| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

السبت 5/3/ 2011



المرأة والوطن ... ربيع دائم

محمد حسب الله

الثامن من اّذار يوم ربيعي خالد تخلع فيه الطبيعه وجه المزن وتكتسي بحلة خضراء والمطر المتساقط رذاذاً على اوراق الأشجار بذرة الرياح قطرات رضاب ترطب شفاه العاشقين المحبين للحريه والجمال في لوحة حب حقيقي صادقة تبدو في عيون امرأة عبر خيوط اشعة الشمس الذهبية المعبقة بأريج عطرها الألهي إيذاناً ببدء الفرح باليوم العالملي للمرأه لوحة تتجلى فيها روعة الخلق ورونق الطبيعه وتعجز عن رسمها ريشة امهر الرسامين وغير قابلة للتزوير يوم خرجت فيه المرأة من مستنقع النسيان والحرمان الي حيث الوجود وتعلن أنها الهة الخصب والنماء وتخاطب من ينكرها من منكم لم يحتفظ بذاكرته بأمرأه !

وأنا أكتب في هذه المناسبة علي أن اعثر على أصدق الكلمات التي تختلف عن كل الكلمات السابقه، كلمات تليق بالمساحة التي تحتلها المرأه على خارطة الحياة، وعيدها لم يكن منسابة ككل المناسبات انها مناسبة للفرح الأزلي الذي تتوج به المرأه كسيدة للكون وبداية للخلق، خلق الأنسان وخلق الطبيعة في جدلية متحركة لاتقبل السكون يكمل احدهما الأخر وفي صراع تتجه بوصلته كلما توضحت معالمه عبر قوانين الحتميه في التطور التأريخي لمسيرة الشعوب صوب الحرية والسعادة للجميع وهذا لايتحقق إلا بسعادة المرأه واحترام حقوقها وأرادتها لانها هي الجميع المراد له التطور وهذا الجميع لايكون جمعاً قادراً على النمو والأرتقاء والتطور واكتساب المعارف وفي مقدمتها اللغه وتعلم أصول التربية ومهارة الاختلاط وتكوين الأسرة التي تعد النواة الاساسيه لكل مجمتمع لولا وجود المرأه. المرأه التي تعد المدرسة الاولى في حياة المجتمعات والوطن الأول الذي يلجأ اليه الجميع، فلا غرابة أن نجد في حضارات الشعوب القديمة في العراق القديم في سومر واكد وغيرها من البقاع التي استوطنها الانسان القديم أن تحتل المرأه مكانة مهمة في معتقداتهم الدينيه فكانت الهاً او قد تكون الأله الرئيسي تقدس وتمار في معايدها طقوس العباده وتنحر أليها القرابين لنيل رضاها ومن أجل أن تمنحهم الخصب والنحاء بأعتبارها الهة الخصب وهذا مااكدته التنقيبات الأثاريه التي عثر فيها على دفئ طينية على هيئة امرأة أطلقوا عليها الألهة الأم ممادفعهم الى ذبح الذكر من الحيوانات وأبقاء الأنثى لقدسيتها، اضافة الى كونها ألهة للحرب تسير خلفها الجيوش عند الحرب، وكان يتوسل بها العشاق باعتبارها الهاً للحب، وقد وصلت المرأة الى كرسي الملوكيه وتقلدت مختلف المناصب الاداريه على مر العصور.

