| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

السبت 29/8/ 2009

 

محنة الكاتب العراقي

أياد خضير
aidek@yahoo.com

تحت ظل الظروف التي نمر بها والصراعات السياسية والتفخيخات والانفجارات وانقطاع الكهرباء المستمر وحرارة الصيف الحارقة ، الفواجع العراقية ونزيف الدم والمواجع، خلقت وضعاً نفسياً متردياً فهناك دائماً حزن وألم وشعور بالإرهاق أثَر سلباً على تطلعات وآمال المبدع العراقي وبالتالي على نتاجه الأدبي .

في ستينيات القرن الماضي كنت طفلا صغيراً قمت بحركات أثارت غضب والدي مما دفعه إلى توبيخي ، واخذ يزجرني بعبارات مازالت عالقة في ذهني ، كان يكررها أكثر من مره ، مثل قطعت سلسلة أفكاري ، تبخرت أفكاري ، طارت الأفكار من دماغي وغيرها من الكلمات ، عند سماعي لها آنذاك كنت أتساءل مع نفسي هل للأفكار سلسلة ؟وما نوعها ، طولها؟ هل تتبخر وتطير الأفكار كما الدخان والطيور ؟

وعندما كبرت أدركت كلام والدي ، وبدأ تساؤلي ، كانت الحياة يومها بسيطة لا توجد وسائل ترفيه حديثة ، لا توجد مكيفات هواء ولا ثلاجات لحفظ الماء والأطعمة ، البيوتات مكشوفة من الداخل أرضيتها من الطابوق ( ألفرشي ) في فصل الصيف الساخن يكون بارداً أذا رش بالماء، الحيطان اغلبها بنيت من الطين الذي يكون بارداً هو الآخر ، فالكهرباء أذا ما انطفأت لا تؤثر على العمل ، لا توجد معامل او آلات كهربائية ، أغلب الأعمال حِرَفية لا تعتمد على الكهرباء ، مع هذا كانت الأفكار تنقطع وتتبخر وتطير ، فكيف حالنا اليوم والبناء من الكونكريت الأسمنتي المسلح بالحديد الذي أذا انطفأت الكهرباء لحظات يظل الجسد يتصبب عرقاً غزيرا ًوتصبح البيوت كالقبور ، موحشة ، مظلمة ، اغلب الأعمال تعتمد بالدرجة الأولى على الكهرباء ، أذا تعطلت تعطل معها تفكيرنا وحركتنا ، متطلبات الحياة الصعبة والكثيرة لاستمرار الحياة العائلية ، ندخل البيت فنسمع النغمة التي اعتدنا عليها ، جاءت سيارة الغاز وملأنا ثلاث قناني بسعر 24 ألف دينار، طرق بابنا صاحب المولد يطلب الأجور، عليك دفعها ، اجلب لنا الخضار وكذا وكذا ، اليوم أرسلت لشراء اللحم صار سعره 11 ألف بدل 9 ألاف ، الطفلة الصغيرة متوعكة عليك إرسالها الى الطبيب ، كل يوم نسمع نغمة جديدة من الطلبات والمصاريف الكثيرة التي يقابلها التوقف عن العمل بسبب انقطاع التيار الكهربائي المستمر ، أنها المحنة التي نعيشها أنا وأنت ، تذكرت ذلك عندما زجرت ولدي الصغير الذي دخل مسرعا وارتمى في حضني ، موبخاً إياه قلت له : قطعت سلسلة أفكاري ، انتبهت حينها الى كلام والدي عندما كنت صغيراً ، ابتسمت وإذا به يسألني أين السلسلة التي قطعتها ؟ السؤال الذي لم أسأل به والدي آنذاك ، أذن كيف نفكر ؟ نكتب ونقرأ؟ هل هذه المحنة هي امتداد من الماضي الى الحاضر والمستقبل ؟ أهي محنة لا يمكن الخلاص منها ، متى وكيف ؟ لا ندري يبقى السؤال قائما ًكيف يهدأ بالنا ولا تنقطع او تطير او تتبخر أفكارنا ؟ متى ؟ لا ادري !

 

 الناصرية


 

free web counter

 

أرشيف المقالات