| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الأربعاء 3/6/ 2009



العراق والكويت والبند السابع
مع من يقف الأمريكان؟

عبد الله رشيد
abdullallarasheed@yahoo.com

قرأنا، مع اعتراض الكويت على خروج العراق من البند السابع، ان الأمريكان يقفون مع الكويت ويقولون لهم نحن معكم بحجة الالتزام بتنفيذ قرارات الأمم المتحدة. الأمر ليس غريبا ولا عجيبا، إذا كان كلام الأمريكان ليس مجاملة او نفاقا او كذبا! العراق والكويت الآن في قبضة الولايات المتحدة الأمريكية. الأمريكان دخلوا الكويت واحتلوها في حرب الخليج الثانية 1991 واجبروا القوات العراقية على الانسحاب منها. والأمريكان اتخذوا من الكويت ممرا ليدخلوا العراق ويحتلوه في حرب الخليج الثالثة 2003 بكل يسر وسهولة بسبب التسهيلات التي قدمها حكام الكويت من آل الصباح. الأمريكان يقبضون على الكويت باليمين مطمئنين على مستقبل مصالحهم في هذه الدويلة، او المحمية بالأحرى، وعدم وجود ما يهددهم من جانب حكامها كما لم تجد بريطانيا وهي تقبض على الكويت طيلة اكثر من اربعين عام ما يهدد وجودها العلني عسكريا او المخفي سياسيا. والأمريكان يقبضون على العراق باليسار غير متأكدين تماما من مستقبلهم في هذه الدولة العظيمة ذات التاريخ المجيد والعريق والحضارة التي تمتد إلى آلاف السنين والتي تأبى القبول بأي احتلال من أجنبي والأستنامة إلى أي ظلم من حاكم. فمع من يقف الأمريكان، مع الكويت أم مع العراق؟!

في 25/6/1961 عقد الزعيم الوطني عبد الكريم قاسم مؤتمرا صحفيا اعلن فيه ان الكويت قضاء عراقي تابع للواء البصرة وان الكويت هي جزء لا يتجزأ من العراق. وقال " ان الجمهورية العراقية تمتد حدودها من الشمال حتى جنوب الكويت. إننا لا نتخلى عن حدودنا قيد شعرة." وقال " ان شيخ الكويت السابق (يقصد مبارك الصباح) وقع اتفاقية عام 1899 مع بريطانيا لقاء 15 ألف روبية تقاضاها من المعتمد البريطاني في (المحمرة) دون علم السلطات الشرعية في العراق آنذاك وفي خفاء عن السلطة العثمانية ايضا. ولكن سرعان ما ظهر زيفها فطلبت السلطات العثمانية من شيخ الكويت ابداء رأيه في الأمر وإلا اتخذت التدابير الصارمة ضده. وبعد عدة مراسلات بينه وبين والي البصرة أُقيمت دعوى حضرها والي البصرة محسن باشا في عام 1901 وحضرها قاسم باشا ابن اخت السلطان وهو قائد عسكري. وهناك اعلن شيخ الكويت على الملأ بأنه مرتبط بولاية البصرة وهو قائمقام الكويت فقط. كما واعلن تجديد بيعته للسلطان. وكان ذلك في شهر نيسان عام 1901." إنتهى كلام الزعيم عبد الكريم قاسم. وأثر مطالبة العراق باسترجاع القضاء السليب، الكويت، سارعت بريطانيا الى منح الكويت (الاستقلال) في حزيران عام 1961 بموجب اتفاقية جديدة الغت بها اتفاقية عام 1899. وبذلك قطعت الطريق على المطالبة الوطنية العراقية باسترجاع الكويت، القضاء السليب. ولا ننسى موقف الدول العربية التي وقفت الى جانب حكام الكويت ضد المطالبة العراقية المشروعة. وعلى امتداد اكثر من اربعين عاما وحتى اليوم استمر آل الصباح يحكمون الكويت بحماية بريطانيا على اعتبار انهم دولة مستقلة وهم قبل غيرهم يعلمون ويعرفون ان البلد الذي يحكمونه هو مجرد محمية بريطانية هم وكلاء عليها لا غير دون ان يتسببوا في ويسببوا اية متاعب او مشاكل لأولياء نعمتهم الذين نصبوهم لحكم الكويت. وعلى امتداد اكثر من اربعين عاما لم يتغير نظام الحكم المشيخي الكويتي. وعلى امتداد اكثر من اربعين عام لم يتعاقب على حكم الكويت غير آل الصباح وحدهم. والاتفاقية المعقودة عام 1899 بين مبارك الصباح والمقيم السياسي البريطاني تفسر نظام وطبيعة الحكم الذي بقيت عليه الكويت حتى يومنا هذا والتي جاء من جملة ما جاء فيها بأن " .... الشيخ المذكور مبارك بن الشيخ صباح بكامل حريته يرغب ان يرتبط ويلزم وارثيه وخلفه في الحكم بأن لا يستقبل أي وكيل او ممثل لأي سلطة او حكومة في الكويت او في أي مكان آخر من حدود مقاطعته بدون الموافقة السابقة للحكومة البريطانية. وهو بالاضافة الى ذلك يلزم نفسه ووارثيه وخلفه في الحكم بأن لا يتنازل او يبيع او يؤجر او يرهن او يعطي للاستغلال لأي غرض كان أي جزء من مقاطعته لأي حكومة او رعايا أي سلطة بدون الموافقة السابقة لهذه الاغراض من حكومة صاحبة الجلالة. وهذا الاتفاق يمتد لأي جزء من المقاطعة التابعة للشيخ المذكور مبارك بن شيخ صباح التي قد تقع الآن في حوزة أي حكومة أخرى ....."
غير ان الأمريكان لم يتركوا البريطانيين وحدهم ينعمون و(يتبحبحون) وقتا اطول بنفط الكويت الذي ظلوا يحلبون آباره اكثر من خمسين عاما ولا زالوا وإن اختلفت الاساليب والطرق. وكانت لعبتهم ان ورطوا صدام حسين لغزو الكويت بعد أقل من عامين على انتهاء حرب العراق مع ايران. أوحت له سفيرة أمريكا في العراق ان بلادها ليست معنية بالنزاع العراقي مع الكويت الذي نشأ بعد انتهاء الحرب مع ايران.... وبقية القصة معروفة. وانتقلت الكويت بعد تحريرها من الاحتلال العراقي من قبضة بريطانيا العجوز التي لم تعد قوية إلى قبضة الأمريكان القوية دون ان يخافوا ان تشق الكويت عصا الطاعة عليهم يوما ما كما لم تفعل مع بريطانيا منذ ان اصطنعتها حتى اليوم.

