مقالات وآراء حرة
الجمعة 4/2/ 2011
ترعرعت فى اسرة علمانيةالحقوقي نصير ناجي النهر
ترعرعت فى اسرة علمانية فتدرج وعي سموآ ، مع تزايد سنين عمري ، واضحت احاسيسي قادرة على التقاط العلم وفق ما ينعكس عليها من واقعي المعاش ، فتحرر عقلي من الأوهام والأفكار المربكة ، ولم اجد ما يعقد مداركي ومسيرة حياتي ، فتفوقت فى مختلف مسارات الحياة الخاصة والعامة ، وانفتحت امام بصري كل الآفاق والثقافات ، وافضل ما فى الحضارات ، واجمل ما فى اللغات من مفردات ، وترسخت فى ثقافتي مبادئ الحرية والديمقراطية والمشاعية المساواتية ، وايقنت بكل الأرض موطني ، وكل ما عليها من حضارات ملكي وملك الناس.
وكلما اشتد ساعدي كانت عزيمتي تشتد وتتجدد ، وانسانيتي ترتقي سلم المساواة بين الناس على اختلاف مناهلهم واصولهم وفصولهم ، فنضجت عقيدتي واكتملت قناعتي بقدرة الأنسان وعظمته وامكاناته.
ولذا لم تفتر عندي جذوة التحدي والتمرد على القديم ، والتضحية من اجل الجديد المعطاء ، فعشقت العمل والجمال والنضال من اجل الغد الأفضل.
فتواصلت بيسر مسيرتي ، ولم ينغلق امامي يومآ افق المخارج من الصعاب على تعددها وعمق صدماتها ، فقد كنت اجد فى العلم حلآ ميسورآ لكل معضلة ، واشعر بسعادتي وزهوي ، لذا لم اكن محتاجآ لأكون بغيأ وفاسدآ مرموقآ، او طائرآ مفترسآ ينهش العيون ويأكل حقوق الآخرين.
لم اتحسس الخوف والتردد والجمود والنظر الى الوراء يومآ ، ولم اسمح لأحد فى تشويه مقوماتي الأنسانية بافكار وممارسات غير موثقة و غير مجربة فى الميدان.
غير ان الذي كان يؤلمني هو، شكوى اقراني الذين عاشوا فى عوائل سلفية متصلبة مسدودة النوافذ ، فتاهوا بين الترهيب والترغيب وغياهب الفروض والمستحبات ، واختنقت تطلعاتهم وانطفأة جذوة فتوتهم بين الحيرة واليأس ، ومنهم من قضى نحبه تحت تلك الأنقاض ومنهم من ينتظر وهو لم يزل عاجزآ عن التغيير.
لقد كانت صور الحياة البهية تتقاطر امام ناظري ، ومعها صور العملاقين الذين انجباني ، وكيف كانا يتسلقان الحافات الحادة من اجل ان انعم انا وغيري بالعدل والمساواة.
فقد تعلمت من امي الصبر والمطاولة ، وحب الحرية والتحليق بفضائها كما ولدت ، فتجسدت عندي عظمة عطاء النساء بلا استثناء ، فولهت بحبهن كما ولهت بحب امي وحبيبتي وحب العلم والتضال.
وتعلمت من ابي مقارعة الطغاة ، ومصارعة الباطل ، دون أكتراث بحجم التداعيات . واليوم ، وانا اساند بفخر وعنفوان ثورة الشعوب المتلاحقة فى تونس ومصر ، رن صوت ابي مدويآ فى مسامعي ، فتخيلته وهو يشحذ الهمم محرضآ ، ويرتجز منشدآ بصوت يشق عنان السماء : هبوا ضحايا الأضطهاد ، ضحايا جوع الأضطرار ، فايقنت ان الشعوب فى كل مكان قد سمعت تحريضه ، وهبت لكنس الوسيخ الحشود .