| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الجمعة 31/8/ 2012

 

الامن الغذائي والمتغيرات المناخيه

د. ليث العاني *

سوف لن اضيف جديدا في موضوع المتغيرات المناخية وتاثيرها المباشر على الزراعة وبالتالي على الامن الغذائي على الصعيد العالمي، لكن المتغيرات المناخيه بتقديري المتواضع لا تقل خطورة عن اسلحة الدمار الشامل والحروب والصراعات التي راحت تهدد الامن والسلام والاستقرار في العالم. من هنا تأتي ضرورة حماية البيئة من التلوث والعمل على وضع ضوابط للحد من مسببات الاحتباس الحراري الذي هو السبب الاساسي في المتغيرات المناخيه  .. يجب ان تكون هذه القضية في مقدمة القضايا التي يتم تحشيد الرأي العام العالمي من اجل تحقيقها والوقوف بصلابة دون تردد بشأنها كما هو الحال في مسألة النضال من اجل منع سباق التسلح النووي والحروب ووقوف العالم التقدمي  ضد التمييز العنصري والتطهير العرقي والابادة الجماعيه والتمييز ضد المرأة وحماية حقوق الانسان في سبيل عيش كريم وحماية الحريات العامة ومكافحة البطالة والفقر وغيرها من التحديات التي تواجهها البشرية في هذا العصر.

المتغيرات المناخية التي يجب الاسهام  في  الحد منها والناجمة عن الاحتباس الحراري جراء ارتفاع نسبة  ثاني اوكسيد الكاربون في الجو والمتآتي من المخلفات الغازية للمصانع والسيارات وجراء قطع الغابات بشكل جائر دون زراعة  غابات بديلة سيما وان الغابات  هي المستهلك الاساسي لثاني اوكسيد الكاربون  من الجو في عملية التركيب الضوئي لصناعة الغذاء النباتي..... هكذا يتوقع ان ترتفع حرارة الارض درجة واحدة الى عام 2030 ودرجتين الى عام 2100 الامر الذي سيجعل من العيش على كوكب الارض بالغ الصعوبه.

ان ارتفاع درجة جرارة كوكب الارض جراء الاحتباس الحراري اخذ يسهم في ذوبان جليد القطب  الامر الذي ادى ويؤدي الى ارتفاع مستوى منسوب البحار ومن ثم الى غرق سواحل ومدن وسيكون الامر اشد خطورة في المستقبل القريب. كما ان ارتفاع درجات الحرارة  زاد من شدة التبخر وبالتالي  هطول مخيف للامطار الغزيرة  وفي غير مواعيدها ، الامر  الذي تتبعه فيضانات  مدمرة تجرف االتربة والمزروعات وتتسبب بكوراث في المعدات والارواح كالذي يحصل في الصين والفلبين وبنغلادش والهند وغيرها من بلدان شرق اسيا. كما ان المتغيرات   في درجات الحرارة هي سبب في الاعاصير  التي  راحت  تجتاح  بلدان وتتسبب في كوارث حقيقية كما يحصل في العديد من الولايات الامريكيه وشرق اسيا والاضرار الكبيرة المدمرة جراء الامطار والفيضانات  على  المحاصيل الزراعيه   والتي تؤدي   الى تراجع التصدير وارتفاع اسعار الاغذيه تضرب بالصميم  الامن الغذائي،حيث ينتشر الفقر وتشتد المجاعات .

الى جانب هذا فان الاحتباس الحراري  يؤدي الى موجات جفاف  شديده تؤدي الى تلف المحاصيل الزراعيه كما حصل هذا العام في الولايات المتحدة الامريكيه والقرن الافريقي كما  يتسبب الجفاف باشتعال حرائق الغابات الامر الذي يزيد الطين بلة  في  انبعاث مزيد من غاز ثاني اوكسيد الكاربون  ،،وهذا يحصل الان في كلفورنيا وفي غرب البلقان وغيرها.

المعلومات المتوفره تفيد بان تبعات المتغيرات المناخيه في كوكبنا هذا هي اشد وطأة على سكان الجزء الجنوبي من الكرة الارضيه اي جنوب خط الاستواء،حيث تتفاقم المجاعات والامراض والاوبئة  التي باتت تهدد حياة الملايين من سكان هذه المناطق.

