| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الجمعة 2/4/ 2010

 

الواهبين الحياة والذكرى السادسة والسبعين
لميلاد الحزب الشيوعي العراقي

صادق محمد عبد الكريم الدبش

فيض من الاحداث التي مرت والذكريات تجرنا الى اربعين او خمسين من اعوام خلت ....كنا صبية نرفل بعنفوان الشباب اربو على السادسة عشرة من العمر,وحدث الانقلاب الدموي الفاشي في الثامن من شباط فخيم على العراق ليل بهيم اسود,فقامت حملة بربرية واسعة ضد الشيوعيين واصدقائهم.....وعلى اثر هذه الحملة اعتقل جميع الاهل والاقرباء ولم يبقى سواي وجدي وساقوا الجميع الى المعتقلات. وتم توزيعهم مع الالاف من ابناء شعبنا على سجون بعقوبة والموقف العام وخلف السدة وسجن الفضلية وسجن الرمادي والحلة ونقرة السلمان,وكنت انا ووالدتي وزوجات اعمامي نجوب هذه السجون بحثا عنهم او الذهاب الى المجلس العرفي الثاني في بغداد الذي كان يرئاسه شاكر مدحت السعود لتقديم طلبات اطلاق سراحهم بكفالة ,وهناك ينتظرنا ايتام الحرس القومي في السباب والطرد احيانا اخرى اضافة الى الضغط النفسي والعوز المادي وضنك الحياة لغياب المعيل ,لقد كانت المعانات كبيرة.
و تركت هذه الاحداث العاصفة والمتغيرات المتسارعة اثرا بالغا في نفسي وفي حياتنا بشكل عام والزيارات التي كنا نقوم بها الى السجون والمعتقلات ساهمت بشكل ايجابي في رفع معنوياتنا وتحوله الى سخط على الذي يجري لاهلنا وللاخرين فتحول الى فعل نتيجة لتطور وعينا . رافقت والدتي الى سجن الرمادي حيث حكم على والدي بسنتين لاشتراكه بتظاهرة صبيحة الثامن من شباط وللمصادفة اثناء هذه الزيارة لوالدي التقيت بالشهيد الباسل علي كلاشنكوف الذي كان معتقلا رغم صغر سنه والتقيت به ثانية في عام 1970 في قاعدة برسرين القريبة من مفرق ديانا و كان معاون امر فصيل حافيز واستعدنا ذكرياته في سجن الرمادي , كذلك ذهبت مع صديق لي بزيارة لقريب له في سجن الفضلية وكان احد القادة في تنظيم المنطقة الوسطى وهو المرحوم محمد جميل الرحبي وفعلا تمت المواجهة ووجدنا معه في نفس المعتقل كاظم فرهود وهو من الكوادر البارزة والقائد البارز توفيق احمد وقد التقيته بعد الحملة ضد الحزب عام 1970 في كردستان وكان له حضوره حيث كان حيويا وفي حركة دائمة وبعد المؤتمر الثاني اعتقل في بغداد وبعدها ترك العمل السياسي وهو يقيم الان في السويد.
ولهذه الظروف وتبلور قناعاتي تم ترشيحي للحزب عام 1965 وبدأنا العمل في ظرف غير طبيعي كان يعيشه الحزب فهناك صراع ايديولوجي يميني المتمثل بخط اب ويساري المتمثل بالقيادة المركزية ونحن مازلنا في بدايات العمل السياسي ولا نمتلك الخبرة والوعي الكافيين لمواجهة مثل هكذا ازمات ولكن انحيازنا للحزب ليس لقناعة فكرية وانما لانتمائنا الفطري للحزب لذلك تصدرنا الدفاع عن الحزب وقد اثمر الجهد بقدرتنا على الحفاظ على النذر اليسير من التنظيم والا فالقسم الاعظم ذهب مع الانشقاق في بادئ الامر, وبعزيمة الرفاق واصرارهم وثباتهم تمكن الحزب في مناطقنا من استعادة عافيته والقه واعيد بناء المنظمة بشكل تدريجي, وبشكل يدعو الى الفخر والاعتزاز, لقد كانت شبيبة بعمر الورود لا تتجاوز اعمارهم العشرين او دون ذلك وتمكنوا وبفترة قياسية لا تتجاوز السنتين فكانت هناك منظمة وشبيبة وطلبة ونساء يفتخر بها واذكر من هؤلاء واغلبهم اذا لم يكونوا جميعهم قد استشهدوا او تركوا العمل السياسي وعلى سبيل المثال لا الحصر الشهيد دهش علوان , هاشم العربي احمد فارس , ابراهيم البهرزي, منعم الصافي, هاتف زيدان, حسبالله كريم, رزاق الداغر, وغيرهم كثر في بعقوبة والهودر وشفته ومناطق اخرى, .

