| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الأحد 4/3/ 2012                                                                                                   

 

الوطنيون في الناصريه عام 1932
(1)

خلود حامد عبد الجبار

الناصريه تلك المدينه الجنوبيه التي كانت تزهو بمناضليها وكتابها وشعرائها وادبائها بالرغم من بعدها عن العاصمه بغداد التي كانت رمزاً الثقافه انذاك . ومن رموز الناصريه وشخصياتها مؤلف كتاب (تصدع البشريه) عبد الكريم حسون الجار الله ، الذي تناول في كتابه ابرز الشخصيات التي ناضلت وابرز المواقف التي كانت في مراحل متعددة من سنوات الظلم والحرمان ابان حكم الاستعمار البريطاني علي العراق وقد طبع هذا الكتاب علي نفقته الخاصه بعد معارضة السلطه حيث دوّن فيه الاحداث التاريخيه المهمه لمدينه الناصريه ومناضليها الذين ضحوا من اجل ان يعيش بلدهم ومدينتهم حياة حرة كريمه آمنه . ويذكر مؤلف الكتاب انه في سنه 1932كانت الظروف التي يعيشها الشعب عصيبه جدا حيث يعاني الشعب من الاضطهاد والحرمان من قبل الساسه المسؤولين وكان هذا ما يجري لابناء الشعب العراقي اما الساسه المسؤولين فمنغمسين بانواع اللهو في اقامه المآدب والحفلات الليليه اذ ان تقاليد المجتمع لا تسمح بذلك وكان ذلك في الناصريه ايضا حيث اجتمع بعض من الناس ليلا بديوان عبد الجبار حسون الجار الله وقرروا ارسال الاحتجاجات وبرقيات للداخليه والبلاط والصحف استنكارا للاعمال والتصرفات التي كانت انذاك .

وكان مراسل جريده الاهالي المناضل يوسف سلمان يوسف - فهد الذي كان يعارض هذه الاعمال ولا يحضر مثل هذه الحفلات وكذلك مدير الشرطه المرحوم ابراهيم الشاوي ولما اخذت هذه الصحف تعلن عن هذه الاعمال وتصرفات المسؤولين في الناصريه غضب هؤلاء وارادوا اهانة عبد الجبار حسون الجار الله الذي كانت تعقد الاجتماعات في داره ليلا فقرروا ارسال شخصين ليعتديا عليه وسط السوق وامام الناس وذلك لاهانته والحط من شأنه الا ان هذين الرجلين ابيا القيام بذلك فارسلوا ابن رئيس البلديه لاهانة الشخص المذكور وفي اليوم التالي بينما كان عبد الجبار حسون الجار الله خارجا من داره ومتوجها الى السوق الكبير اعترض طريقه ابن رئيس البلديه وكلمه قائلا : كيف تتصرف بامور البلد والبلد بلدنا وفاجأه وضربه فامسك به الناس ثم سار عبد الجبار حسون جار الله و الناس معه بشبه مظاهرة و دخلوا سراي الحكومه . ويقول المؤلف عبد الكريم حسون حينما علمت بما جري لاخي عبد الجبار وقفت امام مقهي السيد هادي الواقعه امام مفرق اربعة اسواق في مدينه الناصريه والقيت خطابي هناك . وجاء اليه السيد خضر الحاج طالب يلتمسه ان يتوقف عن الخطاب فقال له ان هناك رجال قبلنا قد ارتقوا المشانق في سبيل التحرر والانعتاق من نير العبوديه والاستبداد ثم حضرت الشرطه والقوا القبض عليه واخذوه الي السراي والجماهير معه . ويقول عبد الكريم دخلت على مدير الشرطه ابراهيم الشاوي الذي رحب بي واخبرته بان العمليه مدبرة للانتقام من الوطنيين وحال خروجي من السراي انظمت اليّ الجماهير وذهبنا لارسال البرقيات احتجاجا وشكوي ضد السلطات في الناصريه . وفي نفس اليوم جاء اليّ احد عمال يوسف سلمان - فهد واخبرني بانه يريد مقابلتي في معمل الثلج واستقبلني بحفاوه وطلب مني ان اشرح له الحادثه التي وقعت لاخي عبدالجبار بغيته ارسالها الي جريده الاهالي ونشرها باسم مراسلكم . وقرر المجتمعون ارسال وفد الي بغداد ليشرح للمسؤولين حقيقه هذه الاعمال وكان علي راس الوفد عبد الجبار حسون ثم وصل الوفد الي بغداد وقابلوا الملك فيصل الاول والقي عبد الجبار حسون كلمته التي شرح فيها الاوضاع والفوضي في البلاد وبعد انتهائه اجابهم الملك سوف تقر اعينكم ثم غادر الوفد وذهب لمواجهة ارباب الصحف ليشرح لهم الحوادث وظهرت الصحف تطالب بتاْييد مطالب وفد الناصريه وخلال ذلك قرر الوفد الانتماء الي الحزب الوطني العراقي الذي كان زعيمه جعفر ابو التمن . وعقد جعفر ابو التمن جلسته مع وفد الناصريه وعاد وفد الناصريه وقد وقع الوطنيون طلبات الانتماء الي الحزب وارسلت الطلبات الي بغداد وقد شاع في المدينه بان حزبا سياسيا سيفتتح في الناصريه ليدافع عن الحقوق المغصوبه ويراقب الحكومه اذا انحرفت عن تطبيق الدستور وبعد مدة من الشكوي المقامه من قبل عبدالجبار علي المسؤولين حضرت هيئه المحكمه من البصرة الي الناصريه وطلبت حضور المدعي عبد الجبار واستمعت هيئه المحكمه الي افادته وبعد ان تمت كافه الافادات والشهود عادت المحكمه الي البصرة ومن هناك رفعت تقريرها الي الجهات العليا ثم اجريت بعض التنقلات بين كبار الموظفين في الناصريه لتهدئه الحاله ولما علمت الجهات المسؤوله ان ابراهيم الشاوي يتمتع بشعبيه وحب الناس نقلته الي مديريه شرطه الباديه وقد عين السيد علي البزركان بدلا منه متصرفا للناصريه وقد ذهب عبد الجبار الي مقابلته واخبره بانه سوف يفتح فرع للحزب الوطني العراقي في الناصريه الا ان المتصرف منعه ولكن الوطنيين اجتمعوا ليلا بدار عبد الجبار لانتخاب الهيئه الاداريه لفرع الحزب الا ان السلطات داهمت المكان ليلا والقي القبض علي الوطنيين وفي التحقيق قال عبدالجبار بانه قد عقد بداره جلسه عاديه فتجمع الناس امام مبني السراي واضطرت السلطه لاطلاق سراحهم خشيه حدوث مظاهرات واخيرا تم انتخاب اعضاء الحزب الوطني العراقي في الناصريه وهم 1- الرئيس عبد الجبار حسون الجار الله 2- توفيق العافص عضوا اداريا 3- حسن ملا علي الامير عضوا اداريا 4- مجيد حسن الصباغ عضوا اداريا 5- عبد الكريم الشعبان ابو العكل عضوا اداريا 6- ناصر علي طالب العطار عضوا اداريا 7- الحاج سلمان فرحان الحداد امينا للصندوق ، وارسلت نتيجه الانتخابات الي مركز الحزب في بغداد وصورة منها الي متصرفيه الناصريه وحدث جدال بين الهيئه والمتصرف حيث اصر علي عدم فتح الفرع فاتخذت الهيئه دار عبدالجبار مقرا لها بصوره مؤقته ومارست الهيئه اعمالها وتشكلت بعض اللجان منها لجنه الدعايه ولجنه التثقيف ولجنه جمع التبرعات ولجنه مشروع قرص الخبز لتوزيع الخبز علي الارامل والفقراء . وزاول الحزب نشاطه الا ان الاقطاع والطبقه البرجوازيه الحاكمه اتفقت علي مناهضه الحزب واخذت تشن الدعايات الكاذبه ضده .

