| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الجمعة 31/7/ 2009



بالنيابة عن مومياء قوى التخلف :
حميد الشاكر يعلن عداءه للشيوعية !!

نبيل العراقي

الجدل مع الرؤية الفكرية الثاقبة ! لحميد الشاكر في مقاله ( دمرتنا الشيوعية العراقية بلا رحمة ..رؤية فكرية ! ) جدل لابد منه للاقتراب من الحقيقة التي تتعرض بين الحين والأخر إلى التشويه ، خاصـــــة بعد مقاله الأخر الذي تضمن ردا على تصدي الثعالبي والقبطان له ، والذي اعتقد انه تقيأ فيه ( حشيشة عقله !)
واتضحت ذهنيته التي تنأى به بعيدا عن ( الحوار المتمدن ) لتقترب كثيرا من روحيـة العداء للرأي الأخر المختلف معه ، كما ازيح اللثام عن طبيعة القوى السياسية / الاقتصادية/الاجتماعية التي تقف وراء قلمه ..

بدءا أقول لان المقالة الأولى لاتمثل رؤية فكرية ذات منطق متجانس بل تعكس مواقف سياسية مسبقة وهي من تجليات البنية الفكرية المضللة لقوى تجد في مواقف الحزب الشيوعي العراقي إزاء الثقافـــــة والمرأة تهديدا جديا لسطوتها ومصالحها وثراءها الفاحش ، وتعرف جيدا إن بقاء السطوة والمكاسب مرهون ببيئة ثقافية معينة لابد من إنتاجها باليات القمع الفكري والتضليل ومعاداة من يناضل ليؤسس بمواقفه بيئة ثقافية تنطلق في ظلها الحريات وتتحقق المساواة والعدالة الاجتماعية ، بيئة تتعزز فيها مبادئ الديمقراطية وقيمها الجميلة . كما أن ( الشاكر) يجهل أو يتجاهل مع سبق الإصرار إن اغلب رموز ثقافتنا الوطنية ورسلها في بقاع الأرض هم من انتموا أو تأثروا بالشيوعية ، وارتبطت مصائرهم بمصير الشعب والحركة الثورية في البلد : كالسياب ، غائب طعمه فرمان ، بلند الحيدري ، الجواهري ، البيــــاتي ، عبد الجبار وهبي ، سعدي يوسف ، الفنانة زينب ، شمران الياسري ( أبو كاطع ) ، مظفر النواب ، كوكب حمـــزة ، هادي العلوي ، ناهده الرماح ، جعفر حسن ، يوسف العاني ، الفريد سمعان وكامل شياع الذي اغتالته رصاصات ( عقلية الشاكر) كاتمة الصوت !! وأسماء أخرى لامعة مبدعة في شتى مجالات العلم والمعرفة والأدب والفن ، هم كانوا ولايزالون مفخرة ثقافتنا الوطنية ومن مصادر الغنى الروحي لشعبنا ، وينهل من نتاجهم الإبداعي من يريد الرقي والسمو بوعيه إلى مستوى فهم المصالح العليا للوطن والشعب .

دون ادعاء أو مزايدة أقول كان الشيوعيون العراقيون ومازالوا هم الأكثر حرصا على انتعاش وإشاعــــــة الثقافة الوطنية ورعاية رموزها ، وليس غريبا أن يكون أول وزير للثقافة بعد سقوط النظام الدكتاتوري هو من الشيوعيين ( مفيد الجزائري ) ، وهو نفسه الآن رئيس لجنة الثقافة والإعلام في مجلس النواب العراقي .
فهل يدرك ( الشاكر ) سر وجوهر العلاقة الوثيقة بين ( ثقافتنا الوطنية ورموزها ) و( الشيوعية العراقية ! )؟ اعتقد انه يدرك ذلك ويتجاهله رغم ادعائه بأنه اشتغل ( فكريا وتاريخيا وتحليليا ) في كتابة مقاله وهذه الحقول تفترض الموضوعية والصدق على اقل تقدير ، هذا ما يفتقده ، بسبب ميله ( الفطري ! ) إلى ثقافة التكفير والفتن الطائفية ، ثقافة تقبيل اللحى والأيدي ، ثقافة البكاء والحزن المستديم ، ثقافة زيجات المتعة !! يالها من ثقافة وطنية تغني الروح وتشيع الأمل والتفاؤل بمستقبل أفضل !!

