| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الثلاثاء 30/6/ 2009



نعم.. نحن قادرون

سعد الشديدي

منذ ساعات غادر آخر الجنود الأمريكيين شوارع المدن العراقية. هذا يعني ان الآليات الثقيلة المغطاة بشباك التمويه التي كانت تجوب مدننا لم يعد مسموحٌ لها أن تفعل ذلك. وإن الهمرات المدججة بالسلاح والمقاتلين والتي كانت تسير أينما تريد وبالشكل الذي تريد، ليس في الشوارع فقط بل وأحياناً على الأرصفة وأينما شاءت، لم تعد قادرة على فعل ذلك. وإن السيطرات الأمريكية لن توقفنا لساعات طويلة في الشمس المحرقة والمفارز الأمريكية لن تطرق علينا الأبواب في آناء الليل وأطراف النهار لتفتيش بيوتنا الخالية من كل شئ إلا من بعض الإصرار والعناد العراقيين.

يقول البعض إن هذه الخطوة تشكّل إنتصاراً للجهد الوطني العراقي، بينما يقلل البعض الآخر من شأن ما حصل هذا اليوم لأنه ليس أكثر من خطوة صغيرة على طريق الإستقلال الناجز. المتشائمون, ولدينا الكثير منهم والحمد لله، يقولون أن إنسحاب القوات الأمريكية من المدن جاء قبل أوانه، بينما يصرّح آخرون أن العراق سيشهد المزيد من التوترات. وسواء أصابوا أم أخطأوا فإننا الآن أمام إمتحان لا تراجع فيه.

الغريب إن الأكثرية الساحقة ممن أعربوا عن سعادتهم أو تفاؤلهم الحذِر أجمعوا على أن هذا الإمتحان لا يشمل سوى القوات المسلّحة التي يجب عليها التأهب للردّ على أي إعتداء إرهابي أو معالجة أي خرق أمني سيظهر فيما بعد!!

والواقع أن هذا الإمتحان التاريخي لا يعني القوات المسلحة إلا من باب كونها جزء من الشعب العراقي لاغير. أما التحدي الأكبر فهو أمام العراقيين جميعاً مدنيين وعسكريين. فالإرهاب لا يستهدف العسكريين فقط بل يستهدف كما رأينا المدنيين اولاً ولا يحصد أرواح الجنود والضباط العراقيين فحسب بل أرواح الآف من المدنيين الذين لم يحملوا يوماً سلاحاً حتى ولو سكين مطبخ.

فهل نحن مستعدون لمواجهة قوى الإرهاب والظلام؟ وهل سنرمي الكرة، كما أعتدنا دائماً، في ملعب الجيش والشرطة ولا نعترف بأن علينا جميعاً واجب حماية العراق الجريح وتجربته التي ما زالت تحبو؟

إن إلقاء المسؤولية على القوات المسلحة العراقية لوحدها دون سواها لحفظ الأمن والنظام بعد الإنسحاب الأمريكي الجزئي يشكّل خطراً قاتلاً من أكثر من ناحية، أولها إننا سنسلم لحانا الى المؤسسة العسكرية وسنعطيها الفرصة الكاملة لتفعل ما تشاء وفي هذا الحالة ستعود حليمة الى عادتها القديمة، ونرجو أن لا يحدث هذا خصوصاً وأنه لم تبدر حتى الآن أيما بادرة تشير الى رغبة القوات المسلحة ضباطاً وجنوداً الى السيطرة على المؤسسة السياسية، ولكن الإحتمال يبقى وارداً فمن ذا الذي يرفض الجلوس على كرسي رئاسة الجمهورية أو رئاسة الوزراء والتحكم بخيوط الأحداث بالريموت كونترول والأوامر الرئاسية أو الوزارية؟ وهم في نهاية الأمر بشر غير معصومين.

أما الناحية الثانية فتمسّ الحالة السياسية ذاتها، ذلك إن أحداث العنف في العراق لها خلفيات سياسية معروفة. وهي تتصاعد وتنخفض بوتيرة واضحة نستطيع إستقراءها من خلال فهم الوضع السياسي ولا تُعالج إلا من خلال الحوار الوطني الشامل، الذي يبدو أنه بدأ يتلكأ في الآونة الأخيرة.

العراقيون على ثقة بأن أفراد القوات المسلحة سيفعلون ما يستطيعون وتبقى المسؤولية الأهم على عاتق القيادات السياسية التي يجب عليها هي الإخرى أن تتوصل الى مرحلة من السلام "العادل والشامل" في الساحة السياسية العراقية.

الأمور تسير على ما يرام حتى الآن. ولكن احداً لا يعرف ماذا سيحدث غداً أو بعد غد. ومع ذلك فنحن جاهزون لكل الإحتمالات. فالشعب الذي لم تستطع قوى الديكتاتورية والطغيان أن تكسر شوكته، والشعب الذي ذاق قساوة الجوع والفاقة في سنوات الحصار، والشعب الذي تعرّض الى أكبر حملة إبادة منظمة على يد قوى الظلام والإرهاب منذ أكثر من ست سنوات حتى الآن لن تكسره مفخخات القاعدة ولا إجرام القوى الإقليمية ولا الدمار الذي يحيط به أينما حطّ ورحل.

والعراقيون جاهزون لكل الإحتمالات.




المدونة الخاصة
http://alshadidi.blogspot.com /


 

free web counter

 

أرشيف المقالات