| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الخميس 30/12/ 2010

     

فى ضوء مناقشات مجلس النواب لواقع التعليم في العراق

د.هادى مهدى

ثلاثة عقود ونيف تركت بصماتها الثقيلة على مختلف جوانب الحياة فى تاريخ العراق الحديث..ان تركة جسيمة  ستظل لعقود طويلة. فالحروب الظالمة التى سيق لها عشرات الالاف من شباب العراق ,خلفت جيوشا من الأرامل والأيتام ,وشوهت البنية الديموغرافية للمجتمع العراقى... لقد أصاب الخراب كل شىء فى العراق. لقد نفذ المجتمع الدولى وعيده تجاه العراق أبان غزو الكويت , فلا ننسى ما قاله جيمس بيكر وزير الخارجية الأمريكى الأسبق فى جنيف لوزير خارجية النظام المقبور طارق عزيز ( اذا لن ترضخوا لقرارات المجتمع الدولى فسنعيدكم خمسين عاما الى الوراء ). فالحروب والحصار الظالم أعاد العراق بعيدا الى الوراء على كافة الأصعدة .

أن نظام التعليم فى العراق الذى كان يعد الى فترة قريبة من أفضل نظم التعليم فى المنطقة بشهادة اليونسكو تعرض هو الاخر لخراب كبير. فقد سيق الالاف من المعلمين مجندين فى حروب النظام الدكتاتورى . والاف اخرى منهم شردت جراء سياسة تبعيث المؤسسات التعليمية .
وأدى هذا كله الى تردى مستوى التعليم وتسرب الطلبة, وتفشى الأمية بشكل خطير بعد انحسارها فى فترات سابقة.

قادنى الى هذا الحديث مناقشة مجلس النواب العراقى لواقع التعليم فى العراق بجلسته بتاريخ 26-12-2010
تناولت مناقشات النواب مختلف المشاكل التى يعانى منها نظام التعليم , بدءا بالنقص الكبير في الأبنية المدرسية وعدم صلاحية الموجود منها , والنقص فى الكادر التدريسي ,المناهج الدراسية وضرورة استبدالها بما ينسجم ومتطلبات المرحلة , وتوفير الكتب المدرسية قبل بدء العام الدراسى , وجرى الحديث كذلك عن مشكلة الأمية. لقد تحدث نواب كثيرون فى تلك الجلسة ,وكان هناك قلق واضح على وضع التعليم ومؤسساته .
لا يتسع المجال هنا لمناقشة جميع ما طرح ,لكنى هنا أريد أن أتطرق الى مشكلة الأمية ,وربما يتاح وقت اخر للحديث عن القضايا الأخرى.

أن تقارير اليونسكو تشير الى وجود ما بين خمسة الى ستة ملايين أمى فى العراق. وهنا لابد لى أن أشير الى مداخلة السيد خضير الخزاعى وزير التربية السابق في هذا الموضوع ,والذى قال اعطونى سنويا عشرين مليون دولار سنويا ,وسوف أقضى على الأمية فى خمس أو ست سنوات . هكذا يتصور السيد الخزاعى أن مشكلة بهذا الحجم يمكن أن تحل بهذه الطريقة. هو فى الواقع يمثل نموذجا للعقلية البيروقراطية الحاكمة في العراق. لا أدرى كيف يستطيع السيد الخزاعى أن يقضى على الأمية , فى وقت فشل فيه كوزير تربية فى أداء مهامه . فقد كشف الوزير الجديد السيد محمد تميم أن ميزانية وزارة التربية لم يصرف منها خلال الأعوام السابقة سوى ثلاثة فى المائة . ألا ترى أيها السيد الخزاعى أنك كنت وزيرا فاشلا؟

أن مشكلة بهذا الحجم لا يمكن أن تحلها وزارة أو حكومة واحدة. يجب تضافر جهود جميع قطاعات المجتمع من منظمات مجتمع مدنى ونقابات وأحزاب وطنية للتصدى لهذه المشكلة. أن على الأحزاب الحاكمة فى العراق أن تعى أن حملة وطنية كبرى هى الوحيدة والكفيلة بالقضاء على الأمية.

ليس خافيا على أحد أن للأمية أسبابا اجتماعية واقتصادية. أن تبني التخطيط فى العمل هو واحد من أهم شروط النجاح, وأن بناء الأقتصاد العراقى وتوفير فرص العمل لعشرات الالاف من العاطلين,ومحاربة المفاهيم العشائرية البالية فى المجتمع ,هى ضرورة أساسية. لا يمكننا أن نطلب من الجائع أن يذهب الى المدرسة .

لذا فأن نهضة اقتصادية واجبة توفر العيش الكريم للمواطنين,هى احدى أهم اسباب نجاح حملة مكافحة الأمية.

أرى من الواجب القيام بما يلى :

1- انشاء هيئة وطنية عليا لمكافحة الأمية ترتبط بمجلس النواب. وأن تضم الهيئة فى عضويتها ممثلى منظمات المجتمع المدنى والنقابات, والأحزاب الوطنية ,وذوي الخبرة فى هذا المجال.
2- الاستفادة من تجربة سابقة فى مكافحة الأمية فى العراق بعد ثورة الرابع عشر من تموز. ومن الضرورى الأخذ بتجارب الشعوب الأخرى فى مجال مكافحة الأمية.
3- أجراء التعداد السكانى الموعود فى أقرب وقت,وأن تتضمن البيانات معلومات عن الأميين ,فالأمى هو من لا يعرف الكتابة أو الكتابة والقراءة معا. بيانت كهذه ستحدد لنا حجم المشكلة.

أننا أمام كارثة حقيقية...أن النهوض بالواقع التعليمى يجب أن تكون من أولويات الحاكمين.
أن النوايا الحسنة والكلمات الحماسية فى مجلس النواب لا تحل المشكلة. الوطنية الحقة تتطلب تحمل المسؤولية بنزاهة وصدق .



30-12-2010


 

free web counter

 

أرشيف المقالات