| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الثلاثاء 2/3/ 2010

 

هل عرف الناخب العراقي هذه الحقائق؟

علي بداي

عرف العراق طوال تاريخه الحديث، الكثير من السياسيين واشباه السياسيين، المثقفين وانصافهم، او الطارئين على العمل السياسي من الباحثين عن مكان تحت الشمس أو الذين حاولوا بناء جزء من شهرتهم، اومستقبلهم السياسي على تشويه سمعة غيرهم بجمل جاهزة لايفهمونها هم انفسهم، ولكن الحقيقة التي تعود عليها العراقيون ان هذه الاكاذيب سرعان ما تكشف ،تارة بفعل انتفاء حاجة صانعيها للانتفاع بما قالوه، وثانية نتيجة لتغير المواقع والتحالفات وفي مرات قليلة بفعل ضمائر ملفقيها المستيقضة بعد سبات. وفي كل الحالات، فان العراقيين قد اشروا على بداية سجل الاكاذيب منذ عهد انقلابيي شباط في عام 1963 حين نص بيان الانقلاب الاول على القضاء " على حكم عدو الشعب عبد الكريم قاسم وزمرته المستهترة التي سخرت موارد البلد لتطمين شهواتها وتامين مصالحها" ولكنهم عجزوا بعد ذلك وطيلة سني حكمهم الاربعين، عن الاتيان بدليل واحد على ان عبد الكريم كان عدوا للشعب ، وليعترفوا اخيرا بكذبتهم الكبرى تلك ونزاهة عبد الكريم الذي لم يكن رصيده المالي ليزيد على الثلاثة دنانير.

وبعد ان روجوا لاكذوبة انهيار عبد الكريم قاسم وتوسله للانقلابيين للابقاء على حياته، عاد احد كبارهم"طالب شبيب" مكذبا كل ماكتب وقيل عن هذا الموضوع و ليؤكد كشاهد عيان، تماسك عبد الكريم وهتاف رفاقه بالحياة للشعب. وبعد ان استمات قادة البعث وبعض من لف لفهم من أجل نشر اكذوبة تمزيق القرأن الكريم من قبل الشيوعيين ، عاد "حسن العلوي" بعد عشرين عام ليؤكد ان شيئا من هذا لم يحدث، أي ان الحكاية كلها ماكانت سوى اختراع بعثي بائس ورخيص لتشويه سمعة الشيوعيين الذين كانت شعبيتهم تكتسح الشارع، وتلامس افكارهم قلوب ملايين المتدينين من الفقراء.

و يأتي ما تحدثه "محمود المشهداني" رئيس مجلس النواب السابق المعروف بعداءه الاعمى للشيوعيين، في لقاءه مع "السومرية" مساء الجمعة 26 شباط ، اثباتا لحقيقة بسيطة عبر عنها العرب ببلاغة حين قالوا ان " الشمس لاتحجب بغربال" . فبعد ان سمع الناس مساواة "محمود المشهداني" الغريبة بين الشيوعيين والبعثيين ومطالبته بالتعامل مع الاثنين بذات النهج ، عاد وتحت وقع طرقات اسئلة الدكتور نبيل جاسم الذكية في برنامج " ولكم القرار" ليؤكد بملئ فمه اربع حقائق حسبما قال هي: ان الحزب الشيوعي كان الافضل اداءا من الجميع في البرلمان، وانه لم يرتبط باية دولة او جهة خارجية، وانه الاكثر نزاهة، وان الحزب الشيوعي هو الجهة التي لم تتلوث بالطائفية والارهاب واخيرا وحين عاجله مقدم البرنامج بالضربة القاضية مطالبا اياه بتفسير مقنع لانتخاب الناس الاحزاب الطائفية رغم هذه الحقائق عن نزاهة واخلاص الشيوعيين قال :ان عمل الحزب الشيوعي سيتطور في المستقبل وتتسع ساحة نفوذه مع استمرار توضح الصورة الحقيقية عنه. اي ان السيد المشهداني كان كسابقيه من صناع الشتائم، لم يكن يعرف عن الشيوعيين شيئا سوى الاحكام المسبقة الصنع المستندة الى الاكاذيب التي روجتها CIA في نهاية الخمسينات من القرن الماضي. كان كلام المشهداني هذه المرة يتدفق مدفوعا بثقل الحقيقة الهائلة المنزلقة من اعماقه والتي لايمكن له او لاحد أخر ايقافها من الانزلاق.

يشكل تتابع هذه الحقائق الان، تحديا حقيقيا لوعي الناخب العراقي الذي يفترض وصوله مرحلة النضج بحيث يتمكن من الفرز بين من يريد ارساء دعائم تقدم البلاد وتخليصها من التخلف والفقر، ومن يروم الوصول الى مقاعد البرلمان للتمتع بالثروة والسلطة عبر اختلاق الاكاذيب وأثارة الزوابع الكلامية ، وهو تحدي يفرض على العراقي ان يتفحص دواعي الضجة المكررة المثارة هذه الايام بالذات عن احداث 1959 والمبالغات التي تكتنفها ، فالشيوعيون لم يكونوا يوما حكاما ابدا، بل مساندين لنظام حكم حقق في اربع سنين ( رغم اخفاقاته ونواقصه) ماعجز الاخرون عن تحقيقة في اربعين سنة، ومافعلهم في 1959 سوى رد فعل ضد محاولة اسقاط هذا الحكم الذي يجمع اغلبية العراقيين بعد نصف قرن من الزمان على انه كان الانزه والاكثر قربا من الناس ومعاناتهم . ذلك هو سر التلازم التاريخي بين عبد الكريم والشيوعيين، رغم انه لم يكن شيوعيا والشيوعيون لم يكونوا حاكمين لكن المرحلة كلها كانت مرحلة الطرفين معا، مرحلة النزاهة والاخلاص للناس رغم كل ماشاب تلك المرحلة من عيوب.

