| الناس | الثقافية  |  وثائق  |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

                                                                                     الأثنين 2/7/ 2012

 

التنبوء الصادق الوحيد في السياسة العراقية
هو إستحالة التنبوء ذاته

د.هاشم عبود الموسوي *

لقد فاتحتني مشكورة مؤسسة المثقف العربي لابداء الرأي حول المخاض السياسي في العراق ,وهل سيتم سحب الثقة من السيد رئيس الوزراء العراقي من عدمه.. كما كانت قد فاتحتني بعض المؤسسات الاعلامية والقنوات والمواقع الالكترونية للأستيضاح حول ما كان يجرى في ساحات عواصم ومدن عدد من الدول العربية ، ذلك المخاض الذي إستبشرنا به وأسميناه بالربيع العربي. واذا بالحرية تأتي على طبق من السلفيات واللحى على اعقاب التخلص من الحكام الجائرين فأصبحت ألوذ بالصمت ومندهشا لما يدور حولنا . ولكني اليوم أريد أن أستجيب لطلب هذه المؤسسة ، التي أقدرها كثيرا لأجيب كم يلي :

لقد قال الشاعر "بريكوجين "الحائز على جائزة نوبل (بأن القرن العشرين قد حوّل كوكبنا بأكمله من عالم متناه من الحقائق اليقينية الى عالم لامتناه من الشكوك)

وانا اقول واجزم باني إستطعت بأن أأخذ العظه من تنبؤاتنا الماضية الخاطئة , بكل ما حدث ودار حولنا والتي اثبت الواقع الراهن كم هي كانت بعيدة عن الحقيقة .. ولقد كتبت في عام 2004 باحدى قصائدي النص الآتي :

بعد الفين من الميلاد والموت..
اتى ثالث عام
وعلى أرض السواد
بعث الله لنا ..
سرب جراد
عله يفقأ
عين الحاكم الجلاد
لكنه يا ويلنا
قضم الحصاد

نعم بعد أن كانت الظروف الداخلية هي التي تتحكم بصياغة الاحداث في الدول اصبحت الاملاءات و الظروف الخارجية هي الأقوى و هي التي تتحكم وتصيغ سير الاحداث في مختلف البلدان وذالك بفضل وجود المنظمات السرية الدولية التي تخطط بالخفاء، وبذكاء فائق للاستحواذ على غضب الشعوب وعلى خيراتها وطاقاتها وتدير وتدبر المؤامرات برضى وقناعة الشعوب وتبدل الحكومات ببراعة متناهية  .

لم تعد لدينا القدرة باستعمال نفس الطرق السابقة في التحليل والتنبوء ، ولقد فقدنا عهود البساطة والحتميات وسلاسة المسارات الخطية التي كنا نتعامل معها ، وفقدنا رفاهية إقتفاء الآثار ،.انطلاقا من الاسباب واستنباط النتائج من المقدمات ، وتتبع الامور في هياكل هرمية ترقى بنا من الفروع الى الاصول ومن الابسط الى الأعقد . وما أراه اليوم من التلاعب بارادة الشعوب وبمختلف الاساليب الماكرة يدعوني لان أقول بأنه بات علينا ان ندرك بأن قانون العلة والاثر وتلك البنى المعرفية التي نملكها من هرميات وتراتبيات وأسس منطقية وما شابه ما هي إلا امور كانت من صنع عقولنا إختلطت علينا من فرط استخدامها كنصوص قرآنية ورسوخها حتى تراءت لنا بأنها أزلية مطلقة ولكني اليوم أقول والله ما هي بهذه ولا بتلك  .

ذلك يدعوني لكي أعتذر لأنني لا أمتلك نظرية إجتماعية جديدة متكاملة أو شبه متكاملة ، بعدما كانت قد أبهرتنا لردح من الزمن النظريات و الأفكار التي نحملها حول التحرر والتقدم والقضاء على الفقر والجهل والمرض .. في الوقت الذي لم يتحقق من ذلك أي شئ ، بل ربما أو بالتأكيد إزدادت العلة وأنا في خريف العمر لا أعتقد بأني سأرى ربيعا يسعد لي ما تبقى من الأيام .

وهكذا فأنا أصر على أن علم الإجتماع الذي درسناه وتعلمناه وتعاملنا معه ، قد أخفق في اللحاق بالواقع الأجتماعي الجديد ، وتاهت الحقائق الإجتماعية في دوامات المنحنيات ، وقوائم إستمارات الأستبيان .

كل ذلك جعلني أشعر بالإحباط وخيبة الأمل ولا أدري ماذا أكتب وكيف أكتب

فهل تمكنت من تقديم إعتذاري؟

مع وافر إحترامي و تقديري.
 

* رئيس قسم هندسة العمارة / الجامعة الملكية البريطانية / أربيل


 

 

 

free web counter