| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الأربعاء 31/8/ 2011                                                                                                   

 

العراق وصراعات إسلام المنطقه

غازي صابر

أميركا هي من أنفق الملايين من أجل إسقاط التجربه الإشتراكيه في روسيا بعد أن إتحدت وكونت ( الإتحاد السوفيتي ) والجمهوريات التي كونت معه حلف وارشو . وواحد من أسلحة أمريكا في عملية الهدم هي رعاية الأحزاب الإسلاميه في المنطقه ودفعها لمحاربة السوفيت دفاعاً عن خطر (الإلحاد) الذي يهدد الإسلام كما صوروه لهم . وقد إشتركت زعامات الدول الإسلاميه في هذا المخطط تركيا ومصر وعلى رأسها السعوديه والتي دفعت بالمقاتلين على حدود السوفيت في إفغانستان . و لم تكن الأخطاء الإيدلوجيه والسياسيه والإقتصاديه للسوفيت في صراعها مع المعسكر الغربي بعيدة عن تمكين الأمريكان من النجاح في هذا السقوط .

في الشرق كان هناك حلم لتبني نظام العدالة الإجتماعيه و تطور العالم والشعوب على إسس إنسانيه وهذا يناقض فكر الغرب الداعي لتغليب النظام الرأسمالي والقائم على إستغلال طاقات الإنسان من أجل المزيد من الأرباح للبرجوازيه وللدوله الرأسماليه ،والذي يدفع بالمجتمعات والفرد الى شحن الأنانيه وحب الذات فتصبح المنافع الشخصيه فوق كل شئ ، والذي يحمل في طياته تعاظم الفساد بكل أنواعه و إستمرارية الحروب والمؤامرات داخل كل بلد وبين البلدان .

بعد مرور ثلاثة عقود على إنهيار التجربه الإشتراكيه في الشرق إختلف المنتصرون أمريكا والبلدان الإسلاميه و التي تحالفت معها في مؤامرت الإسقاط على توزيع الغنائم . فأبن لادن رفض القسمه منذ البدايه وأصر على مطالبته ببناء دولة إسلامية أكثر جموداً من السعوديه وأيده في مطلبه الملا عمر مؤسس دولة إفغانستان السلفيه ، ولإنه لم يدرك قوة أمريكا وما وصل اليه العالم من تقدم وتطور وأصراره على التمسك بأفكاره البالية والمتخلفه والتي لا تلائم إلا من يعيش في الصحراء بعيداً عن كل مظاهر التقدم والتطور فقد كانت نهايته السوداوية مثل أفعاله في عام 2001 ، هذا إذا أمنا إن ما حدث في 11 سبتمبر لم يكن من صنع أمريكا نفسها .

منذ مجئ الخمينيه في إيران وهي تخطط بمنهجيه لنشر النهج الشيعي في العالم وليس فقط في المنطقه . ففي أوربا مثلاً هناك حسينيه لإيران مقابل كل جامع للسعوديه او لتركيا .ودائماً حزب الله أو العراقيين هم الذين يتولون إدارة هذه الحسينيات .و هكذا تصاعد الصراع بين الطرفين وإستطاعت إيران أن تحقق إنتصارات في لبنان وفي سوريا و العراق وفي اليمن وعلى الحدود السعوديه ( الحوتيين ) وهذا ما دعى السعوديه وتركيا لدق أجراس الإنذار. ومثل صراع الشطرنج بدأ الهجوم المعاكس لتحصين الحدود وسد المنافذ على الهجوم الإيراني المحموم . وإنقلبت الطاوله وبمساعده أمريكيه وتمويل قطري ، ففي تونس وفي مصر وفي اليمن وفي ليبيا تحركت الجماهير فجأة للإنقلاب على حكامها الفاسدين ووصلت الشظايا الى سوريا قلعة إيران الحصينه لحزب الله .

هذه الهجمه أو ألإنتفاضه أو (ربيع العرب) حققت إنتصارات مفرحه للعديد من الحالمين بأنهيار النظم الدكتاتورية الفاسده في المنطقه و تحت يافطة الديمقراطية و التي لم تثبٌت لحد الأن بدستور وحكومات منتخبه لا في تونس ولا في مصر . أما في اليمن وليبيا فلا زال الصراع في طور إبعاد الدكتاتور في اليمن وفي ليبيا عن السلطه .
في فرنسا وكرد على تداعيات 11 سبتمبر ظهرت أصوات من مفكري الفكر السني والسلفي وحتى القومي الى تبني الوسطيه في الفكر الإسلامي وكان من أبرزهم المفكر محمد عبد الجابري ومحمد أراكون وتبنت الأمارات هذه الدعاوى ودعمتها وبقوة وأقامت العديد من الندوات والمؤتمرات لها وتبنت أيضاً نشر كتب هؤلاء المفكرين . تأثر العديد من المثقفين والطلبه والشباب بهذا المنحى وكذلك تبنته العديد من الأحزاب الإسلامية العربيه وعلى منوال ما حصل في حزب العدالة والتنمية التركي والذي وضع البرامج الجديدة في محاولة لدفع الإسلام للتحضر وإستطاع أن يحقق مكاسب ويصل الى السلطه بعد أن أزاح العديد من قياداته القديمه .وإستطاعت أمريكا ودول الخليج من تبني مثل هذا التوجه ودعمت كل الحركات الإسلامية الداعية للتغيير فمثل هذا التوجه يصب في مصالحها الإقتصاديه ويوقف الزحف الإيراني في المنطقه والذي يدعو الى محاربة الحاكم الظالم ومحاربة أمريكا وإسرائيل .