وبعد أيام سنجد انفسنا بمواجهة الانتخابات التشريعية ، ومما لاشك فيه ان العراق سوف لن يكون قادرا على تحمل دورة انتخابية اخرى ببرلمان كما هو عليه الحال الان، ولا دولة بوزارات وزعت كالمغانم والاسلاب بين المتحاصصين ووزارات مشغولة من قبل اشباه الاميين في حين يزخر العراق بعشرات

الآلاف من اكفا الاختصاصيين الوطنيين في كافة المجالات، والذين تقاسمتهم المنافي او أرغموا على ترك اختصاصاتهم لتعذرحصولهم على فرص العمل المناسبة.

لقد انتخب العراقي المغلوب على امره في المرات السابقة، مساقا من قبل سلطة الخوف متعدد الاشكال، الخوف من تهميش طائفته، الخوف من عودة النظام السابق، الخوف من خطر تقسيم البلاد، الخوف من حرمانه الدخول للجنة، الخوف من تدخل دول الجوار،وقد كان للخوف صناع مهرة تمكنوا من تجريب اسلحتهم قبيل الانتخابات وخلالها بحرق مقرات الاحزاب المناوئة واغتيال الناشطين فيها، وتسخير اجهزة اعلام الدولة ومواردها لخدمة مشروعهم الطائفي التخويفي، وها هم صناع الخوف والتخلف يعمدون الى اعادة اصطفافهم، وتغيير اسماء تجمعاتهم للفوز بولاية قادمة يجهزون خلالها على ماتبقى من موارد البلاد ويمعنون في دفعها أكثر الى مجاهل التخلف ويستمرون باكمال نسج شبكة الفساد التي امتدت الى كافة اركان الدولة .انتخب العراقي في المرات السابقة ، محاطا بضباب قاتم حجب عنه الواقع، وحين تبين الامورعلى حقيقتها كان الوقت قد فات،والبلاد قد نهبت، ووباء تقسيمها الى مقاطعات تحكمها الاحزاب الطائفية المفتقرة الى اي برنامج وطني قد استشرى و اصبح من المستحيل، بفعل التوازنات وتقاسم النفوذ في الوزارات وداخل البرلمان تتبع مصادر الفساد والنهب، وتعذرعلى البرلمان لنفس السبب القيام بدوره الرقابي على اجهزة الدولة، فهل سيجد هذا المواطن البدائل الوطنية الحقيقية في الانتخابات القادمة؟

ان المنطق ، ومصلحة العراق يلحان على وجوب ان يعود من يرجع الدولة الى اصحابها بعد انزواءها في المنطقة الخضراء، وليعيد الناس الى عهد عبد الكريم قاسم بصيغة ديموقراطية جديدة مستندة الى الخبرة التي اغتنت بها الحركة الوطنية العراقية ، عبد الكريم قاسم الذي كان اول من بنى حكومة الخدمات والنزاهة فكان يتقاضى راتبه من وزارة الدفاع كضابط ،والذي لم تتجاوز حمايته وهو القائد العام للقوات المسلحة الشخص الواحد ، بينما يحاط السيد "محمود المشهداني" الان بستين من افراد الحماية والسيد "ظافر العاني" باربعين منهم ونوري المالكي بثمان وتسعين"مستشارا" ، عبد الكريم الذي لم يحصل من الدنيا على دار خاصة به وبقي يستأجر الدارالتي يسكنها حتى استشهاده، في حين تصدر رئاسة الوزراء الحالية فرمانا بتوزيع 600 متر مربع من الاراضي في اماكن حساسة لكل من الوزراء السابقين والحاليين وبعضهم كما هو معلوم للعراقيين من اصحاب المليارات.

مما لاشك فيه ان الشيوعيين لايملكون المال، ولم يكنزوا الذهب والفضة، وليست لهم فضائيات ممولة من دول الجوار، وهم لايجبون الضرائب من الناس،ولا اموال الخمس والزكاة، ولم يغتنوا من دولة مابعد صدام، ولم يوزعوا البطانيات ولا المدافئ ولا 10 الاف مسدس على وجهاءالعشائر، ولم يبتزوا الناس بالقسم بكتاب الله للتصويت لهم مقابل عطايا، ولم يعتلوا المنابر لتكفير الاخرين، وكانوا من اوائل من القى السلاح ساعين الى بناء مجتمع مسالم فبقوا بغير سلاح في غابة تعج بالمليشيات قارنين اقوالهم بافعالهم، لكن رصيدهم يكمن في نزاهتهم (خذوا الحكمة من فم المشهداني) و في انهم دعاة بناء الدولة العراقية الحديثة واصدق المكافحين من اجل الاستقلال والتقدم وانهاء الفقرومساواة العراقيين مع بعضهم عبر اكثر من نصف قرن، ولم تكن بالمقابل مأثرة المتاجرين بالدين عبر نصف قرن الا توظيف الدين لهدم اركان المجتمع بالتركيزعلى مايفرق الناس عن بعضهم ، متخذين من الدين حجة للوصول الى مواقع التحكم بمصير الناس، فكان ان حولوا دين الله الى قنابل، ومفخخات، وضغائن، واحقاد كادت ان لاتبقى لنا على باقية، فهل وصل وعي الناخب الى مرحلة التفريق بين تجار الدين وصناع الحياة والتقدم؟

هل وقف على الحقيقة؟

 

 

free web counter

 

أرشيف المقالات