| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الأثنين 3/9/ 2012                                                                                                   

 

مستلزمات اجراءات العدالة

محمد حسن السلامي

ليس من الغرابة أن نجد اية مسألة تطرح على السادة أعضاء برلماننا الموقر إلا ويفتحون امامهم نفق الصراعات والاختلافات التي إما ان تعطل مشروع قانون او تؤجله الى ما شاء رب العباد ، دون إغفال المشاحناة العلنية او سريتها داخل اللجان ، غفلا من أهميتة مشاريع القوانين زمنيا او تنمويا او سياسيا .

قد اقر اغلب السادة ان قانون العفو العام الذي صدر في الدورة السابقة شباط 2008 كانت له آثاره السلبية حيث عاد بعض الذين افرج عنهم بهذا القانون الى ممارسة عمليات إرهابية ، لكن السلطة التنفيذية لم ترعوي لصراخ الابرياء امام انتهاكات عن ما يسمى (المخبر السري) واخبارياته غير الموثقة ، فتم زج بعض الابرياء لذلك كثيرا ما يتم الافراج عن بعضهم بعد سنوات لعدم كفاية الادلة او عدم احالتهم الى المحاكم المختصة وبعضهم دون اوامر القاء قبض قضائية،كل ذلك ومنظمات حقوق الانسان وعوائل الضحايا تستصرخ كافة الخيرين الى ايقاف تلك الخروقات اليومية ، وتدعو الى حسم مرتكبي الجرائم بمحاكمات عادلة نزيهة وأحكام منصفة .

الى جانب ذلك ان الارهاب واعمال المليشيات والعصائب والمافيات الاجرامية لم تتوان عن المضي بأعمالها الوحشية وما تخلفه من ضحايا بالجملة يوميا بدعومات داخلية او خارجية ، فيختلط البريء بالجاني الحقيقي داخل اماكن الاعتقالات ويبرر من يهدف الى خلط الاوراق على العامة ومنظمات حقوق الانسان بين من تم زجه دون وثوق ارتكابه الجريمة والمجرم الحقيقي المتوحش .

إن عدم التفريق والتدقيق بين المشتبه به وبقائه لسنوات دون محاكمة والمجرم الذي ثبت امام المحكمة ارتكابه الاعمال الاجرامية لا بد ان يؤدي بين الحين والآخر الى ضرورة المناداة لحسم قضايا معلقة لسنوات إما بالبراءة القضائية او اثبات التهمة والحكم على المجرم ؛وهو حق للمتهم حسب المادة 19 فقرة 13من الدستور التي تفرض عرض اوراق التحقيق خلال 24 ساعة من حين القبض على المتهم .

ونحن مع اعتقادنا بوجود ابرياء في كثير من اماكن الاحتجاز ؛ لا بد من حسم قضاياهم امام السلطات المعنية وفق قانون اصول المحاكمات الجزائية ، وتفريقهم عن الذين تتوفر شبهة ادلة واثباتات امام قضاة التحقيق ولم يجر لحد الان أحالة اوراقهم الى المحاكم المختصة لأي سبب كان ولا يمكن نعت الاسباب بالبراءة أوكثرة المحجوزين وقضاياهم فقط ، والمجموعة الاخرى المجرمون الذين حكم عليهم بعد ثبوت ارتكابهم الجرائم المنسوبة اليهم بافتراض محاكمات عادلة ومنصفة ، ان هذه المجموعات الثلاثة لا بد من التفريق بينها عبر مسارات قانونية قضائية.

كيف يكون العفو العام
بعد قراءة مشروع قانون العفو العام أجد ان التفريق حسب ما اوردناه آنفا بين المجموعات الثلاث غائبا تماما بل النظر الى المشروع من زوايا مصلحة الكتلة على جمهورها او منتسبيها او عشيرتها او شخوصها ،ولا بد ان هذه الزاوية لا تتفق مع نظر زاوية حزب او كتلة اخرى خاصة وان المحاصصة الطائفية في داخل الاحتجاز والسجون اصبح امرا معروفا ، لذلك ومن مستلزمات العدالة وعلى اساس عدم الافلات من العقاب كما تدعي السلطة التنفيذية نجد انه لا بد من اخذ الامور التالية بعين الاعتبار :-
1- ان البريء معاقب من السلطة التنفيذية ببقائه في الاحتجاز دون محاكمة وبعضهم لسنوات طوال ولا يعرف متى تحال اوراقه الى المحكمة المختصة ، وعند ثبات براءته لا بد من استحقاقه التعويض العادل عن المدة التي قضاها دون ذنب .

2- ان السادة الذين اكملوا اجراءات التحقيق الذي نفترض كونه نزيها ومازالت شبهة ارتكابهم الجرائم دون تعذيب او ارغام ومساومات عما نسب اليهم ، لا بد من احالة اوراقهم الى المحاكم المختصة بالسرعة لاصدار القرار العادل والمنصف بحقهم .

3- هنالك من ثبتت عليهم الجرائم بالادلة التي حوكموا بموجبها حسب جسامة الجريمة التي ارتكبوها .

عند وضوح هذه الصورة نجد كان على السادة الذين يطالبون بالعفو لا بد ان ينصفوا المجموعة الاولى بالمطالبة بالاسراع بحسم قضاياهم ويتضامنون مع منظمات حقوق الانسان بالاسراع بعودتهم الى عوائلهم ومزاولة اعمالهم بعد تعويضهم عن مدة الاحتجاز غير القانوني . كذلك فإن السادة ودون صراع ومشاحنات كان يفترض بهم ان يصدروا القوانين التي توجب على الحكومة والقضاء البت بالقضايا التي ما زالت لدى التحقيق بافتراض نزيها ومنصفا وعادلا .

غير ان من يدافع عن مجموعات محكوم عليها لارتباطهم بها سياسيا او عشائريا او عائليا ويدعو الى اعفائهم من المحكوميات خاصة من حكم عليهم بالاحكام الثقيلة كالمؤبد او الاعدام بعد محاكمات نفترض انها منصفة عادلة نزيهة فهي بعيدة عن مباديء حقوق الانسان .

لذلك ندعو بدل الاستمرار في صراعات داخل نفق مظلم ؛ ان يصار الى التوافق على مباديء عادلة تحمي حقوق العوائل المتضررة من الاعمال الارهابية وحقوق المجتمع العراقي من منهكي حقوق الانسان والاقتصاد من الفساد المالي والاداري مع حماية حقوق الابرياء بعدم زجهم دون دليل وبرهان في اماكن توقيف ولا يعلمون متى يتم الافراج عنهم .


*
حقوقي وناشط في مجال حقوق الانسان
 

free web counter

 

أرشيف المقالات