| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

السبت 30/7/ 2011



أكبر الكوارث: تدمير عقل الانسان

د. صباح المرعي

يصعب على القوى التقدمية عموماً، واليسار على الاخص، قبول فكرة انها مساهمة في تأخير شعوبهم! وذلك باستعمالهم عبارات العلوّ والعظمة والمجد والبطولة في وصف شعوبهم المقهورة التي لا حول ولا قوة لها.
فالشعب العراقي العظيم، تعبير يستعمله حتى المثقف العراقي، في موقع الخطأ، الذي يتوجب عليه ان يفهم هذه الحقيقة المرة ويقرّها، كي يتمكن من النهوض بنفسه اولا، ومن ثم محاولة النهوض بالمجتمع. إذ أن أكبر الكوارث هي تدمير عقل الانسان أو إبقائه على جهله.

كيف لشعب متخلف ومغلوب على امره، لاسباب عديدة ليس مجال شرحها الآن، ان يُدعى بالشعب العظيم!؟ وهو البائس والجوعان والمريض والمحتاج والجاهل... وفوق كل هذا فهو يؤمن بالغيبيات سبيلا لانقاذه.

أليس الاجدر بنا ان نصفه بأوصافه الحقيقية، كي يعرف على الاقل، موقعه وحقيقة وضعه، فالمجاملة ليست في صالحه. أمّ ٌ لا تستطيع إشباع اطفالها، وهي امرأة ليس لها سوى البيت، وأبٌ يـُقتل إن طالب بالخبز ليسد رمق اولاده، وشاب لا يعرف الى اين يتجه، ويضيع في المخدرات او الميليشيات... هي المكونات الحقيقية لشعوبنا التي نسميها عظيمة!

الصناعة هي عمل يتسم بالوعي والاخلاص والتفاني وفي بعض الاحيان بالمخاطر. وصناعة الحدث تقتضي وعيا كبيرا ومبدعا ومسؤولا وسائرا بالاتجاه الصحيح، لتعديل الوضع المعاش بكل جوانبه. فالاسلاميون صنعوا احداثهم في كل زمان ومكان، مرتكزين على جهل السواد العام، وعاملين على استمرار هذا الجهل، لانه الوقود الحقيقي لمسيرة الحدث.

في بلد يعد احد أغنى بلدان العالم الآن وسيكون أغنى بلد في العالم سنة 2025! توزع فيه الكهرباء بالحصة! وليس فيه ماء صالح للشرب! ومدارسه مشيدة من الطين... أمهات ٌ واطفالهن يجوعون ويمرضون... أليس من الاجدر والواجب ان يحين الوقت لان يعي المثقف والقوى التقدمية – اليسارية منها واللبرالية، ضرورة العمل على التصالح مع المرحلة، وعدم ابراز الخلافات، وتركها للمستقبل، في سبيل خلق حدث نوعي، يقوم مقام الناهض بالشعوب، ويسير بها نحو التقدم والرقي؟

ارى من الضروري جدا ان تعي القيادات السياسية المعارضة بكل جهاتها دون اي استثناء، وكذلك المثقفون المستقلون، أنّ شعوبها ليست عظيمة، بل يائسة وبائسة ومحرومة. فهذا الوعي - إن حدث - سيكون موقع انتقال جديد وقوي ومسؤول نحو المستقبل المزدهر وبناء الانسان والدولة على الاسس العلمية الصائبة.

إنها المسؤولية تجاه شعبكم اللاعظيم، مسؤولية ان تلتموا وتكونوا كتلة واحدة، يصعب اختراقها وتمزيقها، مسؤولية ان تعتذروا عن تفكيركم السيئ بشعبكم...

مسؤولية ان يكون التعليم على الاقل حصتكم في بناء الانسان وملء فراغات الجهل.. بالعلوم وبالاسئلة. عند ذاك سيكون هذا الانسان الذي تشرّب بالعلوم وبالمعرفة هو العظيم الذي منه سيتكون الشعب العظيم. وبعكسه ستكونون في موقع الاتهام ووجوب المحاسبة وفق كل الاعراف وعبر التاريخ الذي لا ينسى، إذ يوثق...

كل خلافاتكم هي: من سيقود، وهل هو أجدر مني؟ إنسوها رجاءً أو أجـّـلوها على الاقل لانتخابات شرعية في المستقبل. هذا هو الطريق الوحيد لانقاذ شعبنا اللاعظيم من مآسيه وجعله عظيما بتفانيكم وحرصكم عليه.

كم سيصبح البلد غنيا وتصبح النفس هي الاخرى غنية لو تعلمتم كيف تؤجلون سؤال من سيقود، ووقفتم بذلك موقف الجد من المسؤولية التي يجدر بكم ان تكونوا أهلاً لها؟
 


Almarii6@yahoo.co.uk
Skype: rumyhe
Facebook: SabahAlmarii
 

 

free web counter

 

أرشيف المقالات