كما لايحق لأحد مصادرة حق ( الشاكر ) في الخشية من التأثير التدميري لفكر الشيوعيين العراقيين على روحه وعقله وقيمه التي تتناغم مع روح وقيم البعث الذي لم يخش تدميره وينكر – في مقارنته الساذجة – الأثر التخريبي الهائل الذي طال منظومة القيم الأخلاقية والفكرية للشعب العراقي طلية عقود سلطة البعث ودكتاتوريته البغيضة.
أما فيما يتعلق بالمرأة أقول وبايجا زان الشيوعيين العراقيين يفتخرون بمواقف حزبهم المناصــــرة للمرأة وقضيتها والداعم باستمرار لنضالها الدؤوب من اجل قوانين خاليــــــــــــة من كل أشكال التمييز ، قوانين لاتتعارض مع ما نصت عليه لائحة حقوق الإنسان واتفاقية سيداو والدستور العراقي ، قوانين لاتصادر ما اكتسبته المرأة بكفاحها الطويل الشاق والمرير ، قوانين لاتركن ذليلة للأعراف والتقاليد المتخلفة . الشيوعيون العراقيون يناضلون اليوم بلا كلل من اجل أن يكون للمرأة رأيها المستقل ، قناعاتها ، دورها الفاعل في المجتمع وغير الخاضع لأي شكل من أشكال الإكراه .

أما من يريد إعادة إنتاج عوامل تخلف المرآة وسلبها إرادتها وحقوقها وتقديس عبارة ( المرأة ناقصــة دين وعقل ) فانه يشتغل خارج حركة التاريخ ومنطق هذه الحركة كفيل بإخراجه من دائرة الهيمنة والسطوة !! يلجا الكاتب في مقاله الثاني وتحت تأثير صفعات الحقائق التي يذكرها الثعالبي والقبطان إلى منطق غريب فيقول : ( بعكس ما لو قدمناها – مواقف الحزب الشيوعي مآثره- لهذا الإنســــان العراقي على أساس إنها منتجات مثلا إسلامية فانه يتفاعل بايجابية ويتلقاها بقبول حسن بلا مشاكل فكرية أو نفسية ! ) ، يقودنا هذا المنطق الذي لايؤهل ( الشاكر ) على الحديث ( فكريا وتحليليا ) إلى التساؤل .. هل يتوقف الشيوعيون عن إبداء أي رأي أو موقف وينتظرون (درة) القوى الأخرى ليكون لها قبول حسن ! أي يطلب من الشيوعيين إلغاء دورهم ! وهل البنيـــة الفكرية للقوى التي ينتمي إليها الكاتب قادرة على إنتاج مواقف بشان الثقافــــــة والمرأة تناسب روح العصر ؟ !

لااشك في ذلك فقط بل اجزم إنها غير قادرة على إنتاج مثل هذه المواقف . فالبنية الفكريـــــــــــة التي تضع خطوطا حمر أمام تساؤلات العقل التي يفرضها تطور الواقع والمتغيرات التي تطرأ باستمرار ، والتي تقف بإجلال أمام التقاليد والأعراف السائدة وكأنها حقائق مطلقة ومقدسة لايمكن المساس بها رغم صيحات التمرد الحاصلة في الهويات الصغيرة المغلقة ذاتها ، هي بنية فكرية غير قادرة على تجديد ذاتها ، غير قادرة علـى إنتاج ما يجعلنا نقول أنها المستقبل . وها هي التجربة التطبيقية ( الأنموذج ) لعقيلة ( الشاكر ) والمتاخمة لنا مكانيا وزمانيا ، آيلة للسقوط ، بسبب القيم والتي تبثها والمقيدة للعقل ، المستخفة به وقمع الحريات واتسـاع مساحة المستبد والفقر والبطالة والبغاء .

