| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الجمعة 5/2/ 2010

 

مأزق العملية السياسية في العراق
قرارات هيئة المساءلة والعدالة

موفق الرفاعي

يعلم الله ما الذي وراء كل هذه الجلبة وعمليات خلط الأوراق والألوان والإشكال التي تجري اليوم وبوتائر متصاعدة وما الذي سيخفيه هذا الدخان المتصاعد من حرائق الملاسنات فيما بين الأطراف السياسية المتوافقة والمتقاطعة على حد سواء.

فما ان بدأت الكتل السياسية تقديم قوائم أسماء مرشحيها للانتخابات العامة حتى خرجت علينا (هيئة المساءلة والعدالة) بقرار استبعد أكثر من خمسمائة مرشح بينهم رؤساء كتل برلمانية وأعضاء برلمان ووزراء، حتى وصل الأمر إلى حد استبعاد جبهة كاملة هي جبهة الحوار الوطني العراقية برئاسة (صالح المطلك).

وحين احتج هؤلاء على قرارات الهيئة واتهموها بالتحيز أو تلقي التعليمات من أحزاب معينة أو من دوائر ودول أجنبية ردت الهيئة وأحزاب السلطة على المعترضين بان يلجئوا إلى (المحكمة التمييزية) التي سيكون لها الحكم الفصل والكلمة الأخيرة،- وكانوا يراهنون على عدم مقدرتها البت في الاعتراضات لضيق الوقت- ولقد لجأ المتضررون فعلا الى تلك المحكمة التي فاجأت الجميع واصدرت حكمها لمصلحتهم.

لكن لا (هيئة المساءلة والعدالة) ولا أحزاب السلطة أعجبها هذا الحكم فصاروا يكيلون لـ(المحكمة التمييزية) التهم بدءا بالطعن في دستورية قراراها شكلا ومضمونا وانتهاء باتهامها تلقي التعليمات من الإدارة الأمريكية والخضوع الى الضغوطات العربية لإعادة المستبعدين وهم إما عروبيون او علمانيون ما يكشف الدور الذي تلعبه (هيئة المساءلة والعدالة) لمصلحة أحزاب معارضة لهذين التوجهين ويضران بها في المنافسة على مقاعد البرلمان المقبل بعد سبع سنين عجاف ودموية لم يقدموا فيها للعراقيين سوى القتل والدمار والتخلف والفساد المالي والاداري والتراجع المريع في الخدمات وعلى كافة الصعد.

اغلب الظن ان الجميع يعلم حدوده ومديات ما يذهب إليه في المولاة أو المعارضة وان ما يجري لا يعدو استخداما لألاعيب مكشوفة او هو دخان يثار عن قصد اما لتمرير الصفقات (التوافق) فيما بين الكتل السياسية ورعاتها من خارج الحدود العراقية بعيدا عن أعين العراقيين أو ليحجب التحركات التي تنشط من اجل إعادة ترتيب واجهات السلطة ونمط الحكم القادم والذي لا بد وان يتسق والتوجهات الأمريكية في إعادة ترتيب خارطة المنطقة في المرحلة المقبلة.. مرحلة إيران النووية او إيران أخرى بدون عمائم.

فـ(هيئة المساءلة والعدالة) هي هيئة مختلف على شرعيتها ومشروعية قراراتها مذ أسست من قبل (بول بريمر) وكانت هيئة لاجتثاث البعث حتى أبدل اسمها وتوسعت وظيفتها الى اجتثاث كل ما يمت بصلة لغير الأحزاب الاسلاموية او من لا يتماشى مع مشروعهم في بناء جمهورية العراق الإسلامية وهو الهدف الذي تتنازع عليه أحزاب الإسلام السياسي فيما بينها وتدعمه إيران من اجل مصلحتها القومية والظرفية وتحاول الوقوف في وجهه الأحزاب المعارضة لهذا المشروع بدعم من دول إقليمية ودولية.

اما دستورية وعدم دستورية أحكام المحكمة التمييزية فهي حجة متهافتة حيث نشهد يوميا بل وعلى مدار الساعة الخروقات الدستورية بل وحتى القانونية في كثير من الممارسات الحكومية بدءا من تشكيلات قوات امن بغداد وقوات مكافحة الإرهاب اللتين تعملان دون غطاء تشريعي ومرورا بالاعتقالات دون أوامر قضائية وليس انتهاء بما يتعرض له الإعلاميون كافة من ممارسات قمعية تحاول تحاشيها او تلافيها اعتى الديكتاتوريات في العالم وتجري في العراق الديمقراطي علنا وأمام عدسات الكاميرات.

كذلك فان الاحتجاج بان هذا الحكم صدر بعد ضغط أمريكي وعربي ودولي فقد سبق وان اتهم المستبعدون أحزاب السلطة والحكومة حين قالوا ان قرار هيئة المساءلة والعدالة هو قرار إيراني.. و(ديفيد بترايوس) الذي اتهم الهيئة بصلتها بفيلق القدس الإيراني.. و(هيومن رايتس ووتش) - وهي منظمة دولية - التي أصدرت بيانا طويلا عريضا اتهمت فيه القائمين على الهيئة بالتواطيء مع أحزاب تتلقى التعليمات من الإيرانيين.

ثم اذا كان كل هؤلاء لا يحق لهم التدخل لممارسة دور توفيقي ما بين الأحزاب المتقاطعة ولا رقابي وبخاصة جامعة الدول العربية والمنظمة الدولية ويعد عملهم هذا تدخلا بالقرار العراقي فمن هي الجهة او الجهات التي يحق لها ذلك؟

مجرد سؤال..!!
كذلك فان العراق ما يزال خاضعا لاحكام الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة ما يعني انه ما يزال تحت وصاية الامم المتحدة ومجلس الامن الدولي وهو ما يمنحهما حق التدخل.

اغلب الظن ان قرار محكمة التمييز جاء باتفاق جميع الكتل والأحزاب وان ما نسمع من احتجاج ورفض ما هو الا ضجيج للتغطية على تراجع ضعيف يشبه المهزلة فقد جاء الحكم متفقا وأفكار نائب الرئيس الأمريكي (جو بايدن) الذي زار العراق مؤخرا والتي أطلقوا عليها استحياءً (مقترحات) ويعلم الجميع ان هي الا أوامر من (السيد الأمريكي) الذي يدين له اغلب من في (العملية السياسية) بالفضل والذي لولاه لما كان الجميع اليوم في مواقعهم التي هم فيها ولكان الكثير منهم ما يزال للان يتسكع على أرصفة عواصم ومدن دول العالم.

ان التوقيت والاسلوب والطريقة التي جرى فيها استبعاد مرشحين من التنافس الانتخابي وكذلك انتماءات اشخاص القائمين عليها تكشف بوضوح عن عدم حيادية هذه الهيئة، التي ما زالت وحتى هذه اللحظة تصر على ان قراراتها ملزمة وقطعية، بل وقد تدّعي يوما انها مما يوحى به اليها..!! ولكن.. من أية جهة يأتي هذا الوحي!؟

هذا ما سيكشف عنه اشتداد الازمة في الايام القليلة القادمة وبخاصة في وبعد جلسة البرلمان الاحد المقبل.


 

 

free web counter

 

أرشيف المقالات