الصراع محموم بين إيران بأمكانتها الماليه وبين السعوديه ومن يحالفها من دول الخليج لكنه خفي ، وبين تركيا التي تغازل أمريكا وأوربا بأنها الدولة الديمقراطيه والإسلامية الأكثر تقدماً وإزدهاراً وثباتاً والتي يعول عليها للهيمنه على دول المنطقه بدلاً من السعودية المتخلفه وإيران التي تسعى لتحطيم الشيطان الأكبر( أمريكا ).

هذه القوى الإسلامية القوية في المنطقه والتي أحكمت طوقها في تقاسم السيطرة على دول المنطقه (مصر، اليمن ، ليبيا، تونس، المغرب) والصراع جار لبيان شكل السيطرة في العراق وفي لبنان وفي سوريا . الى أين سيفضي بين الفقهين المتنازعين للسيطره على دول المنطقه ؟
لا أحد بأمكانه التكهن ، وتبقى الغايه من السيطرة على دول المنطقه بالنسبة لإيران والأتراك هي غايات ومطامح قومية ، وأحلام بأعادة أمجاد الأمبراطورية الفارسيه والعثمانية الباليه ولكن بثوب إسلامي جديد . وهذا ما يصرح به قادة هاتين الدولتين بين الحين والأخر .
اليوم هناك مطبخ خليجي بقيادة قطر والسعوديه وهو يتابع ويحرك الأوضاع في شمال أفريقيا بما فيها مصر لتمكين الفقه أو الفكر السلفي وعلى نموذج الخليج مفاتيح الأوضاع هناك . ويبدو بمساعده أو بموافقه أمريكيه .
ولا أحد غير أمريكا لديه صورة واضحة عن نهاية ما خططت له منذ الخمسينيات لإسقاط التجربه الإشتراكيه، وكيفية التعامل مع دول المنطقه . قد تكون بعض الخطوط قد فلتت منها لكنها تبقى القوة الأقتصادية الإولى في العالم و هي الدولة الأقوى والتي تمسك بالعديد من أدوات التغيير على الأرض وهي التي بأمكانها أن تخبط الماء وتعيده الى صفاءه كما يقولون .وتبقى مصالحها ومصالح حلفاءها الإقتصادية هي الأهم في الصراعات الجارية في العالم .

والسؤال الذي يهمنا كعراقيين منذ ثمان سنوات وساستنا لا يستطيعون إعادة بناء الدوله والحكومه ، ولم يتمكنوا من تحقيق أبسط الخدمات للمواطن العراقي ، الى متى يبقى ساستنا عاجزين عن فهم ما يحاك للعراق من مؤامرات لسلبه كامل حقوقه ؟
لا يخفى على المراقب لحركة الساسة العراقيين وتبعيتهم لهذه الدولة المجاوره أو تلك ، و السكوت عن العديد من التجاوزات لهذه الدول . و يبقى الخوف من وجود عدة محاور لدى الكتل التي تقود الحكم في العراق وصراعاتها المستمره على السيطره على الجيش والشرطه وبقية الوزارات السياديه وهذا الخطر يهدد كامل العمليه السياسيه بالإنهيار إذا ما أرادت دول الجوار أن تحطم العراق في صراعاتها عليه .
وواحده من نجاحات دول الجوار في السيطره على كامل حركات العراق السياسيه والإقتصادية والإجتماعيه هي تنويم الشعب من خلال عمل الإحزاب الدينية المهيمنه على السلطة فيه ، ولهذا هم لا يخافونه لإنه مغيب فأكثرية أبناء شعبنا يعيشون تحت خط الفقر وهم في بحث دائم عن لقمة العيش وما تنتجه الحياة من مشاكل في تركيبة بنية عوائلهم ، والمواطن يفكر في ما يجري و يتألم لحياته ولإوضاع الوطن ولكنه يعرف إنه لا يستطيع التغيير، هو يائس ومحبط والكثير من أبناء شعبنا تتحكم فيهم الإميه ومخلفات الموروث التي تحد من حركة الإنسان وفعاليته في بناء المجتمع ومستقبل الحياة .
قله هم الذين يعرفون ببواطن الأمور ويحملون في جوانحهم حب حقيقي للعراق وللشعب وهؤلاء معركتهم صعبه ولا يوجد من يساعدهم لا في الداخل ولا في الخارج ولهذا فالشعب قد يحتاج الى مزيد من الوقت حتى يعي أحواله وما يدور حوله من مؤامرات كبيره لازال هو بعيداً عن إدراك مخاطرها على الوطن وعلى الشعب .

أمام هكذا صراعات في المنطقه وفي ظل تناحر الساسه العراقيين على إسس طائفيه وقوميه من أجل السيطرة التامه على السلطه ، وشعب مغيب عما يجري حوله لا يمكن أن تبرز زعامات وطنيه تكون مصلحة الوطن والشعب لديها هي الأهم . والخوف من تجزئة العراق حسب الطوائف أو حروب بينها قد تشعلها دول الجوار إذا رأت أن فيها مصلحتها .وهذا ما سيلوح في الأفق بعد إنسحاب القوات الأمريكيه .

 


 

free web counter

 

أرشيف المقالات