| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الأثنين 3/8/ 2009



 حذاري مما يُنتظر ...العراق بين مطرقة الجفاف وسندان التصحر

وئام ملا سلمان

العراق على حافات حفر مخاطر بيئية أخرى إذا لم يكن قد سقط في بعض منها وكيف لنا إنتشاله؟ وواحدة من أخطرها وأهمها هي أزمة التصحر وحتمية خلاصه منها وشعبه بكل الوسائل المتاحة أمر مفروض ولابد من وقفة شعبية يتضامن بها الجميع كباراً وصغاراً إذا ما عرفنا أن بمقدرونا فعل شيء فهي ليست عملية إزالة يورانيوم منضب تحتاج أمكانيات ضخمة وكفاءات عالية ، ولتكن وسيلتنا للتخلص من بعض هذه الأزمة الخطرة بزراعة الأشجار وخاصة الأشجار الدائمة الخضرة والتي لا تحتاج إلى كميات كبيرة من المياه لنموها والتي تتحمل الظروف المناخية الصعبة وليكن تفكيرنا مستقبلياً لا آنياً وحسب ، تحصد أكف اولادنا والاجيال القادمة نجاحاته وثماره ، ولنا في تأريخنا حكم وأقوال في ذلك ( زرعوا فأكلنا ونزرع فيأكلون) ، لقد فعلت الأنظمة الجائرة التي حكمت العراق بالنار والحديد أفعالاً شنيعة بحق النسل والحرث وكان لنخيل العراق حصته من هذا القتل الجنوني إبان الحرب العراقية الإيرانية أو ما تسمى حرب الخليج الأولى حيث احترقت وحُزت رقاب أعداد مهولة منه وإختفت أصناف كانت غاية في الجودة وذلك لتوفير مديات واسعة لآلة الحرب ، وما بعد ذلك حيث حرب الخليج الثانية وزعزعة سكون الصحراء بسرفات الدبابات الأمريكية ودول التحالف التي دخلت العراق، ومن ثمت دخول قوات الإحتلال عام 2003 ، يضاف إلى ذلك إزدياد نسبة التصحر والتقحّل بسبب نقص المياه وشحتها وبموانع تفرضها الدول التي يأتي أو يمر بها نهرا العراق ناهيك عن الطلاق بالثلاث من الأرض والذي أعلنه أغلب الفلاحين بعد أن هجروها وقصدوا المدينة ، حتى صرنا نستورد اللفت والكراث بعد أن كنا نصدر أجود أنواع الرز عالمياً، وما يحصل اليوم من عواصف بالعراق يعاني الجميع منها وخاصة مرضى الربو والجهاز التنفسي والحساسية بشكل عام وأما عن ردود الفعل النفسية التي تسببها هذه العواصف الرملية فحدّث ولا حرج حيث تراكم الأتربة في المنازل وما يحتاجه المواطن من جهود إضافية لتنظيف مسكنه من آثارها خاصة إذا ما اضيفت لها أزمة الكهرباء والماء كعاملين أساسيين وليس هذا وحسب بل أن تكرار هذه العواصف يؤدي إلى شعور بالملل والسأم والضجر .

كلما أتمشى في حينا السكني والذي تطوقه غابة كما كل الأحياء الأخرى أعود بذاكرتي إلى الوراء وأتذكـر صوراً من حرب الخليج الثانية حين أضطر الناس نتيجة أزمات الوقود إلى قطع الأشجار التي كانت حول المدن والتي اعتيد تسميتها بالحزام الأخضر وكان للنجف إسوة بباقي المدن حزامها أيضا ولكن خلال شهرين أو ثلاثة إختفى الحزام من على خصر المدينة حيث صار حطباً لنار أوقدها المحتاجون لديمومة الحياة، وكان منظر الجذوع المقطوعة مثيراً للشفقة والنقمة معا، فمن يصغي لنشيج شجرة مقطوعة وهناك أفواه وأجساد تنتظر الخبز والدفء! ومن يفكر يومها بقيمة هذه الأشجار كمصادات للرياح والعراقي المبتلى كان ريشة في مهب الريح .

أسئلة كثار أرقتني و جعلتني أتخبط في حيرتي حتى أنني لم أر امامي سوى الصديقة العزيزة الناشطة البيئية شبعاد جبار لأبثها أشجاني بعد أن فتحت البريد الذي وصلني منها وكان يحمل سخرية موجعة بعنوان (حشرات العراق) وما أن أنتهيت من قراءة ما فيه إلا وكاتبتها بعد الهزيع الأخير من الليل راجية إياها بالقيام بأي شيء وعلينا أن لا نصمت وأن نفعل ما فوق طاقتنا من أجل إنقاذ ولوعصفور محلق في فضاء العراق من بطش العواصف والجفاف. وكان ردها جميلاً ومتناغما معي ... ولكننا نحتاج إلى معاضدة ودعم ، نحتاج إلى أقلام الملتزمين إنسانيا وضمائرهم ، نحتاج إلى أناس لا يحبون العراق طمعا في جناته وأنهار نفطها ولا خوفا من ناره واستعارها ولكن لأنه العراق الذي علينا أن نحبه من دون منة أو إنتظار عرفان.

