| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الخميس 30/12/ 2010

     

 (( وداعا يا فراس ))

باسل شامايا

ما أتعس المرء حينما تخذله المفردات اللغوية ويلبسه وهن التعبير عما يجول في خواطره لرثاء عزيز فوجع برحيله قبل الأوان .. فراس صاحب أحلى ابتسامة تملأ وجهه الباسم الضحوك أمل وتفاؤل .. شاب بعمر الورد في عنفوان الشباب والعطاء .. رحل عفيفا طاهرا اختطفه ملاك الموت من بين زوجته وابنته الصغيرة وأبويه وإخوته الذين يكنون له حبا لا يضاهيه حب .. ورحل به إلى عالم اللاعودة .. انه حقا يصعب على المرء أن يكتب عن هذا الشاب الذي كان في البارحة يستقبل معارفه وأصدقاءه وزبائنه بابتسامته الرقيقة والفائضة حبا ووقار واليوم وفي غمضة عين رحل عنا وبات مجرد ذكرى . . غادرنا بعد أن ترك لنا رصيدا زاخرا بالطيبة ونقاء الذات والوجدان .. غادرنا بعد أن عرفناه مفرطا في حب الناس وهكذا كان يبادله أصدقاءه قبل أقربائه بحب لا يخضع لحدود .. يا لقسوة الزمن .. هذا الزمن الذي سرق من القوش ابنا محبا طموحا معطاءا ودفقا من الحيوية دؤوبا في عمل الخير .. هذا الموغل في الطيبة .. تواقا للمعرفة ، مرهفا محبوبا طيب المعشر شفافا في تعامله مع الناس يمتاز بالاتزان والخلق الرفيع والمداعبة المهذبة.. كان يملك قلبا خاليا من الكراهية والضغينة فمساحة الحب التي تحتويه لا تقبل بأي كلام يعرقل مسيرة محبة الآخرين عنده .. كان صديقا للجميع لم يكن فيه غير الصدر الرحب والقدرة على التعاون بكل شفافية وتودد دون أن يثنه عن ذلك أية عوائق أو معرقلات .. فلو عدنا بعض السنين إلى الماضي نجد أرشيف فقيدنا العزيز فراس مؤطرا وغنيا بالكثير من المواهب والنشاطات .. فكان يكتب الشعر و يرتقي خشبة المسرح ليجسد تلك الهموم والظواهر الاجتماعية السلبية التي كان يتمنى إزالتها ليتنعم مجتمعنا بكل ما يعكر صفوه .. كان يؤدي واجبه بكل تجرد وإخلاص ويكتب بكل ما يملك من مشاعر وإحساس على الرغم من تواضعه في امتلاكه للمفردات اللغوية بقاموسه الأدبي لتوظيفها في نشاطاته . لقد كان رائعا إلى حد اللامألوف ، إلى درجة انه كان مصابا بمرض مستعصي لا شفاء منه ويعلم جيدا أن هذا المرض سيصرعه وينهي حياته ، ومع ذلك بقي يمارس واجباته والتزاماته العملية لتأمين مستلزمات الحياة الصعبة لعائلته على أكمل وجه ..وكان دؤوبا أن لا يعرف أحدا بأمره إلا والدته التي كانت تتمزق حزنا كلما تنظر إلى ولدها الذي ينخر به المرض يوما بعد آخر وليس بيدها شيء ان تفعله سوى تسليم أمرها إلى الرب لعله يرحم أهله وطفلته المريضة . انطفأت شمعتك يا فراس بعد أن بقيت موقدة 33 عاما .. كنت تسعى دوما لتحقيق ما يدخل المسرة والبهجة إلى قلوب محبيك وأصدقاءك وتعمل المستحيل لإسعاد أسرتك وخاصة سوسنتك الزاهية فيرونا . هذا هو حال الدنيا يا عزيزي لقد رحلت وأخذت معك تلك الطيبة التي كنت تغدق بها وتمنحها للصديق والغريب .. وبرحيلك تأرجحت كفة الميزان لصالح نقيض الطيبة .. فالطيبين يا عزيزي باتوا عملة نادرة في أيامنا العصيبة . ماذا أقول أيها الغالي والقلب يخفق حزنا وألما برحيلك المبكر ، خسارتك لا تعوض خصوصا لمن عاشرك وانتعش بحديثك الشجي وحبك اللامتناهي للجميع .. نم أيها العزيز راسما تلك الابتسامة الخجلة فوق وجنتيك وتذكّر هناك من تنزف قلوبهم حزنا على فراقك تشكو القدر المشؤوم الذي أبعدك عنهم وسرق بسمتك الرقيقة الزاهية .. ارقد بسلام أيها المحب ولا تفكر بمدللتك الصغيرة فيرونا لأنها إذا سألت : متى يعود بابا ...؟ سوف يجيبونها أبويك وأشقاؤك وشريكة حياتك وكل محبيك قائلين : انه لن يعود يا ابنة الغالي لأن أباك أصلا لم يغادرنا ولم يفترق عنا بل انه باق معنا في جميع أوقاتنا صباحا ومساءا ، يتجدد في عقولنا وضمائرنا ومشاعرنا ، نعم أيها الفقيد العزيز إننا لم نفتقدك فانك الغائب الحاضر بيننا ..رحلت عنا بلمحة بصر وها هو سكناك بات قلوب محبيك ..ستبقى عائشا هكذا في قلوب اهلك ومحبيك مهما طال الزمن . وفي الأخير لا يسعني إلا أن أقول وبألم (( وداعا وداعا وداعا )) يا فراس ستبقى ذكراك في أعماقنا إلى ابد الدهر .. تعازينا الصادقة إلى عائلتك واهلك وليعوض الرب والديك بحب الباقين .
 

free web counter

 

أرشيف المقالات