ويعاود الجلادون كالوحوش الكاسرة عام 1970 بتوجيه ضربة جديدة الى الحزب بعد ان انتهى للتو من تلقي الهجمات العنيفة على الخط العسكري في ايار من عام 1969 حيث اعتقلت في سرية الامن او كانت تسمى /سرية الخيالة/ والتي تقع في باب المعظم وكان مدير سرية الامن هو الجلاد النقيب علي العزاوي واقتيد معي المئات بتهمة الشيوعية كذلك عدد من المحسوبين على بعث اليسار وعدد من اليهود بتهمة العمالة لاسرائيل.وقد مارس هذا الجلاد وجلاوزته كل انواع التعذيب والبطش تجاه المعتقلين وانا منهم وتم فصلي من وظيفتي وحكمت محكمة صلح الكرادة بتجريمي وذلك بدفع الكفالة البالغة 2000 الفا دينار بالرغم من تدخل الحزب وبتكليف من الدكتور مكرم الطلباني حيث كلف بدوره المحاميان عزيز حمدي وسعد يحي قاف للدفاع عني وكان المبلغ غير قليل , حوالي 7000 سبعة الاف دولار.
كذلك مارس الجلادون عام 1970 ابشع الاساليب بحق هذه الكوكبة الباسلة من خيرة شباب بهرز وبقية المناطق ,وعندما خرج محمد جميل من المعتقل قال لقد صمد هؤلاء صمود الابطال وكانوا بحق رجال اوفياء لحزبهم ولشعبهم.

وبعد التدهور في الوضع السياسي ومحاولة القاء القبض علينا اضطررت مكرها على الاختفاء ومن ثم الالتحاق مع فصائل حزبنا المسلحة في كردستان وبعد ما يربو على العامين واثناء عودتي الى بغداد القي القبض علي في مفرق ديانا ورحلت الى اربيل ثم الى بغداد وامن بغداد ثم اقبية قصر النهاية وبعد عدة اشهر اطلق سراحي ولكن بحالة حرجة للغاية فقام اهلي وعلى الفور بالوقوف على علاجي وقد دفعوا جراء ذلك مبالغ طائلة وكانت فترة عصيبة وشاقة وبعد عدة سنوات تماثلت للشفاء ,واستمر مسلسل الارهاب بشكل متفاوت حتى كلله النظام الارهابي بحملته في عام 1978 باعدام كوكبة من مناضلي الحزب وتوالت الهجمات وبشكل منظم ومخطط له سلفا وعن سابق اصرار وشن اكبر واقذر حملة فاشية في تاريخ العراق الحديث ضد بنات وابناء حزبنا الشيوعي العراقي......في ابشع صورة لبشر يساقون الى حتفهم في مسالخ بشرية مروعة ويتفننون في ذبحهم .
السؤال هنا ......من الذي نفذ هذه الجرائم التي نعلم جميعا من الذي خطط لها ....رآس النظام طبعا هو من خطط واصدر اوامره بالتنفيذ ...وهنا نبحث عن ادوات التنفيذ والتي لم تطالها يد العدالة لحد الان مثلما لم تطال الكثير ممن اصدروا اوامرهم بتصفية هؤلاء المناضلين .