ولو قلبنا ذاكرة الزمن العراقي لوجدنا على صفحاتها العديد من الصور والقصص الرائعة لمأثر وبطولات المراة العراقيه وماعانته من ثقل السنين ومرارة ايامها وضياع اجمل سنوات عمرها وهي في عنفوان خصوبتها وألق شبابها حينما تفقد نفسها او تفقد رفيق حياتها او تفقد احد اولادها او والدها وتدخل مرحلة الترمل أو اليتم الأجباري بنتابها فيه شعور موجع ومخيف يتحرك فيها من الدخل بحثاً عن الحنان.
وظلت المرأة العراقية تعيش في أمل أن تلتقي احبتها الذين غيبتهم الحروب أو السجون أو المقادير الجماعيه أو الذين تشردوا في كل منا في الدنيا يبحثون عن وطن وبعد أن فقدوا علاقتهم الزمانيه والمكانيه ولاتصلهم من أخبار غير الخراب والدمار وزوار الفجر يقتحمون البيوت بحثاً عن (الخونة والعملاء) كما يدعون أو بحثاً عن قصاصة ورق كتب عليها عاش الوطن يستيقظ من في البيوت ويستيقظ الليل معهم ليكون شاهداً أمام التأريخ لما ينتهك من حرمات وكيف تساق بنات الوطن الى دهاليز الموت السريه المظلمه حيث المساومه الرخيصه التي يندى اليها الجبين ويأنف منها كل صاحب ضمير. في ذلك الزمن الصعب أدركت المرأة العراقية أن قدرها لايتعدى الحدود الفاصلة في مساحة الزمن بين الحريه والموت أختيار تبدو فيه دروب الحريه مغلقه لما تعرض اليه الوطن من تأمر اقليمي ودولي والتواطؤ مع النظام على ذبح ا لحريه ثمناً لديمومة بقائه فصرخت صرخة مدوية أهتزت أليها زنازين السجن وأنزلت الرعب في قلوب السجانين، مرحباً بالموت الشريف وتباً لحياة الذل! مرحباً بالموت أذا عاش وطننا من بعدنا حراً وشعبه سعيد ولازالت جدران السجون تحتفظ بذاكرتها بأسماء من استشهد من العراقيات الخالدات في ضمائر الناس الطيبين مكتوبه بدمائهم الزكيه الطاهره شاهداً على مأثرتهم البطوليه وحافزاً للسير على ذات الدرب من أجل حرية الوطن وكرامة شعبه دعاراً لكل من ينتفض من مكانة المرأة ويزايد على وطنيتها ويصادر حقها في المساواة.
لقد تركت كل امرأة من تلك اللواتي فدين الوطن بأرواحهن قصة تعد من اروع القصص الواقعيه في أدب التضحية والفداء ونكران الذات وبعضهن دفن الاسرار المتعلقه بتنظيماتهن معهن فهل هناك اكبر من هذه التضحية! ظلت هذه القصص وسام فخر وشهادة حسن سلوك يفتخرون بها من بقى خلفهم من الأيتام والثكالى يحاججون بها دعاة الوطنيه وأنصاف السياسين ومن تلبس بلباس الدين اللاهثين وراء الكراسي الحلوب التي تدر لهم الدولارات يتملقون تحضدا المسؤول ويجاملون الأخر يلحسون مايتدفق من بين يديه من مقاولات شبوهة على مرأى من الجميع دون حياء ودون اعتبار لدماء الشهداء التي لازالت طرية متناسين أن راحة الضمير وكسب رضى الناس الفقراء وحدها تمنحنا السعادة الحقيقية.
لقد برهنت المرأة العراقية خلال نضالها الدؤوب انها الرديف الحقيقي للوطن يسكنها وتسكنه تتناسم معه الافراح والمسرات والانتصارات وتشاركه الهموم والأحزان والانتكاسات فعندما تتطيب بعطرها وتلبس الاناقة يبدو الوطن جميلاً يدخل في نفوسنا شعور الفرح والزهو والكبرياء قاومت معه الطفاة الذين في غفلة من الزمن سرقوا بسمته وجعلوه يتوارى خلف الأوطان خجلاً كفتاة انتهكوا عذريتها وتوارت عن الأنظار خوفاً من سكاكين الشرف وغسل العار!
