| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

                                                                                 الثلاثاء 30/4/ 2013

     

الاول من آيار 1959 في بغداد
يوم آخر في ذاكرتي

فاضل فرج خالد

كثيرةهي الايام التي تغنى بها ابناءشعبنا ومناضلوه ببطولات وتضحيات قدموها من اجل سعادة ورفعة الوطن وحرية وسعادة الشعب، منها من عاشها وقدمها مناضلون قبلنا فسجلوا مفاخرهم في سجلات الشرف والبطولةوعندما قرأناها زادنا ذلك حماسا وعزما وتصميما على مواصلة الدرب، ومنها ماعاشه جيلنا وما قدمه من افعال يجدر بنا ان نعيدها على مسامع الاجيال الشابة الجديدة لتنعش النفوس وتشحذ الهمم ، اقول هذا ولازالت ذكرى اول احتفالية للطبقة العمالية العراقية بعيدهم العالمي والتي جرت بشكل علني يوم 1/5/1959 في بغداد محفورة في الذاكرة.

ففي الايام التي سبقت هذه الاحتفالية امتلأت اعمدة شارع الرشيد على جانبيه والشوارع الاخرى بملصقات ورقية ملونة خطت فيها كتابات بعضها يرحب بقدوم الاول من آيار عيد الطبقة العاملة في الجمهورية العراقية وبقية دول العالم والبعض الآخر يتغنى بآيار عيد المحبة والربيع في ارجاء الجمهورية الفتية.لقد كانت هذه الاوراق الملونة والمثبتة بكل اعتناء على اعمدة شارع الرشيد وما تحمله من عبارات سلام ومحبة مبعث طمانينة في نفوس المارة من ابناء الشعب وهم في طريقهم اما الى امكن عملهم او للتبضع من مخازن ومحلات شارع الرشيد والشوارع المرتبطة به، وفي تلك الايام التي سبقت يوم الاول من آيار تضافرت جهود العاملين في كل نقابة من نقابات العمال في اعداد وتهياة الفعاليات والنشاطات والمجسمات التي تعبر عن المهنة او الحرفة التي تمثلها كل نقابة منها والتي سيتم عرضها بواسطة السيارات او العربات الناقلة لتلك الفعاليات المشتركة في المسيرة الشعبية والعمالية الكبرى و التي ستنطلق يوم العيد العالمي للعمال في الاول من آيار .

وفي مساء يوم 30 نيسان 1959 اي ليلة الاحتفال بالاول من آيار اقام (الاتحاد العام لتقابات العمال في العراق) حفلا خطابيا في حدائق قاعة الشعب وكان ذلك الحفل برعاية الزعيم (عبد الكريم قاسم )حضره مدعون كثيرون امتلأت بهم ارجاء تلك الحدائق .

لقد كنت انا مدعوا مع خمسة اوستة من الوجوه الطلابية المعروفة على صعيد( اتحاد الطلبة العراقي العام) وقد افردت لنا مقاعد في الصفوف الامامية قرب منصة الخطابةومما اتذكره في هذا الخصوص ان( الزعيم عبد الكريم قاسم) وبعد بضعة دقائق من خطابه الذي ابتدأه بتهنئة العمال بهذه المناسبة الميمونة و الذي قوطعت عباراته بالتصفيق وبالهتافات الحماسية من قبل الحاضرين ، نهض احد الزملاء من الطلبة المدعوين معي وهتف مطالبا باشراك الحزب الشيوعي العراقي في الحكم، ولكن الزعيم قاسم رد على تلك المطالبة قائلا:(ايها الاخ انا الذي اقرر ذلك وليس انتم ..).ولم يتكرر الهتاف بمثل هذه المطالبة تلك الليلة وفي تلك الاحتفاليةبعد ذلك مرة اخرى .

اما يوم الاول من آيار نفسه فمنذ الصباح الباكر استعدت جماهير الشعب بشرائحها كافة متعاونة ومتضامنة مع عمالنا الاشاوس لاظهار احتفالية هذا اليوم الكبير في حياة الطبقة العمالية صانعة الحياة بابهى صورة من صور الفرح و الابتهاج .

لقد ارتفعت معالم الزينة على واجهات المباني المطلة على الشوارع الرئيسة في بغداد لاسيما شارع الرشيد حيث سيكون الطريق الذي ستسلكه المسيرة الكبرى للاحتفالية ابتداء من الباب الشرقي منتهية في ساحة باب المعظم مارة على مبنى وزارة الدفاع حيث ستتلقى التحية من لدن قائد ثورة الرابع عشر من تموز 1958 الزعيم عبد الكريم قاسم .

ومما اتذكره عن مشاركتنا نحن طلبة وطالبات كلية التربية /جامعة بغداد في المسيرة الكبرى للاحتفالية المذكورة ان اللجنة الاتحادية لطلبة كليتنا قد نظمت لنا مسيرة .

بعد ظهر ذلك اليوم انطلقت من امام مباني الكلية متجهة صوب منطقة الباب الشرقي حيث نقطة انطلاق المسيرة العمالية والجماهيرية الكبرى للاول من آيار.

وبعد انضمانا الي المسيرة الرئيسة طلب الى بعض الوجوه الطلابية المعروفة بنشاطها في كليتنا وانا واحد منهم ان نتوزع على مناطق مختلفة من خط سير المسيرة وعلى طول شارع الرشيد للاشراف على ضبط وتوجيه الجماهير التي غص بها جانبي الشارع استقبالا للمسيرة العمالية والمواكب الاخرى المشاركة معهم من الشرائح الاخرى من طبقات الشعب وكنت انا مشرفا ابتداءً من ساحة حافظ القاضي حتى منطقة رأس القرية والحقيقة تذكر اني وجدت ابناء شعبنا الابي وصفوفهم المتراصة على جاني الشارع مثالا لحسن الضبط والنظام وفسح المجال للمواكب المحتفلة لكي تواصل سيرها بكل انسيابية اثناء استعراضها الاحتفالي المذكور وهكذا اخذت المواكب المحتفلة بالمسيرة الكبرى وكان يتقدمها كوكبة من اعضاء اللجنة المركزية للحزب وكذلك مكتب الاتحاد العام لنقابات العمال في العراق.

وبعد ان اخذ الحماس يرتفع رويدا رويدا عند المواكب المحتفلة وهي تردد مختلف الاهازيج والاغاني والشعارات سرعان ما بدأ هدير شعار اخذت كل الجماهير المحتفلة بترديده وبصوت حماسي منقطع النظير يطالب باشرك الحزب الشيوعي في الحكم  .

وكل مرعلينا موكب لنقابة محتفلة كان الحماس في تريد ذلك الشعار يزداد قوة ولهيبا .وتواصلت المواكب الاحتفالية واحدة بعد الاخرى والهمم تزداد اصرارا على الاستمرار بهذا العرس العمالي العتيد رغم ان الليل قد بدأ يزحف على المحتفلين لكنهم استمروا عل هذا الزخم الاحتفالي وصولا الى انتصاف الليل.

حقا كان يوما احتفاليا رائعا استحقته طبقتنا العمالية الباسلة

 

free web counter

 

أرشيف المقالات