لقد انقضت سبع من السنوات وما زال هؤلاء الاوغاد الفاشست طلقاء ويسرحون ويمرحون في حلهم وترحالهم ولم يكرم الشهداء التكريم الذي يليق بهم وهو القصاص العادل من الجلادين ,ان الواجب الديني والاخلاقي والقانوني يضع امام من يمتلك ناصية القرار من رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية بصفتهما رآس السلطة التنفيذية, ومجلس النواب ورئيسه باعتبارهم يمثلون السلطة التشريعية, ووزارة العدل والقضاء العراقي باعتبارهم يمثلون السلطة القضائية, ونقابة المحامين ومنضمات حقوق الانسان والاحزاب الوطنية باعتبار هؤلاء هم من الذين عملوا في هذه الاحزاب واستشهدوا من اجل المبادئ والقيم ورفعة الوطن وسعادة شعبه, حري بكل هؤلاء ان يرفعوا اصواتهم عاليا للمطالبة باحالة هؤلاء القتلة الى القضاء فورا.

ان الذين نفذوا هذه الجرائم والذين يعرفون كل التفاصيل متى تم اعتقالهم والى اي معتقل وكيف تم تصفيتهم هل تم اعدامهم شنقا ....ام رميا بالرصاص...ام تم حرقهم في افران غاز خاصة ....ام دفنوا احياء في مقابر جماعية .....ام تم رميهم من الطائرات من ارتفاعات شاهقة .....ام تم فرمهم بواسطة الات خاصة لذالك
من حق ذوي الشهداء ان يعرفوا كل شيئ , اليس من حق ذويهم ان يقيم لشهدائهم قبورا يزوروها ويقفون عند هذه القبور ليترحمون عليهم , لم تستكثرون عليهم هذا, اليس هؤلاء بشرا مثلنا .... انصفوا هؤلاء,.
اما من هم الفاعلون ...هم اذرع النظام والذي من خلال هؤلاء تمكن من النيل من الشهداء الصناديد, .

ان الفاعلين هم اولا..الفرق الحزبية,والشعب ,والفروع في كل المحافضات ..وثانيا..مقرات وقواطع الجيش الشعبي في كل المدن والقصبات.وثالثا....منظماته التي كانت اوكار لرجالات الامن من الاتحاد الوطني لطلبة العراق, واتحاد شباب العراق, واتحاد نساء العراق., ورابعا...مديريات الامن في المحافضات والاقضية والنواحي والتي كانت مسالخ بشرية.خامسا..مدراء امن الدوائر الرسمية.وسادسا ....المخابرات العسكرية, وغيرها من الاجهزة . هؤلاء جميعا عندهم كل تفاصيل لهؤلاء الشهداء.

اني استصرخ كل الضمائر الحية من رجال دولة ورآي عام ان يسعوا ومن خلال كل القنواة القانونية والضغط على الحكومة من اجل تبيان الحقيقة كاملة ,وتوثيق كل هذه الجرائم بتفاصيلها ونشرها ليطلع عليها الرآى العام العراقي والعربي والدولي....لان هؤلاء هم مئات الالاف وليس عدد من الانفار ...ولا اعتقد بانهم قد تبخروا او انتقلوا الى كوكب اخر.

ان اتخاذ الخطوات التالية ضرورة وطنية ملحة.
اولا. الاسراع باصدارتشريع دستوري بالايعاز للسلطة التنفيذية بتشكيل لجان تحقيقة ومن قضاة متخصصين بالجرائم الكبرى وجرائم الابادة الجماعية ,والمباشرة بالتحقيق مع هؤلاء ,وملاحقة كل الهاربين قضائيا.
ثانيا. المباشرة باقامة نصب تذكاري للشهداء والايعاز باطلاق اسماء الشهداء على الساحات العامة والمدارس والاندية وغيرها في مسقط رآس الشهيد.

يجود بالنفس ان ظن الجواد بها...........والجود بالنفس اقصى غاية الجودي

ان التكريم لهؤلاء البررة هو تكريم لانسانية الانسان وصونا لكرامته والدفاع عن حريته وادميته.
كل المجد للواهبين الحياة لكي يحيا الاخرين بسلام وامان وسعادة
 


2/4/2010
 

 

free web counter

 

أرشيف المقالات