة وفهمها لاتمثل القاعدة الوحيدة التي يقف عليها مفهوم الدين فهنالك عامل آخر وهو التماسك الأجتماعي،فنحن كائنات اجتماعية وجماعية بالفطرة.ان التعاون الجماعي هو الذي يجعل الكائن الأنساني (على الرغم من انه بطيء الحركة وضعيف وعرضة للهجوم المسبب لجراح) قوة كبيرة على سطح الأرض،وهذا التعاون يصبح اكثر صعوبة عندما تزداد أعداد التجمعات.وبعضها يشير الى ان أدامة الحدث الأجتماعي هو ضرورة.ان المجتمعات المبكرة للأنسان قد تعلمت بسرعة بأن قواعد التصرّف تؤثر في شكل الشعائر وتمكّن تجمعات الناس الكبيرة من العيش متقاربين وبلا مشاكل،هذه الشعائر ولّدت الأعراف والتقاليد ضد مايستطيع الناس الحكم عليه فوريا من نصرف لأخرين ضمن قواعد اجتماعية متعددة،وبالتالي فأن أي مخالفة لهذه القواعد تصبح من السهولة تعيينها وتشخيصها وعنونتها وبهذه الطريقة فأن الأمر يبقى فعالا.ارجو ان ننتبه الى ان شباب هذه الأيام يعبرون عن شدة رغبتهم بالتعامل معهم كجزء او طبقة منفصلة لها مواصفاتها الخاصة بواسطة ارتداء ملابس ذات طابع خاص مثلا يستطيع ايا كان ان يعرف انّهم من فئة الشباب.

ان الدين قد قدّم ولايزال يقدّم معنى واضح لفرضه القيم والقواعد الأجتماعية وذلك بتقديم الوعود المفرحة لما هو بعد الموت لأولاءك الملتزمين ويعد بالعقاب لأولاءك غير الملتزمين بالقيم التي يفرضها،يستعمل الدين كرشوة للحصول على الأخلاق الجيدة،أخيرا وليس آخرا فأن الدين استخدم لاحقا حوّل الى مصدر مهم يلعب دورا في السياسة العامة بعيدا كل البعد عن اي دور بريء كما هو مفترض.

أذا استخدم الدين كأداة للسيطرة او التعامل مع تصرّف معين فلابد لأحد ما بتطوير هذه القواعد ويكفل الزامها،وهنا نتساءل...من هو المرشح الأفضل ليلعب دور الشرطي المراقب للتطبيق،هل هو احد كبار السن المتدينين ام الطبيب الساحر(العرّاف) في المجتمعات البدائية ام هو الكاهن ذو المرتبة العليا؟هل هنالك طريقة أفضل للتلاعب بالناس والتحكم بهم احسن من ان تضع لهم القواعد والأسس التي سيعيشون حياتهم حسب نصوصها؟وبهذا التأثير اليومي على حياة المواطن سنحصل على قوة كبرى يتم الحفاظ عليها بشكل تقليدي لمجتمع المدينة او المقاطعة وحتى الأمبراطورية كما تحتفظ المدن او الأمبراطوريات بجيوشها وثرواتها وقصورها بطريقة مماثلة للحفاظ على بدلة التشريفات بكل مظاهر زينتها .

اذا.....فلماذا الدين؟ أنّه ضعف الأنسان وأيمانه الأعمى
أن المتحكّم الرئيسي في كل المعتقدات الأساسية هم (القواهر الخمسة) المؤلفة من 1. الخوف من الموت،2. الحاجة الملحّة لتفسير غوامض الطبيعة،3. الأمل في ان يتحكّم الأنسان بقدره،4. الرغبة في التماسك الأجتماعي،5. فساد عنصر الأبهار للقوة.
وهنا نرى ان لا مكان في مثل هذه المعادلة لفرضية ان الحياة لها سبب ومعنى،وبالمقابل فأن الدين الذي أوجدناه يطالب بان يكون للحياة سبب! السبب الذي لانستطيع معرفته الا عن طريق الأيمان كمعنى للمبرر الشخصي لدينا،ولأننا نؤمن بما أوجدناه فلا داع هناك لنسأل الأستنتاج.

ومن دواعي الشكر أن لدينا طريقا آخر لرؤية العالم،أذ غالبا مانغفل عن رؤية النتيجة الأساسية والأكثر أهمية للتطور وهو ان الحياة ليس لها تصميم معين،سبب او معنى متوارث.ان ميكانيكية (الأختيار الطبيعي) اللامبالية وغير المهتمة تدحض اي احتمالية لوجود ذلك التصميم المسبق،وبغياب التصميم فأن فكرة وجود سبب للحياة تصبح فكرة متكررة.

ولسوء الحظ فأن هذه الفكرة (عدم وجود تصميم) لم يتم تقبّلها على نطاق واسع خارج الحقول الأكاديمية،ولكن اي سؤال يهتم بمفهوم (معنى الحياة) يصبح بلا نتيجة اذا ما وضع تحت ضوء الدروس القاهرة المستخلصة من التطور.وفي عالم ليس فيه (تصميم مسبق) وليس له سبب فليس هناك موضعا للسؤال عن (معنى الحياة)،ان السؤال( لماذا؟) ببساطة ليس متاحا في حالة ان يكون مسعى الأجابة متداخل مع سبب أعظم وأكبر وأعلى.