حقا أن الشيوعيين كان لهم تأثير واسع في الوسط الجماهيري وهذا ما لم يجرأ ( حميد الشاكر ) على نكرانه لكن إجابته لم تكن منصفه على أسباب ذلك . اعتقد – دون الغور عميقا في تحليل الفترة التاريخية آنذاك – أن احد الأسباب الجوهرية التي جعلت من الحزب الشيوعي العراقي حزبا جماهيريا بحق هو التصاقـــــــه الصادق بالآم الناس وآمالهم ، بطموحاتهم وتطلعاتهم . وفي الوقت الذي لم يكن فيه الكثيرون على اطلاع ودراية بفلسفة الحزب وأيدلوجيته ، كانت مواقف الحزب السياسية وأخلاق الشيوعيين وتضحيــــــــــــــاتهم وتصدرهم نضالات العمال والفلاحين والطلبة والشباب والمرأة وتصديهم ببسالة مشهودة للحكومات المستبدة والمتعاقبة ومقارعتهم للقوى الرجعية والامبريالية بشتى الأساليب المتاحة ، هي من جعل الجمـــــاهير تلتف حوله ، هي من جعلته – يكتسح – الشارع ...

أما اليوم ورغم تمثيل الحزب بمقعدين في مجلس النواب فان ذلك لايمنع أن يكون لحزب الشيوعييـــــــــــن العراقيين دور مؤثر في العملية السياسية ، وخطابه السياسي يعبر عن التزامه الواعــــــــي بمصالح كادحي الشعب – شغيلة اليد والفكر – وحرصه الأكيد على بناء الدولة الديمقراطية العصرية دولـــــــــــــة القانون والمؤسسات .
واليوم نتساءل أيضـــا بماذا اكتسحت الشارع القوى التي تغذي جاهدة قلمك أيها ( الشاكر ) ؟! هل اكتسحته بالمنجزات/ الكهرباء/الماء/فرص العمل/ تأهيل المؤسسات الصناعية / تطوير الزراعة....... ولم لا تلتفت على الأقل وتجد حلا للنفايات التي اكتسحت الشارع !؟ وهي التي تهيمن على مقاعد مجلس النواب ومجالس المحافظات ومؤسسات الدولة و( كاكات النفط ) وبيت مال المسلمين !!

وبماذا يفسر ( الشاكر ) أن بعضا من رموز قواه السياسية العتيدة لم تحضر ولو مرة واحدة اجتمـــــــاعات مجلس النواب – استنكافا – واستخفافا بمئات الآلاف من الأصوات التي انتخبتها وتستلم الملايين بلا خجل شهريا حتى أصبحوا هم ومصالحهم التي يجيدون إخفاءها في واد ومصالح الناس في واد آخـــر. والبعض الآخر أصبح ملاذا آمنا للبعثيين يحيون حفلاتهم الماجنة بأثمان أرغفــــــــــة الخبز المسروقة من الشعب !

أما ما أسفرت عنها انتخابات مجالس المحافظات من نتائج يفتخر بها الفائز فان المــحلل الموضوعــــــــــي لمجريات الانتخابات وقوانينها يعرف جيدا أن هذه النتائج ما كان لها أن تتحقق لولا المال السياسي واستخدام رموز السلطة و( حوسمة ) عشرات المقاعد بفعل قانون الانتخابات غير العادل في بعض فقراته .لكن الأمر الذي يقلق (الشاكر) ومن يقف خلفه هي أجنة المستقبل التي لاحت في الأفق ، قوى التيــــــار الديمقراطي الواسع والأكثر وعيا وتأثيرا وقدرة على خلق عوامل بناء الحياة المدنية المزدهرة ، لذا من شدة قلقه أصبح يضع المعادلات التي تعكس القراءة السطحية لواقعنا المعقد .

مع أسفي الشديد على تجنيد بعض الأقلام لتشويه الحقائق وتضليل الرأي العام أقدم شكري لحميد ( الشاكر ) الذي أتاح لي من خلال الرد عليه أن أساهم في الإشارة على بعض الحقائق وان كانت قاسية .
أخيرا أقول وبقناعة تامة : سيبقى الشيوعيون العراقيون هم السباقون وفي سيـــاق نضالهم الفكري والمطلبي على إنتاج المواقف المعبرة عن مصالح فقراء الشعب وعلى إنتاج القيم التي تساهم في اغناء الروح وإطلاق الطاقات الخلاقة المبدعة ، التي تعتق العقل من القيود السلفية وتحترم الرأي الأخر والقانــــون والمؤسسات الدستورية ، وترفض ثقافة المستبد والصوت الواحد ، وتشيع ثقافة التسامح والمحبة والسلام في عراقنــــــا الديمقراطي الاتحادي الموحد ..


30 تموز 2009
 


 

free web counter

 

أرشيف المقالات