نسخة سهلة للطباعة
 

| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

 

الجمعة 5/5/ 2006

 

أرشيف المقالات

 

 

الى قمر العراق الغائب الاستاذ سعدي يوسف


نعمة السوداني

حكايات من زنزانات الاعدام عام 1988 مع الشهيد البطل الفنان المسرحي حسن حنيص * الذي ارعب الطغاة بمعارضته لنظامهم الدكتاتوري فاعدموه......

في احدى المساءات الاكثر حزنا وبعد توديع دفعة من الشهداء الى مذبح الحرية تحدث وبكى وقدم عرضا باسم الحسين شهيدا تيمنا بهذه الكوكبة الشريفة التي غادرت الارض لتلتقي بالرفيق الاعلى ناشدا بصوت حزين وعلى الطور الحسيني وبكل ثقة
ان الفكر الانساني اقوى من الموت واعلى من اعواد المشانق ,واننا لسنا من عشاق الموت ,بل من عشاق الحياة ,حياة العزة والكرامة والموت والخزي والعار للدكتاتورية الغاشمة.....

هكذا بدأ يتحدث عن الحياة خارج الزمن المعطل ( قاطع الاعدام ) الذي نعيش به معا ، روى لنا عن احدى الامسيات الجميلة وما حصل بها من حدث هز اركان القاعة انذاك .
لم تكن امسية عادية بل كانت افتتاح اكبر مهرجان شعري يصنعه النظام ويستقطب اكثر الشعراء المداحين لحياة ( القائد الضرورة ) ولتمجيد سيرته الحميدة الشريفة وكيف وهو عبد المؤمن اللقب الاخير الذي اطلقوه عليه هؤلاء الشراذم التي كانت تاتي لاخذ الدولارات ثم تشبع بطونها وتمسح يديها باكتاف العراقيين على امل اللقاء بالعام القادم,,
انه مهرجان المربد ,في يوم الافتتاح كان الشهيد حسن حنيص يعمل في قسم التشريفات لاستقبال الشعراء الفطاحل والذين اغلبهم من الفقراء يعتاشون على صدقات النظام لهم ، بعد ان يوزع لهم مصروف الجيب زائدا تذاكر الطائرات ذهابا وايابا لبلدانهم والنوم بضع ايام في الفنادق الفاخرة مع الموائد العامرة بما لذ وما طاب ,على ان كل شويعر ان يلقي ما بجعبته مدحا للقائد وقدحا بالضرورة ثم يستلم المبلغ المخصص له ويولي هاربا من اعين السلطة واجهزتها الى بلده خوفا من مراقبته مع من تكلم ؟ ومع من التقى ؟ حتى يكاد للبعض منهم لايلتزم بالحوارات الفكرية او الندوات التي تعقد بعد كل جلسة شعر خوفا من ازلام السلطة ومخابراتها!!

في ذلك اليوم كان حاضرا عند الافتتاح الوزير طارق عزيز والامعه لطيف نصيف جاسم والشاعر نزار قباني في مقدمة الحضور حينما اعتلى احد الشعراء العرب والقادم من فلسطين وكان على علم ودراية تامه بما يدور بالعراق من مآسي ومعاناة للشعب العراقي ومما يعانيه اصحاب الفكر والقلم والعقيدة من معاناة حقيقية وبدأ بالتقديم لقصيدته عندما قال في معرض كلمته التي القاها تحية حارة من القلب الى ( قمر العراق الغائب الاستاذ الشاعر الكبير سعدي يوسف )
اعتبرت هذه المقدمة قنبلة انفجرت وسط القاعة ,حدث هرج ومرج ,هناك انفعالات وزعل وغضب وتأييد واحترام مما حدى بالوزيروالامعه التي معه مغادرة القاعة بعد سماعهما اسم شاعرنا الكبير الاستاذ سعدي يوسف وبعصبية وبأمر وعلى الفور تم اعتقال الشاعر الفلسطيني من المنصة وطرده خارج القاعة ومن ثم ترحيله الى المكان الذي جاء منه وكان الشاعر منتصرا امام الجميع وهو يهدي سلامه وتحياته الى ابن العراق البار ......
هذه الحادثة وللاسف لم تذكر لحد الان من الذين حضروا ذلك المهرجان لكي يكون شاعرنا على علم بها......

تحية اليك ايها الشاعر سعدي يوسف ...
ولك منا يا ابا مصطفى الف تحية واجلال فانك لازلت بيننا بروحك الطاهرة التي ترفرف على سماء بلادنا الحبيبة...
واعرف ان الاعمال اليدوية التي عملتها اليك والى ابنك مصطفى قد صادرها الجلادين عند بوابة الجحيم وسرقوها مني وهم لم يفهموا ما بها ( لقد رسمت طفلا اسمه مصطفى وهو يحلم بالقمر والنجوم ).....
نبلغك سلامنا حيثما ترقد وازف اليك البشرى التي طالما حلمت بها وبتحقيقها بسقوط الصنم ومن دون رجعة....
لقد كنت مجددا لكتابة النص المعاصر.....
كان تصوفك وسيلة الى غايتك التي لاتتوقف عند حد.....
كنت تحب الارض ومن ثم الام والحبيبة لان الجميع يزول
الا الوطن بقي هكذا كنت تقول......
سلاما لك ايها الشهيد البطل...
 


* الشهيد حسن حنيص ( ابو مصطفى ) من مدينة الثورة مدينة العمال والكسبة مدينة الحب والغزل ,مدينة الجماهير الشعبية والمثقفين والفنانين والشعراء.
• متزوج وله من الاولاد اثنين وكان شديد التعلق بابنه البكر مصطفى لا يمر يوم واحد دون ان يتحدث عنه
• تخرج من اكاديمية الفنون الجميلة/قسم الفنون المسرحية/الاخراج..

• كان شيوعيا في السبعينيات في صفوف الحزب الشيوعي العراقي ومجاهدا في الثمانينيات في منظمة العمل الاسلامي, كان في حالة ثورة مستمرة ضد النظام الفاشي .....


هولندا 2006 ايار.