| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الأحد 29/11/ 2009



ذكريات عن الشهيد الشيوعي البطل رياض أحمد صالح ربيع

فاضل الاعرجي

تعرفت عليه في عام ( 1969 ) ، كان شابا واعيا طموحا مرحا وسيمأ وذو خلق عال ومن عائلة محترمة وميسورة الحال ، كنا نسكن في ذات الحي من مدينة الشرطة في بغداد بالقرب من بعضنا وكانت عوائلنا متعارفة ومن زمن بعيد، ومنذ اللقاء الاول شدني اليه بحضوره القوي وشخصيته المتميزه، اصبحنا نلتقي وباستمرار، قربتني اليه روحه المرحة وقلبه الطيب وكرم اخلاقه ، كان كريما في كل شيء، وفي عمله لا يعرف الكلل، وهذا ما تعلمته منه وبقيت احمله معي حتى الان ، كان قريبا الى الفقراء ويحس بمعاناتهم ويساعد بما تجود به نفسه الكريمة. كان يطرح عليّ الكثير من الاسئلة ذات المضمون الانساني والسياسي، ولاني لم اكن يومها مهتما بالسياسة ولم التق بالسياسيين فقد بدت اسئلته محيره بالنسبة لي وحافزا للبحث عن الاجابات المناسبه لها وإيذاناً باكتشاف شرارات الوعي الاولى.

كانت اسئلته تنطوي دائما على الحس الطبقي المتحيز للدفاع عن الفقراء والمحرومين رغم انه كان من طبقة متوسطة، ويسعى لفضح مستغليهم من الاغنياء ويسميهم باصحاب الكروش الذين لا يأبهون لشيئ سوى ما يملأ جيوبهم وكان يردد دائما حكمة للامام علي ( ما اجتمع مال موفور الا وبجانبه حق مغدور ) .

اصبحت العلاقة بيننا وطيدة وتطورت اكثر فاكثر وبدأ يدعوني الى المناسبات والفعاليات الوطنيه والسياسيه وعرفني على اناس ليسوا اقل منه وعيا واخلاصا للوطن وحبا للناس ومن بينهم احياء يرزقون واعتقد انهم يشهدون على ما اقول وحتما سوف يكتبون عنه لانه لا يمكن ان يُنسى ، وخلال تلك المناسبات عرفت انه شيوعي والذين التقيتهم شيوعيين وهذا ما جعلني انتمي الى هذا الحزب العظيم .

عند اشتداد الحملة الفاشية على الحزب طلب مني الرفاق مغادرة الوطن وبالحاح منه ، وبقى هو في الداخل وخصوصا في بغداد التي احبها من صميم قلبه وروحه و لم يبخل بروحه الكريمة على هذا الوطن، لاجل ان يسعد اطفاله ويحترم انسانه ولكن للاسف لم يحظ حتى على قبر ليدفن فيه .

كان يسأل عنا ويتابع اخبارنا ويدعمنا ماديا ومعنويا ، كان يعطي ولا يأخذ ، يحب ولا يكره بل كان كرهه الوحيد للنظام الفاشي الذي دمر الانسان والوطن. تعرفت على بعض الرفاق في كردستان العراق الذين اوصلهم بنفسه الى مكان آمن ليتسلمهم الحزب الذي احبه من كل قطرة في دمه.

في سنة ( 1982 ) وفي المكتب العسكري المركزي للحزب ولقوات الانصار في بشتاشان وقبل الهجوم الغادر عليه ، قرأت احدى النشرات الحزبية الداخلية فوجدت اسمه معتقلا لدى النظام ضمن قائمة طويلة من الرفاق في الداخل وسألت عنه احد اعضاء المكتب السياسي في ذلك الوقت ولكن لم احصل على جواب بسبب كثرة الاعتقالات والاعدامات في تلك الفترة لخيرة ابناء شعبنا.

لاحقا وصلتني بعض الاخبار عن اعتقاله من احد الرفاق المقيمين في الدنمارك حاليا والذي يعرفه تحديدا فيقول : بعد ذهابه الى بغداد وبعد سقوط النظام الفاشي تعرف على احد الاشخاص الذين كانوا موجودين وقت حادث الاعتقال ، حدثه عن الوقت والمكان الذي هاجمه رجال الامن والمخابرات في سوق الشورجة في بغداد وامام انظار والده الذي كان بانتظاره في السيارة، فبعد ان نزل الشهيد من سيارته الشخصيه ماشيا باتجاه محله التجاري في السوق هاجمته مجموعه من حثالات ومرتزقة نظام البعث الفاشي فقاومهم بيديه العاريتين ولكنهم استطاعوا باستخدام كعوب مسدساتهم وكثرة عددهم اسقاطه ارضا مضرجا بدمائه ونقلوه الى سيارتهم، ولحد الان لم تعثر عائلته المفجوعة على قبره .

هكذا هم الشيوعيون ببطولاتهم يتحدون الموت وليسوا طلابه ، بل ان حبهم للحياة يدفعهم للتضحية من اجل حرية الوطن وسعادة الشعب  .

سيظل (رياض) شمعة تنير طريقنا وسيظل حيأ بيننا وذكراه في عقولنا وقلوبنا وسيأتي اليوم الذي تنتصر فيه القيم النبيله التي ناضل من اجلها واعطى دمه وروحه قربانأ لها وسوف يبقى هامة مرفوعه في وجدان الذين ضحى من اجلهم حالما بوطن حر وغد سعيد  .




 

free web counter

 

أرشيف المقالات