| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الثلاثاء 4/8/ 2009



أنفلونزا التخلف والبنطال !

إلهام لطيفي *

... وکأن العقلية العربية أصيبت بأنفلونزا أخطر بمرات من أنفلونزا الطيور والخنازير وهي أنفلونزا التخلف حيث اصبحت حساسة بالنسبه لاي وعي أو محاولة للتحول من قبل المرأة حيث لا تعين نفسها على التخلص من افات الرکود الفکري و کادت تضيق الدائرة على المرأة في تصرفاتها بحجج غیر مبررة کضرورة حفظ الاناث من الافات الوافدة...

الحکم بالجلد على السيدة الصحفية السودانية لبني احمد حسين احتجاجا بسبب ارتدائها بنطالا لم يکن الاول ولا الاخير من الاحکام الجائرة التي تصدر بحق المرأة في العالم الثالث او بالأحرى العالم العربي کما هو ليس امرا غريبا على المجتمعات المتخلفه منذ الزمن البعيد ؛ فهذه الاحکام المهينه لکرامة المرأة تارة تصدر على البنطال في السودان وتارة تغلق النوادي الرياضيه في السعوديه وتتواصل ثانيه في اعطاء اختيار صوت المرأة الى زوجها في الکويت واخرى تثير جدل النقاب في مصر ، ودعك عن جرائم الشرف الباقيه بقوتها حتى دفن المرأة وهي حية وحرقها وهي راقدة في النوم کما حدث اخيرا في الاهواز اما باقي الدول العربية فحدث ولا حرج .

وترى المجتمعات الشرقية في أي شکل من أشکال الحداثة بانها وافدة من الدول المتقدمة ولها تأثيرا سلبيا على المرأة حيث کلما رکبت المرأة العربية عجلة التطور او أظهرت ملامح الحداثة وإن کانت في لباسها الشخصي أو أفاقها الفکرية فأثارت جدلا واسعا بين الاوساط العربية وکأن العقلية العربية أصيبت بأنفلونزا أخطر بمرات من أنفلونزا الطيور والخنازير وهي أنفلونزا التخلف حيث اصبحت حساسة بالنسبه لاي وعي أو محاولة للتحول من قبل المرأة حيث لا تعين نفسها على التخلص من افات الرکود الفکري و کادت تضيق الدائرة على المرأة في تصرفاتها بحجج غیر مبررة کضرورة حفظ الاناث من الافات الوافدة و يظهر ذلك عندما تواجه أي حرکة تحررية فکرية تخالف موازينها التقليدية وان کانت شخصية .

وتهمل هذه المجتمعات عقل المرأة ومستوى وعيها وتطوير أساليبها الفکريه المبدعة بالدراسة ووضعها المعيشي في البلدان الفقيرة وتعلق شماعة انهيارها الاخلاقي والفساد الاخلاقي على بنطلون هذه المرأة ونقاب تلك ؛ کما لا يتردد الاعلام العربي بوسائله المرئيه وغير المرئية في الانشغال بتلك الامور التافهة فيما يؤدي الى تشبث الاجيال في الأراء البالية دون أي تنقية عصرية للافکار التي ورثوها عن اباءهم اباءهم منذ مئات الاعوام.

فاذا أردنا ان نتمعن اکثر في الحقيقة نرى بأن کل ما يحصل من إصطدام فکري و نظري بين المرأة المتحررة والمجتمعات المتخلفة هو دليل قاطع على الديناميکية الفکرية للمرأة ومحاولتها للوصول إلي ما وصلت اليه شقيقاتها في البلدان المتقدمة الاخرى على الاقل على مستوى الحرية الشخصية في اختيار اللباس ناهيك عن الحريات الاخرى,, وفي المقابل لانرى حركة اصلاحية في مجتمعاتنا الذکورية تهتم بتنقية تقاليدنا القديمة من بعض التخلفات المحسوبة على التقاليد و وضع استرايجية فعالة من اجل تحديث ثقافتنا وبنفس الوقت التمييز بين السئ الوافد و الايجابي الوافد ؛فعلي تلك المجتمعات التحلي بسعة الصدر من أجل الإعتراف بالتخلف في اکثر الاحيان و الاعتراف ايضا بالظواهر الايجابية في المجتمعات الحديثة من أجل دمجها بسلاسة وبشرط الا تخل بموازين ثقافتنا ؛ وللاسف الشديد لا نرى أي حرکة فکرية ملموسة بل عجز فکري ملموس في المجتمعات الذکورية بأکملها من نخب ومثقفين وأصحاب قرار عندما يتلقون الحداثة بکل تفاصيلها إن تجسدت في بنطال او حذاء أو نقاب ،حيث يصبحون منفعلين تجاه ذلك ويعجزون عن دمجها وفهمها الصحيح في المسارالثقافي المألوف فی المجتمع؛ ولذلک إن نرى مثلا ان تجاسرت إحدى أناثهم في قبول ذلک إرتبکوا وأثاروا جدلا محتدما وهم هاربين خائفين من کل حالة تتمرد على نواميس الاجتماعية التقليدية ؛ وتسیر المجتمعات المختلفة علی هذا السیر مأسورة بشکل المرأة وکلما يتعلق بظاهرها بدلا عن ما تبدعه في فکر وطموح.

ويبقى الإبتزاز للمرأة والانتقاص من کرامتها الانسانية امر مستمر تعزف به المجتمعات الذکورية علی وتر نظرتها الدونية الى المرأة التي طالما[المجتمعات الذكوريه] لا تقوى على التخلص من طيات هذه الرسوب الفکري حتى تنفتح عيناها على شمس الحرية والديموقراطية ولو في إعطاء الحق للمرأة في اختيار ما ترغب في ارتدائه ان کان نقابا او بنطال او.... ؛ إذن فمن الأجدر في أصحاب القرار ان تصرف طاقاتهم وتلفت انتباههم الى الفقر المدقع والأمية المتآکله او المشاکل الاجتماعية الاخرى في اوساط شعوبها وتوظف إعلامها واقتصادها في مشاريع تخدم وضعها المعيشي وترفع من مستواها العلمي والثقافي بدلا من هذه الامور السخيفة ومن ثم تحکم بدورها بالجلد على کل من ينشر فايروسات انفلونزا التخلف والرکود الفکري والانساني التي تلقي بالمجتمعات إلى حافة الهاوية.

 

أغسطس 2009

* کاتبة من الأهواز
 


 

free web counter

 

أرشيف المقالات