باستطاعة شخص ما ان يسأل ويقول....لماذا تدور الأرض باتجاه عقارب الساعة عندما ينظر اليها باتجاه القطب الشمالي من الأعلى،فأن الأجابة ستدخل التاريخ الخاص بالغازات الدائرة الاتي اتحدت أخيرا لتشكّل شكل كوكب الأرض،وان هذا التفسير سيعطي أجابة للسؤال(لماذا؟) من الناحية التأريخية افضل من ان يوحي بوجوده كسبب.ان التساؤل بـت(لماذا؟) هو في الحقيقة بحث عن شيء غير التاريخ،البحث في ما هية السبب الذي جعل الله ان يجعل الأرض تدور من الغرب الى الشرق،هو بلا معنى في عالم (بلا تصميم)،وفي غياب السبب فأن السؤال يتلاشى.

وبينما كان كتّاب مثل ريتشارد داوكنز و ستيفن جي. جولد قد كتبوا بطريقة بديعة ومناسبة حول دروس مستسقاة من تاريخ الحياة ممعنين التركيز على ان مسألة النقص في وجود معنى للحياة هي مسألة خطيرة جدا ومخيفة للناس العاملين في حقل التعليم الديني.الا ان اللامبالاة القاسية العمياء لريتشارد داوكنز ليست بمخيفة عندما تستعرض كفرصة سانحة لفهم عجائب الحياة بكل مناحي مجدها المتنوع الزائف.أن اللامبالاة القاسية المحرجة هي في الحقيقة تزيل أطواق الأمل الزائف العمياء والأساس الأجوف للدين، وتخلق مكانها فرصة لرؤية العالم بنظرة واضحة لنعرّف أنفسنا بمعنى واضح مستندين على الأرضية الصلبة للتاريخ الطبيعي.وفقط عندما نعرّف أنفسنا بطريقة عادلة حقيقية،نستطيع عندها تطوير وتبنّي شفرة شرعية ذات معنى واضح لأخلاقنا كنوع من انواع الكائنات الحية.وفقط عندما نتحرر من الخرافات والتضليل نستطيع حينها ان نجد المعنى الخاص بنا والسبب لوجودنا كحق طبيعي مستحصل لأنسانيتنا.هذا الجواب لــ "كيف يجب ان نعيش" هو ليس هدية من الأعلى ولاهو قانون ثابت للطبيعة ينتظر ان يتم استكشافه!ولكنه واحدا مستنتجا مساقا الينا عن طريق مكاننا الطبيعي في محيطنا البايولوجي.أن نظرة اللامبالاة القاسية المحرجة لاتعني بالضرورة قبول فكرة ان العالم لديه آلية ميكانيكية غير مبالية او مهتمة تفتقد للدفء والعلاقة التتابعية.وبتحرير اذهاننا الممسكة بأناملها بتعنّت على ألأمل العقيم لفكرة وجود (تصميم مسبق) لهذا العالم ومسألة السبب والمعنى،نصبح احرارا للتحرك خارج مفهوم الواقع الباهت لعالم عشوائي.نحن نستطيع ان نخلق احساس جديد وعميق بالنفس والمجتمع مبني على تركيبنا البايولوجي وتطورنا كمخلوقات أجتماعية عاقلة.
ان واحدا من نوع السابحين في السماء(المظليين الأحرار) الذين انهوا تدريبهم للتو لن يشعر بمتعة الطيران الحر اذا ما علق بالطائرة بطريقة غبية،وبالمثل من هذا فأن علينا ان نبعد الأمال الزائفة والأساطير التي تتحدث عن السبب الربّاني قبل ان يكون بأستطاعتنا التمتع بثمرة خلاصنا من الأساطير والخرافات.

التساؤل عن –لماذا نحن هنا؟- (بوازع السبب وليس بوازع التأريخ) ليس له قابلية اقناع اكثر من السؤال القائل ..لماذا أظهر زوج من قطع النرد رقم ثمانية في المرة الأولى ورقم ستة في المرة الثانية! ليس هنالك ...لماذا!....لقد تدحرج النرد وأظهر هذه الأرقام كترتيب احتمالي بدون تدخّل لدفعة اليد او قوة الرمية لتحقيق رقم معين!

نحن نعتبر انفسنا مثل هذا النرد كما هو حال كل الأحياء على سطح الأرض،وجودنا مشابه لوجود البكتريا والزنابير والورود،انه ترتيب أحتمالي لايحتاج تضرّع اي شيء عدا الجينات والأحتمالات والأختيار الطبيعي.أن الدين يشبه الزائدة الدودية لدينا فهي عضو غير متطور من الماضي البدائي.وربما خلال بضع آلاف من السنين فأن رب أبراهيم سيستدعي نفس وسائل الترفيه الغريبة مثل ماتفعل آلهة المطر وآلهة الشمس اليوم،او ربما يوضع ربّنا على الرف كما وضع الآله زيوس زالآله جوبتير،واذا ما تم هذا سوف لن ننزعج بالبحث عن المعنى والسبب كأمر ربّاني،اذ سنعمل على ايجاد السبب والمعنى بحسب ماتمليه علينا استنتاجتنا التي ورثناها من طبيعتنا الأجتماعية وتاريخنا التطوري، يوم ما سيحصل هذا.
 

 

free web counter

 

أرشيف المقالات