| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

السبت 6/9/ 2008

 

ذات النطاق الخائب ... رنا ضحية ام جلاد ؟

ميادة العسكري
mayadaaskari@gmail.com

صوتها عبر الهاتف ذكرني بصوت ابنتي .. النبرة الطفولية فيه جعلتني اسميها حبيبتي اثناء كلامي معها.

سألتها : شنو اسمج

قالت: اسمي رنا ابراهيم مطلق

وما ان وقع صوتها في نفسي حتى ذهبت بعيدا الى الحرب العراقية الايرانية عندما كان الايرانيين يرسلون لنا كاسحات الغام من اطفال تتراوح اعمارهم ما بين الثامنة والحادية عشر ربيعا قصيرا معذبا ..

كان الجيش الايراني "يدعبلهم" بكل ما لهذه الكلمة العامية من معنى امام قوات حرس خميني وقبل الجيش الايراني لينظف منطقة الحرام بين الجيشين من الالغام التي تقوم وحدات الهندسة العراقية بزراعتها في الارض الحرام ..

ورنا هذه في الخامسة عشر من عمرها، متزوجة من ارهابي في تنظيمات القاعدة او الدولة الاسلامية ووالدها امير من امراء القاعدة، يعتقد البعض بانه قتل عندما فجر نفسه

وهو نفس المصير الذي كانت تريده رنا لنفسها

سألتها : حبيبتي كم عمرك؟

قالت 15 سنة

سألتها: تدرسين ام ربة بيت ؟

قالت: متزوجة منذ 9 اشهر

سألتها: وماذا يعمل زوجك؟

قالت : كان مع تنظيمات جهادية في دولة العراق الاسلامية وتركهم بعد ان تزوجنا

سألتها ممازحة اياها: وهل يعمل الان طبيبا او مهندسا

قالت بكل الانكسار الممكن ان ينوجد في بني ادم: لا انه "عطال" الان، وقد قيل له انه عقيم، وبحاجة الى عملية

كان عليّ ان اكمل اسئلتي مع هذه الطفلة المتزوجة التي شاهدها احد رجال شرطتنا الوطنية و "واير احمر" من اسلاك الحزام الناسف خرج من عباءتها، فعمل على تقييد حركتها الى ان جاءت فرقة "السوات" واكملت موضوع نزع السترة..

كل مؤشرات الاستغفال الذي تستخدمه القاعدة والبعثيين وسائر التنظيمات التي تسمي نفسها جهادية تنطبق على الطفلة المتزوجة والانتحارية التي فشلت في مهمتها، رنا مطلك

فقدت والدها الذي قتل عبر تفجير نفسه

والدتها مريضة وخالتها دفعت بها للزواج من احد اعضاء التنظيمات الارهابية

عندما تم القاء القبض عليها كانت في حالة من الذهول، لان من البسها الحزام الناسف كان قد اعطاها حبوب تشبه حبوب الهلوسة التي تسمى بالعامية "حبوب الكبسلة"

هل رنا جلاد ام ضحية؟

كل رنا بهذا العمر ضحية .. حتى ولو فجرت نفسها فالامر لن يختلف، ستبقى ضحية اوضاع صعبة يمر بها العراق


***

عبر متابعتي لخطب الرئيس الاميركي جورج بوش، وجدت جملة يكررها مرارا عبر خطبه الموجهة الى "الامة" ، اي امته الاميركية. يقول بوش : لقد نقلنا المعركة مع الارهاب خارج الحدود لغرض حماية الولايات المتحدة الاميركية من الارهاب ..


***

وهذا ما حدث فعلا، فما ان حطت القوات الاميركية والمتعددة الجنسيات في العراق، حتى انتقلت معركة الارهاب من الغرب الى الشرق الاوسط، والى ارض العراق على وجه التحديد..

اذن، نحن اهل النفط، والزراعة، والاصالة التاريخية، وعلى الرغم من كل ذاك، لا بد لنا من ان نكون ارض معارك المصير المتمثلة بما يسمى الحرب على الارهاب ايضا..

اليس غريبا ان تقوم اي قوة على وجه الكرة الارضية برمي الحجارة في البئر الذي تشرب منه الماء، او ان تلعب باعواد الثقاب بالقرب من خزان الوقود الذي يغذي اقتصادها ؟


***

لا يعرف شيء يذكر حول أول امرأة أصبحت مفجرة انتحارية لتنظيم القاعدة في العراق، باستثناء أنها كانت ترتدي زي القرويين في أطراف الموصل، وبهذا تمكنت من إخفاء جنسها بما يكفي لكي تتمكن من السير داخل حشد من المجندين الجدد في الجيش، من دون أن ينتبه أحد، وتتحول إلى أشلاء مع خمسة من الرجال الذين وقفوا في طابور للتطوع في أجهزة الأمن، لتفتح فصلاً جديداً من فصول العنف المسلح في العراق، والذي كان يستثني النساء من "الجهاد"، بفتوى الزرقاوي نفسه.