ليس العراق الكويت. على الأمريكان ان يدركوا ذلك جيدا، واعتقد انهم يدركون. مستقبلهم مع العراق والعراقيين محفوف بالمخاطر. اليوم هم يحتلون العراق عسكريا، وغدا سيرحلون لتبدأ مرحلة الاحتلال السياسي والاقتصادي وحتى الاجتماعي، ربما. ولكنهم لن يرتاحوا ولن ينعموا إذا كانوا يفكرون بذلك. شعب العراق لن يرتاح إلى ولن يحب الأمريكان في يوم من الأيام. ما فعلوه بالعراق باحتلاله بحجة تحريره وما تسببوا به من الفتن والاقتتال بين العراقيين وما نتج عن كل ذلك من إراقة دماءهم وتهجيرهم وافقارهم لن ينساه العراقيون ابدا. وحكام العراق، اليوم وغدا، الموالين منهم خاصة، يعرفون جيدا ان عليهم ان لا يذهبوا بعيدا مع الأمريكان فيكونوا واجهة سياسية او وكلاء لهم في حكم العراق دون ان ينتظروا يوما كيوم 14 تموز 1958! واعتقد ان البريطانيين قد زودوا الأمريكان بمعلومات تفصيلية كافية عن العراق والعراقيين، فلهم، البريطانيون، تجربة مريرة ابتدأت من احتلال العراق عام 1917 وحتى رحيلهم عنه في 14 تموز 1958! فمع من يقف الأمريكان، مع الكويت أم مع العراق الثائرعلى امتداد تاريخه السياسي؟!

يقول مواطن بسيط لا يفهم في السياسة كثيرا ولا يعرف خفاياها ان الأمريكان يستطيعون ان يقولوا الكلمة الفصل في قضية اخراج العراق من البند السابع حتى لو ارادت الامم المتحدة تمديد العمل بهذا البند امدا آخر! ناهيك ان الاتفاقية العراقية – الأمريكية تنص على اخراج العراق من هذا البند. والأمريكان يستطيعون الوقوف بوجه مطالبة الكويتيين أبقاء العراق تحت هذا البند والتجاوب مع مطلب العراق في الخروج من هذا البند، فهم بحاجة الى ان يسترضوا العراق اكثر مما هم بحاجة الى ان يرضوا الكويتيين!

الحكام الكويتيون، وليس الشعب االكويتي، يعميهم الخوف من العراق والحقد عليه. عليهم ان ينتهوا من هذا الخوف وهذا الحقد لصالح الأجيال القادمة، الكويتية والعراقية. عليهم ان يبادروا لبناء جسور الثقة مع العراق الجديد غير الطامع بعد اليوم بالأعتداء على احد من جيرانه. العراق يعيد بناء نفسه على اسس جديدة من السلام والمصالح المشتركة والاحترام المتبادل وحسن الجوار وحسن العلاقة مع جميع دول العالم. وإذا لم يسمعوا لصوت العقل والمنطق واستمروا في خوفهم وحقدهم فسوف تتحمل الاجيال القادمة من عراقيين وكويتيين وزر هذا الخوف وهذا الحقد.

العراق الحالي، العراق الجديد، لن ينشغل بعد اليوم بـ ( الكويت، القضاء السليب) إذا ما انتهى الحكام الكويتيون من ابتزازه بمطالبتهم الابقاء على (البند السابع) سيفا مسلطا على رقبته. وإلا، فإن (الكويت، القضاء السليب) سيبقى سيفا مسلطا على رقاب حكام الكويت واجيالهم القادمة ايضا!


 

free web counter

 

أرشيف المقالات