| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الجمعة 6/5/ 2011                                                                                                     



التاسع من نيسان "بيضه ديك مباركه"وان كانت امريكيه الاصل
ردا على السيد الكريم جمال العتابي

محمد حسن صبيح

تتعرض الامم والشعوب الى محن ومصاعب كبرى والعراق ليس استثناء , فقد مر بمثل هذا عبر ازمنه مختلفه خلال تاريخه الضارب عمقا في بدايات التكوين البشري . فيضانات دجله والفرات ,المجاعات , الاوبئه والافات الزراعيه , امراض الطاعون والجدري , حروبه الداخليه ,الاجتياحات من قبل اعدائه الكثيرين سواء المحيطين به او البعيدين عنه .كل ذلك ترك بصماته على التكوينات النفسيه والاجتماعيه للفرد والجماعات العراقيه المختلفه .

وكم من مرة وجد العراقيون انفسهم وسط صراعات وقعت على اراضيهم او خارجها وما كانت لهم الرغبه من ان يكونوا طرفا فيها. وتعرض العراقيين الى الكثير من حملات التشويه والاساءه الى سمعتهم ووصفهم بمختلف الاوصاف والنعوت التي تحط من قدرهم وتسخر من نضجهم ووعيهم وردود افعالهم .كان ذلك في بدايات الاسلام الاول والحقبه الامويه التي تلته لتمتد حتى الزمن العباسي اللاحق . شكل هذا الافتراء على العراقيين عبر التاريخ عقدة جمعيه اساسها الاحساس بالذنب والدونيه . تفاقمت واستنزفت المحن العراقيه الكثير من الارواح وحرفت الصراعات الدائرة بين معتزله العراق واصحاب الرأي منهم عن ما كان يمكن ان يساهم في انشاء صحوة فكريه عقلانيه تؤثر في سير الاحداث التاريخيه التاليه .ورغم انفتاح المأمون وتشجيعه الاطلاع على الفلسفات اليونانيه والفارسيه القديمه والاستفاده من منهجها العقلي الا انه لم يعامل خصومه من اهل الحديث بنفس العقليه التجديديه التي ساعدته على الانفتاح على علوم الامم الاخرى . .بل العكس فقد كان قاسيا على الخصوم الفكريين وقتل وزج الكثير منهم في السجون .

وكان حكم المتوكل, انقلابا على الرؤى والفلسفه السابقه وبشكل كامل .حيث انتصر لاهل الحديث وحارب بشده اهل الرأي واتهمهم بالكفر والزندقه . وقتل وسجن الكثير. كما قام بهدم البعض من المعالم المقدسه عند الشيعه بما فيها قبر الحسين ابن علي . هذا العنف والعنف المضاد ترك اثاره وبصماته على حياه العراقيين من مختلف الطوائف والمذاهب وامتدت ,للاسف ,الى يومنا هذا.

تبع ذلك سلسله من الصراعات المتتاليه الطاحنه الفارسيه منها والتركيه للهيمنه والاستحواذ على السلطه في العراق اتسمت بنصرة مذهب اسلامي على اخر. ولم يكن الاجتياح المغولي الا اكثر عنفا وقسوه تتوج هو الاخر بنصرة مذهب ديني ومحاربه اخر . وسط كل هذا كانت الشعوب العرافيه المختلفه الديانات قد نالت نصيبا وافرا من الاضطهاد ومصادرة الحقوق .

كان يمكن للعراقيين الاستفادة من العبر التي تراكمت لديهم من تلك المصائب المتلاحقه وتجعل منها رصيدا يساهم في صيانتها من كوارث شبيه او التقليل من اثارها على الاقل.ذلك لم يحدث في الاغلب الاعم .

وتعاقبت على الوطن العراقي كوارث سياسيه مفجعه وبهيئات مستحدثه وجديدة ربما ضللت الوعي العراقي الضعيف اصلا مما عمق من وقعها على الجماعات العراقيه المختلفه. وليس بمأساة اليهود العراقيين وتهجيرهم القسري عن وطنهم الوحيد , العراق, ولا مجازر البعث في العام 1963 ولا بقتل وابادة الشعب الكردي ولا بتهجير المواطنين العراقيين من الاكراد الفيليين ولا المذابح التي تعرض لها اهل الجنوب العراقي , الا نماذج معاصرة وشواهد حيه وقويه ليس على قسوة القائمين على تلك الاعمال فقط وانما هي دليلا اخر على شيوع ثقافه العنف والالغاء للاخر المحتلف . كل هذا لا يعفي المجتمع العراقي ووعيه الجمعي , الشعبي منه والنخبوي ,من المسؤوليه لا بل وحتى الادانه . والا بماذا يفسر هذا السكوت الشعبي اللامبالي لما حدث ويحدث للعراقيين المسيحيين اليوم .

ورغم انني اؤمن من ان وصول البعث ثانيه لحكم العراق من كبائر المحن ,لما رافقها من حروب عبثيه وخراب شامل على كل الاصعدة وفشل عراقي ذاتي لتجنب ما ترتب على تلك العودة المشؤومه من تبعات .وكانت محنه جديدة حقا لا بل اما لكل المحن, الا انني لا اقلل من شأن محنه الاحتلال الامريكي والفشل العراقي النسبي في توظيف هذا الاحتلال للمصلحه العراقيه الخالصه بدلا من بدائلها المتجلفه وغير العصريه, القوميه منها او المذهبيه او الدينيه المحدودة الافق .

انا لا اجد في التاسع من نيسان ما هو معيب او مثير للاستنكاف كما رأى السيد جمال العتابي للحد الذي توقف فيه عن الاحتفال بيوم ميلاده الموافق للتاريخ المبارك ذاته . مبارك يوم ميلادك سيدي المناضل . الزمن تغير كثيرا وتغيرت معه المقاييس فهي تخضع للمراجعه المستمرة وتطوع لتستجيب الى حاجيات الناس اليوميه والانيه الملموسه .كنت تمنيت لو قرأت لك خلاف هذا يا سيدي ,ولم لا وانتم من بين العوائل المضطهدة الكثيرة التي انصفها التاسع من نيسان المبارك . لقد "باض الديك" باض التاريخ بيضته الامريكيه في العراق الذي عليه ان ينتصر على عنفه الذي يحاول البعض تكريسه .






 

free web counter

 

أرشيف المقالات