| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الأثنين  6 / 10 / 2014                                                                                                 

 

لحظات حزينة

د. جبرة الطائي

لا أدري لماذا ينتابني احساس في أن هناك تنافس على الرحيل واحد تلو الاخر من المثقفين والأدباء والفنانين ، هل لأنهم مرهفو الحس واكثر تألما من الأخرين ،أم أنه هروب منظم من الأرض الى السماء ، من ارض يعيث فيها الفساد ويسيطر عليها المتأسلمون والتكفيريون ومحرمو كل اوجه الأبداع، بإستثناء ثقافة الذبح ونشر التخلف، أم هي دعوة من السماء للنخبة المبدعة وهجرة من الأرض التي بات فيها القتل حلالاً واستباحة الأعراض حلالاً ونكاح الجهاد حلالاً، الى سماء غير ملوثة بالسياسة الرمادية، رحلوا ليخلدوا اعمالهم ونتاجاتهم الأبداعية في مكان انقى وارقى بعد ان ضاق الخناق عليهم في الأرض ، فهم حوربوا من الطاغية الدكتاتور قبل السياسيين والأن يغادرنا الواحد تلو الأخر دون ان نسمع خبر موت أحد الساسة صانعي الموت وأصحاب القرار، لأن الساسة يعيشون مترفعون مترفون بعيدا عن هموم الشعب أماالنخبة من المثقفين فهي تعيش مع الشعب سواء في داخل الوطن أو خارجه ، بينما الساسة لا يريدهم الله ولا يرغب بهم، فهم صانعوا المشاكل أما النخبة الواعية فهي مع الناس والى الناس وتعيش لتعطي للناس، و تحاول ان تتحدث بلسان الأم أو ترسم صورة للأخ الفقيد أو قصيدة للعريس الشهيد، والسياسي عندنا لا يتفق حتى مع أقرب الناس إليه اذا تضاربت مصالحه معه، فهو أولا وليأتي الطوفان من بعده ولتأتي حتى داعش، ما دام هو محمياً وبعيداً عن متناول ايديهم وقد يكون مساوماً او متعاطفاً أو مسانداً لهم.

يرحلون لسماء ليس فيها صناعة للموت الأمريكي، ومن ساسة يعرفون هذه الحقيقة ولكنهم يصرون على التعامل معها ويطلبون من الحرامي الحرص على ثروة البلاد ومن القاتل البكاء على ضحيته ومن المغتصب التلذذ بالأغتصاب امام اعينهم. يرحلون بعيداً عن طائرات أمريكا الحريصة على تحجيم داعش فقط وضرب معاقل الجيش بالخطأ، يغادروننا لأنهم لا يريدون ان يروا اليوم الذي تحلّق فيه الطائرات الإسرائيلئة فوق سماءنا، لتساهم في القضاء على ما تبقى لنا من هذا الوطن.

انا اقول لكم ارحلوا حتى لا تعيشوا اللحظة التي لم تروا فيها غير عراق مقسم الى ثلاث ولايات ليس فيها اسم عراق. ارحلوا قبل ان يمحى العراق من على خريطة العالم، ارحلوا قبل ان تتحقق مقولة المقبور: " تسليم ارض بدون شعب " ، وقد لا نجد شعبا بعد ان يُذْبَحْ ابناؤه بكل سائل الموت، بعد ان جربنا على يد الطاغية المقبور كل وسائل التعذيب، ولكن على الأقل كان شكلاً واحداً من الموت وله أسم معروف هو: الشهيد ، شهيد الحركة الوطنية، شهيد الحرية والعدالة .

هنيئا لكم فهناك من يكتب نعياً وهناك من يجعل من مأتمكم تظاهرة، فقد يأتي يوماً لا نجد فيه من يقرأ الفاتحة على أرواحنا.

 

3/10/2014
 

free web counter

 

أرشيف المقالات