وعلى وجه التحديد  في القرن الافريقي وشرق اسيا وامريكا اللاتينيه والخطر راح يدق ابواب المنطقة العربيه التي بدأت تعاني من موجات الجفاف  وارتفاع درجات الحراة والعواصف الترابيه التي  ما انفكت تنغص العيش  على سكان هذه المنطقه المهددة بظاهرة التصحر المخيفه والتي لم تجد اهتماما من المعنيين بالامر لمعالجتها.اضافة الى كل هذا فالمنطقة العربيه مهددة بنضوب المياة الجوفيه بسبب الاستخدام الجائر لها وعدم وجود قوانين تنظم كيفية استغلالها،كما ان الانهار في المنطقة هي الاخرى تحتضر بسبب استهانة دول المنبع بمقدرات  دول المجرى التي نشأت اصلا على هذه الانهار وشيدت حضاراتها  وثقافتها على ضفاف  هذه الانهار.... المنطقة العربيه وبشكل خاص العراق  او قل بلدان الهلال الخصيب "لم يعد خصيبا" مهدد بتبعات لا تحسد عليها جراء المتغيرات المناخيه يضاف اليها تبعات  التعامل اللامسؤول  من قبل ذوي الشأن في مواجهة التصحر والتعامل مع الثروة المائية وحمايتها و  الخ

اعتقد ان  مهمة حماية البيئة من الاحتباس الحراري تقع على كاهل جميع الاطراف بما فيها منظمات المجتمع المدني والحكومات واصحاب المصانع والاعلام وغيرها. فمنظمات المجتمع المدني مطالبة بتحشيد الرأي العام المحلي ولاقليمي والدولي في سبيل الزام الحكومات على وضع ضوابط للحد من التلوث البيئي والزام اصحاب المصانع  باستخدام منجزات العلم والتكنولوجيا لايقاف انبعاث ثاني اوكسيد الكاربون اثناء العملية الانتاجيه، ووضع الضوابط لمنع قطع لاشجار والتعدي على الغابات والمساحات الخضراء....ضوابط شديدة كهذه تطبق  بدقة وصرامة كما لاحظت في الولايات المتحدة الامريكيه وفي دول اسكندنافيا وغيرها من العالم المتحضر،الا ان بلدان العالم الثالث وعدد من بلدان البلقان والامازون   تتعامل بلا مسؤلية وبوعي متدن في هذا الشأن   .

كما يتعين زج اجهزة الاعلام في هذه المعركة لرفع مستوى الوعي بخطورة التلوث البيئي والحد من مسببات الاحتباس الحراري والتثقيف باهمية حماية البيئة.

اشرت في البداية الى ان الحديث عن المتغيرات المناخية بات مكررا وقد يفيد التكرار  من جانبي ايضا لان الامر بات خطيرا ولا يقبل التأجيل او التهاون فيه.

هل يتعين علينا ان ننتظر الاجرات اللازمة للحد من الاحتباس الحراري لكي تعود المياه الى مجاريها ولكي تستعيد الزراعة عافيتها لتصبح كما كانت؟ بالتأكيد  لا .. بل يتعين علينا العمل باتجاهين اساسيين:

الاول: هو العمل في سبيل الحد من مسببات الاحتباس الحراري وهذه عملية شاقة وبطيئة ولكنها واعدة واكيدة ومضمونة النتائج

والثاني: هو ان نعمل وفق المعطيات الجديدة والمتغيرات المناخيه التي خلفها الاحتباس الحراري حيث ان الامر يستوجب ايجاد اصناف جديدة من المحاصيل الزراعيه قادرة على مقاومة الظروف المناخيه الجديدة والعيش فيها وان يعاد النظر في كيفية استخدام الاسمدة الكيمياويه والعضوية لرفع انتاجية الاصناف الجديدة من هذه  المحاصيل    يضاف الى ذلك ضرورة الاستخدام العقلاني والدقيق للمبيدات و الادويه في مكافحة الادغال والحشرات والامراض البكتيريه والفايروسات  شريطة ان يضمن عدم التلوث البيئي بها، يضاف الى كل هذا استخدام المكننه الزراعيه المتطورة – كل هذا يحقق معدلات عاليه من الانتاج بتكاليف اقل....هكذا يمكن تأمين  الغذاء وباسعار مقبوله تجعله في متناول كل فرد.... هكذا نتمكن من تخطي المجاعة المحدقه بالملايين من البشر.

اخيرا بودي التأكيد على ان الحد من المتغيرات المناخيه وتحقيق الامن الغذائي لم يعد موضوعا اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا  فحسب بل هو  موضوع انساني شامل بالغ الاهمية والخطورة الامر الذي شدني  لمعالجته والبحث فيه.

 

* كاتب عراقي مقيم في السويد

 

free web counter

 

أرشيف المقالات