الا ان الزرقاوي عاد وغير رأيه عندما رثى انتحارية تلعفر وطلب من الله ان يتقبلها كشهيدة.

الغريب في الموضوع ان اول انتحارية عراقية فجرت نفسها كانت من جهاز المخابرات العراقي، واسمها نوشة.. وماتت في سبيل البعث او في سبيل معركة المصير الواحد او ما شابه، الا انها ، حالها في ذلك حال سائر انتحاريات القاعدة لم تمت في سبيل الله ...


****

والغريب في الموضوع ايضا، ان تنظيم القاعدة "الاسلامي" الذي يكفر بني البشر، ويغطي وجه النساء ، حتى العينين، ويعتبرهن عورة، يعلم:

• ان الرسول ، صلى الله عليه وعلى اله وسلم قد منع المرأة من الاشتراك الفعلي في المعارك

• ويعلم بان الانتحار هو قتل للنفس، ومن يقتل نفس بغير حق فكأنه قتل الناس جميعا


فكيف بمن يعتبر النساء عورات يجب ان لا تكشف امام اجنبي، يدفع بهن للانفجار امام خلق الله، حيث تتناثر الجثة وتبات هباء مكشوف "واللي ما يشتري يتفرج" ّ؟؟؟

وكيف بمن يزهق ارواح البشر مع زهق روحه؟؟

اي اسلام هذا واي ايمان واي التزام ؟؟


***

اما مسك الختام، ففلم فيديو ارسله لي شخص يطلق على نفسه اسم فراس، قال: هؤلاء الذين تحبينهم، انظري ماذا يفعلون..

فتحت الرابط، واذا برنا ذات ال 13، او ال 14 ، او ال 15 عاما تجلس في المقعد الخلفي من سيارة شرطة عراقية، وعلى ما يبدو بعد ان تم القاء القبض عليها وهي ترتدي الحزام الناسف امام مدرسة من مدارس بعقوبة..

الجالس الى يمينها بذيء للغاية، يسألها اسئلة سيئة وفيها سباب واتهام، وهي تجيبه بطريقة غريبة وكأنه يسألها عن حالة الجو..

يقول احد الجالسين في المقعد الامامي، "انت الان مكبسلة، وبعد يومين من تصحين راح يكون التحقيق وياج"

لم تصدر اي كلمة خارجة من اي من الشرطة العراقية سوى من ذلك الجالس الى يمينها، والذي كان يستفزها باسئلته الخارجة ..

اعدت الرابط عدة مرات، وفي كل مرة، كان الشعور لدي يزداد باتجاه معين ..

هذه الطفلة تم اقناعها بارتداء الحزام الناسف .. وهي من غير ادنى شك ضحية.. هي ضحية الجهل والتخلف ، وضحية لنظام سابق ترك العراقيين على حالهم اليوم بعد ان عاث في الارض فسادا، وضحية لتنظيم القاعدة الاجرامي في العراق .. وضحية للامريكان الذين نقلوا معركتهم ضد الارهاب الى ارضنا..

رنا، وللاسف الشديد، لا مكان لها في اي مكان، فاذا اعيدت الى اهلها، ستقتل، او ستجبر على ارتداء حزام ناسف جديد (يرتدى من الرقبة على حد قولها و"يطك" اذا ما كبست على الزر الاصفر فيه كما قالت)

ومن كان يجلس الى يمينها ويستفزها بكلمات نابية، ليس بمجرم، فهو في الاول والاخر اب او خال او عم لاولاد كانوا سيقتلون في ذلك النهار لو ان احد رجال الشرطة العراقية لم يشاهد "الوايرات الحمراء" الخارجة من ثوب رنا ويسرع لانقاذ الموقف


مسكين هذا العراق ...

اقولها وعبق الطمى من دجلة يغلف شغاف قلبي، لايام اعلم يقينا، انها بسحرها وجمالها لن تعود..

وعزائي ان الفرات ينبع في الجنة .. عسى ان نشرب من مائه بعد هذا العمر، من غير جثث ولا اشلاء ..



 

free web counter

 

أرشيف المقالات