| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

                                                                                        الأثنين 4/4/ 2011

     

رأس الأفعى

أحمد محمد الموسوي

القتل بالمسدسات الكاتمة ليست مشكلة أمنية بحتة بقدر ما هي مشكلة ذات أبعاد وجذور سياسية في العمق تتجلى في وجود قوى وأحزاب بأجنحة مسلحة ، منها من يشترك بالعملية السياسية ـ في السلطة وخارجها ـ ومنها من هو خارج العملية السياسية ـ يؤمن أو لا يؤمن بها ـ .. هذه القوى والأحزاب التي تعايشت على مضض مع واقع تداول السلطة بالانتخابات وبشكل سلمي لم تستطع أن تتكيف من داخلها مع هذا الواقع ، وأصبحت تعيش ازدواجية حركية ، فهي تسير مع العمل السياسي السلمي بقدم ، فيما تتحرك مع كواتم الصوت والعنف بقدم آخر ، ليتسنى لها في النهاية وحسب اعتقادها السيطرة بشكل كامل على السلطة ، فهي لازالت إلى الآن تؤمن إيماناً قطعياً بشمولية الحكم ، وتبحث دائماً عن فرصة سانحة لبسط نفوذها على كامل قطاعات الدولة والحياة .. وهذا لا يعني بأن كل الحوادث هي سياسية في أسبابها المباشرة ، ولكنه يؤشر إلى أن معظم ما نشهده من فقدان للأمن الاجتماعي هو بمحتوى سياسي .. وهذا يوضح بدوره سبب عدم تراجع هذه الظاهرة بالرغم من تراجع بقية الظواهر العنفية من تفجيرات وغيرها ، بل هي تكاد أن تتناسب عكسياً مع مثيلاتها السالفات فتؤشر ازديادَ معدلاتها مع تراجع معدلات مظاهر العنف والإرهاب الأخرى .. وفي هذا المجال ربما يكون من المفيد أن يصدر قانون الأحزاب بنسخة ديمقراطية يمنع فيها وجود فصائل وأجنحة مسلحة للأحزاب ويحصر السلاح بيد الدولة فقط وبشكل عملي .. ولكن السؤال المحرج: من وما الذي سيضمن أن يطبق هذا القانون؟ ، حتى وإن ضمنا صدوره متوافقاً مع روح الديمقراطية (الحقيقية)؟!!..

للأسف أجدني لا أستطيع الإجابة بشكل قاطع على هذا التساؤل ، وأعتقد أن السبب يعود إلى ذلك الغموض الذي لازال يلف العملية السياسية عندنا ، فنحن غير قادرين ـ وأقصد بـ نحن نخباً ومتخصصين ـ لحد الآن من أن نرسم ـ ولو خيالاً ـ صورة لآفاق العمل السياسي في العراق ، فلا ندري هل نحن سائرون باتجاه دولة مدنية ديمقراطية؟ أم أننا على طريق بناء دولة كانتونات طائفية وجماعات عرقية؟ أم نحن بصدد استكمال دولة شمولية ذات طابع ديني؟ أو....؟ أو.....؟ ، وباب الاحتمالات في الأسئلة مفتوح على مصراعيه سيما وأن النخب السياسية الحاكمة لم تستطع بعد أن تؤسس لبناء دولة مؤسسات مستقلة وخارجة عن هيمنة الأحزاب الحاكمة. فجميع مفاصل الدولة مصطبغة بلون إداراتها السياسية ، ابتداءً من المديريات العامة إلى الوزارات ، وهي تغير ألوانها بتغير إداراتها .. أما عن السياسات العامة للبلاد فهي تكاد تكون معدومة اللون والطعم والرائحة ـ ويتجلى ذلك في السياسات الخارجية ، وفي علاقة المركز مع الإقليم ، وفي السياسات الاقتصادية والثقافية...الخ ـ بسبب أن مؤسسات الإدارة العامة (مجلس النواب ورئاسة الجمهورية والوزراء) هي مؤسسات يشترك فيها الجميع ـ أقول يشترك ولا أقول يشارك ـ وهذا الجميع ليس على فكرة واحدة ولا يستطيع أن يتوافق على كلمة واحدة لأن الأصل في اشتراكه هو الاستئثار ولهذا فهي لا تستطيع أن تعبر عن استئثارها في السياسة العامة لصعوبة الأمر فتذهب لحصتها في الإدارات الفرعية من الوزارات نزولاً لتحاول أن تفرض هيمنتها هناك.

وإذا عدنا إلى صلب الموضوع (كواتم الصوت) , نستطيع أن نقول بأن جوهر الصراع داخل إدارات الدولة قائم على أساس بسط النفوذ والهيمنة مما لا يسمح به دستور البلاد (التوافقي) ولا قوانينه (التوافقية) ، مضاف له ما يلعبه الفساد ومافياته المتغولة داخل بنية الدولة العراقية ، إن هذين السببين الجوهريين البنيويين يلعبان الدور الأبرز في ظهور وتضخيم مشكلة المسدسات الكاتمة .. وعليه فإن العلاج ربما يجب أن يبدأ سياسياً وإدارياً قبل أن يستكمل دورته في أروقة الأجهزة الأمنية .. وهذا لا يعني إخلاء سبيل هذه الأجهزة وعدم الإشارة إليها بالتقصير ، ولكنه يوضح أن العمل الأمني لوحده سوف لن يجفف منابع الظاهرة من أصولها وجذورها الحقيقية وسوف يجعل من عمل رجال المؤسسات الأمنية يأخذ طابعاً سيزيفياً عبثياً ، والأجدى طبعاً أن نذهب إلى رأس المشكلة/الأفعى لنقطعه ونستريح.



 

free web counter

 

أرشيف المقالات