| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

                                                                                        الأثنين 4/4/ 2011

     

وزراء في حكومة المالكي .. الشخص المناسب في المكان المناسب

فارس الطويل
Faris-altaweel@hotmail.de

قلنا ، ونحن نتنفـّس الصعداء ، بعد إنتهاء أزمة الإنتخابات العراقية الأخيرة ، ومن ثم تكليف السيد نوري المالكي مرة أخرى بتشكيل الحكومة .. حكومة الشراكة الوطنية ، قلنا : ( فتنة وقانا الله شرّها ) ، وتطلعنا بعدها بأمل إلى المستقبل ، متمنين من الأعماق أن يتمكن السيد المالكي من النجاح في مهمته العسيرة التي مهّد لها قبل ذلك بتسكين الملف الأمني ، ودرء خطر الحرب الطائفية ، وتوسيع دائرة الحوار والمصالحة الوطنية .

كان خطاب السيد المالكي إلى الشعب العراقي قبيل الإنتخابات يتسم بقدر كبير من الصدق ، والواقعية ، والوضوح ، وكان طلبه بأن يمنحه شعبه فرصة ثانية كي يستطيع إنجاز ما وعد به ، ولم يستطع تحقيقه بسبب الوضع الأمني .. بدا طلباً منطقياً ومعقولاً ، ولقي إستجابة كبيرة من شرائح واسعة من الناس ، التي سارعت بإعطاء أصواتها للرجل ، وليس لحزبه ، حيث حصل لوحده منفرداً على أكثر من نصف مليون صوت ، وهي أعلى نسبة يحصل عليها سياسي عراقي في دائرة إنتخابية ، وهو رقم يعتبر قياسياً في العرف الإنتخابي ، جعل السيد المالكي ، قبل وبعد تكليفه برئاسة مجلس الوزراء ، يتحدث بثقة واطمئنان عن ضرورة أن تكون الحكومة القادمة حكومة قوية ، تستطيع النهوض بالدولة العراقية المهشـّمة من جديد ، وعن ضرورة أن يتم إختيار وزراء أكفاء لتلك الحكومة من ذوي الخبرة ، قادرين على مواكبة عمليات البناء والتطوير والتحديث والإعمار ، والتنمية الشاملة التي سيتم إطلاقها ، وقادرين أيضاً على تثوير قطاعات الخدمات والتربية والتعليم والصحة ، وتوفير فرص العمل ، وتحسين المستوى المعيشي ، وتطهير البلد من وباء الفساد والفاسدين .. ألخ .

ولكن الذي حدث بعد ذلك كان مخيباً للآمال والتوقعات ، فقد تشكلت حكومة ناقصة ، وبعد مخاض عسير ، أبسط ما يمكن أن يُقال عنها ، أنها حكومة ضعيفة ، ومترهلة ، وعاجزة عن القيام بالمهمات الخطيرة التي تنتظرها ، ويبدو للأسف الشديد ، أنّ السيد المالكي ومستشاريه العديدين قد فشلوا تماماً في إختيار الطاقم الوزاري الذي يتوقع منه أن يساعد رئيس مجلس الوزراء في تحقيق مشروعه في البناء والتنمية ، وتطوير وتحديث المؤسسات ، والإرتقاء بالواقع الإقتصادي والخدماتي ، وتلبية مطالب الشعب الأساسية .

لا نريد أن نكرر نفس الكلام الذي يُقال دائماً ، والذي سأمنا من ترديده باستمرار ، عن سياسة المحاصصة والتوافق التي قادت العراق في المرحلة السابقة إلى الهاوية ، ولكننا الآن أمام مرحلة جديدة تتطلب من السياسيين العراقيين أن يتحلوا بقدر وافر من الشجاعة والوطنية والمسؤولية أمام شعبهم ، وأن لا يترددوا في كشف الحقائق ورفض كل ما يتعارض مع مصلحة الشعب والوطن ، وإلاّ فأنهم لن يكونوا بمنأى عن غضب الله والناس .. هذا إذا افترضنا عدم اهتمامهم باحتراق سمعتهم ، وسقوط مصداقيتهم حتى عند مؤيديهم .

لو ألقينا نظرة على سير بعض الوزراء الذين تم إختيارهم لوزارات مهمة جداً ، لأكتشفنا بسهولة حقيقة الحكومة القوية التي كان يتحدّث عنها السيد المالكي ، التي من أبسط شروطها هو وضع الشخص المناسب في المكان المناسب ، وإلاّ فإنّ الحديث عن وزراء أكفّاء وذوي خبرة يصبح حديثاً ممجوجاً لا معنى له ، خصوصاً وأنّ العراق يمرّ بمرحلة حرجة يتطلّب منا جميعاً أن نختار أفضل الناس وأكثرهم خبرة ودراية وعلماً لبناء الدولة العراقية ، بعيداً عن المجاملات والمكاسب الحزبية والطائفية التي ساهمت بتراجع مكانة العراق الدولية ، وضمور الدولة ، وتدهور المجتمع العراقي .

لماذا ينبغي أن يكون طبيب وأخصائي ناجح في جراحة العظام والكسور ، كالدكتور رافع العيساوي ، وزيراً للمالية ؟ . ألا يفترض أن يختار السيد المالكي خبيراً إقتصادياً ومالياً من القائمة العراقية ، أو حتى من خارجها ليكون وزيراً للمالية ، ويصر على ذلك ؟. ماذا نسمي ذلك ؟ وكيف يوافق البرلمان على هذا الإختيار ؟ وهذه مصيبة ثانية !!.
ولماذا يرشح السيد المالكي أستاذاً مساعد للقانون العام ، كالدكتور علي يوسف عبد النبي ، الذي ليس لديه أي خبرة في مجال التخطيط والتنمية وزيراً للتخطيط ؟
كيف يقبل المالكي ، ويؤيده برلماننا العظيم ، بأن يتولى طبيب للأسنان ، كالدكتور لواء سميسم وزارة السياحة والآثار ؟.
ولماذا يجب أن يكون محامي مختص بالقانون الدولي ، كالأستاذ عز الدين الدولة ، وزيراً للزراعة ؟.
وكيف يوافق البرلمان على إختيار السيد أحمد ناصر دلي ، خريج العلوم السياسية ، وزيراً للصناعة ؟ والسيد هادي العامري أمين عام منظمة بدر ، وهو خريج كلية عسكرية ، وزيراً للنقـل ؟.

وينطبق هذا على بقية الوزرات .. ربما باستثناء وزارة أو وزارتين .. ألا يعكس ذلك فداحة الخسارة التي سيمنى بها العراق لأربع سنوات أخرى قادمة ، فمن سيتحمّل ذلك .. السيد المالكي أم وزراؤه أم البرلمان أم الأحزاب السياسية الفائزة ؟.

الحقيقة الأكيدة أنّ من سيخسر في النهاية إثنان لا ثالث لهما : الشعب والوطن !.



زيغن – ألمانيا
4 نيسان 2011
 

free web counter

 

أرشيف المقالات