المرأة العراقية بدعوتها الي حريتها تدعوا الي تحرير المجتمع والى وطن يتسع الجميع ومغادرة أيام الحزن والكف عن تبادل التهم والتراشق بالكلمات وغلق دهاليز ذاكرة الماضي وتضميد جراحه وفتح أبواب الوطن ونوافذه لحموء الحريه وطرد الهواء العفن الذي أفسدته المفخخات والأحزمه الناسفة وبارود المسدسات الكاتمة وتعطر اجوائه بشذى نساء أذار الربيعي الخالد وعبير صباياه ازهار الياسمين الملونه وأفكار 31 أذار
* التحرريه الداعية الى المساواة الحقيقية ليس بين الرجل والمرأة فحسب بل بين جميع مكونات واطياف المجتمع العراقي من خلال احترام احكام الدستور والعمل على تطبيقها وقد برهن معتنقوا الفكر الأذاري من خلال تاريخهم النضالي الذي أمتد لأكثر من سبعة عقود أنهم اكثر قرباً من المرأة ومطاليبها العادلة وقدموا العديد من الشهداء من أجل تحريرها من دائرة القدر التي احاطها بها النظام الدكتاتوري والفكر الظلامي الرجعي المتطرف لأجبارها على الأستسلام والرضوخ الى مشيئته الغير عادله.
يتزامن عيد المرأة هذا العام والأنتفاضة الشعبيه العارمه التي امتدت على مساحة اكثر من قطر عربي الرافضة لسياسة كم الأفواه ومصادرة الحريات وتمتع الأقليه بالامتيازات وممارسة قيم الديمقراطيه في الحكم وتشارك فيها المرأة بدور فعال من اجل ديمومة استمرارها والصمود لتحقيق مطاليبها العادلة.
وأمام هذا الوضع المتأزم والبركان الذي يغلي تدعو المرأة ومنظمات المجتمع المدني والاتحادات والنقابات وكل الأنشطه النسويه والشبابيه الى تحمل المسؤوليه والعمل المشترك بروح التضامن وأيصال رسائل احتجاج عبر الأساليب السلميه والشرعيه التي يكفلها الدستور الى أصحاب القرار في السلطات الثلاث لتجاوز اخفاقات الثمان سنوات ووضع الحلول الناجحه وتذكيرهم بوعودهم الأنتخابيه التي تبخرت ادراج الرياح والسير بخطى واسعه لأصلاح الوضع السياسي وبناء الدوله المدنيه الحديثه القائمه على تحقيق المساواة والعداله الاجتماعيه والاستثمار الأمثل للامكانيات الماديه والطاقات البشريه وترسيخ قيم الديمقراطيه الحقيقيه على مختلف الصعد والابتعاد عن ثقافة العنف والتهميش وعدم تقييد الحريات الشخصيه، وأن تكافئ المرأة في عيدها بالاستجابه الى مطاليبها العادله في نيل كافة حقوقها التي أكد عليها الدستور ونبذ العنف الذي يمارس ضدها هي الأم المثاليه والزوجة الوفيه والأخت الحنونه وان يخرج بعض الرجال من شرنقتهم الذكوريه ودائرة افكارهم وتقاليدهم الباليه التي عفى عنها الزمن منذ مطلع عشرينيات القرن الماضي عندما دعى الشعراء والكتاب انذاك المرأة الي السفور والتحرر من الحجاب والخروج الى دائرة الضوء والتحرر من النظره الدونيه لها وأحترام ارادتها في العمل والتعلم وحق الأختيار.
وتؤكد تجارب الشعوب الحديثه أنها لم تتقدم إلا بعد أن تحررت من هذه العقد والسماح للمرأة ان تطرق كافة ميادين العمل وان تمارس مختلف الأنشطه على قدم المساواة مع الرجل.
وتبين من خلال تجارب ميدانية في مجالات العمل أن المرأة احرزت تقدماً على الرجل من خلال انضباطها واحترامها للقوانين والقدره على التعامل مع الأخرين مما انعكس ايجاباً على الأنتاج لا أود ان اهمس في اذن الرجل الذي يحتقر المرأة ويعنفها كيف يخر راكعاً تحت قدميها عندما يريد ان يشبع رغبته ...!
فتحية أكبار واعتزاز للمرأة العراقيه ونضالها الدؤوب الذي لا يعرف الكل من أجل ان تنتزع كامل حقوقها وتحرر المجتمع ليسمو بها الوطن وتعلو رايته.


* تأسيس الحزب الشيوعي العراقي في 31 اذار عام 1934


السـويـد
 

 

 

free web counter

 

أرشيف المقالات