ما الذي يجب فعله أو القيام به من أجل أن نخفف هذا البلاء الذي يضاف إلى قائمة الإبتلاءات التي حبت بها السماء أهل العراق ؟ أي الطرق أقصر لتحقيق أفضل النتائج؟ من سيساهم في إنجاح مشروع أزرع شجرة واكسب مليون حسنة على غرار ما تقوم به الحملات الصلواتية المليونية التي تنتقل بسرعة هائلة عبر البريد الالكتروني ؟ أيهما أسهل رجل الدين أم الحكومة بتحقيق هذه المهمة ؟ ما الدور الذي تقوم به وزارة البيئة ووزارة الزراعة ؟ ما دور وزارة التربية التي دست بعسل برامجها التربوية سم الطائفية المقيتة ؟ ما الدور الذي يلعبه خطباء الجوامع والمساجد وهل دار في خلد أحدهم أن يتصدر حديثه في خطبة الجمعة قول الرسول (ص) : ما من مسلم يغرس غرسا أو يزرع زرعا فيأكل منه طير أو إنسان او بهيمة إلا كان له فيه صدقه . فكيف بمن يغرس فسيلة لتكون شجرة في غضون سنين قلائل وتصبح مصداً للعواصف والرياح التي تؤذي البشر ممن يعانون من أزمات الربو والتنفس وغيرها، كم حسنة ستكون في ميزان حسنات هذا الإنسان الذي يقوم بهذا الفعل البار وهو ينقذ نفساً من الموت ؟ هل فكر واحد من أصحاب القرار السياسي الأفذاذ من تشويق الشعب إلى غرس الأشجار ومنح دولار لكل من يزرع فسيلة وتحت إشراف جهات متخصصه ولتكن وزارة المالية هي الممولة لهذا المشروع ؟ هذه ليست أحلام أبداً بل هي مشاريع تحتاج إلى بشر موجوعي القلوب والضمائرعلى العراق لا إلى مصاصي نفط ولصوص ، هل فكر مدير أو مديرة مدرسة أن يجعلوا أول يوم من بداية العام الدراسي يحمل أسم يوم الغرس وأن يزرع كل تلميذ فسيلة تحمل إسمه وإن لم يكن بمقدوره فلتكن بذرة فاصوليا أو باقلاء أو نواة تمر أو زهرة أو أي صنف لا يرهقه ولا يكلفه إقتصاديا وأن يسقيها بنصف لتر ماء لا أكثر وما أكثر الماء الذي يتم هدره رغم عدم كفايته ؟ هل فكرت الفضائيات التي تعلن التزامها الديني( الطائفي) بدلاً من ساعات اللطم والنواح من توعية الناس البسطاء الذين يذرفون الدمع سعيا للمثوبة من أن زراعة فسيلة في أرض جرداء لا تضاهيها مثوبة ؟ هل فكرت الفضائيات التي تتخذ من الشعب وهمومه حجة لديمومتها وأنها حاملة لواء الوطنية والجهاد في سبيل رفاهية الشعب وإيصاله إلى بر الأمان من أن تقدم برامجا توعوية وبرامج تحفيزية وتشجيعية لمن يزرع شجرة ولمن يعتني بحديقته المنزلية بعيداً عن إستعراضات الترف للموسرين من أهل الحدائق الغناء ؟
هل وهل وهل ؟؟؟؟؟ لو بقيت أكتب هذه التساؤلات لما إنتهيت منها .

أرى أن على عاتق رجال الدين مهمة شرعية كبيرة للمشاركة في حل هذه المعضلة وخاصة إذا ما عرفنا انهم يتمركزون في الوسط والجنوب ولهم صوتهم المسموع ومئات الإلوف إذا لم نقل الملايين ممن يصغي وينفذ ما يقولون ، وما الضير لو أصدروا فتاوى بوجوبية ومباركة زرع شجرة أو (بذرة وذلك اضعف الايمان) على غرار مباركة الحملات الإنتخابية لكل من يقصد كربلاء أو النجف سيراً على الأقدام أو مراقد الائمة الأخرى في مواسم الزيارات فوالله الذي لا إله إلا هو لكانت خضرة الأشجار اليوم عامرة وظلالها وارفة يتفيئونها وهم يكررون زياراتهم طلبا للشفاعة كل عام ، وأشجار اليوكالبتوس هي من أسرع الأشجار نمواً وديمومة رغم شحة المياه فلو أن موكب عزاء حمل مع ما يحمله من متاع فسائل تقوم بتجهيزهم وإياها دائرة الزراعة والتي بالتأكيد هي أيضا تسعى لنيل المثوبة وفعل الخير ولن تعطل زراعة هذه الفسيلة من إداء طقوس ومراسيم الزيارة وها هي زيارة النصف من شعبان المليونية تقترب وقد أستعد حجيجها لإداء مراسيمها ولو أن كل زائر إلتزم بالحديث النبوي الشريف أعلاه وغرس نبتة سيلقى ثواب صدقاته في إنتظاره ليكون رصيداً مضافاً لرصيد حسانته التي تسهل دخوله إلى الجنة ، أتمنى أن يسمع الأحياء إنسانيا لا بايولوجياً ندائي هذا وأن ينتبهوا لخطر الكارثة التي تحدق بالعراق وأهل العراق .
 

همسات بآذان بعضهم :
أن تغرد خارج السرب أفضل ألف مرة من أن لا تغرد


 


 

free web counter

 

أرشيف المقالات