| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الأربعاء 30/12/ 2009



العراق ما زال ثكنة عسكرية

فهد محمود / بابل

تفصلنا عن يوم الاقتراع للانتخابات البرلمانية تسعة اسابيع ، فلابد من الاجراءات الامنية لحماية الناخبين والمراكز الانتخابية في ذات الوقت وتوفير الاجواء لتسير عملية الادلاء بالاصوات بسلاسة طبيعية لضمان انجاح هذه العملية الهامة في حياة المجتمع العراقي والسير قدما بخطوات اكثر تفائلا صوب بناء دولة ديمقراطية عصرية تنسجم مع الواقع الاجتماعي والاقتصادي والثقافي العالمي .

فكيف ذلـك والعـــراق الان ، بمداخل مدنه ومخارجها والطرق المؤدية الى الارياف والتجمعات السكانية جميعا عبارة عن ثـكنة عسكرية واحدة ، بكل تحوطاتها الامنية وبأعداد كبيرة من الافراد والمعدات بكل صنوفها ، رغم ذلك فالعمليات الارهابية من التفجيرات عبر المفخخات والعبوات مستمرة في هذه المدينة او تلك وخاصة في العاصمة بغداد وبكثافة اكثر في المناسبات سواء كانت دينية أو غيرها ، فماذا سنضيف من الاجراءات اكثر مما عليها الان لأجل حماية الانتخابات البرلمانية القادمة في مطلع آذار 2010 ؟

أذن العملية لا تكمن في زيادة الاجراءات الامنية وحدها وحتى لو تحول العراق الى قاعدة عسكرية بمفهومها المهني البحت وليست ثكنة عسكرية لما تغير الحال ، اذا لم تدعم بأجراءات اكثر حيوية تهم المواطن العراقي في حياته المعيشية اليومية ، وهذا ما دعى لها الحزب الشيوعي العراقي منذ ازاحة النظام السابق سواء في فترة تشكيل مجلس الحكم أو في تشكيلة حكومة أياد علاوي أو الحكومات اللاحقة .

دعـا الحزب الشيوعي العراقـي عبـر بياناته واجتماعات لجنته المـركزية الـى ضرورة اتخـاذ الحكـومة العراقيـة حزمة من الاجراءات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية بموازاة الاجراءات الامنية والعسكرية ، لتحسين وتعزيز الوضع الامني في المدن العراقية كافة .

ندرك والكل يدرك جيدا مدى فداحة الكوارث والمآسي التي وقعت على العراق جراء سياسات النظام الدكتاتوري السابق وتداعيات تلك السياسات التي ادت الى حروب عديدة داخليا واقليما ، ضحيتها الفرد العراقي اولا والبنية التحتية للدولة العراقية ثانيا ، ثمارها الموت والدمار والخراب في شتى المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية مما أثرعلى سيكولوجية المواطن العراقي جراء عقود من الحرمان والارهاب ، وجاء الحصار الاقتصادي إثر غزو صدام لدولة الكويت ، ليزيد الطين بله وليفرض طوق الخناق على رقاب الشعب العراقي ويحرمه حتى استنشاق الهواء .

جاءت حرب الاحتلال الاخيرة عام 2003 والتي ازيحت نتيجتها الطغمة الدموية السابقة ودمرت اساسا البقايا المتبقية من الدولة العراقية الحديثة ولتتأثر الخارطة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وحتى الثقافية سلبا للموروث الحضاري لشعوب بلاد ما بين النهرين .

هــذه اللوحة المعقدة نتيجة تراكمات العقود الماضية المؤلمة والقاسية كان ينبغي التعامل معها بمنتهى الحذر والشفافية حينما نتصدر الشعارات الوطنية وندعي الدفاع عن مصالح الشعب بمختلف شرائحه وتلاوينه ، عندما سنحت لنا فرصة ذلك منذ نيسان عام 2003 ، على أن واقع الحال يقرأ على الارض عكس ما يطمح اليه شعبنا في استرداد عافيته والعودة الى جادة الصواب في حياة حرة وكريمة .

اثبتت تجربة ما يقارب السنوات السبع الماضية ، بان القوى والاطراف الوطنية السياسية - العلمانية منها والدينية والقومية والتي كانت قبل عام 2003 في الضفة الثانية من النظام السابق - قدمت النموذج الاسوأ في كيفية التعامل مع المتغيرات السياسية وادارتها بما ينسجم مع المصالح الحزبية والفئوية والقومية والعشائرية و ...و....و.. الذاتية المنزوية في مساحة ضيقة وميتة ، في حين ادارت ظهرها لضحايا الانظمة الاستبدادية السابقة وبالذات نظام طغمة صدام الدموية ، وتجاهلت حاجة الشعب الى لقمة العيش الرغيدة والحرة الكريمة بعد سنوات واعوام من الحرمان .
لا اريــد الخوض في المفاهيم المحاصصة والفئوية والطائفية والتشكيلات المسلحة العشوائية الهمجية والمتضادة ، بالاضافة الى الفساد الاداري والمالي على حساب مفهوم المواطنة والكفاءة العلمية والمهنية والنزاهة والاخلاص للشعب والوطن .

مــن هـذا المنطلق فان دعـوات الحزب الشيوعي العراقـي بربـط كـل الاجراءات الامنيـة والعسكريـة بحزمة من الاجـراءات الاقتصـادية والاجتمـاعية والثقافيـة ، لرفـع عـن كـاهل المواطـن العراقـي عبء الحيـاة المعاشـية ، ولتوفير الخدمات الضرورية اليومية وامتصاص البطالة المستشرية وايلاء الاهتمام الأقصى بشرائح المفصولين السياسيين والمتقاعدين وتحسين مفردات الضمان الاجتماعي للعجزة والمسنيين واعادة حقوق العمال في التنظيم والعمل النقابي الى جانب المطالب الشعبية الاخرى المتراكمة ، كل تلك الدعوات مازالت تحتفظ بأهمية بالغة في حياة الشعب والمجتمع وهي ضمانة اكيدة في السير بالأتجاه الصحيح .

نحن مقبلون فـي آذار القادم 2010 علـى حـدث ذات اهمية تأريخية فـي مسيرة البـلد اللاحقـة والحكـومة مطالبة بتوفير الضمانات الامنية لأنجاح الحـدث وفـي الوقت نفسـه اعـادة النظر بكل التشكيلات الامنية والعسكرية وتطهيرها مـن الاختراقات والشوائب المعادية لمصالح الشعب والوطن ، نريدها تشكيلات تـــأخذ في بنائها المعايير الوطنية في ولائها والحامية لابناء شعبنا بغض النظر عن التباينات الفكرية والقومية والمذهبية ، تشكيلات تتسم بالمهنية العالية في ادائها .

تكتمل الصورة اعلاه حينما ترتقي القوى الوطنية العراقية المساهمة في العملية السياسية ، العلمانية منها والدينية والقومية وغيرها الى المستوى الراقي من تحمل المسؤولية وخوض الانتخابات التشريعية بروحية المنافسة النزيهة والمخلصة بديلا لاسقاط وتشويه الآخر ، بذلك نصل الى نتائج مرضية ونخلق حالة من التفاؤل في ذهنية المواطن العراقي من ان امامنا مستقبل مزدهر وحياة اكثر كرامة .

 

 

free web counter

 

أرشيف المقالات