ويذكر عبد الكريم حسون : التقيت الرفيق فهد في شارع النهر امام داره واخذ يسألني عن اعمال اللجان في الحزب الوطني العراقي فرع الناصريه فاخبرته بان لجنه قد تشكلت لجمع التبرعات من المواطنيين لغرض مشروع قرص الخبز ليقوم بتوزيع الخبز علي الارامل والفقراء فاعرب الرفيق فهد عن اعتزازه بهذا المشروع الخيري وتألفت لجنه هذا المشروع من 1- عبد الجبار حسون رئيس الفرع 2- حسن الملا علي 3- ناصر علي الطالب 4- مجيد ملا حسن 5- توفيق العافص اعضاء هيئه اداريه 6- مكي الحاج فليح المدو عضو حامل التبرعات  .

وذهبت اللجنه الي الاسواق لجمع التبرعات وما ان وصلت اللجنه الي منتصف السوق الكبير حتي جاءت ثله من الشرطه والقت القبض علي اللجنه وارسلتها الي المركز مع التبرعات فاسرع رئيس الفرع الي الشرطه ولكن الشرطه ارسلت التبرعات الي البلديه واللجنه الي المحاكم وبعد المحاكمه حكم عليهم بالاشغال الشاقه لمدة 15يوما وبضمنهم رئيس الفرع واخرجتهم الشرطه للعمل الشاق في شوارع الناصريه لتكسير الاحجار وتبليط الشوارع وساد اهالي الناصريه الحزن الشديد وثارت المشاعر الوطنيه في نفوسهم وكان غرض السلطه اهانه اعضاء الحزب وتخويف الاخرين ولكن حصل العكس ، فقد ازداد سخط الناس على السلطه كما التقطت السلطه المحليه الصور الفوتوغرافيه للاعضاء وعلقتها مع صور النشالين وقطاع الطرق  .

فاحتج اهالي المدينة عن طريق البرقيات والجرائد وللمركز العام للحزب الوطني العراقي وكان رئيسه جعفر ابو التمن يهتم ويراجع المسؤولين هناك .

في 27 تشرين الاول 1932 كانت قد استقالت وزاره نوري سعيد وتشكلت بعدها وزاره ناجي شوكت وقامت الوزاره الجديده بالشروع بالانتخابات النيابيه من اجل تكوين مجلس يؤيد سياستها الا ان الحزب الوطني العراقي لم يشترك فيها بل عارضها  .

هكذا كانت الناصريه سنه 1932كما دونها لنا المرحوم عبد الكريم حسون في كتابه الرائع (تصدع البشريه) . ولتاريخ الوطنيين بقيه .




 

free web counter

 

أرشيف المقالات