| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الأثنين 4/3/ 2013

 

علي دواي
بصيص أمل في عراق جريح

رحمن خضير عباس

علي دوّاي . رجل من العمارة . تلك المدينة التي وقفت على الهامش منذ تأسيسها ومنذ اللبنة الأولى التي ساهمت في بنائها .اهلها وسكانها من عامة الناس, عرب ومعدان وصيادو اسماك وشيوخ قبائل ومزارعون وكسبة وجنود . هذه قسمات المدينة وملامحها . ادمنت الحكومات المتتالية إهمالها, وكأنها لا تنتمي الى العراق .كم كانت تغذّي - رغما عنها - آلة الحرب الحكومية بدماء فلذات اكبادها ليحترقوا في حروب مجنونة ؟. اعداد غفيرة من معدميها هاجروا الى المدن الكبرى في البصرة وبغداد ليعملوا في المساطر وفي الشوارع كباعة متجولين بمختلف الأعمال اليدوية بإجور متدنية . كم من المدن المتناثرة تكونت من هجراتهم اليائسة (مدينة الثورة سابقا) مثلا .مدينة العمارة التي تعوم على بحيرات من النفط , لم تستفد من ثروة ارضها الأم فهي تذوي وتتآكل وتظمأ , رغم شساعة اهوارها وكثرة انهارها وخصب اراضيها . كان ابناء المدينة يتألمون بصمت طيلة ازمنة القمع والحصار والحروب المتتابعة . لكن اوجاعهم انصهرت في الأبداع الذي لا يعرف المستحيل . فأنجبت الكثير من الأكاديميين والعلماء والأدباء والشعراء . لكنهم لم يجدوا ما يعملون فتناثروا ما بين المنافي البعيدة , او امتصتهم المدن الكبرى . ولكن علي دواي ظلّ ملتصقا بمدينته . وحينما حصل على منصب المحافظ , استطاع ان يفجر الطاقات الأبداعية لمدينة لم تذق طعم الفرح من قبل .

والرجل - اعني محافظ ميسان - لا يمتلك طاقية الأخفاء كي يجترح المعجزات وينجز المشاريع ببساطة انه رمى بدلة المحافظ الأنيقة , وارتدى بدلة العمال الزرقاء , ونزل الى الشارع ليعمل ويبني مع البنائين , ويكنس الشوارع ., ويشجع عمّاله على الهمة والنشاط والصدق في العمل , ويحاسب المقصرين من المقاولين والمهندسين وصغار العمال , ويجزي ذوي الهمة منهم . لقد كان عاملا ميدانيا وقائدا في حقول العمل , حتى اصبحت المشاريع تنجز بشكل نموذجي , وفي مواعيدها المتفق عليها , وبمواصفات فنية عالية .

علي دوّاي ليس ساحرا لينجز ما عجز عنه الآخرون .. انه بكل بساطة : رجل نزيه وقوي ووطني . هذه الصفات هي التي جعلته قادرا على جعل امهات الشوارع في العمارة كأنها تنتمي الى الزمن الجميل الذي فقدناه الى الآبد . وهي التي جعلته يعتصم ويتظاهر لجلب المال الى مدينته . وهي التي جعلته يبني الجسور والمباني ويجعل من العمارة مدينة لا تتوقف عن الحركة والبناء والأنشاء . لقد جعل من الكهرباء حقيقة بحيث انها لم تتوقف لشهرين متتاليين .

والحقيقة ان هذه الأنجازات المتحققة تكشف لنا اكثر من حقيقة :
1 - لدى العراق اموال هائلة مهدورة , اذا استغلت بشكل سليم ونزيه ستبني البلد , وتوفر له بنية تحتية سليمة .
2- إنّ الفساد المستشري بين المسؤلين الكبار هو السبب الحقيقي في تخلف البلد وليس العجز المادي .
3- ان وضع الرجل المناسب في المكان المناسب هو سر التقدم . وهذا يعني ان اكثر المحافظات في العراق قلبت هذه القاعدة الذهبية , اي انها وضعت رجلا غير مناسب في مكان غير مناسب .
4- الحس الوطني والضمير المهني في إختيار المسؤول , بغض النظر عن انتمائه المذهبي او الديني , او انه من هذه الكتلة او تلك . لذالك فاغلب الناس يعتبرون ان محافظ العمارة ينتمي الى العراق قبل كل شيء .

لاشك إنّ ظاهرة الأخلاص الوظيفي شائعة في الدول المتقدمة , ومنها كندا على سبيل المثال . وذلك لوجود نظام ديمقراطي عريق , يتميز بالشفافية . ولوجود الأعلام المستقل والقادر على ابراز الجوانب السلبية والأيجابية . لذلك من الممكن ان نجعل من سلوك السيد علي دواي قدوة وقاعدة في العمل والمسؤولية . على العراقيين ان يجعلوا في كل محافظة شخصا بمواصفات هذا الرجل وذلك بواسطة الرقابة الجماهيرية , التي تتجسد من خلال اللقاءات بين المسؤولين وابناء المدينة , ثم ايجاد عملية استجواب دورية , كي يكشف المسؤولون انجازاتهم أو اخفاقاتهم , وتفعيل مهمة الصحافة والأعلام الذي سيكون بمثابة المراقب ومن ثم القدرة على سحب الثقة من الفاشلين منهم .

كما ينبغي على الحكومة ان تشجع من المثال والقدوة التي يمثلها بعض المسؤولين الذين يتحلون بالنزاهة . وضمن ذلك يجب ان نجعل من محافظ ميسان سوبر فايزر يشرف على جميع محافظات العراق .

نحن العراقيين الذين نعيش في الخارج . نشعر بالفرح الغامر حينما نسمع ببعض الجوانب الأيجابية في وطننا بعد أنْ فتك به الفساد والمحاصصة والصراعات الحزبية . لذا فنحن نحيي ابن العمارة وابن العراق السيد علي دواي ونشد على يديه , ونتمنى ان يكون مثالا وقدوة لغيره .
 

 

أوتاوة / كندا

 

 

free web counter

 

أرشيف المقالات